الفريقان
اختلفت الأمة بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) وإنقسمت إلي فريقين رئيسيين
الأول : ما يسمي بأهل السنة وهو الفريق الأكبر.
الثاني : ما يسمي بالشيعة.
ويتفق الفريقان علي أن المصدر الأساسي للتشريع هو القرآن والسنة ولكن اختلفا في مفهوم السنة من أين نأخذها؟..
- أهل السنة قالوا من الصحابة .
- الشيعة قالوا من أهل البيـت .
وقبل أن نناقش هذه القضية نسأل السؤال التالى هل اختلاف الناس بعد نبيهم تحدث عنه القرآن ؟ وهل حدث في الأمم السابقة ؟ وهل حدث في هذه الأمة ؟ ولأي درجه يصل الاختلاف ؟ يجيب القرآن الكريم علي هذه التساؤلات بالآيات الكريمة الآتية :
قال تعالي ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) 253 البقرة
وقال تعالي ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) 213 البقرة
نلاحظ في الآيتين السابقتين ما يلي:
إن اختلاف الناس بعد أنبيائهم سنه إلهية.
إن الذين اختلفوا هم الذين جاءتهم البينات، وليس عن جهل ولكن بغياً بينهم.
إن هذا الاختلاف يصل إلي حد الاقتتال.
إن هناك فريقا من الذين آمنوا سيهديهم الله للحق الذي اختلفوا فيه والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم .
هل هناك آية تدل علي أن هذا الاختلاف وقع بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
يقول تعالي: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) 144 آل عمران
وواضح من كلمه (انقَلَبْتُمْ) .. أن الاختلاف وقع بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )..
بل إن الأحداث التي حدثت بعد وفاة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تدل على أن الخلاف وصل إلي حد الاقتتال، لاحظ معركة الجمل .. صفين .. النهروان.
كما أخبرت الآية القرآنية الكريمة (وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم) ولاحظ أيضا أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان طرفاً في المعارك الثلاثة .. وان الطرف الآخر كان .. طلحه.. عائشة .. معاوية .. عمرو بن العاص وغيرهم ، أي من الذين أُوتُواْ الْكِتَابَ.. ومن الذين جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ كما ذكرت بالضبط الآيات الكريمة .
نعود إلي دراسة قضية الفريقان ( السنة والشيعة ) أو مدرسة الصحابة ومدرسة أهل البيت..
السؤال : متى بدأ الخلاف؟ .. بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) …
هل من الممكن أن يحدث الخلاف في حياة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟
الإجابة لا .. لأنه لو حدث فسيتم الرجوع إلي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيحسم الخلاف إذن وجود شخص الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الذي يعصم الأمة من الاختلاف وليس الإيمان بالقرآن والسنة فقط ولكن وجود ( مرجع أعلى ) عنده الفهم الحقيقي والصحيح للقرآن والسنة ترجع إليه الأمة عند إختلافها ، يقول تعالي ( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) 83 النساء
إذن فالفريضة الغائبة هنا هي ” أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ” وذلك بعد وفاة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
السؤال هل هناك طائفة تسمي أولي الأمر في الأمة طاعتهم علي نفس مستوي طاعة الله والرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ يقول تعالي في ( يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسولَ وَ أُولى الأَمْرِ مِنكمْ فَإِن تَنَزَعْتُمْ فى شىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَ الرَّسولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِك خَيرٌ وَ أَحْسنُ تَأْوِيلاً ) 59 النساء.
إذن فهناك طائفة أو أمة تسمى ( أولي الأمر ) طاعتهم كطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) .. فإذا اختلفنا فيهم فعلينا أن نرد الأمر إلى الله والرسول، وسنجد في القرآن والسنة الشريفة تحديداً واضحاً لهم.
وهنا نقول: إن الشيعة هي التي اعترفت بأولي الأمر وعرَّفتهم وبايعتهم وانقطعت إليهم كمعرفتهم وطاعتهم للرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم اثني عشر إماماً معصوماً من أهل البيت (عليهم السلام) وهم الخلفاء في الأرض بعد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام ) وآخرهم المهدي.
هذه هي عقيدة الشيعة والتي سنحاول إثباتها من القرآن الكريم في هذا البحث .
أما أهل السنة فقد انقطعت علاقتهم بسبب بشري يربطهم بهداية السماء بعد وفاة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أي أنهم اكتفوا بالقرآن وقالوا “ حسبنا كتاب الله ” .. أما الإمام .. أو الخليفة فهو منصب سياسي يتم بإختيار الناس أو بالسيطرة الفعلية علي الحكم من شخص ما .. أي أنه خليفة للناس علي أنفسهم وليس خليفة لله عليهم والدليل علي ذلك قول عمر بن الخطاب للرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندما أراد أن يكتب لهم كتاباً لن يضلون بعده أبداً أي وصية وكان معروفاً من صيغه حديث الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه سيوصي بالقرآن وأهل البيت .. قال عمر ( حسبنا كتاب الله ) ( رواه البخاري ومسلم ) ، وهو هنا لا يرفض السنة لأن الالتزام بسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) هي ضمن أوامر القرآن .. (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ)؛ ولكنه يرفض الثقل الثاني وهم أهل البيت كما ورد في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي وباقي صحاح السنة ” تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ” صحيح الترمذي م5 ص 328 أو تركت فيكم الثقلين 000 كما في أحاديث كثيرة منها في صحيح مسلم .
إذن الاختلاف الرئيسي بين الفريقين في مصادر الهداية هو في ” السنة النبوية الشريفة ” .. هل نأخذها من الصحابة .. أو من أهل البيت ( ع )
من كتاب امامه اهل البيت فى القران