الرئيسية / من / طرائف الحكم / الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

النظام الإسلاميّ

* وقد علموا – ولله الحمد – أنّ الشرائع الإسلاميّة قد وسعت الدنيا والآخرة بنظمها وقوانينها، وحكمتها في جميع أحكامها، وقسطها في موازينها، وأنّها المدنيّة الحكيمة الرحيمة الصالحة لأهل الأرض في كلّ مكان وزمان، على اختلافهم في أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم1.

 

* لم يُبقِ شارع الإسلام – وهو علّام الغيوب جلّ وعلا – غايةً إلّا أوضح سبيلها، وأقام لأولي الألباب دليلها2.

1- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 498.

2- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 498.

 

تربية الأبناء

* أنشطوا لتربية أولادكم في حداثتهم, فإنّ نفوسهم حينئذٍ خالية عن كلّ ملكة، قابلة لانطباع الأخلاق فيها بسهولة كصحيفة بيضاء تقبل كلّ نقش يراد1.

مرّنوهم على عبادة الله تعالى والخوف من أليم عذابه، وأدّبوهم بآداب الكتاب والسنّة، وشوّقوهم إلى ما أعدّ الله تبارك وتعالى لأهل الجنّة، وأبعدوهم عن أهل العقائد الفاسدة والأخلاق السيّئة, فإنّ القرب إليهم أوبى من ميكروب الوباء، وأقتل للنفس من الجهل والهمجيّة العمياء2.

 

* ومتى تفقّهوا في الدّين، ورسخت فيهم عقائد المؤمنين، فلا جناح أن يتعلّموا الفلسفة وسائر الفنون المرغوبة في هذا العصر3.

 

1- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2551.

2- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2552.

3- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2552.

 

* إنّ من أهمّ الأمور وأوكد الشؤون بذلَ الجهد في تربية الأولاد، واستفراغ الوسع والطاقة في تهذيب أخلاقهم, فإنّ نفوسهم وقتئذٍ ساذجة تنطبع على ما يراد، وقلوبهم خاليه تميل إلى كلّ ما يمال بها إليه، فإذا شبّوا على مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، شابوا عليها4.

 

* الولد أكبر أعمال أبيه، فإن عوّده الخير – فإنّ الخير عادة – سعدا جميعاً، وإن تركه هملاً كان الشقاء لهما سرمداً5.

 

* اندفعنا نزجّ بأفلاذ أكبادنا إلى أحضانه6، تحوطهم طوائف منه، أو من حملة مبادئه بالحضانة واللقانة، حتّى إذا خرج الفوج الأوّل من شبّان الجيل المأمول، علمنا أنّ الخسارة أكبر من الربح، والإثم أكبر من المنفعة7.

 

* لو فرضنا أنّ أولادنا قد غنموا بعض الثروة من قيمة الحياة الحاضرة، فإنّا قد خسرنا فيهم الروح الشريفة، والمبدأ الحقّ، والأخلاق الإسلاميّة، والإخلاص الواجب، وجهّزنا منهم سلاحاً يصيب نحورنا، ويفري

 

 

4- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2555.

5- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2555.

6- أي الغرب.

7- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3344.

 

غلاصمنا8، فكنّا في تعليمهم هذه المعارف المسمومة كالباحث عن حتفه بظلفه9، والجادع مارن10 أنفه بكفّه، فالجهل أقلّ ضرراً من هذه المعارف الموبوءة11.

 

* وفي الحقّ لقد خُدعت أُمّتنا بأوهام من الغرور باطلةً، حيث أرادت استرجاع مجدها بتعليم ناشئتها فدفعتهم إلى أحضان هذه المدارس الّتي لم تتأسّس في الشرق إلّا للاستيلاء عليه بجميع ما فيه من دنيا أو دين فأخّرتهم ضرراً لا يتدارك، وأضاعت مجدها على وجه آخر، هو أتقن وأبرع وأشدّ وأفضع, إذ تخرّجوا جنوداً علينا وعلى مقدّسات مبادئنا، وتلك مصيبة ما مُني الإسلام والشرق بمثلها، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون!12

8- الغلصم: رأس الحلقوم، والجمع غلاصم، مجمع البحرين، 323:3.

9- الظلف: ظفر كلّ ما اجترّ، لسان العرب، 229:9.

10- مارن الأنف: غضروفه، القاموس المحيط، 179:3.

11- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3344.

12- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3344.


الشباب

* أخلصوا نواياكم لله سبحانه، فإنّه “لا عمل إلّا بنيّة”، و”نيّة المرء خيرٌ من عمله”. ألا أبشّركم أيّها الشبول والنشء من أفراخ حيدرة والبتول بما أعدّ الله للمخلصين من أمثالكم على لسان حبيبه وخاتم رسله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال في حديث أبي أمامة الباهليّ: “أيّما ناشئ نشأ في طلب العلم والعبادة حتّى يكبر وهو على ذلك كتب الله له أجر سبعين صدّيقاً”1.

 

* أي بنيّ وقرّة عينيّ، هذّب نفسك بالعلم والآداب، وتقوى الله في شبابك، فإنّ مَن شبّ على شيء شاب عليه، واعلم بأنّ لشبابك وصحّتك وفراغك حقّاً لا يؤدّى إلّا بالعلم والعمل، واكتساب رضا الخالق2.

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4120 – 4121.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4125.

 

* والله الله في مستقبلكم لا تجعلوه حسرة وندامة، فما تزرعوه اليوم تحصدوه غداً، وقد تعلمون أن لا ثروة ولا حرفة لكم، ولا، ولا… فإذا تجرّدتم أيضاً عن العلم والعمل فأنتم والعياذ بالله في المستقبل أشقى من الحمر الأهليّة3.

 

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4131.

 

 

الشعب

* وجود شعب بين الشعوب عرف كيف يأنف الهضيمة، ويحسّ بالمهانة فيأباها وينكرها. يقظة عركت العيون فعرّفت هؤلاء الناس أنّ لهم حقّ الحياة، ثقافةً عامّةً يبتلّ بها اللسان، ويستضيء بها الجنان، مؤسّسات بعد ذلك تبعث العزّة، وتثبت الحيويّة1.

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3355.

 

الأمّة العربيّة

* كان للعرب خلال الحرب العالميّة الأولى صوت بعيد المدى، متجاوب الصدى، وجهاد صدق بذلوا فيه أنفسهم وأموالهم، مؤثرين فيه موت الكرام على حياة اللئام، يريدون ليحطموا1 الأغلال, طلباً للحرّيّة والاستقلال2.

