الرئيسية / زاد الاخرة / كتاب معرفة الله – السيّد محمّد حسين‌ الحسيني الطهراني قدّس سرّه

كتاب معرفة الله – السيّد محمّد حسين‌ الحسيني الطهراني قدّس سرّه

نظر المجلسي‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ شأن‌ دعاء عرفة‌ وذيله‌
« ومحصّل‌ الكلام‌ أ نّه‌ وطبقاً لرواية‌ الكفعمي‌ّ في‌ حاشية‌ كتاب‌ « البلد الامين‌ » فإنّ السيّد حسيب‌ ( نسيب‌ رضي‌ّ الدين‌ علی بن‌ طاووس‌ قدّس‌ الله‌ روحه‌ ) قال‌ في‌ كتاب‌ « مصباح‌ الزائر » ما قوله‌:

روي‌ بِشر وبشير ( ابنا غالب‌ الاسدي‌ّ ) أنّ الإمام‌ الحسين‌ بن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليهما السلام‌ خرج‌ من‌ خيمته‌ عصر يوم‌ عرفة‌ في‌ عرفات‌ في‌ خضوع‌ وخشوع‌ وسار بهدوء حتّي‌ وقف‌ هو وجماعة‌ من‌ أهل‌ بيته‌ وأولاده‌ وغلمانه‌ عند الجانب‌ الايسر لجبل‌ عرفات‌ ] جبل‌ الرحمة‌ [ مولّين‌ وجوههم‌ شطر البيت‌ الحرام‌. ثمّ رفع‌ يديه‌ أمام‌ وجهه‌ كالمسكين‌ الذي‌ يطلب‌ الطعام‌ وبدأ بقراءة‌ هذا الدعاء: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ إلی آخر الدعاء والذي‌ آخره‌ يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وليس‌ في‌ آخره‌ العبارات‌ إلَهِي‌! أَنَا الفَقِيرُ فِي‌ غِنَاي‌َ إلی آخره‌. ( كان‌ هذا ما ورد في‌ حاشية‌ « البلد الامين‌ » ] والتوضيح‌ الاخير هو لنا [.

ثمّ روي‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ رواية‌ بِشر وبَشير اللذين‌ كانا من‌ قبيلة‌ « بني‌ أسد » في‌ كتاب‌ « مصباح‌ الزائر » في‌ الكلام‌ عن‌ يوم‌ عرفة‌ بنفس‌ الشكل‌ الذي‌ أوردناه‌ نحن‌ في‌ حاشية‌ « البلد الامين‌ »، ثمّ روي‌ هذه‌ الرواية‌ حسب‌ مضمون‌ « البلد الامين‌ ». [17]

كان‌ ذلك‌ هو كلام‌ المجلسي‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ « بحار الانوار ». ثمّ ذكر عدّة‌ أدعية‌ أُخري‌ عن‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ يوم‌ عرفة‌ ثمّ قال‌: وقال‌ السيّد: ومن‌ الدعوات‌ المشرّفة‌ في‌ يوم‌ عرفة‌، دعاء مولانا الحسين‌ بن‌ علی صلوات‌ الله‌ عليه‌ وهو:

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ وَلاَ لِعَطَائِهِ مَانِعٌ.

وهنا ينقل‌ ابن‌ طاووس‌ هذا الدعاء المفصّل‌ عنه‌ ( الإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ ) مع‌ هذه‌ الإضافة‌:

إلَهِي‌! أَنَا الفَقِيرُ فِي‌ غِنَاي‌َ فَكَيْفَ لاَ أَكُونُ فَقِيراً فِي‌ فَقْرِي‌ حتّي‌ يختم‌ الدعاء بالعبارة‌:

أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحَاضِرُ، إنَّكَ عَلَی كُلِّ شَي‌ءٍ قَدِيرٌ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ انتهي‌ كلامه‌.

ثمّ يقول‌ المجلسي‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌: قد أورد الكفعمي‌ّ رحمه‌ الله‌ عليه‌ أيضاً هذا الدعاء في‌ « البلد الامين‌ » وابن‌ طاووس‌ في‌ « مصباح‌ الزائر » كما سبق‌ ذكرهما، ولكن‌ ليس‌ في‌ آخره‌ فيهما بقدر ورقة‌ تقريباً وهو من‌ قوله‌: إلَهِي‌! أَنَا الفَقِيرُ فِي‌ غِنَاي‌َ إلی آخر هذا الدعاء.

