أن وسائل الإعلام من أهم الأدوات التي تلجأ إليها القوى الاستكبارية، في هجمتها ومحاولة هيمنتها الثقافية على الأمم الأخرى، والهيمنة الثقافية مسألة في غاية الخطورة، إذ إنها أكثر استراتيجية وأعمق من الاحتلال السياسي والعسكري، وهي مرسخة له، وهذا ما يحذر منه ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله ، ويركز في هذا الإطار على نقاط عدة منها:
أ ـ إحباط المعنويات:
وذلك من خلال إفقاد المجتمع ثقته بنفسه، وتصويره بأنه مجتمع عاجز عن مجاراة الدول الكبرى، ولا سيما على الصعد العلمية
________________________________________
7- المناسبة: خطبة صلاة العيد ـ 1 شوال 1423هـ ـ طهران
والتقنية والإقتصادية. يقول دام ظله:
” ما فتئت القوى الاستكبارية في العالم تدعونا نحن المسلمين عبر أبواقها الإعلامية إلى الالتفات لحقائق الدنيا، مشيرين بذلك إلى أن العالم الغربي متقدم ومتمكن من الناحية العلمية والتقنية والاقتصادية والعسكرية، وليس أمامنا سوى الاستسلام والتقهقر “8.
ب ـ بث الأبواق الدعائية داخل الأمة:
من الأمور التي لا ينبغي أن نغفل عنها وجود بعض المتسمين والمتلبسين بلباس الثقافة والوعي، والذين يقومون بدور هدَّام في زعزعة ثقة الأمة بنفسها وقدراتها، مساهمين بذلك سواء عن قصدٍ، أو عن غير قصد في المخطط الرامي للهيمنة على القرار السياسي والإرث الثقافي للأمم، وهؤلاء يشير إليهم الإمام الخامنئي دام ظله ، بأنهم قد ورد التحذير منهم في القرآن الكريم، وقد وصفهم الله تعالى بالمرجفين يقول الله تعالى:
“لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا *مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا”9.
يقول دام ظله:
” لقد تركزت محاولات التيارات السياسية المناوئة للجمهورية الإسلامية وللنهضة الإسلامية الكبرى التي قام بها الشعب الإيراني وشعوب المنطقة على إثارة الاضطراب والقلق في القلوب وإرعابها، وهذه سياسة عامة
________________________________________
8- المناسبة: لقاء قائد الثورة الإسلامية مع أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، الزمان والمكان26 ربيع الأول 1424هـ ـ طهران .
9- سورة الأحزاب، الآيتان: 60 ـ . 61
للإمبراطورية الإعلامية اليوم وهي ليست بالأمر الجديد سواء بالنسبة لنا على مدى الأعوام البضعة والعشرين المنصرمة أو بالنسبة لمسيرة الحق على مدى تاريخ الإسلام منذ البداية وحتى يومنا هذا.
لذلك فإنكم تشاهدون أن أحد الموضوعات التي جرى التركيز عليها في القرآن كأمر سلبي هو موضوع “المرجفون” أي الذين يحاولون زرع الاضطراب والتوجس في القلوب وتشويشها، وقبل أيام قرأت هذه الآية الكريمة لأعزة آخرين كانوا هنا وهي:” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ” فلقد كانوا يفتعلون الغوغاء في مدينة النبي بأن الناس قد تجمعوا يريدون تدميركم والقضاء عليكم وإفناءكم وقد انتهى كل شيء، فنزلت آية لتؤكد حينما يثير الغوغاء والثرثارون والضعفاء مثل هذه الأجواء ويلوثونها بجرثومة وفيروس الرعب الرهيب ، وإن المؤمنين هم الذين يزدادون إيماناً “فَزَادَهُمْ إِيمَاناًْ” ، “وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُْ” وهذه هنا محلها، أي إنهم يتمتعون بالطمأنينة إزاء الإضطراب الذي يحاول العدو خلقه عن طريق الحرب الإعلامية والنفسية وتلك هي ” السكينة” وهبها الله قلوب المؤمنين، هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين كي يشتد إيمانهم” لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْْ” وهذه هي حقيقة الأمر.
في ظروف الرعب والخوف والاضطراب والقلق، تزول من
الذاكرة حتى المعتقدات القطعية للإنسان، وهكذا هو حال الإنسان المرعوب، فالجبن يعطل العقل والعزيمة معاً عن العمل، والإنسان المرعوب لا قدرة له على التفكير الصحيح، ولا قدرة له على تفعيل عزيمته وارادته بشكل صحيح، ودائماً لا يخطو خطوة إلى الأمام إلاّ ويتراجع خطوة إلى الخلف، ومن هنا تأتي وصية النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم المعروفة لأمير المؤمنين عليه السلام قائلاً : ” ولا تشاورنَّ جباناً لأنه يضيق عليك المخرج ” فعندما لا يُرعب الإنسان يصبح بإمكانه التفكير الصحيح واتخاذ القرار الصحيح وتجاوز هذه الشدة، لكنه إذا ما اعتراه الرعب، يضيّق عليك المخرج، إذ يصيبه التردد بين أن أعمل أو لا أعمل ويستسلم مكتوف اليدين، ولهذا تكون السكينة في غاية الأهمية “10.