 

* العربيّ مرهف الحسّ، كبير النفس، تتّقد وطنيّته فلا تطفأ، وتثور حميّته فلا تهدأ، وهو اليوم وقد عركت الحرب الحاضرة عينيه، يتحرّك لاستنجاح قضيّته على صهوات العراب، وأسلات الجهاد المستطاب3.

 

* تنمّر الصهاينة يتحدّى رسالة القرآن، انبعثوا على بركة الله بذات محمّد. الشعب العربيّ يجيش بثورة

 

1- حَطَمَ الشيء: كسره، المعجم الوسيط: 183، “ح. ط. م”.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4594.

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4595.

 

ضاربة، فكونوا من وراء تضحيته، يكفكم الله عدوان شذّاذ الآفاق!4

 

* جيل الأمّة العربيّة اليوم يقف على المفترق يتربّص لاهتبال الفرصة بعد أن صبر على الكظّة، يُساط بالحرمان، ويتمرّغ في الهوان، عرضة للنابلين، ولقمة للآكلين، وفريسة للطامعين، شمله شتيت، وعضده فتيت5.

 

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4613.

5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4505.

 

 

الغرب والاستعمار

* ولمّا هدأت تلك الفورة الراغية المزبدة1 وانكدرت سماء المسلمين والعرب وغيّروا ما بأنفسهم غيّر الله بهم، فعاث الغاشمون بكتبهم ومكتباتهم المؤثلة2 بأنفس الأسرار، وراحت الأُمم المغيرة تتصرّف بمقدّراتهم ومقدّساتهم. ودهمنا الغرب بخيله ورجله، وأناخ بكلكله، وضرب بجرانه، فاستحوذ علينا دخولاً في مدارسه، وإصغاءً إلى وساوسه3.

 

* كان استقبالنا للاحتلال الفرنسي استقبالاً صاخباً محتجّاً، يواجهها بالرفض والمصارحة والميل عنها ميلاً لا هوادة فيه ولا لين. وطيَّرنا يومئذٍ برقيّات، وأرسلنا عرائض عبّرت عن آمال البلاد وأمانيِّها في جلاء فرنسا عنّا، واعتزالها الحكم فينا4.

1- ويقصد بذلك الحضارة الإسلاميّة.

2- يُقال لكلّ شيء قديم مؤصّل: أثيل ومؤثل. راجع لسان العرب، 9:11.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3344.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3366.
* لم نقتصر من السعي على العرائض والبرقيّات في جهادنا السلميّ يومئذٍ، بل كانت لنا أصوات عريضةً أذاعتها عنّا صحف بيروت أوّلاً، ثمّ تولّت إذاعتها صحف دمشق بعد أن كمّها الاستعمار الفرنسيّ في بيروت، ثمّ كانت لنا مواجهات مع المسيطرين من الفرنسيّين، كبيكو، وغورو، وشربنتيه، ودلبستر، ونيجر، وقد حضر بعض هؤلاء إلى صور وفاوضنا – دون خجل – في أن تكون لنا الإرادة المطلقة في التعيينات وأسّس الحكم المحلّي وما إلى ذلك، ولكنّا رفضنا هذه المساومة ورددناها5.

 

* رفضت أن يكون لأيّة دولة أجنبيّة يدٌ في حكم، أو دخل في انتداب، ولا سيّما الحكم الفرنسيّ6.

 

* وجدت سياسة الاستعمار – في هذه الشقّة7 الّتي غذّتها فكريّاً – طريقها المؤدّي إلى مأربها من التفريق في هذه الفترة العصيبة, ذلك أنّها قصدت إلى أن تجلو نقطة الضعف في هذا الشعب الناشط لكرامته واستقلاله وتدفعه إلى أن يعلن عن نفسه عدم الكفاية لما ينشده من التحرّر والانعتاق، فجهزّت المسيحيّين بالأسلحة بدعوى تمكينهم من

5- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، ص 3366 – 3367.

6- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، ص 3368.

7- بإثارة الفتن والعصبيّات المذهبيّة والطائفيّة.

 

حماية حوزتهم، ثمّ تغافلت عن الثوّار تغافلاً اضطرّ المصلحين من هذه الأمّة أن يطالبوا الحكومة بإيقاف الثوّار عند حدّ8.

 

* فماذا فعلت الحكومة؟ إنّها بذلت السلاح للمسلمين أيضاً بحجّة أنّها تدع لهم تأديب العصاة ومطاردتهم، ولكنّ الحقيقة الّتي رمت إليها من وراء ذلك أن يثوروا بالنصارى ليتّسع الفتق، ويثبت ما قصدت إليه من التدليل على عدم كفايتنا للاستقلال، فتقيم عندئذٍ حكمها على قاعدة من هذا التدليل، كما أقام أمثالها حكمهم على قاعدة مثله9.

 

* وكان النمّامون النفعيّون من أذناب الفرنسيّين – أثناء ذلك – يثيرون حماسة الفتيان العرب من جِهة أخرى ويطمعونهم ويغرونهم بمواطنيهم ليتلاقى طرفا الحيلة الاستعماريّة، ويبرم أمر التدبير10.

 

* فذرّ الإفرنسيّون على الجرح ملحاً بأن حرّكوا النعرة الطائفيّة، وزوّدوها بالسلاح من جِهة وسلّموا أهل عين إبل، وأظهروا عجزهم إزاء العصيان المدنيّ الشامل الّذي تحصّن به العامليّون من جِهة أخرى، وكان

8- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3370.
9- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3370.

10- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3370.
غرضهم من ذلك ما كنّا نخشاه من سوء المنقلب، وإظهارنا أمام الدول مظهر من لا يستطيع إدارة نفسه إدارة مستقلّةً11.

 

* كان لذيول الإفرنسيّين مسعى خبيث في إثارة الفتنة والنعرة الطائفيّة12.

 

* ولو أنّ النفر الخوّان في عاملة استقام للأمر وظاهر المخلصين من الناهضين لثبت شيئاً من الثبات، ولكان درساً لأمثاله في سوريا الّذين كانوا وبالاً على قضيّتنا المشتركة. ولكنّ الأُمّة العربيّة ممتحنة بهؤلاء في تأريخها الحافل بالنهضات والكبوات جميعاً. 13

 

* لا بدّ لنا من اعتماد المفاهمة, لأنّ للعنف مغبّة نخشاها، ولا سيّما ونحن إزاء دولة موصولة بالعواصم والمعامل والجيوش، فإذا لم نجد مندوحةً فدماؤنا للتضحية، وسواعدنا للصراع، ولا شكّ في ذلك ولا حيدة عنه14.

11- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3377.

12- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3377.

13- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3381.

14- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3375.

 

* إمّا عزّة لا تقصم، أو ذلّة لا ترحم. إمّا حياة حرّة، أو هوان تهدر في حمأته إنسانيّة الإنسان. إمّا استقلال دون وصاية، أو استعباد نكون معه “كالأيتام على مأدبة اللئام”15.

 

* بهذا السلوك16 يا أبنائي الأعزّاء دون غيره تردّون كيد الفرنسيّين إلى نحورهم، وتعيدون جحافلهم إلى جحورهم، وتنعمون بالحريّة، لا يطاول بعدها إليكم متطاول17.

* أهيب بجميع أبنائنا في الله في المشرق والمغرب إلى الاشتراك في معركة المصير هذه، وإعلان الحرب على الاستعمار الّذي جعل من شرعة حقوق الإنسان شريعة قراصنة وذؤبان، يغدر بالوطن المؤمن الآمن، فيتسوّر عليه جوّه وأرضه ومياهه، ويلتحم معه ناباً مسموماً، وظفراً لئيماً في حرب إبادة، فيرى فيه الموطن العظيم جيشاً وشعباً ورئيساً. 18

 

* ألا وإنّ الاستعمار الغربي يغزونا في عقر دارنا، معتدياً غاشماً. 19

15- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4502.

16- أي سلوك الإباء ورفض الانجرار للفتنة.

17- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4503.

18- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4561.

19- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4561.
* كان ساسة العرب يعلّقون كبير آمالهم على الحلفاء20، وينيطون بهم الثقة البلهاء في ظروفهم السوداء، حتّى إذا وضعت الحرب أوزارها تكشّف للعرب أنّهم وضعوا آمالهم في معسلة من الكذاب، ومشربة من السراب، فإذا بتلك الوعود هراء، وتلك العهود هباء، وإذا بهم يعانون على يد حلفائهم من الإحن ما يعاني المفاجأ بقلب ظهر المجن، وقد خبّأ الدهر له عجباً.21

 

* ولم يكن أشرس المخبّآت ضروب العدوان، ولا أمضّها ألوان الهوان ودع عنك تقطيع البلاد دويلات أشتاتاً، وتمزيق الأديان طوائف أنداداً، وتفريق الصفوف طرائق آحاداً.22

20- وذلك للخلاص من الاستعمار العثمانيّ.

21- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4594 – 4595.

22- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 4595.

 

الفتنة

* وكان لهؤلاء الإقطاعيّين المذبذبين شأن في هذا العصيان، كما كان لهم شأن في السعاية بالمخلصين، يلبسون منها وجوهاً صفيقةً عديدةً، فهم معنا بوجه ولسان، ومع الفرنسيّين بوجه ولسان آخرين، ومع الأمير فيصل بوجه ولسان غير هذين1.

 

* وبهذا الدسّ الّذي طبعوا عليه أذكوا حماسة المتحمّسين، واستغلّوا بساطتهم فانقاد من انقاد للغرور، ومضوا يؤذون المواطنين نهباً وقتلاً وتجريحاً2.

 

* غير أنّ الفتنة قد استجمعت عناصرها، وهبّت ريحها تنذر بالخطر، وتنفخ بوادرها في أطراف البلاد، فكان ما كان من نزوات شوّشت الأمن، وأشغلت الأفكار بأخبار الغزوات والوقائع الّتي كانت تقع من ناس

 

 

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3370.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3370.

 

موقع البشرى والإيناس، وتقع من آخرين موقع الهمّ والبؤس3.

 

* إنّ الفوضى لن تكون إلّا من العراقيل الّتي تخذل قضيّتنا، وتدلّ على عدم كفايتنا لما نطلبه4.

 

* ألا فلْيخزِ الله وجوه السوء من ذوي الخيانة والخداع، وليخز الله سياسة لا يسرّها الصدق والإخلاص والصلابة في الحقّ5.

 

* حسب المنحرفين الرعاديد من كلّ خافر ذمام بلاده، ضالع في التآمر على تراث أجداده، وميراث أولاده، ومن كلّ مشّاء بنميم، محرّف للكلم عن مواضعه، أن حقّت عليهم اللعنة في الدارين، والخزي في النشأتين6.

 

* فإن نبذتم الأهواء الشخصيّة، وآثرتم شرف القضيّة، فلنكوننّ – في حرز لا يُفصم، وتكون بلادكم في حمى لا يُقحم7.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3371.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3374.

5- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3433.

6- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4507.

7- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4502.

 

* إذا غلبكم الهوى فلتكونّن مذقة الشارب، ونهزة8 الطامع، وقُبسة العجلان، أمام قوّة العدوّ، وشدّة الفتن، وتظاهر الزمان9.

 

* ألا أدلّكم على أمر إن فعلتموه انتصرتم؟ فوّتوا على الدخيل الغاصب – برباطة الجأش – فرصته، وأخمدوا – بالصبر الجميل – فتنته، فإنّه والله ما استعدى فريقاً على فريق إلّا ليثير الفتنة الطائفيّة، ويشعل الحرب الأهليّة، حتّى إذا صدق زعمه، وتحقّق حلمه، استقرّ في البلاد تعلّة حماية الأقليّات10.

8- أي فرصة.

9- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 4502.

10- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 4502.

 

النصارى

* ألا وإنّ النصارى إخوانكم في الله وفي الوطن وفي المصير، فأحبّوا لهم ما تحبّونه لأنفسكم، وحافظوا على أرواحهم وأموالهم، كما تحافظون على أرواحكم وأموالكم، وبذلك تحبطون المؤامرة، وتخمدون الفتنة، وتطبقون تعاليم دينكم وسنّة نبيكم ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ1. 2

 

* أيّها المؤمنون، إنّكم مدعوّون بحكم الإسلام وحكم القرآن إلى وحدة لا تنفصم عروتها، وألفة لا يستباح ذمارها، وإنّكم مؤهّلون فيها بحكم الإسلام، ونصّ القرآن لتوطيد السلام، وتأكيد الوئام بينكم وبين طوائف هذا البلد الّذي اتخذتموه سكناً، ورضيتم به وطناً، وليكن القرآن سفير صدق بينكم وبينهم يعلن قول الله سبحانه

 

1- سورة المائدة، الآية: 82.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4502 – 4503.

