الرئيسية / الاسلام والحياة / حوارات اسلامية و بحوث هادفة – لا يدل على خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه بعد وفاة النبي (ص) مباشرة

حوارات اسلامية و بحوث هادفة – لا يدل على خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه بعد وفاة النبي (ص) مباشرة

أقبل الحافظ وسائر العلماء من أول الليل مع جماعة كبيرة من أتباعهم ، وبعد تناول الشاي والحلوى ، بدأ الحافظ قائلا :
لقد فكرت كثيرا في حديثكم وكلامكم حول حديث المنزلة ، وراجعت كتبنا فرأيته كما ذكرتم أنه من الأحاديث الصحيحة المتواترة بإجماع علمائنا وأهل الحديث الموثقين عندنا ..

 

 
ولكنه لا يدل على خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه بعد وفاة النبي (ص) مباشرة من غير فاصل كما تقولون ، بل صدر حديث المنزلة عند خروج النبي (ص) من المدينة إلى غزوة تبوك وخلّف عليا في المدينة .
فهو يدل على خلافة سيدنا علي رضي الله عنه لرسول الله (ص) في ذلك المورد فحسب ، وذلك في حياة النبي (ص) ، فلا يتعدى إلى موارد أخرى ، وخاصة بعد وفاة رسول الله (ص) !
قلت : لو كان أحد الحاضرين من غير العلماء يطرح هذا الإشكال ما كنت أتعجب ، ولكن هذا البيان من رجل فاضل يعلم قواعد اللغة العربية .. مثلكم غريب !

 

 
لأن الاستثناء الذي جاء في آخر حديث المنزلة يفيد العموم، وهو:” إلا أنه لا نبي بعدي” .
ثم هناك أصل مقبول عند أشهر علماء اللغة العربية وهو : إن اسم الجنس إذ ذكر في الكلام وكان مضافا إلى اسم علم فهو يفيد العموم وكلمة “المنزلة” التي أضيفت إلى اسم “هارون” يفهم منها معناها العام .
وجملة ” لا نبي بعدي ” يؤول على المصدر ، أي : ” لا نبوة بعدي ” وهو أيضا على القاعدة المشهورة بين اللغويين العرب .
الحافظ : إذا ننظر إلى جملة : “لا نبي بعدي” بنظر الدقة ، لوجدناها جملة إخبارية ، فلا يمكن استثناؤها من منازل هارون ومراتبه ، ثم ما الداعي لنصرف ظاهر الكلمة على المصدر ؟!

 

 
قلت : إنك تعرف الحق وتحرفه جدلا ! لأن كلامي غير شاذ ، بل هو على القواعد المسلمة عند علماء اللغويين والأصوليين ، وهناك كثير من علمائكم قالوا به وصرحوا بما فهمناه من حديث المنزلة .
وعندنا دليل أقوى من كل ذلك ، وهو أن النبي (ص) صرح أيضا بهذا المعنى كما في بعض الروايات الصحيحة المعتبرة عند علمائكم ، منهم :

 

 
1ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، في كتابه ” كفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب ” الباب السبعين .
2ـ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي ، في كتابه ” ينابيع المودة ” بسنده عن عامر بن سعد ، عن أبيه .
ومن طريق آخر بسنده عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، عن النبي (ص) قال لعلي عليه السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ؟!
قال القندوزي في الباب السادس من كتابه : هذا حديث متفق على صحته ، ورواه الأئمة الحفاظ كأبي عبدالله البخاري ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما .

 

 
3ـ ابن كثير ، في تاريخه ، عن عائشة بنت سعد عن أبيها عن النبي (ص) .
4ـ سبط ابن الجوزي ، في ” تذكرة الخواص ” : 12 ، نقلا عن مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم .
5ـ الإمام أحمد ، في المناقب .
6ـ أحمد بن شعيب النسائي ، في كتابه ” خصائص علي بن أبي طالب” بسنده عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله (ص) .
7ـ الخطيب الخوارزمي ، في المناقب ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري .
هؤلاء وغيرهم رووا عن رسول الله (ص) قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ؟!

 

 
8ـ المير سيد علي الهمداني ، في كتابه ” مودة القربى” ـ المودة السادسة ، عن أنس بن مالك ـ وقد نقلت لكم الحديث في الليلة الماضية ـ يقول في آخره : ولو كان بعدي نبيا لكان علي نبيا ولكن لا نبوة بعدي .
فثبت بحديث المنزلة ، أن موسى بن عمران (ع) كما خلف أخاه هارون (ع) مكانه حينما ذهب لميقات ربه سبحانه ، وفوض أمر النبوة إليه ، لأنه كان أفضل أمته وأحفظهم للدين ، فجعله يقوم مقامه ، كي لا يضيع شرعه وتذهب أتعابه سدى كذلك خاتم النبيين (ص) ، وشريعته المقدسة أفضل الشرائع السماوية ، ودينه المبين أكمل الأديان الإلهية .
فمن الأولى أن لا يترك أمته من غير خليفة ، ولا بد له أن يعين من يقوم مقامه في أمر النبوة ، كي لا تختلف أمته في أحكام الدين ، ولا يضيع شرعه المقدس بين الجاهلين والمغرضين ، فيتحكمون فيه ويفتون بالرأي والقياس ، وما استحسنته عقولهم المتحجرة ، فيذهبون إلى الدروشة والتصوف .. وما إلى ذلك .

 

 

 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...