ج ـ ترويج الشعارات المغلوطة:
ومن أهم ما تروِّج له الوسائل الإعلامية للهيمنة على الأمة الإسلامية قيام الوسائل الدعائية الغربية بمؤازرة بعض الأقلام المأجورة برفع الشعارات المغلوطة، والتي يستفيدون منها لمصلحتهم وكما يحبون، وإن كانوا في الواقع من أشد المنتهكين لها، ونذكر الديمقراطية كمثال على ذلك، وكذلك الحرية وحقوق الإنسان…، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
” إنهم يتفوهون بالديمقراطية كشعار، وهم يعرفون أن شعوب العالم على علم بذلك غاية الأمر أن السياسة الدعائية في العالم تتركز على الكلام ثم الكلام ثم الكلام
________________________________________
10-المناسبة: لقاء قائد الثورة الإسلامية مع أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، الزمان والمكان:26 ربيع الأول 1424هـ ـ طهران .
والإعادة، هذه هي السياسة الإعلامية والدعائية في العالم، فلابد أن يتحدثوا ويعيدوا ويكرروا وبالنتيجة سيؤثر ذلك في طائفة من الناس أو يعتاد الناس على الاستماع على أقل تقدير، وإلا فإن هؤلاء لا شأن لهم بحاكمية الشعب، فالكثير من الأنظمة التي تحظى بودهم لا تعرف معنى لرأي الشعب أبداً، وإن شعوبهم لا تعرف بأي حال ما يعنيه التصويت وانتخاب المسؤول في بلادهم! دون أن يعترضوا عليهم، فعندما يتهمون الجمهورية الإسلامية بالرغم من كل هذه الانتخابات والتواجد الجماهيري في شتى المجالات، وبالرغم من كل معالم ومشاهد حاكمية الشعب التي تسود البلاد، والتي يندر وجودها في بلد من بلدان العالم، وعلاقة المسؤولين بالجماهير وتآلفهم معها ودعم الجماهير وعواطفها وحبها وودها الكبير للمسؤولين بانعدام حاكمية الشعب وبالإستبداد والدكتاتورية، يصبح من الواضح ما يبغون، فليست قضيتهم الديمقراطية وأسلحة الدمار الشامل لأنهم هم الذين ملؤوا المنطقة بالسلاح، فانظروا إلى الدويلة الصهيونية التي تمثل مظهراً كاملاً لذلك، وهكذا الحال في المناطق الأخرى. وهم الذين قدموا العون لنظام صدام وصنعوا له الصواريخ بمدى ألف أو ألف وخمسمائة كيلو متر والمعدات الكيماوية، أو إنهم أعانوه على صناعتها، في حين أنهم كانوا يرون أن الاستبداد هو الذي يفرض سيادته على العراق “11.
________________________________________
11-المناسبة: لقاء قائد الثورة الإسلامية مع أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، الزمان والمكان: 26 ربيع الأول 1424هـ ـ طهران .
د ـ محاولة إفساد جيل الشباب:
ومن الأساليب التي ينتهجها الاستكبار أسلوب الغزو الثقافي لجيل الشباب،هذا الجيل الذي يمثل الرصيد الأكبر لأي مجتمع، وعليه يعول في الإصلاح، واستمرار المسيرة.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله حول محاولات الإستكبار غزو عقول الشباب :
” ما دام العدو قد فهم أنَّ هذا الشعب اتحد ببركة الإيمان، وأنه عثر على قائد لا يهاب القوى الكبرى أبداً ببركة الإيمان، لذلك صار في حال عداء مع إيماننا وإسلامنا من خلال توظيف الوسائل الدعائية والسياسية، ووصمنا بأوصاف يحسب أنها تسيء إلينا، في حين نعدّها مجداً لنا، كقولهم عنّا إننا أصوليون. نحنُ نفخر بعودتنا إلى أُصولنا الإسلامية, وهاهنا يكمن سرّ قوتنا.
لقد تمركزت دعايات الاستكبار العالمي في السنوات الأخيرة للنيل من إيماننا الإسلامي. ولكن شعبنا لن يغضي عن الذين تعرضوا للإسلام والإيمان بأي ضرب من ضروب الإهانة, لأنَّ الإسلام هو كل شيء بالنسبة للشعب ، إن الإسلام والإيمان الإسلامي هُما رصيد عزنا ونصرنا, والإيمان هو الذي يصلح دنيانا وآخرتنا “12.
________________________________________
12-حديث قائد الثورة في مراسم بيعة أهالي مجموعة من المدن الإيرانية المختلفة مع سماحته، 14 ـ 4 ـ 1368 .
إقرأ المزيد ,,
مشهد مصور عن حقائق من الميدان في غزة _ طوفان الاقصى
إقرأ المزيد ,,
الإمام الخامنئي: طوفان الأقصى تمكنت من تعطيل السياسات الأميركية في المنطقة
لنصرة غزة قاطق المنتجات الاسرائيلية
فلسطيني رقص على الدبكة خلال الاشتباكات يُذكر بـ “رقصة الحرية” للهنود الحمر
.