وكذا لم‌ توجد هذه‌ الورقة‌ في‌ بعض‌ النسخ‌ العتيقة‌ من‌ « الإقبال‌ » أيضاً، وعبارات‌ هذه‌ الورقة‌ لا تلائم‌ سياق‌ أدعية‌ السادة‌ المعصومين‌ أيضاً، وإنّما هي‌ علی وفق‌ مذاق‌ الصوفيّة‌. ولذلك‌ قد مال‌ بعض‌ الافاضل‌ إلی كون‌ هذه‌ الورقة‌ من‌ مزيدات‌ بعض‌ مشايخ‌ الصوفيّة‌ ومن‌ إلحاقاته‌ وإدخالاته‌.

وبالجملة‌، هذه‌ الزيادة‌ إمّا وقعت‌ من‌ بعضهم‌ أوّلاً في‌ بعض‌ الكتب‌، وأخذ ابن‌ طاووس‌ عنه‌ في‌ « الإقبال‌ » غفلةً عن‌ حقيقة‌ الحال‌؛ أو وقعت‌ ثانياً من‌ بعضهم‌ في‌ نفس‌ كتاب‌ « الإقبال‌ »؛ ولعلّ الثاني‌ أظهر علی ما أومأنا إليه‌ من‌ عدم‌ وجدانها في‌ بعض‌ النسخ‌ العتيقة‌ وفي‌ « مصباح‌ الزائر »، والله‌ أعلم‌ بحقيقة‌ الاحوال‌. [18]

وأمّا المرحوم‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ، فقد ذكر بعد نقل‌ هذا الدعاء إلی ( يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ )، أنّ الإمام‌ كان‌ يكثر من‌ قول‌ يَا رَبِّ، وأمّا الذين‌ كانوا يستمعون‌ إلی الدعاء، من‌ الذين‌ اجتمعوا من‌ حوله‌، كانوا يكتفون‌ بقول‌ آمين‌.

ثمّ علت‌ أصوات‌ بكائهم‌ مع‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ حتّي‌ غروب‌ الشمس‌، ثمّ حزموا أمتعتهم‌ باتّجاه‌ المشعر الحرام‌.

يقول‌ المؤلّف‌ ( المحدّث‌ القمّي‌ّ ) إنّ الكفعمي‌ّ نقل‌ دعاء عرفة‌ للإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ كتاب‌ « البلد الامين‌ » إلی هذه‌ الفقرة‌ [19]، وأورد العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ « زاد المعاد »[20] هذا الدعاء الشريف‌ كما في‌ رواية‌ الكفعمي‌ّ، إلاّ أنّ السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ كتابه‌ « الإقبال‌ » قد زاد علی الدعاء المذكور بعد يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ قائلاً: إلَهِي‌! أَنَا الفَقِيرُ فِي‌ غِنَاي‌َ.

وقد نقل‌ جميع‌ تلك‌ الفقرات‌ بالتفصيل‌ وزاد عليها في‌ آخرها عبارة‌ إنَّكَ عَلَی كُلِّ شَي‌ءٍ قَدِيرٌ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ. [21]

الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

إرجاعات

[1] ـ ذيل‌ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 38: ص‌.

[2] ـ الآيتان‌ 27 و 28، من‌ السورة‌ 38: ص‌.

[3] ـ الآية‌ 106، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌.

[4] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 13، ص‌ 405 إلی 407.

[5] ـ لا تُشير هذه‌ العبارة‌ إلی رواية‌ ما، ولكنّها كلام‌ لبعض‌ الحكماء مشتقّ من‌ الآيات‌ والروايات‌ والادلّة‌ البرهانيّة‌ العقليّة‌ المتقنة‌.

