قصص المعصومين (عليهم السلام )
7 أيام مضت
قصص وعبر
26 زيارة
وهـل غـيـر عـلي بن ابي طالب (ع ) الفتى الذي كرم اللّه تعالى وجهه بما لم يكرم به غيره حتى من الانـبياء.. وذلك باستضافة اءمه فاطمة بنت اءسد في بيته الشريف .. فدخلت لتضعه هناك .. فـولـدتـه حــســن الـوجه مسرورانظيفا.. واطعم اللّه امه من ثمار الجنة وهي ما تزال في الدنيا.. وناداها :
آيافاطمة سميه عليا.. اني شققت اسمه من اسمي .. وادبته بادبي .. ووقفته على غامض علمي .. فطوبى لمن احبه واطاعه .. وويل لمن ابغضه وعصاه .
وكل ما جعله اللّه تعالى من امر علي (ع ) منذ لحظة ولادته في بيته الشريف ..والى لحظة دعوتك يا رسول اللّه ما كان الا ان يكون هو خليفتك ووزيرك .
وتـمر الاعوام متعاقبة .. حتى جاء ذلك اليوم الموعود.. ويا له من يوم .. كان الجو شديد الحرارة في ظـهيرة ذلك اليوم .. وكانت آلاف القوافل عائدة من الحج مع رسول اللّه (ص ) وكانت اقدامهم تكتوي مـن شدة حرارة الرمال ..وتلفح وجوههم سموم الصحراء تحت لهب الشمس .. والاكثر من هذا هوما كـان يـختلج في صدورهم .. فقد لمح لهم رسول اللّه (ص ) اثناء مناسك الحج بما جعلهم يشعرون بان هـذه الـحـجـة هي آخر حجة له (ص ).. وواصلت القوافل سيرها حتى وصلت الى مكان تتفرع منه طـرق بـلـدان الـحـجـاج .. والـذي يـسـمـى بغدير خم .. سمع الناس صوتا يناديهم ويدعوهم الى الـتوقف ..فنظروا خلفهم متسائلين عما يجري : ـ ما الذي حصل في هذا الوقت وفي هذه الظروف .
؟ فهناك اشخاص يعملون على تهيئة بعض الخيام لينصبوها في اماكن معينة .
انـهـم يتساءلون وربما في تلك اللحظة لا يعلمون ان رسول اللّه (ص ) لم يفعل ذلك رغبة منه . وانما بامر من اللّه عز وجل .. نزل به الا مين جبرائيل مخاطبا به رسول اللّه (ص ):
( يـا ايها الرسول بلغ ما اءنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته واللّه يعصمك من الناس ..) ((4)) . نـودي لصلاة الظهر.. فصلى الرسول (ص ) بتلك الجموع الغفيرة وفي ذلك اليوم الذي كان يضع فيه الرجل بعض ردائه فوق راسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء . ولـمـا سـلم الرسول (ص ) منتهيا من صلاته .. قام خطيبا فوق اقتاب الابل وسط تلك الجموع رافعا صـوته لاسماعهم : ـ الحمد للّه .. ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه .. ونعوذ باللّه من شرور انفسنا ومـن سـيـئات اعـمـالـنا.. الذي لا هادي لمن اءضل .. ولا مضل لمن هدى .. يا اءيها الناس اللطيف الخبير انه لن يعمر نبي الا مثل نصف عمر الذي قبله .. واني اءوشك اءن اءدعى فاءجيب واني مسؤول , وانتم مسؤولون . فماذا انتم قائلون ؟ قالوا : ـ نشهد انك قد بلغت وجاهدت ونصحت فجزاك اللّه خيرا.
فقال لهم : ـ الستم تشهدون ان لا اله الا اللّه وان محمدا عبده ورسوله ..وان جنته حق .. وناره حق .
والموت حق .. والبعث حق .. وان الساعة آتية لا ريب فيها.. وان اللّه يبعث من في القبور.
فقالوا : ـ نشهد بذلك .
فقال : ـ اللهم اشهد.. يا ايها الناس وقد كان الامام علي (ع ) الى جانبه فاخذ بيده ورفعها عاليا مع يده .. حتى شاهد الناس بياض ابطيهما.
ونـادى رافعا صوته : ـ فمن كنت مولاه فهذاعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عاداه , واحب مـن احـبه وابغض من ابغضه .. وانصر من نصره واخذل من خذله , وادر الحق معه حيث دار.. يا ايها الـنـاس اقـداح بـعدد النجوم من الفضة ..فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين .. اني سائلكم عنهما حين تردون علي الحوض .. الثقل الاكبر كتاب اللّه تعالى طرف مـنـه بيد اللّه تعالى والطرف الاخر بايديكم .. فاستمسكوا به لن تضلوا..والثقل الاخر عترتي اهل بـيـتي .. وان اللطيف الخبير نباني انهما لن يفترقاحتى يردا علي الحوض .. فلا تتقدموهما فتهلكوا.
ولا تقصروا عنهمافتهلكوا كذلك .. وليبلغ الشاهد منكم الغائب .
