الوقت- بينما لاتزال عملية اغتيال الصحفي السعودي جمال خشجي في تركيا، تلقي بظلالها على العلاقات المتوترة بين الرياض وأنقرة، ظهر إلی العلن ملفان جديدان في العلاقات الثنائية، يوحيان بعزم البلدين علی تعميق الخصومة بينهما.
تغييرات أساسية في الكتب المدرسية السعودية
في خطوة جديدة تظهر سخطها تجاه تركيا، أدخلت السلطات السعودية تغييرات جذرية في طرق تدريسها، وهاجمت الإمبراطورية العثمانية في كتبها المدرسية.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي حاولت فيه السعودية مرارًا ومن خلال وسائل إعلامها، منع مواطنيها من السفر إلى تركيا وتخويفهم من ذلك.
إشارة أخرى من السعودية للتعبير عن معارضتها للسياسة التركية هي موقفها من قطر، حيث اتخذت موقفاً معادياً لها إلی جانب عدد من الدول العربية الأخرى.
في السياق نفسه، بذل محمد بن سلمان ولأسباب مختلفة كل جهد ممكن للانتقام مما يراه سياسات الحكومة التركية ضده، والإضرار بمصالحها في المنطقة قدر الإمكان بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد أعلنت الرياض مؤخراً عن تغييرات واسعة النطاق في كتبها المدرسية لتنفيذ رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وعلى الرغم من أن هذه التغييرات لم يتم كشف النقاب عنها رسميًا بعد، إلا أن مصادر صحفية تفيد بأن جزءًا كبيرًا من مواجهات الحكومة السعودية مع الإمبراطورية العثمانية قد أدخلت في هذه الكتب لإدارة شعور المواطنين السعوديين تجاه تركيا. والصور التي تسربت من هذه الكتب تظهر أن السعوديين يحاولون إثارة الرأي العام المحلي ضد تركيا.
وجاء في هذه الكتب المدرسية السعودية الجديدة أن العثمانيين قد عذبوا بعض الشخصيات البارزة في الحكومة السعودية الأولی في الحروب، وحاولوا الضغط على سكان منطقتي الإحساء والعسير، وأجبروا سکان المدينة المنورة على الهجرة. كما تشير الكتب إلى أن “المحتلين العثمانيين” كانوا يحاولون توسيع نفوذهم في المناطق القبلية السعودية.
وتحقيقاً لهذه الغاية، اشتعلت هناك حرب دعائية واسعة النطاق ومنظمة لدعم هذه التغييرات في الفضاء الإلكتروني السعودي. حيث يحاول بعض المفكرين الذين يدعمون محمد بن سلمان وصف هذه التغييرات بأنها تحرير للنظام التعليمي السعودي من سياسات الإخوان، زاعمين أن جماعة الإخوان المسلمين قد أثروا لعقود من الزمن على محتوى الكتب المدرسية السعودية.
وکان وزير التعليم السعودي السابق “أحمد العيسى” قد صرح في مارس 2018 بأن تعديل الأساليب والموارد التعليمية يأتي من أجل مواجهة آثار الإخوان في النظام التعليمي الحالي. وفي وقت سابق أيضاً، قال محمد بن سلمان في محادثة مع شبكة سي بي إس إن نهج الإخوان المسلمين بات واسع الانتشار في الأنظمة التعليمية السعودية.
المواقع الاجتماعية السعودية ومنذ اغتيال جمال خاشقجي في تركيا، تتهم هذا البلد ببذل محاولات واسعة النطاق لتشويه صورة السعودية وسمعتها. کذلك نشطاء الإنترنت في السعودية والإمارات قد ركزوا بدورهم إمكاناتهم الدعائية لاتهام ترکيا بتشويه الصورة السعودية، وهم يحاولون منع مواطنيهم من السفر إلى هذا البلد، من خلال سياسة التخويف والحديث عن جرائم منظمة ضد المرأة في تركيا.
لکن وسائل الإعلام التركية تفيد بأنه على الرغم من الجهود السعودية، لم يتم خفض عدد سائحي السعودية والخليج الفارسي فحسب، بل تشير الإحصاءات الرسمية إلى زيادة ملموسة في عدد السياح السعوديين.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أطلقت المنصات الرسمية في السعودية والإمارات حملات دعائية واسعة ضد تركيا.
لغز اختفاء امرأة سعودية في تركيا
بعد مزاعم واسعة النطاق من قبل الإعلام السعودي لمنع المواطنين من السفر إلى تركيا، أعلنت وسائل الإعلام السعودية مؤخراً أن سائحةً سعوديةً قد اختفت في العاصمة التركية.
يقال إن التحقيقات في تفاصيل هذا الحادث المشبوه لا تزال جاريةً، وبطبيعة الحال قد يكون هذا الحادث أيضًا في سياق دومينو هروب الفتيات السعوديات من هذا البلد. کما أن هناك بعض التكهنات بأن هذه المواطنة السعودية قد لقيت مصيراً مماثلاً لمصير جمال خاشقجي، واختطفت من قبل قوات الأمن السعودية أو أي بلد آخر.
تحاول السعودية من خلال نشر هذه الأنباء الترويج للسياحة الداخلية لديها، حتى تتمكن من تحقيق بعض الأهداف والعوائد الناتجة عن التوسع السياحي في هذا البلد، وتتخذ خطوةً أخرى في موقفها المعادي للرئيس رجب طيب أردوغان.
وبينما تحاول السعودية وصف اختفاء هذه السائحة السعودية المفقودة في تركيا اختطافاً، أعلنت تركيا أنها ستنتظر نهاية التحقيقات لإبداء تعليق نهائي. وذکرت المصادر السعودية أن المرأة السعودية المفقودة “عبير” قد وصلت إلى تركيا مع زوجها وأطفالها.
کما أفادت وسائل الإعلام السعودية أن الخاطف قام بتخدير هذه المرأة السعودية واختطافها من خلال رش محلول عليها. ووصفت الصحف السعودية الحادث بأنه غامض ومعقد، قائلةً إن السعودية تسعى للحصول على تفاصيل حول الحادث.
في السياق ذاته، طلب شقيق المرأة المختطفة عبر تويتر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساعدتهم في هذا الملف،كما اتهم زوج المختطفة الشرطة التركية بإهمال القضية واصفاً أداء الشرطة بالضعيف.
من المرجح أن يثير هذا الحدث جدلاً جديداً بين البلدين، خاصةً أن السعودية تبدو راغبةً في استغلال هذا الحدث إعلامياً، والهاشتاقات التي يتم تداولها في السعودية وتتهم تركيا بالضلوع في هذا الحادث، تشير إلی هذه الحقيقة.
بالطبع، لا يزال المسؤولون الأتراك صامتين بشأن هذا الحادث، إلا أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لإعادة المصداقية إلی السياحة الترکية، من خلال كشف الزوايا الخفية لهذا الحادث المشبوه.