 

﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ3, إنّه مرسوم من ربّ الأرباب، ومالك الرقاب، يأخذ بأعناقكم إلى موّدتهم, لأنّهم أقرب الناس مودّةً لكم4.

 

* واعلموا بأنّ النصارى أقرب الناس مودّة لكم، وقد شهد لهم بذلك لتباركوهم5.

3- سورة المائدة، الآية: 82.

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4512.

5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4566.

 

 

 

لبنان

* لبنان تربة خصبة يزدهر فيها الزرع، ويدرُّ في ربوعها الضرع، فتعهّد هذه الأرض الطيّبة تؤت أكلُهَا بإذن ربّها1.

 

* إنّ اعتبار كلّ دولة إنّما هو بقدر اعتبارها لقوانينها ونظمها، وإنّ شرف كلّ حكومة إنّما يكون ببناء أعمالها على أسسها وقواعدها، وإذن يجب أن تأخذ الطائفة الشيعيّة حقوقها تامّة، بناءً على الأسس الّتي من واجبات الحكومة تقديسها، وأسوة بالطوائف الّتي فازت من لبنان بنصيبها الأوفى2.

 

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4591.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4602.

 

جبل عامل

* ماذا أُسجّل لهذا الجبل من عواطف لا يفيها القلم حقّها من الشكر، وماذا أصف من مظاهر هذه العواطف، وأنا أتخفّف بالقول، ولكن لهذه العواطف حقّاً لا مندوحةً عن التعرّض له في هذا السياق لأُقابل بعض ما أحاطني به من الجميل بالوفاء1.

 

* أما الجنوب و”عاملة” فقسمه الأوفى أنّ مرابعه يبان، وماءه محض سراب، لم تمتدّ إليه يد ببناء، ولم تلح له قطّ بارقة رجاء2.

 

* ألا وإنّ جبل عامل بعد هذا المؤتمر3 بين أمرين: عزّ لا تنفصم عروته، ولا تقرع مرّته، أو ذلّ تهاوت معه كواكب السعد، وتقوّضت فيه سرادق المجد4.

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3386 – 3387.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 3592.

3- مؤتمر وادي الحجير الشهير والذي ألقى فيه الإمام شرف الدّين خطبة ما زال رجع صداها يصل إلى الآن لمسامع العامليّين المجاهدين للاستعمار بكافّة أشكاله.

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4502.

 

* وحسبنا الآن نكبة جبل عامل في حدوده المتاحة5، ودمائه المباحة، وقراه وقد صيح فيها نهباً، وأطفاله وقد تأوّدت رعباً، وقد استحرّ به الفتك إلى ما هنالك من هلاك الحرث والزرع6.

هذا الجبل المرابط يدفع جزية الدم لشذّاذ الآفاق من كلّ من لفظته الأرجاء، ونبذته الأرض والسماء7.

 

* هذا الجبل العريق تضرب عليه الذلّة والمسكنة ممّن ضربت عليهم الذلّة والمسكنة في سحق التأريخ8.

 

* هذا الجبل الّذي يقوم بما عليه من واجبات، ولا يُعطى ما له من حقوق، كأنّه الشريك الخاسر يدفع الغرم، ومن الغنم يحرم9.

 

* وحسبنا الآن نكبة جبل عامل في حدوده الفلسطينيّة، وهي أفظع نكبات هذه المنطقة الّتي سخّرها لبنان يستغلّها ويستبعدها، ثمّ لا يأبه حتّى بدمائها المسفوكة، وحرماتها المهتوكة، وأموالها وقد صيح فيها نهباً،

 

 

5- من رسالة لسماحته لرئيس الجمهوريّة آنذاك بشارة الخوري بعد اعتداء الصهاينة على الجنوب وارتكابهم مجزرة رهيبة في قرية حولا عام 1949م.

6- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4614.

7- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4614.

8- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4615.

9- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4615.

 

وأطفالها وقد ماتت رعباً، إلى هلاك حرثها ونسلها، وإبادة المدلّهين والمدلّهات من أهلها، وقد استمرّ بهم القتل الذريع، وحاق بهم كلّ أمرٍ فظيع10.

 

* يدخل الأجنبي صور وهي عنوان الإماميّة في البلاد العامليّة فلا يحسُّ منهم بأحد، ولا يسمع لهم ركزاً، يراهم – وهم الأكثريّة – في معزل عن المسجد الحافل بغيرهم من المسلمين، ويجدهم نائين عن منارته الآهلة بغيرهم تكبيراً لله، وتوحيداً له، ودعوةً إلى عبادته عزّ وجلّ، حتّى كأنّهم – والعياذ بالله – ليسوا من هذه الأمّة، ولا هم من مشاعرها في شيء، ويرى النصارى على اختلافهم في – المذاهب المسيحيّة – من كثالكة وموارنة وأرثوذكس وبروتستانت – متنافسين في إشادة معابدهم وزخرفها أدياراً ممرّدةً، وكنائس فخمةً، ترنُّ نواقيسها، فتملأ الأفق برجع صداها، ونحن – من دون الأمم – صمّ بكم لا منائر ولا شعائر ولا منابر، كأنّنا – لا سمح الله – لا دين، ولا مذهب، ولا حميّة، ولا نفسيّة، ولا دم ولا عرق ينبض11.

 

* وإذا قرأتم السلام على جبل عامل فقل: السلام عليك وعلى لبنان12.

10- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4616.

11- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3335 – 3336.

12- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4615.

علماء جبل عامل

* كانوا – شكر الله جهودهم – لا يتعظّمهم أمر في سبيل ما يبتغون من الخير لأنفسهم ولأمّتهم, فإذا تعذّر أو تعاصى عليهم ذلك في بلادهم هجروها في سبيل ما يبتغون, وارتحلوا إلى غيرها, وهم على جمام من أنفسهم ونشاط من عزائمهم, كما فعله شيخنا البهائيّ, والمحقّق الكركيّ, وشيخ الأحرار الأبرار والفقيه الوحيد الشيخ عليّ بن الشيخ محمّد الحفيد, وجدّنا السيّد عليّ نور الدّين الموسويّ – أخو صاحب المدارك – وأولاده الخمسة, وحفيده السيّد صالح بن السيّد محمّد بن السيّد شرف الدّين, وكثير من أعلام الهدى ومصابيح الدجى, أمثالهم ذلّلوا العقاب, وروّضوا الصعاب بهجرتهم, اضطلاعاً بالأعباء من مهمّات الدّين, قصداً إلى خطيرات الأمور في شؤون المؤمنين1.