وشهد غدير خم في تلك الساعة عاطفة خاصة ونكهة لا يمكن ان تنسى وقائعها عند البشر.. فقد جاء هذا التبليغ متزامنا مع عبارات الوداع ليبقى حيا في ضمير الامة ووجدانها وذاكرتها.. فتقاطر عليه الناس يبايعونه ..وجاء الشيخان ابو بكر , وعمر بن الخطاب الى رسول اللّه (ص ) وقالا له : ـ اهذا الامر منك ام من اللّه ..؟ فقال النبي (ص ) : ـ وهل يكون هذا عن غير امر اللّه .. ؟ فـتـقـدم عـمـر بـن الخطاب من امير المؤمنين علي (ع ) وسلم عليه قائلا : آالسلام عليك يا امير المؤمنين بخ بخ لك يا علي .. لقد اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
وكذلك فعل ابو بكر مثل ما فعل عمر بن الخطاب امام تلك الجموع المحتشدة .
ورغم كل الذي حصل في بيعة الغدير المباركة من تاكيد للرسول (ص ) على ان الخلافة لعلي بن ابي طـالـب (ع ) كانت امرا من اللّه تعالى لا علاقة للرسول في منحها رغبة منه لصلة القرابة بينه وبين عـلـي بـن ابـي طالب (ع ) الا انه يعلم بما سيحصل بعد وفاته (ص ) وها هو في احدى الليالي ينادي عـلـيـاوجماعة من اصحابه .. ليخرج بهم الى البقيع .. وقد كان يشعر بتدهورحالته الصحية .. ودنو اجـلـه (ص ) . فـوقف بين القبور مخاطبا موتى المؤمنين : آالسلام عليكم يا اهل القبور.. ليهنئكم ما اصبحتم به .. مما فيه الناس فقداقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع اولها آخرها.
ثم استغفر لهم طويلا.. ونعى نفسه لمن كان حاضرا من المؤمنين ..
كـان الـرسـول (ص ) قد امر بتجهيز جيش وضع في عداده شيوخ المهاجرين والانصار.. ابا بكر.
وعمر بن الخطاب .. وعثمان بن عفان وغيرهم .. ووضع لقيادة الجيش الصحابي الشاب اءسامة بن زيد بـن حـارثـة الـحـارث .. وفـي الـوقت الذي كان الرسول (ص ) يعاني من شدة مرضه .. اعتذر عمر بـن الـخطاب وابو بكر.. وعثمان .. عن التحاقهم بجيش اءسامة .. رغم اءن الرسول (ص ) كان قد قال ساعتها : ـ لعن اللّه من تخلف عن جيش اءسامة .. زاعـمين بذلك انهم لا يستطيعون مفارقة رسول اللّه (ص ) وهو في اشد حالات مرضه .. ولكن حين سقط راس الرسول (ص ) في حجر علي بن ابي طالب (ع )وفاضت نفسه الطاهرة .
خـرج هـؤلاء الـثـلاثة تاركين امر رسول اللّه (ص ) وتوجهوا الى سقيفة بني ساعدة لعقد اجتماع لتنصيب من يخلف رسول اللّه (ص ) في قيادة المسلمين ..متجاهلين بذلك كلام رسول اللّه (ص ) وكل ما حدث في بيعة الغدير التي لم يمض عليها وقت طويل .. وبهذا يكونون قد برهنوا على تخلفهم عن تـلـك البيعة المباركة في غدير خم .. وحسبنا كلام رسول اللّه (ص ) مخاطبا عليا(ع ) :ـ يا علي لا يحبك الا مؤمن .. ولا يبغضك الا منافق او ابن زنا.
وهـنـاك تحت تلك السقيفة المشؤومة بادر عمر بن الخطاب الى بيعة ابي بكربالخلافة .. وطلب من الـحـاضـريـن ان يبايعوه .. وقد وصل النبا الى مسامع الامام علي (ع ) من خلال الضجيج الذي احدثه خروج القوم من السقيفة متوجهين الى المسجد النبوي .. وهم يزفون ابا بكر كزفاف العروس في نفس الوقت الذي كان فـيـه الامام علي بن ابي طالب (ع ) مشغولا مع بقية اهل بيت النبوة (ع )بتجهيز الرسول الاكرم نبينا مـحـمد(ص ) وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه .. ولعدم قناعة الامام علي (ع ) بما يجري فقد ظـل مـؤمـنـا بـحـقـه فـي الـخـلافة مدافعا عن الاسلام والمسلمين , متصديا لحل المعضلات , متحملاالالام , صابرا حتى خرج اشقاها ليخضب كريمته المقدسة , وليثكل الامة الاسلامية كلها به وكان ذلك في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة41 من الهجرة . فاطمة الزهراء (س ) النور الزاهر كـانـها كانت تشعر بما حصل لامها من مقاطعة نساء مكة لها.. بل حتى قريباتها لم يعدن يسالن عنها او يتفقدن احوالها.. لذلك فهي وحيدة في بيتها.. لا انيس لها اثناء غياب رسول اللّه (ص ) عنها.. نعم كانت تـشعر بماحصل لامها بسبب زواجها من رسول اللّه (ص ) رغم انها ما تزال في ظلمة احشائها.. لذلك رات مـن واجـبـها ان تسليها بالحديث معها.. فاشرقت على وجه خديجة ابتسامة فرح بعد ان غمرت قلبها سعادة لم تكن تشعر بهااثناء وحدتها.
2025-02-13