أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام
1 أبريل,2024
الشعر والادب
148 زيارة
الشيخ عبد الكريم العوامي
المتوفى ١٣٧٣
هل المحرم فاستهلت ادمعي
وورى زناد الحزن بين الاضلع
مذ أبصرت عيني بزوغ هلاله
ملأ الشجا جسمي ففارق مضجعي
وتنغصت فيه علي مطاعمي
و مشاربي وازداد فيه توجعي
الله يا شهر المحرم ما جرى
فيه على آل الوصي الانزع
الله من شهر اطل على الورى
بمصائب شيبن حتى الرضع
شهر لقد فجع النبي محمد
فيه واي موحد لم يفجع
شهر به نزل الحسين بكربلا
في خير صحب كالبدور اللمع
فتلألات تلك الربوع بنوره
و علت على هام السماك الارفع
هو أحد الفضلاء وعلماء المنطق والبيان يتحلى بالنباهة والفقاهة ، ولد سنة ١٣١٩ وتوفي سنة ١٣٧٣ ودفن بكربلاء المقدسة وكانت دراسته في النجف الاشرف اكثرها عند المصلح الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمهالله ، ومن آثاره وتآليفه كتاب ( الدر النضيد في رد مستنكر مأتم الامام الشهيد ) وديوان شعره الذي اسماه ب ( سبحات القدس ) و ( تعليقة على الكفاية ) للسيد الخونساري. ترجم له الخطيب الاديب صديقنا الشيخ سعيد آل ابي المكارم في مؤلفه ( اعلام العوامية في القطيف ) وذكر جملة من القصائد التي قيلت في تأبينه كما ذكر عدة قصائد من شعره في الامام الحسين عليهالسلام جزاه الله خير الجزاء.
٦٦
محمد هاشم عطية
المتوفى ١٣٧٢
سما فوق النجم محتده الاسمى
وحير في آثاره النظم والنثرا
وأرمد أجفان العلا من طلابه
معاقد مجد توهن العزم والحزما
وجارته هوج الريح تبغيه ضلة
فما أدركت شأوا ولا بلغت مرمى
حسين ومن مثل الحسين وانه
لمن نبعة الوحي المقدس اذ يسمى
أبوه علي نافح الشرك قبله
ورد على أعقابه الجور والظلما
بناها فأعلى والسوابق ترتمي
بابطال بدر دونها تعلك اللجما
وصبحها هيجاء من حيث شمرت
فانسى الجبان الحرب والبطل القدما
فصار له ذاك الفخار الذي به
علت شوكة الاسلام دون الورى قدما
ولم يخش يوم الغار ان أرصدوا له
على الحتف سيفا او يرشوا له سهما
فقام وفي برديه أنوار غرة
يكاد لدى اشراقها يبصر الاعمى
فلما رأوه عاينوا الموت جاثما
فطاروا شعاعا لم يجد لهم عزما
وقالوا : علي سله الله صارما
ليوسع دار الكفر من بأسه هدماً
علي بناه الله اكرم ما بنى
وعلمه من فضله العلم والحلما
حوى بالحسين الحمد والمجد والندى
ونور الهدى والبأس والجسد الضخما
ولكن قوما تبر الله سعيهم
أرادوا به حربا وكان لهم سلما
فاخفوا دبيب الكيد عنه وجردوا
كتائب تستسقي الدماء اذا تظمى
فلما رأى أن لا مقام وانها
لنفس الابي الحر لا تحمل الضيما
تيمم من ارض الفراتين مزجيا
قلائص لم يعرفن في دوها وسما
عليهن من آل الرسول عصابة
تدانى عليها من يمانية رقما
كواكب حول ابن البتول اذا اعتزوا
توسمته من بينهم قمرا تما
٦٧
ومن مثله في الناس أكرم والد
ومن هي كالزهراء فاطمة اما
مشى ركبه لو تعلم البيد أنه
الحسين لعلت من مواطئه لثما
كما مسحت ركن الحطيم يد ابنه
فكاد اشتياقا يمسك الراحة العظمى
فالقى على الطف الرحال ومادرى
بأن القضاء الحتم في سبطه حما
فيا بؤس يوم الطف لم يبق مشرق
ولا مغرب لم يسقه الحزن والهما
ولا بقعة الا مضرجة دما
ولا قلب الا وهو منفطر يدمى
ومال الضحى بالشمس فيه وبدلت
من النور في الافاق أرديه سحما
لمستشهد في كربلاء زهت به
مفاخر عدنان لخير الورى ينمى
لافضل من لبى وأكرم من سعى
وأطهر من ضم الحجيج ومن أما
فشلت يمين أيتمت من بناته
عقائل لم يعرفن من قبله اليتما
من الخفرات البيض ماذقن ساعة
هوانا ولا بؤسا رأين ولا عدما
رأتها الفيافي سادرات ومارعوا
لهن ذماما لا ولا عرفوا رحما
عتاقا على الاقتاب يخمشن أوجها
ملوحة تشكو بأعينها السقما
وفيهن مرنان النحيب تولهت
فأنحت بكفيها على خدها لطما
اذا رجعت منها الحنين تقطعت
نياط وهزت من قواعدها الشما
ومن يك مثلي بالحسين متيما
فلا عجب أن يحرز النصر والغنما
مناط مثوبات ومهبط حكمة
وكنز تقى تمت به وله النعمى