 

1- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل من 4516.

 

* ولمّا علم الله تعالى منهم الإخلاص في هجرتهم إلى دار الغربة, وبعدهم عن الأهل والأحبّة, آواهم من عزّته وقوّته إلى ركن منيع, وأحلّهم من فضله ونعمته في جناب مريع, عاقداً بالفوز آمالهم, مذيّلاً بالنجع مسعاهم2.

 

* وحين ارتفعت منازلهم, ووقرت مهابتهم, أوسعوا مهاجرهم علماً وهدياً, وطبّقوها استقامة وكرامة, على أنّ بعضهم إنّما هاجر إلى دار التقيّة, والخوف من الهلكة, ومع ذلك فقد عادت هجرته على الطائفة بنفع جزيل, وفوائد عظيمة, كما فعله السيّد عليّ نور الدّين الموسويّ, إذ هاجر أوّلاً إلى دمشق فأحيا فيها روح الهدى, وكانت قد بلغت التراقي, وأفاض من سائغ العلوم ما أثلج به غلل أهل الحقّ, ونشر من أدلّة الشريعة ما شدّ به قلوب الشيعة3.

2- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل من 4516.

3- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل من 4516.

 

الهرمل والمناطق المحرومة

* وبعد, فإنّ عشائر الهرمل لم يخرجوا على طاعة، ولا فارقوا جماعةً، فلمن إذن تسرج الخيل العراب، وتشرع الأسنّة والحراب؟1

 

* ألِهؤلاء… وهم أباة ضيم لا يبيتون على خسف، ولا يقيمون على هوان، في عصر تفتّحت على نوره العقول والأبصار، واغترف منه لبنان حتّى غدا قبلة الأنظار، دون أن يصيبهم صيّب من ديمته، أو فاضل من نعمته، بل تركوا للتخلّف يحبس عليهم في مكانهم، يتآكلهم الثأر، ويغتالهم الجهل والمرض والفقر حتّى أصبحوا بين نارين, نار الحكومة الموقدة، ونار أوضاعهم الموصدة.2

 

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 510، من كتاب وجّهه لرئيس الجمهورية بشارة الخوري على إثر تجريد حملة عسكريّة على عشائر الهرمل، في أيلول عام 1949م.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4618.

 

* ألا ترون أنّ إعمار المدارس والمستشفيات يغني عن إعمار السجون والقبور، وشقّ الشوارع والطرقات يغني عن شقّ الجيوب والصدور؟3

 

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4619.

 

فلسطين

* إنّ فلسطين جزءٌ حيويّ من سوريا لا ترضى بانفصاله عنها ولا نقرّ في حقوق العرب كاملة إلّا بها أي إنّنا نرفض رفضاً باتّاً الاعتراف بوعد بلفور وما يتبعه من إنشاء وطن قوميّ يهوديّ1.

 

* ألا وإنّ قتلة الحسين عليه السلام بكر في القتلات، فلتكن قدوتنا به بكراً في القدوات، ولنكن نحن من فلسطين مكان الحسين عليه السلام من قضيّته, ليكون لنا ولفلسطين ما كان له ولقضيّته من حياة ومجد وخلود2.

 

* أيّها العرب… أيّها المسلمون، لقد حمّ الأجل وموعدنا فلسطين على أرضها نحيا وفيها نموت3.

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4559.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4560.

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4560.

 

* إنّ فلسطين من سوريّة بمنزلة العينين من الوجه، ومن العرب بمنزلة القلب من الجسد، ولا قرار واستقرار بانفصالها عنها، والرفض حتّى الموت لوعد بلفور4.

 

* ليس ذهاب فلسطين فاجعاً لولا أنّه ذهاب لريح العرب، وعزّ الإسلام، وكرامة الإنسان المسترقّ في غد هذا الشرق القريب5.

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4596.

5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4614.

 

البقيع

* إنّ نكبة البقيع1 تدهش الألباب، وتهدّج الأصوات، وتعتقل الألسن والأقلام، وتعقل الأيدي والأرجل، فلا عجب إذاً من سدنة الدّين، وحفظة الشرع وأعلام الأمّة، وسفرة الأئمّة، أن غرق صوتهم فلم يعجّوا، وتلجلج منطقهم ويراعهم، فلم يضجّوا، ولم يحتجّوا، ولا غرو أن أخذت النكبة بأفكلهم، فارتعشوا واصطكّت قوائمهم، فلم يقوموا لها ولم يقعدوا، وأخذ الحزن بكظمهم فلم يتنفّسوا2.

 

* يوم انخلعت بفاجعة البقيع قلوب المؤمنين، واقشعرّت لهولها جلود العالمين, وارتعشت بها فرائض الإسلام، وطاشت لها عقول الأنام3.

 

* قارعة يا لها من قارعة، عصبت ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن

 

1- وذلك عندما قام الوهّابيّون بهدم قبور الأئمّة عليهم السلام في البقيع.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4529.

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4534.

 

تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ4 فنفست ضراح الإمامة، وطمست ضرائح القدس والكرامة، ونقضت محكمة التنزيل، ومطاف جبرائيل وميكائيل5.

 

* أيلج الوهّابيّون في هذه الجهالة ويتمادون في هذه الضلالة، ويركبون متن هذا الغرور، ويمضون على غلوائهم في هذا الطغيان، ويسترسلون في الوقاحة، ويتتباعون في التهجّم على حرمات الله وشعائره، وتسوّل لهم أنفسهم محو المشاهد المقدّسة، والضرائح المعظّمة من جديد الأرض، ويمنّيهم غرورهم بالخلافة الإسلاميّة، والإمبراطوريّة العربيّة، فيضربون على ذلك أطنابهم، ويلقون عليه جرانهم، استخفافاً بالملّة، واستضعافاً للأمّة6.

 

* أمّا ومجد الروضة الطاهرة7، وأنوار القبّة الزاهرة، وقدس الضريح المفدّى، وشرف المنبر الأعلى، وما بينهما من جنّة المأوى، ودار بقعة في البقيع وارت سادات الورى، لئن أغضى المسلمون على هذا القذى وشربوا هذا الكأس على الشجى، ولم تأخذهم حفيظة ولا حميّة ولا أنفة ولا عزّة نفس ليذوقنّ وبال تفريطهم

4- سورة النور، الآية: 36.