[6] ـ فقرات‌ مأخوذة‌ من‌ الدعاء العظيم‌ الشأن‌ المعروف‌ ب دعاء الصباح‌. ذكره‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «بحار الانوار» طبعة‌ الكمباني‌ّ: ج‌ 19، ص‌ 135 و 136، وطبعة‌ الإسلاميّة‌: ج‌ 94، ص‌ 242 إلی 246. وقال‌: هذا الدعاء هو ممّا انتخبه‌ السيّد ابن‌ باقي‌ والذي‌ رواه‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وقال‌ في‌ آخره‌:

«بيان‌:

هذا الدعاء من‌ الادعية‌ المشهورة‌، ولم‌ أجده‌ في‌ الكتب‌ المعتبرة‌ إلاّ في‌ «مصباح‌ السيّد ابن‌ الباقي‌» رحمه‌ الله‌، ووجدتُ منه‌ نسخة‌ قرأه‌ المولي‌ الفاضل‌ مولانا درويش‌ محمّد الاءصبهاني‌ّ جَدّ والدي‌ من‌ قِبل‌ أُمّه‌ علی العلاّمة‌ مروِّج‌ المَذهب‌ نور الدين‌ علی بن‌ عبد العالي‌ الكركي‌ّ قدّس‌ الله‌ روحه‌ فأجازه‌».

ثمّ أورد المجلسي‌ّ صورة‌ إجازة‌ المحقّق‌ الكركي‌ّ المؤرّخة‌ سنة‌ تسع‌ وثلاثين‌ وتسعمائة‌، وقال‌: «ووجدتُ في‌ بعض‌ الكتب‌ سنداً له‌ هكذا: قال‌ الشريف‌ يحيي‌ بن‌ قاسم‌ العلوي‌ّ: ظفرتُ بسفينة‌ طويلة‌ مكتوب‌ فيها بخطّ سيّدي‌ وجَدّي‌ أمير المؤمنين‌ وقائد الغرّ المحجّلين‌ ليث‌ بني‌ غالب‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ أفضل‌ التحيّات‌ ما هذه‌ صورته‌:

«بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌، هذا دعاء علّمني‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وكان‌ يدعو به‌ في‌ كلّ صباح‌ وهو: اللَهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ إلی آخره‌، وكتبَ في‌ آخره‌: كتبه‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ في‌ آخر نهار الخميس‌ حادي‌ عشر شهر ذي‌ الحجّة‌ سنة‌ خمس‌ وعشرين‌ من‌ الهجرة‌.

وقال‌ الشريف‌: نقلته‌ من‌ خطّه‌ المبارك‌، وكان‌ مكتوباً بالقلم‌ الكوفي‌ّ علی الرقّ في‌ السابع‌ والعشرين‌ من‌ ذي‌ القعدة‌ سنة‌ أربع‌ وثلاثين‌ وسبعمائة‌».

وذكر المجلسي‌ّ هنا بياناً مفصّلاً في‌ شرح‌ هذا الدعاء وتفسيره‌، من‌ طبعة‌ الكمباني‌ّ، ص‌ 136 إلی 141، ومن‌ طبعة‌ الإسلاميّة‌، ص‌ 247 إلی 263. وقال‌ في‌ آخره‌: «واعلَمْ أ نّا قد أوردنا هذا الدعاء الشريف‌ مع‌ شرحه‌ في‌ كتاب‌ الصلاة‌ في‌ أبواب‌ أدعية‌ الصباح‌ والمساء، وإنّما كرّرناه‌ للفاصلة‌ الكثيرة‌، ولشدّة‌ مناسبته‌ بهذا المقام‌ أيضاً».

نعم‌، وقد ذكر الشيخ‌ عبد الله‌ السماهيجي‌ّ في‌ «الصحيفة‌ العَلويّة‌» وقد طبعها كاتب‌ النسخة‌ المطبوعة‌ في‌ (باسمه‌اي‌) باسم‌ فخر الاشراف‌ سنة‌ 1320 ه، وكتب‌ الصفحات‌ من‌ 181 إلی 218 والخاصّة‌ بدعاء الصباح‌ بالخطّ الكوفي‌ّ وخطّ النسخ‌.