محمد هاشم عطية استاذ بارع وأديب كبير له شهرته في مصر والعراق والعالم العربي فهو أستاذ الادب العربي بجامعة فؤاد الاول بالقاهرة ، وهو استاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية في بغداد يعجبك أسلوبه وأدبه ظهر ذلك في مواقف له منها رائعته التي نشرتها مجلة الاعتدال النجفية عنوانها : النجف الاغر وهذه هي :
أمن بغداد أزمعت الركابا
وخليت المنازل والصحابا
وأنت بغيدها كلف تمنى
لو أنك قد لبست بها الشبابا
وانك كنت لا تقني حياء
ولا تخشى على فند عتابا
لخود قد زهاها الحسن حتى
خلعن له من الدل النقابا
يرحن موائسا ويفحن عطرا
وما ضمخن من عطر ثيابا
٦٨
يساقطن الحديث كأن سلكا
نثرن به لآلئه الرطابا
وانك اذ ترجيها لوعد
لكا الضمأن اذ يرجوالسرابا
وان لبست عبائتها وأرخت
مآزرها وآثرت الحجابا
ارتك اذا انثنت للحين كفا
تزين من أناملها الخضابا
وجيدا حاليا ورضاب ثغر
تذم لطعمه الشهد المذابا
تسائلني وانت بها عليم
كأنك لست معمودا مصابا
أجدك هل سألت بها حفيا
فصدق عن دخيلتها الجوابا
وهل أخفيت شجوك عن مليم
تهانف حينما شهدت وغابا
وهل ارسلت من زفرات قلب
تعلقها على مقة (١) وتابا
وأقصر عنه باطله وماذا
يرجي المرء ان قوداه شابا
وليس له على الستين عذر
اذا قالوا تغازل أو تصابى
فعد عن الصبا والغيد واطلب
الى الاشياخ في النجف الرغابا
ففي النجف الاغر أروم صدق
حلا صفو الزمان بها وطابا
عشقت لهم ـ ولم أرهم ـ خلالا
تر الاحساب والكرم اللبابا
متى ماتأث منتجعا حماهم
تربعت الاباطح والهضابا
لقيت لديهم أهلى وساغت
الى قلبي موتهم شرابا
وهل انا ان أكن أنمى لمصر
لغير نجارهم أرضى انتسابا
عجبت لمادح لهم بشعر
ولا يخشى لقائلهم معابا
وان ينظم وليدهم قريضا
أراك السحر والعجب العجابا
غرائب منهم يطلعن نجدا
ويزحمن الكواكب والسحابا
أولئك هم حماة الضاد تعزى
عروقهم لاكرمها نصابا
واوفاها اذا حلفت بعهد
واطولها اذا انتسبت رقابا
وكيف وفيهم مثوى علي
بنوا من فوق مرقده قبابا
وقدما كان للبطحاء شيخا
وكان لقبة الاسلام بابا
نجي رسالة وخدين وحي
اذا ضلت حلومهم أصابا
وماكأبي الحسين شهاب حرب
اذا الاستار ابرزت الكعابا
وليس كمثله ان شئت هديا
ولا ان شئت في الاخرى ثوابا
ولا كبنيه للدنيا حليا
ومرحمة اذا الحدثان نابا
متى تحلل بساحتهم تجدها
فسيحات جوانبها رحابا
وان شيمت بوادقهم لغيث
تحدر من سحائبه وصابا
__________________
١ ـ المقة : الحب.
٦٩
هم خير الائمة من قريش
واذكاهم وأطهرهم اهابا
حباهم ربهم حلما وعلما
ونزل في مديحهم الكتابا
وحببهم الى الثقلين طرا
وزادتهم لسدته اقترابا
فمن يك سائلا عنهم فاني
أنبئه اذا احتكم الصوابا
فلن تلقى لهم ابدا ضريبا
اذا الداعي لمكرمة أهابا
مصابيح على الافواه تتلى
مدائحهم مرتلة عذابا
وما دعي الاله بهم لامر
تعذر نيله الا استجابا
نشرت مجلة البيان النجفية في سنتها الاولى صفحة ٥٢١ تحت عنوان : الاستاذ هاشم عطية في النجف. وقال زار سعادة الاستاذ الكبير هاشم عطية الاديب الكبير والاديب المصري المشهور وأستاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية ببغداد وزار جمعية الرابطة الادبية وقوبل بالترحاب والتقدير وحفاوة بالغة وكانت زيارته مساء ٤ / ٤ / ١٩٤٧ وقد دعت الجميعة طبقات الادباء والشعراء والشباب المثقف وكان مع المحتفى به الاستاذ حسين بستانة فحياه من أعضاء الرابطة الاستاذ صالح الجعفري بكلمة والعلامة الشيخ علي الصغير بقصيدة والشاعر عبد الرسول الجشي بقصيدة والشاعر الرفيق السيد محمودالحبوبي سكرتير الجمعية بقصيدة ثم تقدم المحتفى به الاستاذ هاشم عطية فألقى قصيدة عنوانها : تحية النجف وكانت من الشعر العالي. ولا عجب فالشاعر عطية أديب كبير وشاعر فحل وعالم فذ ، وأعقبه الشاعر هادي الخفاجي بقصيدة جارى بها قصيدة المحتفى به وزنا وقافية وفكرة فكانت مفاجئة بديعة سارة ، وفي صباح اليوم الثاني زار الاستاذ عطية مرقد الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانجذب كثيرا لتلك الروحانية.
توفي بتاريخ ١٣ / ١٠ / ١٩٥٣ ترجم له الاستاذ يوسف اسعد داغر في كتابه ( مصادر الدراسة الادبية في البلاد العربية ) المطبوع ببيروت سنة ١٩٧٢.
2024-04-01