5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4534.

6- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4537.

7- أي ضريح الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

 

كالمهل مرّاً حرّاً، وليجننّ ثمره ذعافاً ممقراً8، وليتجرّعن الأسف غصصاً، وليجرضن9 بريقهم كمداً، ثمّ لا يجديهم قرع السنّ، ولا عضّ البنان، ولا أكل الشفتين، ولا اليدين ندماً10.

 

* يا له من خطب قرعت قارعته شعائر الله العظام ومشاعره الحرام في البلدين الأمينين والحرمين المنيعين، وحقّت حاقّته في بقعة البقيع، وعصفت عاصفته في ذلك المشهد الرفيع، فنسفت طور النور والبيت المعمور، ونقضت محكم الكتاب المسطور في رقٍّ منشور، وعتت على مهبط الوحي والتنزيل، ومختلف جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، معقل الملائكة المقرّبين ومهوى أفئدة الخلف والسلف من كافّة المسلمين، فجُدع بذلك أنف العزّ، وهُدمت شرفات الشرف، ولانت قناة الدِّين، وذلّت أعناق المؤمنين11.

8- أي سمّاً مرّاً سريع الفتك.

9- جرضَ بريقه يجرض: وهو أن يبتلع ريقه على همّ وحزن. مجمع البحرين، 363:1.

10- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4537.

11- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4541.

 

 

 

مكّة المكرّمة

* أقبلنا على مهبط الوحي فأقبلت علينا منه معالم التأريخ تتواكب في ذلك الأُفق الكريم، وتنبعث فيه أرواح السماء الّتي كانت تتنزّل على سيّد البشر في تلك الشعاب الرفيعة من مهد الرسالة الغرّاء، ومصدر النبوّة الناهد بها محمّد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا في زحف كزحف النور على تجاليد الظلام وقطعة الدوامس1.

 

* ما أكرم تلك الذكريات المتألّقة في مدارج سيّد النبيّين من ثرى مكّة، وكلّ شيء في مكّة عليه من سيّد النبيّين وخاتم المرسلين آثار تفتح للذهن وجوهاً للتفكير وترسم صوراً للادّكار تشرئبُّ من هالاتها النورانيّة رؤوس، وتتلألأ ثغور تأخذ بالأبصار والأعنّة، وتنقل النفوس من دنيانا الهيّنة هذه إلى دنيوات الفتح والجلال والقدس2.

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3429.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430.

 

* يوم كانت مكّة تتدفّق برباها وشعابها في أطراف الجزيرة، ثمّ تتّسع وتمتدّ فإذا هي نطاق يتجاوز هذه الرقعة من الصحراء إلى عالم رحب أرحب من الفكر بعيد أبعد من متناول الطموح3.

 

* وإذا هذا النطاق يُخرج مكّة من معناها الجغرافيّ المحدود إلى معناها العُلوي الّذي لا يُحدّ، ولا تجد الدنيا البعيدة مهرباً منها، وهي تمتدّ سريعةً خفيفةً, لتعقد طرفيها المنطلقَين وراء الآهل المسكون من هذه الكرة4.

 

* هذه مكّة تنشئ الشرائع والحضارات، وتظفر بالنقطة الوسطى من عالم التمدّن فتمتدّ منها طرق، وتبتدئ منها الخطوط إلى حيث تشاء من أجزاء هذا العالم وعواصمه، وتكون نقطة المبدأ في مقايس القرب والبعد بعد أن كانت تتنكّب الطرق عن المناهل والحضارات نائيةً في تلك الشعاب القاحلة الظامئة لا يمرّ القياس العالمي، ولا هي منه في شيء5.

 

* هذه مكّة يتموّج في جوّها صوت الرسالة فتسبح هي منه في لجّة طهّرت طبيعتها من أوضارها الطارئة،

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430.

5- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430.

 

وجلَت جوهرها المدّخر من صداه المركوم، ثمّ تسبح معها يثرب، ثمّ يتجرّد الحجاز فينضو عنه ثيابه الخلقة المرذولة بين يدي هذه اللجّة الهاجمة، ثمّ تتلاصق المدن والأقطار، فلا تظلّ مدينة مشت حول أسوارها خيول الإسلام إلّا عادت جزءاً من أجزاء مكّة تخوض معها في هذه اللجّة المشعشعة المباركة، رعى الله مكّة وحماها6.

 

* لقد استأثر بي تأريخها ساعات هنيئة فحملني على أجنحته، ومضى يخفق بي في أجواء وددت أنّي لم أعد منها إلى هذا الجوّ، وتمنّيت أن أظلّ على تلك الأجنحة أطوف بها في مهابط الوحي على مهل، وأسعى في طلول الأمجاد على آثار محمّد وعليّ والميامين من آل النبيّ وأصحابه، وأحيا منهم حياة رَوح لا تفاجئُها هذه المنغّصات من أحداث الزمن الّتي عادت بمكّة إلى عهد تقلّص فيه نطاقها7.

 

* وللعرب في كلّ مكان ولا سيّما في مكّة نزوع إن اختلفت تفاصيله، فإنّ مجمله متّفق على الوثوب إلى التأريخ من حاضرهم الهيّن8.

 

6- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430.

7- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3430 – 3431.

8- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، ص 3431.

 

* وليت المسلمين عامّة والإيرانيّين والعراقيّين الخصوص يقومون بهذه النهضة9، ذوداً عن قبلتهم الّتي تهوي إليها أفئدتهم، ويولّون شطرها حيث ما كانوا وجوههم، ويعتقون من النّار بحجّها رقابهم، ومدافعة عن ضريح نبيّهم الأقدس10.

 

9- لمواجهة أذناب الاستعمار.

10- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 4542.

 

مصر

* كانت مصر وما تزال منارةً من منارات العلم في الشرق العربيّ والدنيا الإسلاميّة. يؤمّها روّاد المعرفة، ومنتجعو الثقافة من مختلف الأقطار وقد كانت تكافئ في النجف الأشرف بأزهرها الشريف، وتُجاريه في خدماته للثقافة الإسلاميّة، وحراسته للعلوم العربيّة، وقد أمّ الأزهر – فيما أعلم – كثير من أعلامنا، توسّعاً في العرفان والإحاطة، وتزيّداً في المعلومات والاطّلاع1.

