ليالي بيشاور – 34 حوارات وبحوث اسلامية من مصادر السنة والجماعة
15 أبريل,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,149 زيارة
كلام خان خيوه:
قلت : يذكر التاريخ أن في أوائل حكومة ناصر الدين شاه قاجار ، وفي وزارة أمير كبير ميرزا تقي خان ، حينما كانت الدولة منشغلة بإخماد الفتن التي آثارها رجل اسمه : ” سالار ” في خراسان ، وكانت سلطة الدولة الضعيفة في تلك المقاطعة .
اغتنم الفرصة أمير خوارزم وهو : محمد أمين خان أزبك المعروف بخان خيوه ، وهجم بجيش جرار على خراسان ، وقتل ونهب ودمر وأسر جمعا كثيرا من الناس ، فساقه إلى بلاده سبايا .
وبعدما أخمدت فتنة سالار ، بعثت الدولة القاجارية سفيرا إلى خان خيوه ليفاوضه في شأن السبايا واستخلاصهم ، وكان السفير هو رضا قلي خان ، الملقب بهدايت ، وهو من كبار الدولة ورجال البلاط الملكي .
فلما وصل إلى خوارزم والتقى بخان خيوه ، دار بينهم كلام طويل سجله التاريخ جملة جملة ، وكلمة كلمة ، والشاهد هنا هو هذه العبارة : إن المغفور له هدايت قال لخان خيوه :
إن الدول الكافرة تعامل الإيرانيين معاملة حسنة ، وهم في أمن وأمان من جيوش روسية والإفرنج ، ولكنكم مع الأسف تعاملون الإيرانيين معاملة الكفار والمشركين ، وهم معكم على دين واحد ، لا فرق في قبلتنا وقرآننا ونبينا ، نحن وأنتم نعتقد ونشهد : أن لا إله إلا الله ، محمد رسول الله (ص) ، فلماذا تهجم بجيوشك على بلادنا ، وتدمر ديارنا ، وتقتل وتنهب ، وتأسر المسلمين وتبيعهم في الأسواق كأسرى الكفار والمشركين ؟!
فأجاب خان خيوه : إن علماءنا وقضاتنا في بخارى وخوارزم : يفتون بأن الشيعة كفار وأهل بدع وضلال ، وجزاؤهم القتل ونهب الأموال ، وهم يوجبون علينا هذه المعاملة مع الإيرانيين ، فيبيحون لنا دماءهم ونساءهم وأموالهم !!
وللاطلاع التام فليراجع : تاريخ روضة الصفا الناصري ، وكذلك مذكرات سفر خوارزم ، تأليف رضا قلي خان هدايت .
هجوم الأزبك:
كما إن أحد أمراء الأزبك المسمى عبدالله خان حاصر بجيوشه منطقة خراسان ، فكتب علماء خراسان إليه كتابا جاء فيه : نحن نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (ص) ، فلماذا تغير علينا بجيشك وتقاتلنا وتهتك حريمنا ونحن أتباع القرآن الكريم والعترة الهادية ، وإن الوحشية والمعاملة السيئة التي نجدها منكم غير مقبولة في الإسلام ، وإن الله سبحانه لا يجيزها لكم بالنسبة للكفار ، فكيف مع المسلمين ؟!
فلما وصل الكتاب إلى يد عبد الله خان أعطاه لعلماء السنة وقضاتهم الذين كانوا يرافقونه في حملاته على المسلمين الشيعة ، وطلب منهم أن يجيبوا ويردوا على الكتاب .
فأجاب علماء السنة ـ ردا على كتاب علماء خراسان ـ بجواب مشحون بالتهم والأكاذيب على الشيعة و قذفوهم بالكفر !! لكن علماء خراسان ردوا عليهم ، ونسفوا تهمهم وأكاذيبهم ، وأثبتوا أن الشيعة مؤمنون بالله ورسوله وبكل ما جاء به النبي الكريم (ص) .
ومن أراد الوقوف على تلك الردود والإجابات فليراجع كتاب ” ناسخ التواريخ ” .
فشاهد الكلام إن علماء السنة الأزبكيين كتبوا : إن الشيعة رفضة وكفار ، فدماؤهم وأموالهم ونساؤهم مباحة للمسلمين !!
وأما في بلادكم أفغانستان ، فإن الشيعة يعانون أشد الضغوط والهجمات الوحشية منكم ومن أمثالكم أهل السنة والجماعة .
والتاريخ مليء بالفجائع والجنايات التي ارتكبوها جماعة السنة في حق الشيعة في أفغانستان ، ومن جملتها :
في سنة 1267 هجرية في يوم عاشوراء وكان يوافق يوم الجمعة ، وكانت الشيعة مجتمعة في الحسينيات في مدينة قندهار ، وكانوا يقيمون شعائر العزاء على مصائب سبط الرسول وسيد الشهداء ، الحسين بن علي ( ع) وأنصاره الذين استشهدوا معه في سبيل الله تعالى .
وإذا بأهل السنة والجماعة يهجمون عليهم بالأسلحة الفتاكة ، ولم يكن الشيعة مسلحين ولا مستعدين لقتال ، حتى أنهم لم يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ، فقتل قومكم جمعا كثيرا حتى الأطفال بأفجع أنواع القتل ، ونهبوا أموالهم وأموال الحسينيات !!
والأعجب من ذلك ، أن أحدا من علماء السنة لم يندد بهذا العمل الوحشي الشيطاني ، ولم يبد أسفه على تلك الجناية البشعة ، فكان سكوت العلماء تأييدا لعمل الجهال المهاجمين ، والجناة المتعصبين ، وربما كان كل ذلك بتحريك بعض علمائهم ، والله أعلم .