وقال‌ المحدّث‌ العظيم‌ العلاّمة‌ الحاجّ الشيخ‌ آقا بزرك‌ الطهراني‌ّ قدّس‌ سرّه‌ في‌ «الذريعة‌» ج‌ 15، ص‌ 22: «الصحيفة‌ العَلويّة‌ والتحفة‌ المرتضويّة‌»: من‌ جَمْع‌ المولي‌ الاجلّ الشيخ‌ عبد الله‌ بن‌ صالح‌ بن‌ جمعة‌ بن‌ علی بن‌ أحمد بن‌ ناصر بن‌ محمّد بن‌ عبد الله‌ البحراني‌ّ السماهيجي‌ّ مولداً الماحوزي‌ّ تحصيلاً، المُتوفّي‌ ليلة‌ الاربعاء 9 جمادي‌ الآخرة‌ 1135، جمعها من‌ كُتب‌ الاصحاب‌ مرسلاً من‌ دون‌ ذِكر سند، ومجموع‌ أدعيتها 156 دعاء».

وقال‌ أيضاً في‌ ص‌ 23 من‌ ذلك‌ الكتاب‌ ما مفاده‌: «الصحيفة‌ العَلويّة‌ الثانية‌ جمعها شيخنا النوري‌ّ الحاجّ ميرزا حسين‌ (المتوفّي‌ سنة‌ 1320 ه)، وتشتمل‌ علی 103 دعاء من‌ أدعية‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ نظّمها كتتمّة‌ واستدراك‌ للصحيفة‌ الاُولي‌».

[7] ـ روي‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ هذا الدعاء في‌ «بحار الانوار» طبعة‌ الكمباني‌ّ: ج‌ 20، ص‌ 245 إلی 250، والإسلاميّة‌: ج‌ 98، ص‌ 82 إلی 93، عن‌ كتاب‌ «الاءقبال‌» (ص‌ 67 إلی 75 التعليقة‌) برواية‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ وسنده‌ إلی محمّد بن‌ هارون‌ بن‌ موسي‌ التلعُكبري‌ بسنده‌ عن‌ حسن‌ بن‌ محبوب‌، عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالي‌ّ أ نّه‌ قال‌:

كان‌ علی بن‌ الحسين‌ صلوات‌ الله‌ عليهما يصلّي‌ عامّة‌ ليلته‌ في‌ شهر رمضان‌، فإذا كان‌ السَّحَر دعا بهذا الدعاء.

وروي‌ كذلك‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ «مصباح‌ المتهجّد» ص‌ 401 إلی 413، الطبعة‌ الحجريّة‌، بنصّه‌ كما نُقِل‌ عن‌ كتاب‌ «الاءقبال‌»، عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالي‌ّ.

[8] ـ يقول‌: «متي‌ غِبتَ عن‌ القلب‌ حتّي‌ أتمنّاكَ، أو كنتَ خفيّاً فأبحثُ عنك‌.

لم‌ تَغِبْ عنّي‌ حتّي‌ أطلبُ حُضورَكَ، ولم‌ تختفِ حتّي‌ أكشفُ عنكَ النقاب‌.

لقد خرجتَ (عَلَي‌َّ) بمائة‌ ألف‌ مَظهر، فتطلّعتُ إليكَ بمائة‌ ألف‌ باصرة‌.

أصبحت‌ عيناي‌ ـ بجهد مائة‌ مرّة‌ تصنع‌ المرايا، حتّي‌ أجعلك‌ تعشق‌ بنظرة‌ واحدة‌.

أنظر إلی قامتك‌ في‌ مرآة‌ عيني‌ حتّي‌ أُخبرَكَ عن‌ العالَم‌ العُلوي‌ّ وأُطلِعُكَ علی أنبائه‌.

ليتكَ تمرّ نشواناً بدلال‌ علی الحَرَم‌ والدير، حتّي‌ أجعلَ منكَ قِبلةً للمؤمن‌ والراهب‌.

أتمنّي‌ أن‌ أزيحَ عنكَ اللثام‌ ليلةً، فأُصيغَ منكَ شمساً للكعبة‌ وقمراً للكنيسة‌».

[9] ـ يقول‌: «لو وقعتْ بقبضتي‌ ذؤابتا شعرك‌ اللتان‌ علی شكل‌ صليب‌، لجعلتُ منهما آلاف‌ السلاسل‌ لقدمي‌.

ولو أُعطيتُ يوم‌ القيامة‌ السدرة‌ وطوبي‌، لقدّمتُهما كلتيهما قرباناً لقامتكَ الساحرة‌ في‌ آن‌واحد.

