شدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في مقابلة مع قناة “الميادين” ، على ضرورة “رفع الصوت مرة أخرى، رفضاً لجريمة اغتيال بطل الشعوب، اللواء القائد سليماني” ، لافتاً إلى أن “سليماني واجه الإرهاب ومجرمي الإرهاب الدمويين، الذين هاجموا شعوب محور المقاومة”.
و قال مادورو إن “العلاقات بالجمهورية الإسلامية الايرانية كانت دائماً جيدة جداً، سواء مع الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، أو مع الرئيس السابق حسن روحاني، أو الآن مع الرئيس إبراهيم رئيسي”.
وقال إنه اتفق مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على مجموعة من الخطط الجديدة. واللجنة الحكومية المشتركة لكِلا البلدين تعمل على هذه المشاريع الجديدة، التي تشمل التشبيك والتعاون بين إيران وفنزويلا.
وأبدى الرئيس الفنزويلي إعجابه بـقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي ، قائلاً إنه “رجل ذو حكمة كبيرة وذكاء عظيم”.
ولفت إلى أن قائد قوة القدس السابق، الشهيد قاسم سليماني زار فنزويلا بين آذار/مارس ونيسان/أبريل من عام 2019. كنا في خضمّ أزمة الهجوم الكهربائي الذي شنّه إمبرياليو الشمال ضد المنظومة الكهربائية لفنزويلا”، متطرقاً إلى الحديث الذي جرى آنذاك بشأن مختلف مجالات التعاون، بما في ذلك موضوع النظام الكهربائي، و”كل ما تحدثنا بشأنه معه جرى تنفيذه”.
ووفقاً لمادورو، فإن “القائد سليماني كان رجلاً بشوشاً ومتفائلاً في الحياة، و أشكر الله على أنني تعرّفت إليه”، لافتاً إلى أن “سليماني واجه الإرهاب ومجرمي الإرهاب الدمويين، الذين هاجموا شعوب محور المقاومة. هو رجل شجاع”.
وشدّد على “ضرورة استخلاص العِبَر من هذه الجرائم المروّعة، كجريمة اغتيال القائد سليماني”، سائلاً “هل العالَم الذي نريده هو أن نشهد فيه كيف يُعطى أمرٌ من البيت الأبيض باغتيال بطل من أبطال النضال ضد الإرهاب، في كل من العراق وإيران وسوريا ولبنان؟”.
وشدَّد على ضرورة “رفع الصوت مرة أخرى، رفضاً لجريمة اغتيال بطل الشعوب، اللواء القائد سليماني”.
لن نتخلّى عن فلسطين
وفيما يخص القضية الفلسطينية، أشار مادورو إلى أن “لا أحد في هذا العالم يجرؤ على مطالبتنا بالتخلّي عن فلسطين، ولا يمكن أن نقبل هذه المطالَبة. والخطيئة هي في مجرد التفكير في التخلّي عن فلسطين، أو تركها وحدها”.
وشدَّد الرئيس الفنزويلي على أن “فلسطين هي أرض البشرية المقدَّسة، ولأرض فلسطين مكانة عظيمة جداً لدينا. اسم فلسطين نسمعه عالياً وعظيماً”، مضيفاً أن “هذه الجرائم (الإسرائيلية) التي تُرتَكَب بحق الشعب الفلسطيني، سيدفع (الاحتلال الإسرائيلي) ثمنها يوماً ما”.
ووجَّه مادورو رسالة إلى فلسطين وشعبها، مؤكداً دعمهما من جانب فنزويلا، ومن جانب كل الشعب الفنزويلي، ومن جانب الثورة البوليفارية التي أسّسها القائد تشافيز، وقال “لفلسطين دعمي كله، اليوم وإلى الأبد، وستحظى دائماً بهذا الدعم، لأننا نحب فلسطين، وكلَّ شعبها، وجميعَ فصائلها”.
وأردف “نتمنى كل الخير لفلسطين، ولدينا اتفاقيات تعاوُن معها؛ اتفاقيات تسير على نحو جيد. ونودّ أن نقدّم المزيد من أجل فلسطين”، داعياً جميعَ شعوب العالم وحكّامه، وكلَّ العرب، وجميعَ حكّام العالم الإسلامي، إلى ألّا يتركوا فلسطين وحدها.
وأكد مادورو أن فلسطين تستحقّ الدعم الثابت والشجاع من جانب حكّام العالم أجمع، قائلاً إن “فلسطين تصرخ مستغيثة؛ فلسطين تناشدكم أن تدعموها، فهي تتعرّض يومياً للجرائم، ولعمليات قتل للشبّان”.
