المراسلة الثالثة للشيخ البهاري |
جعلك الله جل جلاله ، ممن تناله الرحمة من رأسه إلى قدمه. وصلني كتابُك ، وكشف عن صحة مزاجك خطابُك ، وقد اشتكيتَ من سوء حالك ، وتفرق اخوانك ، وقلة أعوانك .. فأقول لك : لا تخف ولا تحزن ، إن الله تبـارك وتعـالى نِعْمَ الرب ، وإن محمداً صلى الله عليه وآله نِعْمَ الرسول ، وإن عليـاً وأولاده نِعْمَ الأئمة. واعلم أن العبد الضعيف لو توسل بذيل كرمهم لأوصلوه إلى حظيرة القدس ، يسوقونه إلى ذلك برفقٍ وحنان!.. فإن العادة الإلهية جرت – بكرمه – على أن لا يُترك الضعيف يكابد ضعفه ومسكنته ، ذلك الضعيف الذي استعان بالتوكل لدنياه ، وبالتقوى لأخراه ، واستصحب العفة ، واتخذ القناعة حرفة ، وزيّن فقره بصبره ، وغناه بشكره ، وأوجز في كلامه وطعامه ومنامه، ونسى حظ نفسه ، وحفظ سيئة أمسه ، وشاور اخوانه ، ودارى أعوانه ، وكان في حوائجهم من الساعين ولهم من الداعين ، موظِّفـاً وقته في طاعة رب العالمين ، غير مضيّع لصلاته خصوصا صلاة الليل ، آمراً نفسه بالمعروف بعد ما نهاها عن المنكر. عليك أن لا تنظر إلى حسناتك ، فإن ما أنت فيه من أمر إنما هو من رشحات فضله ، وهو جلّ شأنه ولي التوفيق .. جعل الله لك بعد العسر يسرا ، وبعدالذلّ عزّاً ، وبعد الفاقة غنى ، لعلك تكون من المفلحين إن شاء الله تعالى . لا أدرى ما هو سبب تحيرك وتوانيك ؟!.. هل دخلتَ عليهم من باب الصدق ولم يأذنوا لك في الدخول؟.. أليس بابه مفتوح للطارقين وخيره مبذول للطالبين. فتبصبص إليه جل جلاله تبصبص الجائع ، فلعله ينظر إليك نظرة رحمة ورضوان إن شاء الله تعالى.. ولا أدري ماذا أقول لك بعد ذلك كله؟.. فإن من كان صادقاً في عطشه يكفيه القليل من الماء . (حرره محمد البهاري الهمداني ) |
شاهد أيضاً
الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ
أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...