يزداد عملي‌ في‌ مصنع‌ العشق‌ جمالاً ورقّةً، كلّما ألقيتُ نظرةً علی وجهكَ الوضّاح‌.

لقد ذاعَ سِرّي‌ وفُضِحتُ في‌ العالمين‌ من‌ فرط‌ حبّي‌ (لكَ)، وأخافُ، لا سمح‌ الله‌، أن‌ ( أُجبَرَ فـ ) أفضحَ سرّكَ.

لو مررتَ علی وثاقي‌ ورميتني‌ بنظرة‌ واحدة‌، لجعلتُ منكَ أميراً للجيش‌».

[10] ـ جاء في‌ «كشف‌ الظنون‌» ج‌ 1، ص‌ 675: «الحِكَم‌ العطائيّة‌» للشيخ‌ تاج‌ الدين‌ أبي‌ الفضل‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ عبد الكريم‌، المعروف‌ بابن‌ عطاء الله‌ الاءسكندراني‌ّ الشاذلي‌ّ المالكي‌ّ، المتوفّي‌ بالقاهرة‌ سنة‌ تسع‌ وسبعمائة‌ ( 709 )، أوّلها: مِن‌ علامةِ الاعتمادِ علی العملِ، نقصانُ الرجاءِ عند وجود الزلَلِ -إلي‌ آخره‌. وهي‌ حِكَم‌ منثورة‌ علی لسان‌ أهل‌ الطريقة‌.

ولمّا صنّفها عرضها علی شيخه‌ أبي‌ العبّاس‌ المُرسي‌ّ فتأمّلها وقال‌ له‌: لقد أتيتَ يا بني‌ّ في‌ هذه‌ الكرّاسة‌ بمقاصد الاحياء وزيادة‌، ولذلك‌ تَعشّقها أرباب‌ الذوق‌ لما رقّ لهم‌ من‌ معانيها وراقَ، وبسطوا القول‌ فيها وشرحوها كثيراً. فمن‌ المؤلّفات‌ عليها شرح‌ شهاب‌ الدين‌ أحمد بن‌ محمّد البرلسي‌ّ ] البُرنسي‌ّ [ المعروف‌ بـ (زرّوق‌) وهو شرح‌ ممزوج‌ أوّله‌: الحمدُ للّهِ الذي‌ شَرَّفَ عبادَه‌ إلی آخره‌. وذكر في‌ بعض‌ شروحه‌ أنّ الحِكَم‌ مرتّب‌ بعضها علی بعض‌ فكلّ كلمة‌ منها توطئة‌ لما بعدها وشرح‌ لما قبلها.

وأ نّه‌ درسَ الحِكَم‌ خمسة‌ عشر درساً وكتبَ كلّ مرّة‌ شرحاً من‌ ظهر القلب‌ كلّه‌ بعبارة‌ أُخري‌، وقيل‌ إنّ للشيخ‌ زرّوق‌ ثلاثة‌ شروح‌ علی الحِكَم‌، لكنّ الاصحّ ما كتبه‌ نفسه‌». وهنا يشير صاحب‌ «كشف‌ الظنون‌» ضمن‌ بحث‌ تفصيلي‌ّ إلی عدد الشروح‌ التي‌ كُتِبَتْ علی كتاب‌ «الحِكَم‌ العطائيّة‌».

نعم‌، وأمّا أشهر ما هو معروف‌ من‌ الشروح‌ علی ذلك‌ الكتاب‌ هو شرح‌ الشيخ‌ أحمد زرّوق‌ المطبوع‌ من‌ قِبَل‌ مكتبة‌ النجاح‌ في‌ طرابلس‌ الغرب‌ بتحقيق‌ اثنين‌ من‌ العلماء. وقد جاء في‌ مقدّمة‌ هذين‌ العالِمَيْن‌ ما مَفاده‌: كان‌ (الشيخ‌ تاج‌ الدين‌ أبو الفضل‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ عبد الكريم‌، المعروف‌ بابن‌ عطاء الله‌ الاءسكندراني‌ّ الشاذلي‌ّ المالكي‌ّ) تلميذ المُرسي‌ّ أبي‌ العبّاس‌ المعروف‌، وقد كتب‌ الشيخ‌ زرّوق‌ ثلاثين‌ شرحاً علی هذا الكتاب‌، وهذا هو الشرح‌ السابع‌ عشر منها. وقال‌ في‌ «شذرات‌ الذهب‌»: وكتب‌ أكثر من‌ ثلاثين‌ شرحاً علی «الحكم‌ العطائيّة‌». وُلِدَ الشيخ‌ أحمد زرّوق‌ في‌ يوم‌ الخميس‌ الثامن‌ عشر من‌ شهر ذي‌ الحجّة‌ الحرام‌ سنة‌ ثمانمائة‌ وستّة‌ وأربعين‌ (للهجرة‌) وكانت‌ وفاته‌ في‌ سنة‌ ثمانمائة‌ وتسعة‌ وتسعين‌.

