الرئيسية / زاد الاخرة / الإمامة الإلهية (بحوث الشيخ محمد السند) – ج 1

الإمامة الإلهية (بحوث الشيخ محمد السند) – ج 1

الإمامة الإلهية (بحوث الشيخ محمد السند) – ج 1 / الصفحات: ٢٤١ – ٢٦٠

وبعبارة أخرى حيث أن الأئمة (عليهم السلام) لم ينصبوا نائباً خاصاً كما في عصر الحضور والغيبة الصغرى، كان جعلها نيابة عامة يفيد تخيير الأمة في اختيار أحد المصاديق ممن ينطبق عليه شرائط النيابة العامة عن المعصومين (عليهم السلام).واما ما ذكر من التقريب الآخر فهذا نابع من جهل بمقام الامامة وما يرادفها، فإن الامامة لا تساوي تسلم سدة الحكم، وبالتالي فلو كانت تعني الامامة التسلم الفعلي لسدة الحكم لكان عدم تسلم الأئمة (عليهم السلام) السابقين لسدة الحكم يعني عدم فعلية امامتهم وعدم فعلية ولايتهم، مع انا ذكرنا أن الحكم ليس منحصراً في الحكومة الظاهرية فان ممارسة الحكومة الخفية والنفوذ على الاتباع في الابعاد المختلفة هي نوع من المباشرة للولاية وكذا للحال في الامام الثاني عشر (عج) فإن مباشرته للأمور ليست منحصرة في العلن فراجع. بل ان هناك شؤون ومقامات اخرى للامامة ـ وهذه الشؤون والمقامات ليس للفقيه منها حظ ـ:

منها: السلطة والولاية المعنوية والتكوينية، وهذه لها شعب لا مجال لبسطها في المقام.

ومنها: وجوب المودّة بنص القرآن {قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.

ومنها: الإقرار والاعتقاد بهم، وهو ركن في تحقق الإيمان قال (صلى الله عليه وآله): “من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية”(١) فأوجب المعرفة للإمام وهو عنوان غير عنوان الطاعة الواجبة، وحذّر (صلى الله عليه وآله) بأن من لم تتحقق لديه تلك المعرفة فسيموت على الكفر الجاهلي الذي ما دخل الإسلام.

 

 

١- وللحديث مصادر كثيرة باسانيد مستفيضة ان لم تكن متواترة، راجع الكافي ج ٢ / ١٨ باب دعائم الاسلام بعدة طرق، ورواه من العامة أحمد في مسنده ج ٤ / ٩٦ وذكره التفتازاني في شرح عقائد النسفي وعدة غيرهما. 

٢٤١
ومنها: عرض اعمال العباد عليهم، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، فان عرض اعمال كل الامة المخاطبة في هذه الاية لا يكون على الامة المخاطبة وانما على عدة خاصة من المؤمنين الذين يتلون مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله).وغيرها من المقامات والمناصب الاخرى.

ـ ومن الاشكالات: عدم وجود نص على نصب الفقيه نائباً عن المعصوم وعندئذ نعود الى مقتضى القاعدة عند عدم النص وهو كونه بيد المجموع والأصل عدم تسلط أحد على أحد.

وبتقريب آخر انه مع الايمان بوجود الامام (عليه السلام) في سماء الغيب إلا انه مع عدم تمامية النص على فقيه معين يعني عدم وجود النائب الخاص.

والجواب: ان النص ثابت وجلي في نصب الفقيه كما تقدمت الإشارة اليه من الآية والروايات والدليل العقلي وقد حرر فى محله، وقد نشير اليه بنحو أوفى مؤخرا.

مضافاً الى انه عند عدم النص على النائب كيف يصل الامر الى ولاية الشورى والحال أن المعصوم الحيّ هو الوليّ بالفعل بل تصل النوبة طبقاً لقاعدة الحسبة، وهي إما يستكشف منها نيابة الفقيه العادل كما قدمناه، واما يستكشف مجرد مأذونيه التصدي وتجعل القدر المتيقن هو الفقيه، وهذا واضح من الفقهاء الذين لم تتم لديهم أدلة النيابة العامة للفقيه طبقاًلقاعدة الحسبة أسدوا جواز التصدي والتصرف من باب مجرد المأذونية لا المنصب والتولية في الجهاد ونحوه للفقيه. وبين التخرجين فروق مذكورة في تلك الأبواب.

وعليه فيمكننا القول إن المذهب الرسمي لفقهاء الامامية لا ينتهي إلى قاعدة الشورى بل لا يمكن ملائمة تلك القاعدة مع القول بالامامة.