والتاريخ يحدثنا عن هجمات كثيرة من هذا النوع ضد الشيعة في أفغانستان وبلاد الهند والباكستان أيضا ، فكم من نفوس مؤمنة أزهقت ، ودماء بريئة سفكت ، وأموال محترمة نهبت ، وحرمات دينية هتكت ، بأيدي أهل السنة والجماعة ، وقد قتلوا حتى بعض فقهائنا الكبار وعلمائنا الأبرار .
قتل الشهيد الثالث:
ولقد زرت في سفري هذا مقابر بعض شهداء هذه الحوادث الأليمة في مدينة ” أكبر آباد آكره ” وبالأخص قبر الشهيد الثالث ، العالم الورع ، والفقيه التقي ، الذي ينتهي نسبه الشريف إلى النبي (ص) وهو :
القاضي السيد نور الله التستري ( قدس الله سره ) ، وهو أحد ضحايا هذه التعسفات والتعصبات التي توجد في أهل السنة العامة .
فقد استشهد هذا العالم الجليل ، والحبر النبيل ، سنة 1019 هجرية ، على أثر سعاية علماء العامة في ” أكبر آباد آكره ” عند الملك المغولي الجاهل المتعصب جهانكير ، في الهند .
وكان عمر السيد الشهيد حينما قطعوا رأسه يتجاوز السبعين عاما ، وقبره إلى يومنا هذا مزار المؤمنين الشيعة ، ورأيت مكتوبا على صخرة قبره هذين البيتين :
ظالمي إطفاء نــور اللـــه كـــرد * قرة العـين نبي را ســر بريــد
سال قتلش حضرت ضامن على * كفت : نور الله سيد شد شهيد
أي : ظالم أطفأ نور الله ، وحز رأس قرة عين رسول الله (ص) فقال ضامن علي في تاريخ شهادته : إن السيد نور الله أصبح شهيدا .
الحافظ : إنكم تبالغون في هذه القضايا وتضخمونها ، ونحن لا نرضى بأعمال جهالنا وعوامنا ، ولكن الشيعة بأعمالهم الخاطئة يسببون تلك الفجائع .
قلت : ما هي أعمال الشيعة التي توجب قتلهم ونهب أموالهم وهتك أعراضهم ؟!
الحافظ : في كل يوم يقف آلاف الشيعة أمام قبور الأموات ويطلبون منهم الحاجات ، ألم يكن هذا العمل عبادة الأموات ؟!
لماذا أنتم العلماء لا تمنعونهم ؟! حتى أننا نجد كثيرا منهم يخرون إلى الأرض ويسجدون لتلك القبور باسم الزيارة ، فهم بهذه الأعمال الخاطئة يسببون تلك الفجائع ، لأن عوامنا لا يتحملون هذه البدع باسم الإسلام فيفرطون بالانتقام !!
وبينما كان الحافظ يتكلم وكلنا يصغي إليه ، كان الشيخ عبد السلام ، الفقيه الحنفي ، يتصفح كتاب ” هدية الزائرين ” ويطالع فيه ليجد إشكالا فيلقيه ، ولما وصل الحافظ إلى هذه الجملة ، صاح الشيخ عبد السلام مؤيدا للحافظ ومخاطبا إياي :
تفضل واقرأ هذه الصفحة حتى تعرف ما يقول الحافظ .
قلت : اقرأ أنت ونحن نستمع .
فقرأ هذه العبارة : وإذا فرغت من الزيارة فصل ركعتين صلاة الزيارة ، ثم قال : أليست نية القربة شرط في صحة الصلاة ؟! فالصلاة لغير الله سبحانه لا تجوز حتى للنبي والإمام ، فالوقوف أمام القبور والصلاة بجانبها شرك بين ، وهو أكبر دليل على الكفر ، وهذا كتابكم سند معتبر وحجة عليكم !
قلت : حيث طال بنا الجلوس والوقت لا يتسع للجواب عن شبهاتكم ، فلنترك الجواب إلى الليلة المقبلة إنشاء الله تعالى .
لكن أهل المجلس ـ شيعة وسنة ـ كلهم قالوا نحن مستعدون أن نبقى حتى الصباح لنسمع جوابكم .
قلت : أسألك يا شيخ عبد السلام : هل ذهبت لزيارة أحد أئمة أهل البيت (ع) وهل رأيت بعينك أعمال الشيعة الزائرين لقبور أئمتهم (ع) أم لا ؟
الشيخ : لا … إني لم أذهب إلى مزارات الأئمة ، ولم أشاهد أعمال الشيعة هناك .
قلت إذا كيف تقول : بأن الشيعة يصلون متوجهين لقبور الأئمة ؟! وتستدل به على كفر الشيعة ! ثبت العرش ثم انقش .
الشيخ : إنما قلت هذا نقلا عن هذا الكتاب الذي بين يدي ، فإنه يقول : صل للإمام صلاة زيارة !
قلت : ناولني الكتاب حتى أعرف صحة ما تقول .
فناولني الكتاب مفتوحا ، فرأيت تلك الصفحة تنقل كيفية زيارة علي بن أبي طالب (ع) . فقلت أيها الجمع الحاضر ! إني أقرأ عليكم مقتطفات وجمل من هذه الزيارة حتى نصل إلى تلك العبارة التي يذكرها الشيخ ، ثم أنتم أنصفوا واقضوا بيننا وبين الشيخ عبدالسلام والحافظ محمد رشيد .
العقيدة الاسلامية بحوث اسلامية ليالي بيشاور 2018-04-15