الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية
29 يناير,2017
الاسلام والحياة
1,477 زيارة
10 ) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
مميزات الأمثال
تتميز الأمثال القرآنية بخصائص تربوية تأثر على المخاطبين أكثر من الكلام العادي،فالأمثال القرآنية تتميز بدقة التصوير مما يعين على التأثير وتحقيق الهدف.
ويقول جنكة الميداني في هذا المجال:
من تتبع الأمثال القرآنية يستطيع اكتشاف خاصية دقة التصوير مع إبراز العناصر المهمة في الصورة التمثيلية والتصوير المتحرك الحي الناطق ذو الأبعاد المكانية والزمانية والتي تبرز فيه المشاعر النفسية والوجدانية والحركات الفكرية للعناصر الحية في الصورة،مع المماثلة بين المثل والممثل له. وهذه الأمثال التي أودعها الله تعالى كتابه تحمل إعجازا في تراكيبها البلاغية وصوره النفسية،فالمثل يهدف إلى الغوص في أعماق النفس والدخول في شغاف القلب ليحقق غايته في الإصطلاح،وخلق النموذج الأكمل في الذات الإنسانية،ولعل البيان في أساليب المجاز والاستعارة والتشبيه،تؤخر الوسائل الناجحة لنقل العواطف وإثارة الحواس،وبهما تتجاوب الأصداء وتلتقي الأصوات وتتحرك الكلمات.
ويؤكد محمد شيخون على أن الأمثال القرآنية تتميز بتماسك صورها التمثيلية،تماسكا شديدا يجعلها بحيث لو حاولنا فصل احد الأجزاء لنفرط عقد الصورة وانتشرت معالم الجمال فيها،فالقوة البيانية متمثلة في إعطاء الفكرة عن طريق الصورة التمثيلية مركبة الأجزاء،ولا تأتي عبثا لكن يجئ عقب فكرة يراد توضيحها وتمكينها في ذهن السامع،لذا فإن الأمثال في القرآن تمتاز بإنتقاء الألفاظ واختيارها اختيارا مناسباً.
ومن الفوائد الهامة للأمثال القرآنية أنها تمتاز بخاصية التكرار وهي كغيرها من الآيات القرآنية تكررت عدة مرات في مناسبات عديدة عبر كتاب الله،وذهب بعض العلماء إلى أن من القرآن ما تكرر نزوله،وقد يتكرر نزول الآية على سبيل التذكير والموعظة بما يكون باعثا للسامعين على الأثر والاستجابة .
ولتكرار وظيفة تربوية إذا يعمل على تثبيت الفكرة العامة لموقف النفس وقوة استحضارها،لتكون ملازمة لذهن الإنسان مؤثرة في سلوكه العام،فالقرآن الكريم ليس كتاب سجل لتدوين أحداث التاريخ الإنساني،وإنما هو كتاب هداية وإرشاد يتخذ من مواقف الإنسان،منطلقات نفسية تربوية وتشريعية،لتكوين الإنسان الفاضل والمتكامل .
ويؤكد إبراهيم ناصر على أن الإنسان يستطيع أن يتعلم الأشياء البسيطة مرة واحدة،وأما الأمور المعقدة فهي تحتاج إلى الإعادة والتكرار،غير أن التكرار يجب أن يكون مقروناً بالانتباه والملاحظة وفهم الموقف،ويكون التكرار مقروناً بالتدعيم والمعرفة الواعية،كي لا يكون الحفظ سطحياً ينسى بعد فترة قصيرة،بل يجب أن يكون هناك إشباع لعملية التعلم فإذا ما كرر الإنسان عملا معيناً فإن العملية التكرارية تسهل تعديله وتنظيمه،وتكرير شيء ما عدة مرات يكسب الفرد نوعاً من الثبات والكمال،ويصحح الأخطاء إن وجدت.وكثيراً ما يفيد التكرار في التعلم،كما أن التكرار له أهمية كبرى في تدريب الفرد على الأشياء،سواء كانت معارف أو مهارات،وهو ما يذهب إليه واطسون في نظرية التكرار .
ويجمع علماء التربية على أن من العوامل المساعدة على التعلم استخدام الأساليب والوسائل المشوقة التي تبعث بدورها النشاط والحركة باتجاه الاستيعاب والفهم،وان المناهج العلمية والمعلومات والمعارف التي تقدم بأساليب غير مشوقة،وبطريقة فجة تؤدي بالمتعلم إلى النفور من التعليم،أو على الأقل إلى النفور من المادة أو الموضوع الذي يراد تعليمه إياه،لذا فكافة النظريات والتجارب التربوية الحديثة في التعلم تجعل هذا العامل محورياً في تنظيراتها،حتى أن بعض تلك النظريات ذهبت بعيداً إلى حد اقتراح وسائل تعليمية تجمع بين الدراسة واللعب،خصوصاً عند الأطفال .
فالله سبحانه وتعالى خالق البشر،وهو العالم بطبيعتهم،وهي الملل والنفور،لذلك إقتضت حكمة الله من خلال كتابه العزيز،أن لا تكون الآيات على نسق واحد من الأمر والنهي،أرادها عرضا مشوقا ميسراً للذكر يقتل الملل ويساعد على النشاط والتدبر في القرآن الكريم.
ومما يزيد القرآن الكريم تشويقاً في قراءته ألفاظه الجميلة وانسياب آياته وسجعها،وبركتها،إذ أن القران آيات مباركة،حتى أن هذا القرآن صار وسيلة مسكنة لألم النبي صلى الله عليه وآله،فقد كان يركن إلى ترتيل القرآن كلما همه أو أفزعه أو أحزنه أمر فتسليه تلاوته،ويواسيه ويخفف عنه وطأة المصائب وكان يحب أن يسمعه من غيره .
2017-01-29