 

٢٤٢
فلنستعرض الان النظرية المختارة والهدف منها هو القراءة العقائدية للطرح الموجود في الفقه السياسي أي ان الاطروحة هل تتلاءم مع الأسس التي اُسست في علم الكلام ام لا.والوجه الاخر الذي نريد الاشارة اليه هو أن ادلة النص على نيابة الفقهاء تامة وهي توكل تعيين المصداق الواجد للشرائط بيد الأمة وأنها تظل على مراقبته له. وهذه الطريقة لها نظائر في الفقه الامامي.

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  ـ في تولي سدة القضاء فقد تسالم الفقهاء على ان للمتخاصمين وللمتنازعين ان يعينوا من يشاؤون من القضاة الجامعي للشرائط فيختارون من شاؤوا ويرجعون اليه.

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  ـ ما ورد في المرجعية وسدة الفتيا اذ من اجتمعت فيه الشرائط يصح للناس الرجوع اليه فيختار الناس من يشاؤون ممن اجتمعت فيه الشرائط وجواز فتياه لا يكون بسبب رجوع الناس اليه بل بالنصب العام من الامام (عليه السلام) لمن اجتمعت فيه شرائط الفتيا.

 

٢٤٣

المبحث الخامس

 

أدلة نصب الفقهاء

ـ اما ما ورد من النصب للفقهاء بنحو عام فيمكن الاستدلال به بما يأتي:

١ ـ في سورة المائدة: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}(١).

سبب النزول: يكاد يجمع المفسرون من العامة والخاصة على أن سبب النزول هو اختلاف بني النضير وبني قريظة، فقالت بنو قريظة انه اذا قتل منهم واحد شخصاً من بني النضير قتلوا القاتل، واذا كان القاتل من بني النضير والمقتول من بني قريظة اعطوا الدية.

وكان اليهود اذا كان الزاني من الاشراف لم يقيموا عليه الحد، واذا كان من غيرهم اقاموا عليه الحد. فنزلت هذه الايات الشريفة لبيان ماذا يجب على علماء بني اسرائيل وربانيهم من الحكم.

ـ ان الاية تدل على ان العلماء مخولون طولياً في طول الربانيين، وهم أوصياء الأنبياء بقرينة ذكرهم بعدهم وقبل الأحبار ـ وغيرها من القرائن التي تقدمت الإشارة اليها ـ لتولي سدة القضاء والفتيا والتي اجملت في سدة الحكم وهذه النيابة ثابتة بإذن المعصوم.

ـ ان هذا التفويض ليس مختصاً بعلماء بني اسرائيل بقرينة كونه خطاباً

 

١- المائدة ٥: ٤٤. 

٢٤٤
للرسول (صلى الله عليه وآله) من بداية اية ٤١ وانما ذكر التوراة لانها هي التشريع الالهي الذي يقضي به الأنبياء والربانيون والعلماء في ذلك الموقف فكذلك القرآن فيه التشريع الالهي الذي يحكم به هؤلاء وإنّ هؤلاء هم الذين يصلحون للحكم.ـ ان الحكم المذكور أعم من القضاء بل يشمل الفتيا، والحكم انما يقام لأجل أن يُعمل به ويُنفذ.

٢ ـ رواية عمر بن حنظلة:

جرى الكلام في مدى وثاقة عمر بن حنظلة حيث لم ينص على توثيقه في كتب الرجال المعروفة، ولذا يعتبر البعض رواياته من المقبولات. ولكننا نذهب الى وثاقته، بل نعدّ هذه الرواية من الصحيح الاعلائي تبعاً لما ذهب اليه عدة من الفقهاء منهم الشهيد الثاني والدليل على ذلك:

أ ـ ما رواه في الكافي عن يزيد بن خليفة، قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): ان عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت، فقال ابوعبدالله (عليه السلام): إذاً لا يكذب علينا.

وهذه الرواية واردة في مسألة حساسة كانت محل خلاف بين كبار فقهاء الشيعة في الكوفة، فعندما يكون لابن حنظلة رأياً يرويه عن الصادق (عليه السلام) فهذا يدل على مكانة علمية له ومرجعيته لثلة من الشيعة، كما لا يخفى على من أحاط خبراً بمسألة الوقت التي ثارت بين جماعة زرارة وجماعة أبي بصير وجماعة محمد بن مسلم. وروايات يزيد بن خليفة متينة.

ب ـ نفس الرواية التي هي مورد الاستشهاد نلاحظ فيها التشقيقات الواردة، وجواب الامام عن كل منها يدل على فقاهة وعلمية للسائل، وان الامام جاراه في تشقيقاته ولم يمانع.

