الرئيسية / من / طرائف الحكم / مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني 03

مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني 03

 فالإمام هو

المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المرتضى، اصطفاه الله تعالى بذلك، واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه وانتجبه لطهره، بقية من آدم (عليه السلام)، وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد (صلى الله عليه وآله) لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه، ويكلأه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصانا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه، منسوبا إلى العلم والعفاف والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى حجته، وبلغ منتهى مدة والده – صلى الله عليه – فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فضل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستحباه حكمته، واسترعاه لدينه، وانتدبه لعظيم أمره، وأحيى به مناهج سبيله، وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحيير أهل الجهل، وتحير أهل الجدل، بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحق الأبلج، والبيان من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه (عليهم السلام) فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ولا يجحده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا. انتهى بطوله (1).
قوله (عليه السلام): طلاوة إسلامه الطلاوة مثلثة: الحسن والبهجة والقبول، قوله: أهل مواده وعالمه.
قال بعض الشراح: العالم وهو الخلق، عطف على الأهل، أو على المواد، ولعل المراد به العقول التي هي مواد معرفته، والإضافتان أعني إضافة المواد والعالم إلى ضميره تعالى

١ – الكافي: ٦ / 230 باب فضل الإمام خبر 2.
(١٦)
بتقدير اللام للاختصاص والملكية، يعني جعله حجة على أهل العقول وغيرهم إذ هو حجة على جميع المخلوقات، وكل شئ يجب أن يرجع في تسبيحه وتقديسه وعبادته وكيفية خضوعه إليه ويحتمل أن يراد بالمواد عالم الزمانيات والجسمانيات، وبالعالم عالم المجردات والروحانيات وأما حمل أهل المواد على أهل المحبة، وحمل العالم فبعيد كحمل العطف على التفسير، فليتأمل.
أقول: الصحيح أنه لا مجرد سوى الله تعالى وما ذكره من إرادة إثبات مجرد سواه فلا ينهض دليلا، بل الدليل على خلافه، وليس هنا مقام بسط الكلام، فلنحوله إلى محله، وأما حمل العطف على التفسير، فليس ببعيد، وإن كان مقتضى العطف التغاير فتأمل.
– ومنها بسند كالصحيح أو الصحيح على بعض الوجوه عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة (عليهم السلام) كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلم له ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول (1).
– ومنها في الصحيح عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق فقال: إن الله عز وجل بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الناس أجمعين رسولا وحجة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واتبعه وصدقه، فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه، ويعرف حقهما، فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما (2).
أقول: يريد أن وجوب معرفة الله ورسوله مقدم رتبة على وجوب معرفة الإمام لا نفي وجوب معرفة الإمام عمن لا يعرف الله ورسوله.
– ومنها (3) في الصحيح عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه، ولا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها،
فهجمت ذاهبة
١ – الكافي: ١ / ١٨٠ باب معرفة الإمام خبر ٢.
٢ – الكافي: ١ / ١٨٠ باب معرفة الإمام خبر ٣.
٣ – الكافي: ١ / 375 باب فيمن دان الله بغير إمام.
(١٧)

شاهد أيضاً

أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات

الثاني : اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ عن فقه الرضا عليه‌السلام : ص ١١٥ ، بعد ذكر ...