[11] ـ يقول‌: «ما نظرتُ إلی شي‌ء إلاّ وصورتك‌ فيه‌، يا ساتراً وجهك‌، كم‌ كنتَ تبدو كثيراً».

[12] ـ يقول‌: «إنّ الحبيب‌ مُتجلٍّ من‌ وراء الباب‌ والجدار، (فافهموا) يا أُولي‌ الابصار.

أتَبحثُ عن‌ الشمعة‌ وهذي‌ الشمس‌ مشرقة‌ (في‌ كبد السماء)؟، وهو ذا النهار مُضي‌ء وأنتَ تَرزح‌ في‌ ليل‌ مُدلَهمّ.

إذا أنتَ تخلّصت‌ من‌ ظُلمات‌ نفسك‌، ستري‌ العالَم‌ كلّه‌ مشارق‌ للانوار.

أتطلبُ من‌ أعمي‌ أن‌ يقودك‌ وتطلب‌ عصا تعتمد عليها في‌ هذا الطريق‌ الواضح‌ والمُمَهَّد؟

افتح‌ عينيكَ وانظُر إلی البستان‌، وإلي‌ الماء الرقراق‌ وهو يتخلّل‌ الطين‌ والاشواك‌».

[13] ـ يقول‌:

«انظر إلی الآلاف‌ المؤلّفة‌ من‌ الالوان‌ الزاهية‌ للزهور والورود في‌ (هذه‌) الروضة‌ (الغَنّاء) فكلّها من‌ صنع‌ ذلك‌ الماء العديم‌ اللون‌.

ابدأ في‌ طَلَبِ المدينة‌ عن‌ طريق‌ العشق‌، واحمِلْ معك‌ زاداً ومؤونة‌ للسير في‌ هذا الطريق‌.

وربّتَ أعمالٍ كثيرة‌ تَسهُل‌ بالعشق‌، ويصعب‌ علی العقل‌ فهمها أو إدراكها.

الهَج‌ باسم‌ الحبيب‌ بالغدوّ والآصال‌، وابحَثْ عنه‌ بالعشي‌ّ والاءبكار.

ولو قال‌ لك‌ (الحبيب‌) لن‌ تراني‌، مائة‌ مرّة‌، (فلا تيأس‌) واستمرّ بمسيرك‌ نحوه‌ (ولا تُضيّع‌ هدفك‌) وارتَقِبْ اللقاء (والوصال‌).

حتّي‌ تصِلَ إلی مكانٍ حيث‌ لا وجود للاوهام‌ أو الافكار.

[14] ـ يقول‌: «فستحصل‌ في‌ محفل‌ هناك‌ علی زادٍ لم‌ يُقدَّر لجبرئيل‌ الحصول‌ عليه‌.

فهو ذا الطريق‌، وهو ذا زاد الطريق‌، وذلك‌ هو المنزل‌ (والمُقام‌)، فلو كنت‌ رجلاً تُريد خوض‌ الغمار تعال‌ إذن‌ وهات‌ ما عندك‌.

وإذا لم‌ تكن‌ رجلاً كما هو مع‌ الرجال‌ (الذين‌ عجزوا عن‌ ذلك‌)، فردِّد إذن‌ عبارة‌ «يا حبيب‌ يا حبيب‌!» وحُكَّ خلف‌ أُذنك‌ (بَطراً).

يا «هاتف‌!» إنّ أرباب‌ المعرفة‌ وأساطينها الذين‌ تحسبهم‌ أحياناً سُكاري‌ وأحياناً أُخري‌ تظنّهم‌ صحاة‌.