ج ـ يروى عن محمد بن مسلم بسند صحيح(١) أن مشكلة حصلت لدى آل المختار فحمّلوها ابن حنظلة ليسأل الامام عنها واذا علم ان ديدن الشيعة هو تحميل

 

١- الوسائل: كتاب الايمان الباب ١١ / ح ١٠. 

٢٤٥
المسائل للكبار المعروفين بالفضل لاسيما من البيوتات المعروفة. وان نفس محمد بن مسلم مع منزلته ومكانته هو الذي يروي الرواية ولم يذكر مغمزاً في ابن حنظلة مما يدلل على أرفعية منزلة ابن حنظلة على ابن مسلم إذ العادة في الأقران عدم التصريح بوقوع مراجعة لقرينه في مسألة علمية مهمة من وجهاء الشيعة.د ـ رواية اصحاب الاجماع عنه.

هـ ـ ان ٢١ راويا مسلّم بوثاقتهم يروون عنه.

د ـ ان أخيه علي بن حنظلة نصّ على توثيقه وهو دون اخيه وجاهة وعلمية(١).

 

اما فقه الرواية

فالبعض كالسيد الخوئي(قدس سره)أصرّ على ان مورد الرواية هو في قاضي التحكيم والمشهور هو دلالتها على قاضي التنصيب، والدليل على ذلك أن القاضي الذي ينصبه الامام حيث يحتاج في انفاذ حكمه وبسط يده الى مؤازرة الناس، وعبّر (عليه السلام) بـ “فليرضوا به حكماً” الا انه قد جعله حاكماً في الرتبة السابقة معللاً الأمر في “فليرضوا..” والان تصل النوبة للناس حتى يرضوا به حكماً.

ويؤيد ذلك انه في معتبرة أبي خديجة حيث وردت بنفس اللسان يعترف السيد الخوئي انها في قاضي التنصيب ولا يعلم وجه التفرقة بينهما.

وبعبارة أخرى انه في المعتبرة ذكر بعد “فليرضوا.. فإني قد جعلته…”وليست الفاء للتفريع بل هي تعليل لوجه الأمر بالرضا ولو كان قاضي تحكيم لما كان للتعليل وجه.

ويؤيده انه ورد في المعتبرة: “فالراد عليه كالراد علينا”، ولو كان قاضي التحكيم لما كان هناك وجه لاعتبار الراد عليه كالراد علينا، بل الوجه هو لأنه قاض منصوب من قبل الامام فالراد عليه هو راد على مقام الطاعة والولاية.

ومادة الحكم كما ذكرنا ليست خاصة بالفقهاء بل الترافع سابقاً كان يجري لدى

 

١- وللمزيد من التعرف على حاله راجع كتاب هيويات فقهية ـ بحث حكم الحاكم في الملاك. 

٢٤٦
السلطات والقاضي على حد سواء، مضافاً الى أن القاضي كان يمارس جميع الامور الحسبية والفتيا بالجهاد وهو أمر تنفيذي كما في الفتيا الملعونة لابن شريح بقتل سيد الشهداء (عليه السلام)، وكذا إقامة الحدود والقصاص، وهو جانب تنفيذي يتعلق بأمن الدولة والمجتمع وغيرها من المجالات التي يجدها المتصفح لعصر صدور الرواية، والتفكيك بين القضاء والفتيا وبين الممارسة السلطوية غير تام.٣ ـ التوقيع الشريف الصادر عن الناحية المقدسة.

فقد اعتبره البعض ضعيفاً لوروده فى الاحتجاج مرسلاً، لكن الشيخ الطوسي أورده فى الغيبة بسند عال.

حيث يورده عن الكليني، وكان يتشدد في التوقيعات اكثر من تشدده في الرواية العادية، والسر فى ذلك أنه صادر عن الامام الحي الفعلي فهو يعين التكليف الفعلي للسائل، مضافاً الى ظروف التقية، ووجود النائب الخاص الذي يستطيع تكذيبه، وأن اجابة الناحية المقدسة للسائل يعتبر نحو تشريف له، فلو لم يكن التوقيع موثقاً لما رواه الكليني.

نعم قد اشكل انه لم يورد الكليني هذا التوقيع في الكافي، وجوابه ان الكافي خالي من التوقيعات تماماً مع أنه معاصر للنواب الخاصين ويُعزى سبب ذلك ان الكليني اراد ان ينشر كتابه ومع ظروف التقية واختفاء الامام نقل التوقيع يعلم منه وجود الامام ونحوه.