وتعليقاً على ما يحدث في فلسطين المحتلة، من جرائم قتل واعتداءات، قال إن “جرائم الاحتلال لا تُوصَف، ولا مثيل لها في هذا العالم”، مجدِّداً تأكيده “دعمَ الشعب الفلسطيني، وقُبلة كبيرة لقلب فلسطين”.
الرئيس الأسد سوف ينهض بسوريا من جديد
وفيما يخص الشأن السوري، قال الرئيس الفنزويلي إن الرئيس السوري بشار الأسد “رجل شجاع وبطل ومناضل، ولديه عائلة جميلة وشعب رائع”، مضيفاً “لقد كُتب عليها (سوريا) أن تتحمّل حرباً إرهابية إجرامية”.
وأضاف أن “الشعب السوري عانى كثيراً خلال السنوات الـ11 الماضية، وعرف كيف يصمد، وكيف ينتصر. والجيش العربي السوري، ومعه الشعب السوري الموحَّد، والرئيس بشار الأسد، سوف ينهضون بسوريا من جديد، وسوف يحرّرونها كاملة”.
ورأى مادورو أن “العالم العربي، والعالم أجمع، سوف تصيبهما الدهشة من كيفية انبعاث سوريا من جديد، في الآتي من السنين”.
وأشار إلى أن “وزارة خارجيتنا ستقوم بمجموعة من المبادرات عام 2022، من أجل إعادة تفعيل آليات التعاون بين البلدان العربية وأميركا الجنوبية، لبناء روابط في المستويين، المالي والنقدي”.
وأكد أن بلاده يمكنها “فعل كثير من الأمور في السنوات المقبلة بين فنزويلا والعالم العربي، وأعتقد أننا سنفعلها”، وقال “أستغلّ هذه المقابلة مع قناة الميادين لأدعو جميع الحكّام والشعوب والمستثمرين كي يستثمروا في فنزويلا”.
وأكد أن “فنزويلا بلد الفرص، ونحن نقدّم جميع الضمانات الدستورية والقانونية للاستثمارات في النفط والغاز والبتروكيميائيات والسياحة والذهب والألماس والحديد والفولاذ والألمنيوم والمنتوجات الغذائية”.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في فنزويلا قال مادورو، إن بلاده “تشهد عملية انتعاش اقتصادي نتيجة للعمل المتواصل، تستند إلى تعافي الاقتصاد الإنتاجي، وإلى الجهد الجماعي لفنزويلا بأكملها”.
و أشار مادورو إلى أن عام 2021 هو “العام الأول الذي سجّل نمواً اقتصادياً منذ أن بدأت عقوبات الإمبريالية الأميركية الإجرامية”، لافتاً إلى أن “النمو تحقَّق بفضل الاقتصاد الذي يُنتج الغذاء والخيرات والسِّلَع والخدمات، وشهدنا نمو الصناعة والتجارة والسوق الداخلية في البلاد”.
واعتبر الرئيس الفنزويلي أن “الشعب الفنزويلي قاوم هجمات وحشية شنّتها الإمبريالية الأميركية وحلفاؤها في العالم، لكننا صمدنا وقاومنا”، قائلاً “لم نكتفِ بالمقاومة، بل وضعنا نُصب أعيننا ضرورةَ أن نحرز تقدماً على قاعدة العمل الجماعي، من خلال تحفيز جميع القطاعات الاقتصادية”.
وقال مادورو إن ملهمه هو التاريخ البطولي لفنزويلا.
وشدّد على ضرورة الإيمان بالشعب “من أجل تحفيز قيمة العزة ومكامن القوة التي يتمتع بها، روحياً وأخلاقياً”، قائلاً “عندما تتجسَّد في الإنسان قضيةٌ تاريخية أكبر منه، تراه يرتقي إلى مستوى الصعوبات والتحديات التي تواجهه”.
وبحسب مادورو، فإن “الشعب الفنزويلي أبلى بلاءَ الأبطال. وأنا، كرئيس، كان عليّ أن أكون على قَدْر هذا الشعب البطل”، كما أنه “توجَّب عليَّ التسلُّحُ بالصبر والإيمان الكبير والثقة بالمستقبل، وأن أرتقي إلى مستوى المواجهة، وأن أخوض المعركة”.
