قال الكاتب الأميركي سكوت سنايدر إن العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا اتسمت قبل الحرب في أوكرانيا بالتعاملات “الضيقة” والعجز عن التوصل إلى تفاهمات دبلوماسية، وذلك رغم إرث العلاقات الثنائية الوثيقة بين كوريا الشمالية والاتحاد السوفيتي خلال حقبة السبعينيات.
وفي مقالة نُشرت على موقع “مجلس العلاقات الخارجية”- وهو مركز الدراسات الأميركي المعروف، اعتبر الكاتب أن “العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا” أسست لتلاقي الاحتياجات السياسية والمصالح المادية بين الجانبين، وفق قوله، مردفًا إن كوريا الشمالية قدمت الدعم السياسي لروسيا من خلال الاعتراف باستقلالية الحكومات “التي نصبتها روسيا” في المحافظات “التي تسيطر عليها موسكو في أوكرانيا”، وفق توصيف الكاتب.
كذلك تابع أن “الدعم السياسي الروسي لكوريا الشمالية يمنح الأخيرة حصانة من الإدانات في مجلس الأمن بسبب اطلاقها الصواريخ والأقمار الصناعية”، وفق الكاتب. وتحدث الكاتب “عن مساهمات ستقدمها كوريا الشمالية لروسيا على شاكلة سلاح المدفعية القديم وأنظمة الصواريخ، والتي تفتقد إلى أنظمة التوجيه”.
وقال إن “الجولة التي قام بها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى منشآت الإنتاج العسكري في أعقاب زيارة وزير الدفاع الروسي قد تكون مؤشرًا على رغبة بيونغيانغ أن تتحول إلى مركز لإنتاج السلاح لروسيا”.
وفي المقابل توقع الكاتب أن “تطلب كوريا الشمالية من روسيا الدعم في مجال حيازة الصواريخ المتقدمة وتقنية الأقمار الصناعية”.
سنايدر لفت إلى أن “العقوبات الغربية على روسيا عززت فرص كوريا الشمالية للحصول على الدعم العسكري من الخارج”، مشيرًا إلى استضافة كوريا الشمالية وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني لي هوننغ، وذلك للاحتفال بالذكرى السبعين للتوقيع على اتفاقية الهدنة الكورية، والتي تحييها بيونغيانغ “كيوم الانتصار”.
ووضع الكاتب دعوة هذه الشخصيات لحضور المناسبة في سياق رسائل جيوسياسية توجهها بيونغيانغ حول مدى متانة علاقتها مع روسيا والصين.
كما لفت إلى ما قيل عن احتمال انضمام بيونغيانغ إلى المناورات العسكرية المشتركة الدورية بين الصين وروسيا، قائلًا إن ذلك سيشكل خطوة إضافية في سياق تعزيز هذا التحالف.
وتابع الكاتب أن الاجتماع المحتمل بين كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تحدثت عنه التقارير يحمل رمزية ويفيد أن كيم ينوي الانخراط بالمواجهة الجيوسياسية الصاعدة.
كما اعتبر الكاتب أن انعقاد القمة بين كوريا الشمالية وروسيا قد يؤشر على مستوى جديد من التعاون المبني على تصورات المكاسب المشتركة، وهو تعاون عجز الطرفان عن تحقيقه منذ نهاية الحرب الباردة.
أما واشنطن، فقال الكاتب إنها تواصل رفض هكذا تعاون وتعمل على ثني دول أخرى وخاصة الصين عن زيادة دعمها لبيونغيانع وموسكو.
صفقة عسكرية محتملة بين كوريا الشمالية وروسيا
في سياق متصل، تحدث موقع “The Hill” عن قلق أميركي من صفقة عسكرية محتملة بين كوريا الشمالية وروسيا.
وأشار الموقع إلى أن كوريا الشمالية تنظر في تزويد موسكو بأسلحة المدفعية والصواريخ، وذلك مقابل الحصول على التقنيات والمواد الغذائية.
وأردف أن مثل هذه الصفقة قد تبرم في وقت لاحق من هذا الشهر خلال زيارة ينوي كيم القيام بها إلى موسكو.
كما تحدث الموقع عن قوة كوريا الشمالية في مجال انتاج قذائف المدفعية، مشيرًا إلى أن القوات الكورية الشمالية دائمًا ما تطلق قذائف المدفعية قرب الحدود مع الجارة الجنوبية، وخاصة في سياق الرد على المناورات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
كذلك لفت الموقع إلى أن كيم تعهد بتقديم الدعم الكامل لبوتين والكرملين، وذلك بمناسبة اليوم الوطني في روسيا في حزيران/يونيو الماضي.
ولفت إلى ما قاله البيت الأبيض في أواخر آب/أغسطس الماضي عن تبادل رسائل حصل مؤخرًا بين كيم وبوتين.
وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة تحاول كما يبدو الإفصاح عن الصفقة المحتملة بهدف تعطيلها، مشيرًا إلى التحذير الذي وجهه مستشار الأمن القومي جايك سولفيان إلى بيونغيانغ أن المجتمع الدولي سيجعلها تدفع ثمنًا في حال دعمت روسيا بالسلاح الفتاك.
كما أشار الموقع إلى ارتفاع منسوب التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة خلال حقبة إدارة الرئيس جو بايدن.
وأكد أن الولايات المتحدة استأنفت اجراء المناورات العسكرية الضخمة في شبه الجزيرة الكورية، الأمر الذي أثار حفيظة القيادة في كوريا الشمالية.
كما ذكر قيام بيونغيانغ بتكثيف تجاربها الصاروخية خلال العامين المنصرمين.
وتابع الكاتب أن الصفقة المذكورة ستمكن روسيا من توسيع تحالفها المؤلف من القوى “السلطوية” (وفق تعبير الموقع)، والتي لديها مصلحة مشتركة بتقويض قوة أميركا.
ولفت في هذا السياق إلى قيام إيران بتزويد روسيا “بالمسيرات الانتحارية، وإلى توجيه الدعوة لطهران للانضمام إلى تحالف البريكس”.
أما الصين، فقال الموقع أنها أعلنت عن شركة “بلا قيود” مع روسيا، مشيرًا إلى المناورات العسكرية التي أقامتها بيكن مع موسكو خلال فترة الحرب في أوكرانيا.
ونقل الموقع عن الخبراء قولهم إن الدافع الروسي ليس مجرد إظهار قدرتها على مواصلة تفوقها واستخدام ترسانة أسلحة المدفعية، بل يأتي أيضًا في سياق مساعي روسيا والصين من أجل توطيد العلاقات مع دول المعسكر الجنوبي التي تصنفها الولايات المتحدة بالمارقة.
كما نقل عن الخبراء أن هذا المعسكر يشمل كوريا الشمالية وإيران، ومن أهداف هذه الاستراتيجية محاولة توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن الأخيرة لم تعد قادرة على عزل ومعاقبة الدول كما كانت تفعل قبل عشرين عامًا.