ثم ان الكليني يروى عنه الطوسي كثيراً من الروايات وهي غير موجودة في الكافي، فهذا يعني انه لم يودع كل ما يرويه في الكافي مضافاً الى ضياع بعض مؤلفات الكليني وعدم وصولها الينا.

اما فقه الرواية:

فان التوقيع يحمل اجوبة عن اسئلة متعددة لا ارتباط بينها، ومحل الاستشهاد الفقرة “واما الحوادث الواقعة”.

 

٢٤٧
أ ـ المحقق الاصفهاني في حاشية المكاسب يصرف ظهور هذه الفقرة عن محل الاستشهاد، ويذكر ان لها ارتباطاً بما ذكر سابقاً في التوقيع ويتعرض فيه لوقت الظهور، وأن الوقاتين كاذبون أو المقصود بالحوادث أي الأمور المرتبطة بعلامات الظهور لا ارتباط لها بجعل الفقهاء في سدة الحكم والقضاء والفتيا.ويجاب عنه: بأنّ الفاصل بين الفقرتين فقرات ترتبط بمواضيع اخرى فلا يعقل أن تعود الحوادث لعلامات الظهور.

ب ـ واحتمل ان يكون المراد من الحوادث هي الشبهات الواقعة من قبيل حكمها الكلي، فيرجع فيها الى رواة الحديث والفقهاء. أو يقال يراد منها بالاضافة الى ما سبق الشبهات الحكمية من حيث حكمها الجزئي، أي من جهة فصل الخصومة وهو القضاء وجعل سدة القضاء للفقيه.

لكن الجمع بينهما غير ممكن لأن الشبهة الحكمية من حيث حكمها الجزئي تتبع موازين القضاء، ومن حيث حكمها الكلي تتبع موازين الفتيا.

وقد استدل البعض للتعميم بقوله: “هم حجتي عليكم” وهذا لا يناسب مقام الفتيا اذ لا موقعية لكلام المعصوم، فالفتيا اخبار عن المعصوم وهو مخبر محض عن الرسول عن الله.

فيكون المقصود الولاية في القضاء أو الولاية في تدبير الشؤون وهذا ايضاً غير تام لان في فتيا الفقيه، ونقله عن المعصوم ـ في مقام الفتيا ـ موضوعية وليس طريقاً محضاً إذ فتيا الفقيه هي دراية للحديث لا رواية للحديث. وأما كون فهم الفقيه فتيا مستندة الى ما فهمه من قول المعصوم فله موضوعية أيضاً لحجية قول المعصوم لا من باب أنه راو بحت للحكم كبقية الرواة، بل انهم (عليهم السلام) يبلّغون عن الله بقنوات ربانية مسددة لا يداخلها الوهم والخيال ولا وساوس الشيطان ولا الهوى ولا الجهل، فمستسقى علمهم لدني معصوم من الزلل والخطأ ينقلونه بالحق والصواب، ويؤدونه الى الخلق بالحق والصواب، فعلمهم ليس مرهون بدرجة

٢٤٨
التتبع والفحص وقوة التدبر والاستظهار نظير أفراد الفقهاء والمجتهدين فلا يصح التنظير لحكمهم واخبارهم عن الله ورسوله وتقدمه على حكم واخبار غيرهم برواية الأعدل والاضبط عند المعارضة برواية الأقل عدالة وضبطاً فإن هذا التنظير مرتكز على نظرة بقية المذاهب لا نظرة الإمامية والنصوص القرآنية والنبوية في حقهم.ج ـ ان (ال) في الحوادث ليست عهدية او اشارة الى حوادث معينة بل هي مطلقة تشمل كل الحوادث، ويدلل على ذلك أن هذا التعبير متخذ كالاصطلاح في الاوساط العلمية من العامة والخاصة آنذاك بل منذ القرن الثاني يدل على مجريات الامور الحادثة وسدة الحكم. فراجع كلمات العامة عن متقدميهم.

ـ انه قد ورد فى التوقيع: “انهم حجتي عليكم وانا حجة الله” فهذا تصريح بالطولية وأن حجتهم منبثقة عن حجية المعصوم وهي وان لم تكن عينها بل بينهما فوارق. لكن اطلاق المتعلق للحجية يفيد الشمول لكل من الحكم والقضاءوالفتيا. وبعبارة أخرى أن متعلق حجيته (عج) سارية في الموارد الثلاثة، ومع إطلاق النيابة المدلول عليها بالطولية في التعبير المزبور تشمل الموارد المزبورة مع التحفظ على عدم الاطلاق بنحو التطابق كما ذكرنا سابقاً لموضوعية العصمة كما لا يخفى.