 

* وقد كنت أُحبُّ فيما أُحبّ أن أزور مصر وأقف على أعلامها لأخذ العلم عنهم، ولأبلو ما يبلغني عن الجامع الأزهر ذلك المعهد الجليل2.

 

* في هذه الفترة الّتي يغزو بها الاستعمار مصر المجاهدة3 أبتهل إلى الله – عزّ وعلا – أن ينصر الحقّ،

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3425.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3425.

3- أثناء العدوان الثلاثيّ على مصر عام 1956م.

 

ويزهق الباطل، وأناشد إخواني في الله تعالى علماء الدّين في كلّ مكان أن يقولوا كلمتهم، فتدوّي صارخةً توقظ النائمين، وتدفع الواقفين إلى الدفاع عن معقل هو أعزّ معاقلنا، تحت راية الحقّ4.

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 452.

 

سورية ودمشق

* إنّنا ما نزال نذكر دمشق ونذكر ملكها ملك العرب الراحل بالحنين والشوق، ونذمّ الزمان الّذي حال دون تلك الأماني الطيّبات، تلك الأماني الّتي كان من شهدائها بطل ميسلون الخالد، هذا الرجل الّذي كان يشرق في سماء العروبة والسياسة العربيّة إشراق البدر، ويجول في ميادينها جولة الفارس المعلَم1.

 

* وكنّا في دمشق موضع الحفاوة والنفوذ والاحترام، وفي القمّة من العزّ ومنعة الجانب2.

 

* لن تقوم لسوريّة دولة، ولن تكون أرضها واحدة ما دام الفرنجة يكبّلون جناحي الشام بساحله وفلسطينه3.

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3376 – 3377.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3380.

3- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4504.

 

* إنّ سوريا بحدودها الطبيعيّة وحدة لا تتجزّأ، ولا يرضى أهل البلاد إلّا بتحقّق هذه الوحدة، وإلغاء النظام الحاضر، ومعنى ذلك أن تكون دولة سوريا تشمل سوريا الحاليّة ولبنان وسنجق الإسكندرونة وفلسطين وشرقيّ الأردن، تلك الأجزاء الّتي كانت تعرف جميعها باسم برّ الشام في العهد التركيّ وما قبله، والتي تكوّن وحدة طبيعيّة اقتصاديّة اجتماعيّة4.

 

* إن الدولة السوريّة العربيّة بحدودها الطبيعيّة ترى نفسها بحكم العوامل الجغرافيّة والاقتصاديّة والتاريخيّة واللغويّة والقوميّة مضطرّة إلى المساهمة في اتّحاد عربيّ مع الدول العربيّة الشقيقة المجاورة، ويكون هذا الاتّحاد مبنيّاً على إلغاء الحواجز الجمركيّة، وتوحيد برامج التعليم إلّا ما تقتضيه الظروف الإقليميّة، وعلى توحيد الجيش وتوحيد السياسة الخارجيّة5.

إنّ سوريّة بحدودها الطبيعيّة لا تتجزّأ، وإنّ أشلاءها الّتي اقتطعت منها كانت تعرف ببرّ الشام، نُجمع مع العرب على أنّ إعادتها مطلب مصيريّ غير قابل للمساومة6.

4- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4559.

5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4559.

6- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4597.

 

النجف الأشرف

* النجف هي أكرم مدينة عليَّ، ولا غرو من ذلك فإنّ النجف عاصمة العلم والدّين، شمخت بهما على هامة المجد شموخاً انحنت له المدارس والمدن والعواصم باخعةً مذعنةً، وحملت طوال الفترة مشعال النهضة، فكانت وحدها الصِلة الّتي تسلسلت بها حلقات الدّين من جِهة، وحلقات العلم والآداب واللغة من جِهة أخرى1.

 

* كان لها الفضل (أي النجف) في ما نجده اليوم من ازدهار الآداب، وحياة العلوم الإسلاميّة الّتي حَفِظَت ذَماء2 الفكر على نحو لو لم تكن النجف الأشرف لتغلّبت هذه الرطانة الغاشية، فطمست على العقول والألسنة، وقطعت تلك السلسلة المباركة3.

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3457 .

2- الذماء يُرادف الرمق.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3458.

 

* إنّ النجف الّتي طاولت الأيّام بشموخها وجلالتها ما كان لها أن تشيخ، وتبلغ حدّ البرودة والفتور، بل كان عليها أن تأخذ بالحزم والحكمة في تجدّد نهضتها بما يُعيد إليها نشاط الشباب وفتوّته4.

 

* وهي – على كلّ حال – أكرم مدينة عليَّ, لأنّها المدينة الّتي نَمَوتُ فيها جسماً وفكراً، فتكوّنت فيها شخصيّتي وروحي منطبعتين بمائها وهوائها وثقافتها يوم كان يُقبل عليها المقبل فيقبل على هدير كهدير البحر، يعلو فيها من كلّ جزءٍ من أقطارها المرتفعة بالبحث والمدارسة والمناظرة، نضّر الله ذلك المعهد المخضرّ5.

 

* ها هي النجف متّكئة على عاتق جبلها الحبيب، وها هي القبّة العالية تطلّ من الجوّ على الصحراء كما تطلّ المنارة الهادية، وتدعو إلى الخصب والريّ، وتدعو إلى الهدى والعلم، فتحوّل الصحراء إلى جنان تترقرق فيها الأضواء، وتتلألأ المياه، ويخضرّ اليبَس من تلك الرمال الظامئة6.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3458.

5- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3467.

6- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3467.

 

قمّ المقدّسة

* ولقمّ – مضافاً إلى هذا كلّه – في نفسي صورة قديمة كريمة يعود عهدها إلى أيّام الصادق عليه السلام، وهي صورة يجتمع لها الإيمان والوفاء والإخلاص لله في الدّين اجتماعاً لم يتوفّر لقوم قطّ إلّا صعد بهم في مرتقى رفيع كريم، ولم ينضمّ عليه جناحاً مدينة قطّ إلّا كانت فاضلةً مقدّسةً1.

 

* هذه صورة تأريخيّة تضاف إليها في ذهني صورة أُخرى حديثة صحيحة النسب إلى ذلك التأريخ الضخم، إذ هي مدينة العلم الثانية2 في وجودنا الإسلاميّ الحاضر3.

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3477.

2- كان أوّلها النجف الأشرف على مشرّفها السلام.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3477.

 

إيران

* حفظ الله الإيمان بحفظ إيران1.

