في رحاب الملحمة الحسينية 14 عبد الستار الجابري

المسالة الثانية: ارتباط الملحمة الحسينية بالسنن الاجتماعية2

ولم يمض الامر طويلاً في مجتمع الايمان على الارض حتى عادت اليه الامراض التي كانت في مجتمع نوح (عليه السلام)، الا انها هذه المرة لم تكن بالمستوى الذي كان على عهد نوح (عليه السلام) فتدخل السماء لم يكن ليعم كل اهل الارض بل ابيدت مناطق دون غيرها، كثمود وعاد وسدوم وفرعون وجيشه، وواضح مما يتلوه علينا القرآن الكريم ان الأمة المؤمنة في تلك المناطق لم تكن قادرة على مواجهة الكافرين، بل كانوا امة مستضعفة عاجزة عن حماية نفسها، فلم ينج الله تعالى من عاد الا هود ومن ثمود الا صالح وثلة مؤمنة كانت معهما واما سدوم فلم ينج منهم الا لوطا (عليه السلام) واهل بيته باستثناء زوجته التي اصابها ما اصاب قومها من العذاب الالهي، بينما لم يحدثنا القرآن الكريم عن اهلاك قوم النبي ابراهيم (عليه السلام) على الرغم من انهم قرروا احراقه بالنار لانه حطم اصنامهم، مما يدل على ان المجتمع البابلي في عهد النبي ابراهيم (عليه السلام) لم يكن قد استولت عليه عقيدة الشرك استيلاء تاماً، وان قابلية التغيير موجودة في المجتمع البابلي في ذلك الوقت، والحال مثله في المجتمع المصري، فالله تعالى لم يهلك كل اهل مصر بل اهلك فرعون وجيشه فقط، مما يدل على ان المجتمع المصري لم يكن متمحضاً بالبعد عن الله وان قابلية الاصلاح متحققة فيه.