وههنا اشكال معروف له صياغتان:

إحداهما: انه كيف يتصور في عهد الغيبة الصغرى ومع وجود النواب الخاصين تجعل النيابة العامة والولاية للفقهاء.

والاخرى: ان رواية ابن حنظلة ومعتبرة ابي خديجة اذا استفيد منها النصب العام فهو نصب من قبل الامام الصادق (عليه السلام) فكيف يبقى ذلك التنصيب الى زمن الحجة (عليه السلام) والمعروف انه بموت المنوب عنه تبطل النيابة.

وجواب هذا الاشكال يعلم من التأمل في حالة النيابة العامة وفلسفتها حيث ان الائمة (عليهم السلام) واتباعهم كانوا يعيشون ظرفاً خاصاً فمع انهم ارادوا المحافظة على المذهب وتعاليمه ارادوا الا يظهروا بمظهر المخالف حتى لا ينالوا عقاب السلطة

٢٤٩
الحاكمة آنذاك، فمع هذه الظروف كان هناك وكلاء خاصون للائمة لكنهم كانوا محط نظر لا يستطيع الشيعة الرجوع اليهم دائما، فجعل النصب العام والنيابة العامة حتى يكون للأئمة (عليهم السلام) أذرع مختلفة فيسهل الامر على الشيعة في الرجوع اليهم.مضافاً الى ان الحكم الولائي التنفيذي يلزم أن يكون موقتا بل يمكن ان يكون دائماً فاذا وجدت القرائن على ذلك كصيغة الحكم هنا ووردت على نحو القضية الحقيقية فتدل على عمومه وديمومته. نعم اذا وجدت قرائن تدل على توقيته فانه يبطل بوفاة الامام مباشرة. واذا كان على هذا النحو لا يسمى تنصيباً بل يكون نحو من الوكالة والمأذونية اما الديمومة فانها تتصور في التنصيب.

هذا كله مضافاً الى ما تقدم في المناقشات السابقة من الاشارة الى الوجه العقلي للنيابة، ووجه قاعدة الحسبة في استكشاف النيابة للفقيه العادل وغيرها من الوجوه المحررة في موضعها من علم الفقه.

 

الخلاصة:

١ ـ ان للفقيه الولاية بحسب بسط يده، وهذه نظرية مشهورة بين علماء الامامية، فلاحظ ما ذكروه في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما صرح بذلك المفيد في أوائل المقالات وغيره من الفقهاء، فهم يقومون بالرقابة التنفيذية على شؤون الحاكمين اذا اُتيح لهم المجال، وهذه الرقابة لا تكون في مورد النزاع والتخاصم فقط بل في المجال التنفيذي، نعم ذلك لا يعني عدم استعانته بالخبرات الكفوءة، بل لابد منه كل حسب مجاله وخبرته واستشارتهم أو ايكال بعض الامور في تلك المجالات لهم مع رقابته، وبعبارة أخرى شكل الجهاز والنظام هو بحسب آليته بحسب الظروف مع مراعاة الموازين العامة.

٢ ـ في حالات عدم بسط اليد لا تكون الولاية لغيره، لأن بسط اليد من قبيل قيد الواجب وهو فرض امكان تنفيذ الوظيفة، نعم في الامور التي لا يستطيع مباشرتها يوكلها للمتخصص الكفؤ.

 

٢٥٠
كتاب الإمامة الإلهية (بحوث الشيخ محمد السند) – (ج ١) للسّيّد مُحمّد علي بحر العلوم (ص ٢٥١ – ص ٢٦٦) 

٢٥١
الفصل الثالث

 

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  المقام الغيبي في الإمامة

 

٢٥٢

٢٥٣

المقام الغيبي في الإمامة

كما ذكرنا في بداية الكتاب أن الحديث حول الإمامة له جوانب متعددة وجهات مختلفة، وقد تناول علماؤنا المتقدمون والمتأخرون ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ البحث حول اثبات النص وإفحام الخصم وإقامة الأدلة المتنوعة على إثبات إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وخلافته عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أمثال الإرشاد والغدير وعبقات الأنوار والمراجعات وغيرها كثير، وكانت نتيجة هذه الجهود المتواصلة أن أصبح البحث حول صحة وتواتر حديث من أحاديث الولاية من السهولة واليسر مما لا ينكره إلا مكابر أو معاند.

