الرئيسية / زاد الاخرة / الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

ب ـ الضرائب المترتبة على الأعمال :

وهذه الضرائب يجمعها عنوان « الكفارات » ، وهي عقوبات دنيوية يقصد من ورائها تخفيف ما على الإنسان من العقوبات الأخروية نتيخة مخالفة يقوم المكلف بها بترك عمل مطلوب منه ، أو بالأقدام على عمل ممنوع عنه ، وهي على أنواع :

١ ـ كفارة القتل : فإذا قتل الإنسان مؤمناً عمداً ظلماً ففي هذه الصورة فرض الشارع المقدس عليه كفارة وهي :

٣٦

عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكيناً.

وأما لو كان القتل خطأ فكفارته عتق رقبة ، فإن عجز صام شهرين متتابعين ، فإن عجز إطعم ستين مسكيناً.

٢ ـ كفارة الأفطار في شهر رمضان : فمن أفطر يوماً من شهر رمضان فكفارته عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً.

٣ ـ من أفطر يوماً : من قضاء شهر رمضان بعد زوال الشمس فكفارته اطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام.

٤ ـ فدية الأفطار عن مرض : وهذه الفدية تتحقق على من أفطر في شهر رمضان عاجزاً عن الصوم لمرض نزل به ، واستمر به المرض إلى رمضان قابل حيث يعجز عن القضاء أيضاً فيفدي عن كل يوم باطعام مسكين واحد.

٥ ـ كفارة الظهار : وعملية الظهار هو أن الرجل يترك وطء زوجته معتبراً أياها كأمه فيقول له « أنتي علي كظهر أمي » وهي عبارة يراد منها أن المرأه حرام عليه كحرمة أمه عليه ، فلو أراد الرجوع إليها كفر عن هذه العملية بعتق رقبة فأن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز اطعم ستين مسكيناً.

٦ ـ كفارة الايلاء : والإيلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة وحينئذ فيكفر من يريد الرجوع بعتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

٧ ـ كفارة اليمين : وذلك حيث يحلف الإنسان ان يفعل شيئاً ، أو يتركه ، ثم يعدل عن ذلك ، وفي هذه السورة تكون كفارته

٣٧

عتق رقبة ، أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

٨ ـ كفارة النذر : وهو أن ينذر لله تعالى نذراً ويكون عليه الإيفاء إذا تحقق فإذا أخل بذلك فكفارته عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

٩ ـ كفارة العهد : والعهد هو أن يقول « عاهدت الله على كذا أو عليَّ عهد الله أنه متى حصل الشيء الفلاني فعليّ الشيء الفلاني » ، فإن أخل فعليه الكفارة وهي عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو اطعام ستين مسكيناً.

١٠ ـ كفارة المخالفة في الاحرام : فإذا أخل الحاج بشرط من شروط الحج في الإحرام يكفر عن ذلك بذبيحة على تفصيل مذكور في بحوث الحج من الفقه.

إذا استعرضنا هذه الكفارات رأيناها تحتوي على :

١ ـ عتق الرقبة.

٢ ـ الصيام.

٣ ـ الاطعام للمساكين.

هذه الأمور الثلاثة هي موضوع الكفارة المفروضة على المكلفين عند اخلالهم بشيء مما ذكرناه ، أو قيامهم بأمور لايريد الإسلام تحققها كالقتل والظهار والايلاء.

ومن خلالها تظهر لنا فكرة التكافل والتعاون جلية واضحة ولنستعرض كلاً منها :

٣٨

١ ـ عتق رقبة : والمراد به تحرير العبد من الاسترقاق ، وهذه عملية انسانية تكافلية يشم فيها انسان نسمات الحرية بعد أن حكمت عليه الظروف أن يكون مملوكاً لآخرين.

ان العبد ليشعر بالجميل عليه وهو يرى نفسه وقد القى الطوق الذي كان يقيده ، ولا بد له ان يكافئ ذلك الشخص الذي كان السبب في خلاصه من هذه العبودية ، وبذلك تلتحم القوى بين المعتِق والمعتَق ، ويتحسس كل منهما بما تحل بالآخر من أزمات.

٢ ـ الصوم : ويصوم الشخص نتيجة ابتلائه بهذه الكفارة ليكون رادعاً له عن الرجوع لمثل هذه المخالفة ، وفي الوقت نفسه ليتحسس بالآم الفقراء والضعغاء ، وليشعر بلوعة الحرمان ، وما يسببه الجوع من ارهاصات قد تخرجه عن الوضع الطبيعي الذي اعتاد عليه ، وليعلم ان الفقير أيضاً بشر ومن حقه أن يتمتع بهذه الحياة ، ومن ثم ليملأ معدته بالطعام ، وهذا التحسس كاف لأن يخلق منه إنساناً تكافلياً قد أحسنت تأديبه الكفارة.

٣ ـ الاطعام : قد لا يوطن الإنسان نفسه على أن ينفق على الفقير تبرعاً وبدون سبب ، ولكن الشارع بهذا الأجراء يجبره على أن يتفقد الفقير ويقدم له طعاماً ليرفع عنه غائلة الجوع ويشبعه جزاء ما صنعه من مخالفة ، وبذلك يكون الإسلام قد هيّأ للضعيف مورداً من موارد العيش يقدمه الغني له من غير من ، ولا جميل.

وعلى أي حال ان الإسلام بتشريعه لهذا النوع من العقوبات لا يريد أن يتشفى من المكلف بإيذائه ، بل يريد أن يخفف من عقابه في الآخرة ويصوغ منه إنساناً مهذباً في دنياه يحمل قلباً ملؤه الرحمة ونفساً عالية شفافة تكمن بين جوانبها كل سمات الخير والصلاح.

٣٩

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...