وأشار الرئيس الفنزويلي إلى أن الرئيس الكوبيّ الراحل، فيدل كاسترو، كان يقول دائماً إن على المرء أن يكافح في كل الظروف، وأن يخوض معركته حتى النَّفَس الأخير، وأن يكافح حتى اللحظة الأخيرة.
ولفت مادورو إلى أن زعيم المعارضة، خوان غوايدو، كان نوعاً من “فرانكشتاين” سياسي، ومُنِي بالهزيمة، وأضاف إن “الإمبريالية اعتقدت أن فنزويلا مُلكُها، وأنها، عَبْرَ أسلوبها الاستعماري، يمكنها أن تعيّن رئيساً للبلاد”، موضحاً أن “الشعب الفنزويلي تصدّى للإمبريالية، وقال لها ولقادتها، ولغوايدو خاصتها: لن تمرّوا. وبالفعل، لم يمروا”.
ودعا مادورو إلى “التخلي عن الإمبريالية، وفرانكشتاينهم داخل المستنقع”، لافتاً إلى أنه “في عهد ترامب، عيّن (ترامب) مندوباً سامياً اسمه إليوت أبراهام لحُكم أراضي مستعمَرة اسمها فنزويلا، وفق المنظور الاستعماري الجديد لترامب وللإمبريالية”.
وأشار مادورو إلى أن “إليوت أبراهام كان وقحاً إلى درجة أنه راسل زوجتي، طالباً منها أن تطلّقني، وقال لها إنهم سيسمحون لها بإخراج أُسرتها من البلاد”، مضيفاً أن “أبراهام طلب مني أن أخون شعب فنزويلا وقضية بوليفار وإرث تشافيز، وأن أسلّم فنزويلا إلى الإمبريالية الأميركية”.
ووفقاً للرئيس الفنزويلي، فإن “خطط الإمبريالية ارتطمت بواقع القيم الأخلاقية البوليفارية السامية، والتي نحمل رايتها”، كما “شهدنا مفاجآت تعبّر عن شجاعة الكثيرين في هذا العالم، من حركات المقاومة والتضامن، ورؤساء دول وحكومات، قدّموا إلينا الدعم، ودافعوا عنا”.
كل خائن لفنزويلا أصبح في مزبلة التاريخ
وخلال لقائه الميادين، لفت مادورو إلى أنه “لطالما شعرنا بأننا لسنا وحدنا. وفي منظمة الأمم المتحدة حاولوا، عدة مرات، عدمَ الاعتراف بشرعية حكومتنا. وكنا نهزمهم بدعم من الأغلبية العظمى من الحكومات”، معرباً عن فخره بـ”حركات التضامن والمقاومة في هذا العالم، وقياداتها”.
إلى ذلك، لفت إلى أنه كان يعرف “مَن هم الخونة، وأين يُوجدون”. قائلاً إن “مَن يحاول التدخُّل في شؤون فنزويلا يجفّ ويذبل.. كل خائن لفنزويلا أصبح في مزبلة التاريخ، مثل لينين مورينو وماوريسيو ماكري. لكنْ، يُفضَّل التحدث عن أشياء مفيدة لشعوبنا، بدلاً من أن نتذكر تلك النفايات”، موضحاً أن “الانتخابات الفنزويلية كانت نموذجية، وكان بعض المراقبين بمثابة شهود على أن لدينا النظام الانتخابي الأكثر أماناً وتقدُّماً في العالم”.
ولفت مادورو إلى أن هذه الانتخابات تحمل الرقم الـ 29 في 21 عاماً من الثورة البوليفارية، وتسجّل الانتصار الـ 27، قائلاً “نحن قوة حقيقية؛ قوة تتجدّد بصورة دائمة في خطابها، وفي خطط عملها، وفي قيادتها”.
وفيما يخص التحدّيات والالتزامات تجاه بلاده، شدّد على “ضرورة الإيفاء بها. وفي كل مرة نحقق نصراً، نقوم بمراجعة شاملة، ونمارس النقد الذاتي، وندرس الخطط المستقبلية”، مؤكداً “أجرينا ورشة عمل للتخطيط الاستراتيجي. وقبل أن ينتهي هذا العام، ستكون لدينا خطة عمل جاهزة للأعوام 2022 و2023 و2024”.
وبحسب الرئيس الفنزويلي، فإن “بلاده لا تنام على أمجاد الانتصار. فمع كل نصر، نستخلص العِبْرة والتجربة، وتتجدّد الطاقة والقوة من أجل المستقبل. ونحن نخطّط كلَّ شيء بالتفصيل. وسرّ بناء الثورة يكمن في النقد الذاتي، ونشترط المتابعة والتقييم دائماً. إننا يَقِظون 24 ساعة في اليوم، ومُتَنَبّهون في مواصلتنا عملَنا”.