والبحث الذي نريد أن نتناوله هنا هو حقيقة الإمامة وما هيتها وكنهها، وهو ليس أمرا مبتكرا في بابه، فقد تناوله الأعلام لكن بنحو مضغوط ومبعثر في ذيل تفسير بعض الآيات القرآنية، وفي شرح بعض الأحاديث الشريفة، ونسعى إلى طرح ذلك من خلال نهج واضح وأسلوب يرفع الستار عن كثير من الحقائق التي خفيت في كتب الأقدمين ويعتبرها بعض أهل العصر من العجائب والغرائب، وقبل الشروع في ذلك نقدم ذكر بعض الامور التي لها مدخلية في البحث:

 

أولاً: تحرير محل النزاع

يعتبر مصطلح الإمامة من الموضوعات التي كانت مثار بحث وجدل بين المتكلمين والفقهاء من الصحابة والتابعين وغيرهم منذ بدأ عصر الرسالة، وعندما

٢٥٤
يحررون محل النزاع يقال: إن الإمامة ترادف الزعامة الدنيوية، وأن البحث حول الإمامة هو البحث حول من يجب أن يتولى إدارة أمور المسلمين ومن يكون له الأمر والنهي، وبالتعبير الحديث حصر محل النزاع في ما يصطلح عليه اليوم بالفقه السياسي.وتوسع بعض المتكلمين من الامامية بل أكثرهم في محل النزاع، وأضافوا إليه الزعامة الدينية بمعنى أنه بالإضافة إلى دور الإمام في إدارة شئون المجتمع فهو يقوم ببيان الدين والذب عنه ونشر الأحكام الشرعية، فيُعد قوله وتقريره مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي.

ونحن لا ننكر هذين الموردين – وإن كان العامة قد انكروهما وأصبح موردا للنزاع – لكن نقول أن الأمر لا ينحصر بهما،بل أن الإمامة تحمل في طياتها معنى أوسع وأكبر مما ذكره هؤلاء جميعا، ويمكننا القول أن علماءنا رضوان الله تعالى عليهم ألجأتهم ظروف التخاصم والتقية إلى ذكر ذلك كمحل للنزاع ولا يحصرون اعتقادهم بالإمامة في هذا النطاق.

فالإمامة في حقيقتها هي محور الاتصال بين الأرض والسماء، حيث أن الاتصال الغيبي بين الخالق ومخلوقه لم ولن ينقطع منذ بدء الخليقة حتى قيام الساعة، فدائما يوجد من يمثل تلك الصلة الروحية والمعنوية ومن هنا اعتبروا الإمامة امتدادا للنبوة والرسالة، فهي من تلك الجهة تؤدي نفس وظيفة النبوة في عالم الدنيا.

فإن الأدلة قائمة على ضرورة وجود حجة لله عز وجل في كل زمان، وأن الاتصال لا ينقطع بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا هو المقام الإلهي الذي يثبته الامامية الأثني عشر، وهو من الامور التي انفردوا بها عن بقية المذاهب حتى الاسماعيلية والزيدية، وهنا يكمن النزاع والخلاف مع المذاهب الأخرى، وتلك الحقيقة هي

٢٥٥
التي نريد إماطة اللثام عنها.ومن الشواهد التي تؤيد ما ذكرناه: أن الأئمة في دعواهم للإمامة لم يكونوا ليقصروا حديثهم على زعامة المسلمين، بل كانوا يركزون على مقامات أكبر من ذلك ويذكرون في كلماتهم اتصالهم بالغيب، وتحديث الملك لهم، وأن علومهم من نور،وإطلاعهم على أعمال العباد، وأن ما لديهم هو علم لدني.

والجدير بالذكر أن مثل هذه الدعاوى لم تصدر عن غيرهم ممن عاصرهم أو من أتى بعدهم، بل غاية ما ادعوه هو تصديهم للزعامة الدنيوية، ومن هنا نرى بعض المنحرفين يرمون الأئمة بدعوى الألوهية والنبوة، وذلك لأن الأئمة كانوا يركزون على مسألة الاتصال بالغيب وهي أعم من النبوة والإمامة.

بل في موقف عمر بن الخطاب مع سلمان المحمدي ما يدلل على أعمق من ذلك فقد روى الشيخ الطبرسي(١) أن سلمان قال – لعمر-: أشهد أني قد قرأت في بعض كتب الله المنزلة أنك باسمك ونسبك وصفتك باب من أبواب جهنم. فقال لي: قل ما شئت أليس قد أزالها الله عن أهل هذا البيت الذين قد اتخذتموه أربابا من دون الله(٢).