 

* إنّ إيران في هذه الفترة كانت تنوء تحت كابوس رضاشاه بشرٍّ عظيم، وترزح منه تحت حذر باهظ يجهدها بخوف يتّقي فيه كلّ امرئ نفسه2.

 

* ساءنا مظاهر السفور فيها3 بغير احتشام، وكان ذلك أوّل ما أزعجنا من بدع رضاشاه الّتي نقمها عليه أُولو العلم والحفائظ والدّين، فكنّا بسبب ذلك في شرّ ليلة4.

 

* قطعنا مفاوز وقفاراً تنعى على بهلويّ إيران عنايته المنصرفة إلى السفور، وأمثاله من الشرور أو القشور، وترك تلك المروج موماة5 مجدبة لو أطلق فيها أيدي

 

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4621.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3485.

3- وذلك أثناء زيارته لإيران عام 1937م وقد مرّ في مدينة كرمنشاه.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3475.

5- الموماة: هي الفلاة الّتي لا ماء ولا أنيس بها، لسان العرب، 566:12.

 

 

العمّال لأغنت جيوش الفقراء والجوعى المكدّسين في إيران عن الإلحاف في المسألة والإيغال في الكدّية، ولعاد عليه وعليهم بإحياء هذه الفلوات الغنيّة بالمعادن والثروات كلّ خير تعمل له الدولة الحكيمة خدمةً لأنفسها ولشعبها6.

 

* إنّ جوّ إيران يومئذٍ7 كان جوّاً عبوساً قمطريراً، وكان جوّ قمّ يمتاز في ذلك على غيره, لامتيازها بكثرة العلماء وأهل الدّين8. 9

 

* كان الجوّ الإيرانيّ في هذا العهد مصاباً بهستريا عجيبةً، فهي في الأهلين خوف يخرس الألسنة، ويحجّر على الأفكار، وهي في المَلك – الدكتاتور – حمّى مسلّحة عنيفة صارمة توحي إليه أوهاماً – في الإصلاح – فيمضي لأمرها في غير تردّد ولا استشارة، ويقضيها فرضاً وإملاءً لا يقبلان تلكّؤاً ولا مراجعةً، وويل لمن يجعله القدر في طريقه بخبر يسيئه أو يناقشه في أمرٍ ما10.

6- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3476.

7- أيّام رضاشاه، وهو والد الشاه المخلوع بعد الثورة الإسلاميّة في إيران وقد كان الإبن والأب من طينة واحدة في الظلم والخضوع للاستعمار والاستهتار بالمقدّسات ومطالب الشعب.

8- وذلك بسبب التضييق على العلماء من قبل السلطة الحاكمة في ذلك الوقت.

9- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3479.

10- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3486.

 

رضاشاه

* هذا الملك يختصّ رجال العلم بعداوة حاقدة، يصوّرها ما قد بلغنا عنه من أنّه كان يكفي في إثارة أعصابه – إثارةً ضاريةً مخيفةً – أن يرى من النافذة عمامةً تمرّ في الشارع، فإذا لمحها كان القصر – إذاً – معرّضاً لشرّ عظيم، وبلاء منكر1.

 

* والذي نعلمه من أسباب هذه العداوة المتأثّرة بنار الحقد أنّ العلماء – وهم في إيران ذوو نفوذ كبير – عارضوه في كثير من تصرّفاته الخارجة على سنن الدّين والعرف وأنكروا عليه أخذه نساء إيران بالتبرّج والسفور، وإلزامهنّ بالقُبَّعَة عوضاً عن الجلباب، وعن الخمار الساتر لشعورهنّ وصدورهنّ ونحورهنّ، وحَدَّدَ مآتم ذكرى الطفّ كمّاً وكيفاً، بأن حصر زمنها في عاشوراء وفرض لهم صوراً معيّنةً يتلوها الخطيب2.

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3487.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3487.


شعب إيران

* إنّ للمؤمنين في تعظيم شعائر الله عزّ وجلّ بتشييد المعابد والمشاهد والمعاهد أيادي بيضاء غرّاء، تستوجب الحمد والثناء، ولا سيّما إيران، وما أدراك ما إيران، شعبٌ أخلص لله عزّ وجلّ في طاعته، وانقطع إلى رسول الله وأهل بيته في ولائه، ينهج في الدّين سبيلهم، ويقفوا فيه أثرهم، ولا يطبع إلّا على غرارهم، وله في تعظيم شعائرهم ومشاعرهم الّتي أذن الله أن ترفع بالقيام عليها غاية تتراجع عنها سوابق الهمم، ولا سيّما ما كان منها في العراق وخراسان1.

 

* لعمري إنّ لهم في الإسلام رتبةً بعيدة المرتقى، باذخة الذرى، وحسبهم ما في الذكر الحكيم من الثناء عليهم، والبشارة بهم في عدّة آيات:

إحداها: قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ

1- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2508.

 

وَيُحِبُّونَهُ2 إذ قيل في تفسيرها – كما في مجمع البيان وغيره3 -: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عنهم فضرب بيده على عاتق سلمان، فقال: “هذا وذووه”. ثمّ قال: “لو كان الدّين معلّقاً بالثريّا، لتناوله رجال من أبناء فارس”4.

 

* مختصر القول في مؤمني إيران أنّهم ممّن لا يجاذبهم بحبل الإيمان أحد، ولا يكايلهم بصاعه بشر، فطوبى لهم وحسن مآب5.

2- سورة المائدة، الآية: 54.

3- مجمع البيان 3: 208، ذيل الآية. وراجع أيضاً الكشّاف 1: 64، ذيل الآية.

4- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2509.

5- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2510.

 

مأثورات1

* من تعيّش بدينه كان بحكم المنافق, ولا جرم أنّه من أرذل الناس.

 

* من طلب العلم بالترفّع لا يفلح أبداً, ومن طلبه برياضة النفس وخدمة العلماء لا يخيب أبداً.

 

* ومن طلب بعلمه الدنيا فهو من الغوغاء.

 

* من حرص على الدنيا كان عبداً لأهلها.

 

* من ركب أعجاز المطامع أوردته أسوأ الصنائع.

 

* من مال إليك لدنيا ينالها منك فلا تركن إليه.

 

* من لا ينصح نفسه كيف ينصح غيره.

 

* من التزم بما لا يحتاجه ضيّع ما يضطرّ إليه.

 

* من لم يحفظ نفسه كان الغير أولى بتضييعها.

 

* من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد بدّاً من معاشرته كان من أحمق الناس.

1- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص4666.

 

 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...