وفي نهاية عام 2021، قال مادورو “نستمتع بحلاوة عسل النصر، ونستعدّ للتضحية والعمل من أجل تحقيق انتصارات جديدة في السنوات المقبلة”، مضيفاً أن “القوات المسلحة الوطنية البوليفارية هي جسم جديد، بُنِيَ كجزء من هذا الوطن”.
وتابع أن “القوات المسلحة رفعت راية الاستقلال ومناهضة الإمبريالية؛ راية الحرية؛ راية محرِّر أميركا العظيم، سيمون بوليفار”، مشدداً على أن “(الرئيس الفنزويلي السابق) هوغو تشافيز كان قائداً عسكرياً عظيماً، واجتمعت في شخصه جميعُ عناصر القيادة الشاملة”.
واعتبر مادورو أن القائد تشافيز “هو مَن أعاد تأسيس القوات المسلحة ونظّمها”، كما أنه “أعطاها هيكلية تنظيمية وعقيدة جديدة مبنية على أساس حرب المقاومة”. وقال إن القوات المسلحة الفنزويلية هي العمود الفقري للثورة، والعمود الأساسي لسَير الديمقراطية ولوجود الجمهورية، “وأدّت دوراً عظيماً”.
ورأى أن الإمبريالية تكرّس ملايين الدولارات من أجل اجتذاب عناصر من الجيش في بلدان العالم، وتجنّدهم لتنظيم انقلابات عسكرية عبر استخدامهم، كما حدث في بوليفيا والباراغواي وهندوراس، وفي تشيلي أيضاً. ولفت إلى أن “القائد تشافيز قطع علاقة التبعية ودابر هيمنة الولايات المتحدة. ولدينا قوات عسكرية ذات سيادة، وهي العمود الفقري للاستقرار والسلام والديمقراطية في فنزويلا”.
قرار تشافيز صدمة قوية
إلى ذلك، لفت مادورو إلى أنه “عندما كان القائد تشافيز أمام احتمال خضوعه لعملية جراحية صعبة، قال: إذا حدث شيء ما يمنعني من الاستمرار في منصبي كرئيس، فعندئذ يجب على نيكولاس (مادورو) أن يتولى المسؤولية”.
ورأى أن قرار تشافيز “صدمة قوية جداً، لأنني أعلم جيداً بأنه عندما يفكر في شيء ما ويتّخذ قراراً، فذلك لأنه يتوقع بالفعل أن شيئاً ما سيحدث”، موضحاً “نحن، الثوار، مُلزَمون باستيعاب أي ظرف يُفرَض علينا. وكثائر، يجب أن تكون مستعداً للمعركة، ولتجاوز الآلام والجراح والأحزان، وللقيام بالمواجهة. وهذا ما كان”.
وعبّر عن شعوره بالرِّضا لأنه كان مخلصاً لإرث القائد تشافيز، و”وفياً للقَسَم الذي أقسمتُه له، واستَمْرَرْتُ في خط المواجهة الأول، حاملاً رايةَ النصر؛ رايةَ فنزويلا”، مضيفاً أن زوجته “سيليا فلوريس هي، في الدرجة الأولى، قائدة من بلدنا، وكانت لها سيرتها الخاصة”.
وقال مادورو إن “سيليا كانت نائبة في البرلمان، ورئيسة للحزب الاشتراكي الموحّد لفنزويلا، ونائبة عامّة للجمهورية في مرحلة أخرى”، موضحاً أنها حادة في آرائها، وحازمة فيما تقول. وأطلق الناس عليها لقب المقاتلة الأولى”.
إلى ذلك، اعتبر أن “سيليا فلوريس لا تتوقَّف عن النضال من أجل الأطفال والفتيات والشباب، ومن أجل المرأة الفنزويلية. وأشعر بالفخر الشديد لأنني متزوج بها”.
وشكر مادورو قناة الميادين على “الاهتمام الذي تُبديه تجاه شعوب أميركا اللاتينية والكاريبيّ، وعلى نشرها المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي على نحو دائم، وعلى تعاونها مع (القناة التلفزيونية الفنزويلية) تليسور”، مشدداً على ضرورة أن “نبذل مزيداً من لجهود من أجل اتحادنا، روحياً وثقافياً وسياسياً، وأن نتعلّم من نضال كل بلد من بلداننا ومسيرته”.