وفي ذيل قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا}(٣) يذكر البحراني في البرهان وكذلك الطباطبائي في الميزان أن نافع كان على خط الخليفة الثاني جالسا في المسجد الحرام في موسم الحج، إذ رأى أن الناس قد تجمعوا حول شخص (وهو الإمام الباقر (عليه السلام)) فسأل هشام بن عبد الملك: من هذا الجالس الذي اجتمعت عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة.

 

 

١- الاحتجاج: ٢١٠.٢- كتاب سليم بن قيس: ٩٠.

٣- الزخرف: ٤٥.

 

٢٥٦
فهم كانوا يعرفون أن عقيدة الامامية هي بأن هؤلاء هم الرابط بين السماء والأرض، فالتهمة بالربوبية ليست تهمة جديدة بل لها جذورها من العصر الأول، والسبب في ذلك أن دعوى الربوبية – في أذهانهم – تختلف عن دعوى الألوهية، فالربوبية تعني اتحاد الوسائط بين الارض والسماء، وذلك لأن الإنسان بنفسه يذعن بعدم إمكانيته الاتصال بالغيب وفي نفس الوقت يشهد عقله بأن الاتصال بالغيب لابد منه.فحكم الفطرة يوجب ان تكون هناك واسطة، ولكن يجب في هذه الوسائط أمران:

أحدهما: أن تكون مجعولة من قبل الخالق الواحد الأحد، لا أن يختلقها بنو الإنسان كما كانوا يفعلون في الأصنام.

والثاني: أن لا تصل هذه الوسائط إلى رتبة الألوهية فهي مخلوقة لله وهي ذليلة لله تعالى {إِن كُلُّ مَن فِي السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً}(١) وخاضعة له سبحانه في السر والعلانية، وسوف يأتي مزيد بيان لهذا المطلب.

 

ثانياً: الإمامة وراثة نسبية أم روحيّة

ينسب إلى الشيعة القول بأن الإمامة وراثية، وبالتالي فهم يقولون أن الزعامة تنتقل بالوراثة كما تنتقل الرئاسة بين الملوك وأبنائهم. وهذا لا أساس له من الصحة إذ بناء على ما ذكرنا من أن الإمامة مقام إلهي واتصال بالغيب، فبالتالي فهي بعيدة عن التوريث النسبي، بل هي مقام تكويني ووراثة روحية بمعنى وجود استعداد في روح أخرى للكمالات التي أفيضت على روح سابقة، وعندما يقال: أن الإمامة وراثة فإن ما ذكرنا هو المقصود منه، قال تعالى {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ

 

١- مريم ١٩: ٩٣. 

٢٥٧
إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض}(١). 

ثالثاً: الإمامة نصّ أم شورى

مما ذكرنا في الأمر الأول يتضح أن مثل هذا المقام لا يكون بيد الانسان بل لله عز وجل يجعله حيث يشاء، أما إذا اقتصرنا في محل النزاع على الزعامة الدنيوية فواضح أن ما يطرحه العامة من جعله بيد الناس وباختيارهم يكون أوهم إلى العقول وأميل إلى النفوس، وكأنه اشبه بلغة العصر، لنفرة الإنسان من تسلط فئة معينة على إرادته وتقييدها في إدارة شئون مجتمعه، فطرح محل النزاع بتلك الصورة يخدم العامة، أما على ما ذكرناه من حقيقة الإمامة يتضح السبب في ايكال ذلك الأمر إلى الله عز وجل، وما إن يجعل الحق تعالى إماما فلا معنى للجوء إلى طرق أخرى لتعيين من له الزعامة الدنيوية بل يكون هو المتعين، وبتعبير آخر أن من تثبت فيه الكمالات الروحانية العالية ومن يتصل بالغيب لا يمكن أن يلجأ الناس إلى غيره لإدارة شئونهم، وبهذا ترى أن مركز الزعامة الدنيوية متفرع على ذلك المقام وتابع، كما رأينا في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) فإنه بعد ثبوت نبوته وإيمان الناس به لم ينازع أحد في حاكميته، والخلاصة أنه يمكننا القول أن مقام الزعامة الدنيوية هو أدنى مراتب الإمامة ومقاماتها.

 

رابعاً: الإعتبار والتكوين

إن وظيفة النص في تعيين الإمام لا تنحصر في الجعل والاعتبار والإنشاء كما يقوم أي حاكم في تعيين حاكم آخر، بل إن النص سوف يكون كاشفا عن الإرادة التكوينية والجعل الإلهي.

ومن هنا يتضح أن نصب الرسول أو الإمام السابق للإمام اللاحق لا يقوم به من

 

١- آل عمران: ٣٤. 

