الرئيسية / الاسلام والحياة / أحاديث في الترغيب في حضور القلب

أحاديث في الترغيب في حضور القلب

وقال أيضا : اعلم أن المعاني الباطنة التي بها يتم حياة الصلاة بجمعها ست جمل وهي : حضور القلب والتفهّم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء . فالأول حضور القلب ، ونعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلم به ، فيكون العلم بالفعل والقول مقرونا بهما ولا يكون الفكر جاريا في غيرهما ، ومهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه وكان في قلبه ذكر لما هو فيه ولم يكن فيه غفلة عنه فقد حصل حضور القلب ثم التفهّم لمعنى الكلام وهو أمر وراء حضور القلب ، فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ ولا يكون حاضرا مع معنى اللفظ ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو الذي أردنا بالتفهّم ، وهذا مقام يتفاوت فيه الناس إذ ليس يشترك الناس في تفهّم المعاني للقرآن والتسبيحات ، وكم من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء الصلاة ولم يكن قد خطر بقلبه قبل ذلك ، ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فإنها تفهم أمورا ، تلك الأمور من الفحشاء والمنكر لا محالة .

ثم التعظيم وهو أمر وراء حضور القلب والفهم ، اذ الرجل ، ربما يخاطب غيره بكلام هو حاضر القلب فيه ومتفهم لمعناه ولا يكون معظما له .

ثم الهيبة : وهي زائدة على التعظيم ، اذ هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم لان من لا يخاف لا يسمى مهابة ، بل الهيبة خوف مصدره الاجلال .

ثم الرجاء : فالعبد ينبغي أن يكون راجيا بصلاته ثواب الله كما أنه خائف بتقصيره عقاب الله .

ثم الحياء : ومبدؤه استشعار تقصير وتوهّم ذنب ، ولنذكر أسباب هذه المعاني الستة :

فاعلم أن حضور القلب سببه الهمّه ، فان قلبك تابع لهمّك فلا يحضر الا فيما يهمّك ، ومهما أهمّك أمر حضر القلب شاء أم أبى فهو مجبول عليه ومسخّر فيه ، والقلب اذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل كان حاضرا فيما الهمّة مصروفة اليه من أمور الدنيا ، فلا حيلة ولا علاج لاحضار القلب الاّ بصرف الهمة إلى الصلاة ، والهمّة لا ينصرف اليها ما لم يتبيّن أن الغرض المطلوب منوط بها وذلك هو الايمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وان الصلاة وسيلة اليه ، فاذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهانتها حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة .

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...