كتاب معرفة الله – السيّد محمّد حسين الحسيني الطهراني قدّس سرّه
3 ساعات مضت
زاد الاخرة
6 زيارة
الله في كلّ مكان، افتح عينيك وحدِّق
أَعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ
بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحيم
وَصَلَّي اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ
وَلَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائِهِمْ أجْمَعينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ
وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَليِّ العَظِيمِ
قَالَ اللَهُ الحَكِيمُ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ:
مَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ اللَهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَهِ لاَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. [27]
والآيات السابقة لها هي:
بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ’نِ الرَّحِيمِ
ال´م´ * أَ حَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُو´ا أَن يَقُولُو´ا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَـ’ذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّـَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ.
أمّا الآيات اللاحقة لها فهي:
وَمَن جَـ’هَدَ فَإِنَّمَا يُجَـ’هِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَـ’لَمِينَ * وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ’لِحَـ’تِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ.
في الآية، موضوع البحث، يعد الله سبحانه وتعالي شأنه، المشتاقين إلی رؤيته صراحةً بلقائه وزيارته، وينبّه إلی أنّ الامر لا ينتهي بمجرّد قول الشهادتين والإيمان باللسان، بل إنّ المؤمنين أمامهم امتحانات عديدة عليهم اجتيازها، وبدون الاختبار، ووضع المتفوّهين بالشهادتين والإيمان باللسان علی محكّ التجربة، يستحيل علی أحد الصعود إلی درجات النعيم والفوز بالجنان ولقاء جمال الواهب المنّان، وهي سنّة سنيّة، ودأب قديم للّه في إخضاع كلّ الاُمم والاقوام للامتحان، حتّي يتبيّن المؤمن الصادق من المدّعي الكاذب.
ولقد ساء ما يعتقد به البعض وضلّ ضلالاً كبيراً، أ نّه بارتكاب القبائح والمعاصي يسبقون إرادة الله واختياره وقدره وقضائه، بل سيندحرون، وسيتبيّن لهم أ نّهم توهّموا كونهم أحراراً غير مقيّدين في ارتكابهم تلك الاعمال في عالم الكون والامر والخلق والإيجاد، ساء ما يعتقدون به ويظنّون، حيث لم يعقلوا أنّ استباقهم لامر الله وتأخّرهم عنه، هو أمر إلهيّ محيط بهم، وأ نّهم بطريقة تفكيرهم هذه إنّما يضعون أنفسهم في قبضة إرادة الله القاهرة ومشيئته الغالبة.
وأمّا الذين يتُوقون إلی رؤية الله ولقائه، فستتحقّق لهم أُمنيتهم تلك، ولن يخيب أملهم أو تحبط مساعيهم؛ وسيحين موعد اللقاء، وتطوي صفحة البُعد والهجران، فالله الواحد العالم بالخلق والسميع بهم؛ علی علمٍ تامّ بتلك الاُمنية، وسيكشف النقاب عن وجهه المشرق، وسيُلقّي السالك جائزته لقاء سعيه واجتهاده الحثيث في سبيل لقاء الله ورؤيته.
إنّ اجتهاد الناس ورغبتهم في لقاء الله، لا ينفع الله في شيء، لا نّه غنيّ عن العالمينَ، وإنّ مردود وثواب اجتهاد وسعي الإنسان المجاهد والساعي والسالك، إنّما هو عائد له.
إنّ الذين آمنوا بالله لا بلسانهم بل بأعماق قلوبهم، وأعقبوا ذلك أعمالاً صالحة تُرضِي الله المحبوب الازليّ، الذين تجيش في نفوسهم فكرة لقاء الله، فلا جرم أنّ الله سبحانه سيغفر ما تقدّم من ذنوب هؤلاء المحبّين الصادقين ويثيبهم علی صالح أعمالهم.
2025-10-07