٢٥٨
تلقاء نفسه بل هو بايحاء من الله عز وجل فهو جعل اعتباري كاشف عن الجعل التكويني. 

خامساً: الإمامة من أصول الدين

من الامور المهمة التي تترتب على تغيير محل النزاع هو أن مسألة الإمامة تدخل في ضمن المسائل الاعتقادية الأصلية في الدين،لأنها تكون بمنزلة النبوة وإن اختلفت عنها، وتكون هذه المسألة ما بها النجاة يوم القيامة، بخلاف المسائل الاعتقادية غير الأصلية وهي التي لا تكون النجاة يوم القيامة مرهونة بها.

بيان ذلك: أنا ذكرنا أن الركن الاساسي في مقام الإمامة هو مقام السفارة الإلهية ومَن يكون سفيرا من قبل الغيب ومَن هو حجة الله على خلقه، فالأمر الرئيسي هنا هو في الاعتقاد والتسليم بهذه السفارة والسفير وهذا أمر اعتقادي وليس مسألة عملية فرعية، نعم هذا المقام تلحقه شؤون عملية وفرعية، لكن الأمر الاساس هو الأمر الاعتقادي، كما هو الحال في بحث النبوة.

وللأسف الشديد نجد البعض يعبّر بأن مسألة الإمامة خارجة عن الأصول وداخلة في الفروع، وهذا بلا شك غفلة عن حقيقة الحال، وله لوازم فاسدة من نحو عدم وجود فائدة عملية لهذا البحث في زماننا الحاضر وذلك لأن الامام غائب فينتفي موضوع الزعامة ولو انتفاء مؤقتا، كما انه لا فائدة من البحث عمن كان يجب أن يخلف النبي (صلى الله عليه وآله) فهذا حدث تاريخي قد مضى، اما على ما ذكرنا فإن البحث تبقى له أهميته القصوى،إذ قضية الاعتقاد لا ترتبط بحضوره وعدم حضوره ولا بحياته وعدم حياته.

ومثل هذا في الوهن أن يقال: أن أهمية بحث الإمامة تنحصر في أن الإمام هل هو مصدر من مصادر التشريع الإسلامي أم لا؟ فهذا وإن كان صحيحا إلا أن فائدة البحث لا تنحصر به بل البحث في أمر اعتقادي جانحي كما يُبحث حول النبوة مع

٢٥٩
عدم وجود نبي على قيد الحياة إلا أن البحث له أهمية وخطورة من حيث وجوب الاعتقاد على كل مسلم.فليس البحث حول من يكون رئيسا وزعيما فقط، وليس البحث عن ميزان استنباط الأحكام الفرعية، وهل السنة تشمل النبي والأئمة أم يقتصر فيها على النبي، فهذه كلها أمور فرعية تبتني على ذلك الأصل الاعتقادي، وهو أن الإمامة استمرار لمسيرة النبوة فالاعتقاد بها على نحو الاعتقاد بالنبوة.

 

سادساً: مقامات الأئمّة (عليهم السلام)

أن البحث قد يتعمق إلى البحث حول مقامات الأئمة سلام الله عليهم، وليعلم أن مقام الإمامة من أهم هذه المقامات كما أن مقام الزعامة أدناها وأقلها، فتوجد مقامات أخرى تتجاوز الإمامة ككونهم كلمات الله(١) وأسماء الله الحسنى، وغيرها من المقامات العالية التي تعد من أسرار معارف أهل البيت، وفي كل هذه المقامات لا يخرجون عن زي العبودية بل أن خضوعهم وتذللهم التام وفنائهم في المعبود هو الذي جعلهم ينالون هذه المقامات.

وبعض هذه المقامات يشاركهم فيها غيرهم من الأنبياء والمرسلين، وفي بعضها يتفردون ويشاركون بها الخاتم (صلى الله عليه وآله)، وكذلك الزهراء (عليها السلام) تشاركهم في بعض هذه المقامات كمقام حجة الله، كما ورد في الخبر المتواتر معنى “وفاطمة حجة الله علينا” أو كون مصحفها مصدر من مصادر علومهم.

 

سابعاً: الوظيفة الشرعيّة

إذا تم مقام الإمامة فسوف يتوجه إلى المكلفين عدد من الوظائف الشرعية، بدءا من الاعتقاد والمعرفة والتسليم إلى التولي والتبري القلبي والعملي، ووظائف

 

١- قال تعالى: (إن الله يبشركِ بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم) آل عمران ٣٩. 

شاهد أيضاً

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 20

حتى ينقطع، ويصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتهم فما أسكنته جنتي، ولا أظللته تحت ...