إنّما ذلك‌ بفعل‌ الخمـر وسُـقاتها والمجـون‌ والمطربين‌ والرهبـان‌ والدير والشـاهد والزنّار.

إنّ في‌ ثنايا عملهم‌ هذا تكتم‌ أسرارٌ، يُظهرونها أحياناً من‌ خلال‌ الاءيماءات‌ (والاءشارات‌)».

[15] ـ يقول‌: «ستعلمُ إن‌ أنت‌ كشفت‌ سرّهم‌، أنّ هذا هو سرّ الاسرار.

وجود واحد ولا شي‌ء غيره‌، وَحْدَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُو».

ديوان‌ «السيّد أحمد هاتف‌ الاءصفهاني‌ّ» البند الاخير من‌ ترجيع‌ بنده‌.

[16] ـ «الحِكَم‌ العطائيّة‌، والمناجات‌ الاءلهيّة‌» والذي‌ يجي‌ء بعده‌ كذلك‌ «الحِكَم‌ العطائيّة‌ الصغري‌» طبعة‌ المكتبة‌ العربيّة‌ بدمشق‌، أحمد عُبَيد، الطبعة‌ الثانية‌ ( 1 رجب‌ سنة‌ 1394 ه ) ص‌ 80 إلی 90؛ ولكنّنا انتقينا نصّ العبارات‌ تلك‌ من‌ «شرح‌ حِكم‌ ابن‌ عطاء الله‌» تأليف‌ الشيخ‌ أحمد زرّوق‌ (والذي‌ طُبِع‌ بتحقيق‌ الدكتور عبد الحليم‌ محمود والدكتور محمود بن‌ شريف‌ في‌ مكتبة‌ النجاح‌ طرابلس‌ الغرب‌، الاُستاذ محمّد نور الدين‌ بريون‌) من‌ ص‌ 448 إلی 473. وكما يظهر من‌ مقدّمة‌ هذين‌ المحقّقَيْن‌ علی الكتاب‌، أنّ الشيخ‌ زرّوق‌ (أحمد بن‌ أحمد بن‌ محمّد) كان‌ من‌ فاس‌ (المغرب‌).

[17] ـ «بحار الانوار» ج‌ 20، ص‌ 282، باب‌ أعمال‌ خصوص‌ يوم‌ عرفة‌ وليلتها وأدعيتها زائداً علی ما مرّ في‌ طي‌ّ الباب‌ السابق‌، طبعة‌ الكمباني‌ّ؛ وفي‌ الطبعة‌ الإسلاميّة‌: ج‌ 98، ص‌ 214.

[18] ـ «بحار الانوار» ج‌ 20، ص‌ 287، الطبعة‌ القديمة‌ (الكمباني‌ّ)؛ وفي‌ طبعة‌ المكتبة‌ الإسلاميّة‌: ج‌ 98، ص‌ 227 و 228.

[19] ـ «البلد الامين‌» للشيخ‌ إبراهيم‌ الكفعمي‌ّ، ص‌ 251 إلی 258، منشورات‌ مكتبة‌ الصدوق‌ طهران‌.

[20] ـ «زاد المعاد» للعلاّمة‌ الملاّ محمّد باقر المجلسي‌ّ الثاني‌ رحمه‌ الله‌، ص‌ 91 إلی 96، طبعة‌ قديمة‌ جدّاً بقلم‌ أحمد التبريزي‌ّ؛ وطبعة‌ المرحوم‌ الحاجّ الشيخ‌ فضل‌ الله‌ النوري‌ّ رحمه‌ الله‌، بقلم‌ مصطفي‌ النجم‌ آبادي‌ّ: ص‌ 209 إلی 222.

[21] ـ «الاءقبال‌» ص‌ 339 إلی 350، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ «مفاتيح‌ الجنان‌» ص‌ 271، طبعة‌ الإسلاميّة‌، سنة‌ 1379 ه.

شاهد أيضاً

الإطار الاجتماعي للشهادة

الإطار الاجتماعي للشهادة الجهاد الإطار الاجتماعي للشهادة ينظر إلى المسألة باعتبارها ظاهرة لها جذورها الممتدة ...