أهمّ موضوعات آداب التعامل الرسميّ والاجتماعيّ
سلوكيات المجاهد
المداراة هي فنّ الإرضاء، حيث تعطي فكرة طيّبة عن صاحبها، كما وإنّها تصل بسهولة إلى القلب، وبمعنى آخر إذا وضع الشخص في اعتباره عند كلّ تصرّف..
1- المداراة
قال تعالى في محكم كتابه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم﴾1.
وعن رسول الله صلى الله عليه واله: “لا تحقّرنّ من المعروف شيئاً ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وبشر حسن”2.
المداراة هي فنّ الإرضاء، حيث تعطي فكرة طيّبة عن صاحبها، كما وإنّها تصل بسهولة إلى القلب، وبمعنى آخر إذا وضع الشخص في اعتباره عند كلّ تصرّف شعور وإحساس وحقوق الآخرين، فإنّ ذلك يمثّل البداية الصحيحة لأصول اللياقة.
ويستطيع الإنسان بمراعاة مشاعر الآخرين أن يحقّق نجاحاً اجتماعياً في التواصل.
وقد روي عن الصادق عليه السلام عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله قوله: “مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش”3.
إذ بالمداراة تحصل استمالة القلوب، وبها يحصل احترامهم، بل والتوقّي من شرّهم، بل جلب قلوبهم وعقولهم إلى الإيمان.
وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “كونوا دعاةً للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإنّ ذلك داعية”4.
2- التواضع
عن رسول الله صلى الله عليه واله: “مَن تواضع لله رفعه”5.
يُعتبر التواضع من أهمّ قواعد السلوك الإيمانيّ، فهو السلوك المنطلق من القناعة والعفّة وهو يمنحك القدرة على التأقلم مع الظروف الاجتماعيّة المحيطة بك، وبالتواضع يعمر قلبك وتأتي إليك قلوب الآخرين، وتنال الخطوة في الدنيا وفي الآخرة، يقول تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾6.
الأسلوب البسيط يمكّنك من أن تعرض الحقيقة بصورة واقعيّة، وتعطي انطباعاً جميلاً، وتوفّر على نفسك البحث عن وسيلة معقّدة تفرض فيها نفسك أو حاجتك، فالتحلّي بالتواضع من الأمور المحبّبة في كثير من المناسبات، ولا يستطيع الإنسان أن يتبنّى سلوكاً بسيطاً إلا إذا تخلّص من عقدة التكلّف والتصنّع وسيطرته.
يجب أن يدرّب الإنسان نفسه على التواضع، ولكن في إطار الاعتداد بالنفس والثقة بالذات، وأن يكون صريحاً وواضحاً وإشاراته مرنة ومباشرة، وتعبّر عن ذاته بعيداً عن الخجل المفتعل والحياء المصطنع أو التردّد في عرض الأفكار، وكلّما كان الإنسان صادقاً مع نفسه كلّما اكتسب احترام الآخرين.
وقد روي عن سيّد المتواضعين رسول الله صلى الله عليه واله ، أنّه لمّا سأله جبرائيل: إنّ الله تعالى يخيّرك بين أن تكون عبداً رسولاً متواضعاً أو ملكاً رسولا، قال صلى الله عليه واله: “عبداً متواضعاً، رسولاً”7.
3- إفشاء السلام
قـال تعـالـى في محكم كتابه: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾8.
لإفشاء السلام فضل كبير في الإسلام وفي آداب التواصل مع الآخرين وفي فنّ اللياقات الاجتماعيّة إذ إنّه كما عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “من التواضع أن تسلّم على من لقيت”9.
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: “كان سلمان رحمه الله يقول: أفشوا سلام الله فإنّ سلام الله لا ينال الظالمين”10.
فكيف إذا كان المجتمع إسلاميّاً إيمانيّاً جهاديّاً. فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “إنّ من تمام التحيّة للمقيم المصافحة وتمام التسليم على المسافر المعانقة”11.
وعن الباقر عليه السلام: “إنّ المؤمنَين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبَه، فما تزال الذنوب تتحات عنهما كما يتحات الورق عن الشجر، والله ينظر إليهما حتّى يفترقا”12.
4- الحديث
قال تعالى في محكم كتابه: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾13.
تُعتبر إجادة الحديث وإتقان أدبيّاته من ضرورات المجتمع الإيمانيّ. ويتطلّب فنّ الحديث متابعة المستمعين، والرغبة في سماعه من خلال كلّ كلمة يقولها المتحدّث.
إذا كانت اللياقة هي فنّ السلوك المهذّب، والتصرّفات الراقية،فهي لا تكون بهذه الصفة إلّا إذا كان الحديث نابعاً من أعماق النفس البشريّة دون تكلّف أو تصنّع و”ما خرج من القلب يصل إلى القلب”.
يُعتبر الحديث موهبة من الله سبحانه وتعالى، وهو من المواهب الّتي يستطيع الإنسان تنميتها، وهو ضرورة للعاملين في مجالات تتطلّب اتّصالاً بالناس ومن أهمّ هذه المجالات العلاقات العامّة والتبليغيّة.
إدارة الحديث
*”خير الكلام ما قلّ ودلّ”
يستطيع الإنسان أن يحكم على شخصية إنسانٍ آخر ومستوى تعليمه، وثقافته، وأسلوب حياته، والوسط الإجتماعيّ الذي ينتمى إليه من حديثه ومن نبرات صوته. وفي الحديث: “تكلّموا تعرفوا”14.
*”خاطبوا الناس على قدر عقولهم”.
ينبغي أن يناسب اختيار موضوع الحديث مختلف الأذواق، ولا داعي للحديث في موضوع متخصّص لا يلمّ به الحاضرون.
من آداب الحديث
1- حفظ اللسان من ساقط الكلام.
2- الحديث بصوت منخفض، وبلغه فصيحة سليمة.
3- الصدق في الحديث، وإعطاؤه حقّه من الطول أو القصر.
4- مخاطبة الناس على قدر عقولهم.
5- حسن الإصغاء، وإعطاء الفرصة للآخرين للتحدّث وعدم مقاطعتهم.
6- التقليل من المزاح.
7- عدم التكبّر والتبجّح.
8- الاستئذان قبل الكلام.
5- اللباس
إنّ الإسلام دين الجمال والنظافة، لذا حثّ المسلم على الظهور بالمظهر الجميل والنظيف والمرتّب في ملبسه أمام الآخرين، وعند الذهاب إلى المسجد بل وفي كلّ لقاء واجتماع مع الناس.
قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾15.
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “الثوب النقيّ يكبت العدوّ”16.