الرئيسية / الاسلام والحياة / رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعم

رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعم

المحور التاسع: الأساتذة والطلاب هم قادة وضباط مواجهة الحرب الناعمة

حدد سماحة القائد مسؤولية ودور كل من أساتذة الجامعات والطلبة بأنها أساسية وجسيمة، وقال إن أساتذة الجامعات هم قادة جبهات الحرب الناعمة، في حين يشكل الطلبة ضباط الميدان في هذه المواجهة..

وقال إن أساتذة الجامعات من خلال “اشرافهم الكامل على القضايا العامة ومعرفة العدو يتعين عليهم كشف أهدافه ومخططاته ووضع خطط شاملة والتحرك وفقا لها، وإن الأستاذ الذي يتمكن من تأدية هذا الدور جدير بالنظام الإسلامي” وأضاف “يجب على الأساتذة زيادة القدرة التحليلية للطلاب وإيجاد أجواء مفعمة بالأمل والنشاط العلمي وتأسيس كراسي الفكر والبحث الحر” وتابع يقول “ينبغي التحرك عكس خطط العدو الذي يحاول إثارة أجواء اليأس والإحباط والخمول واللامبالاة”1.

وفي مجال تحديد دور ومسؤولية الطلاب والشباب قال “إن الطلبة الجامعيين الأعزاء هم الضباط الشباب لإيران والجمهورية الإسلامية في جبهة المواجهة مع الحرب الناعمة والتيار الشيطاني” وأضاف “إن

________________________________________
1- خطاب لسماحة القائد لدى استقاله اساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009

المؤامرات تنتهي عندما تصل إيران بهمة شبابها الطلاب من النواحي العلمية والاقتصادية والأمنية إلى النقطة التي يكون فيها إلحاق الأذى بها قريبا من الصفر. وينبغي للجامعات إنتاج العلم والنهضة البرمجية، لأني أعتبر أن التفوق العلمي أحد أركان الأمن على المدى الطويل للبلاد”. كما حذر سماحته الطلبة الجامعيين من مخططات العدو الرامية إلى احداث الخلل في العمل العلمي والبحثي والدراسي للجامعات عن طريق زج الطلاب في القضايا السياسية والهامشية والصغيرة، معتبرا انه يجب تعزيز النظرة التفاؤلية المفعمة بالأمل بالمستقبل والحكمة في التصرف والابتعاد عن الإفراط والتفريط في التعامل مع الأمور من شأنه ان يؤدي إلى تعزيز مناعة الشعب الإيراني أمام الحرب الناعمة2.

كما أوصى سماحته الطلاب والأحداث والشباب والأساتذة بضرورة ترويج ثقافة مطالعة الكتب، وإنتاج الكتب، وثقافة زيارة المكتبات العامة، وحسن عرض الكتب المفيدة خاصة لأبناء الجيل الجديد نظرا لدورها في ترسيخ وبناء الوعي الأصيل، لأنه كلما تقدمنا أزدادت الحاجة الى الكتاب “ومن يتصور أنه بظهور وسائل الإتصال سيعزل الكتاب ويلغى فإنه مخطئ”3.
________________________________________
2- خطاب لسماحة القائد في حشد من الطلاب بتاريخ 26/8/2009
3- خطاب لسماحة القائد عند لقاء مسؤولي وأمناء المكتبات بتاريخ 20/7/2011

ويوصي سماحة الإمام القائد الشباب والطلاب والإساتذة أشد الإيصاء بضرورة الإهتمام بالكتاب الأقدس وهو القرآن وبالثقافة القرآنية لأن “حياة الأمم والشعوب إنما تكون في ظل التعرف على المعارف القرآنية والعمل بمقتضى هذه المعارف، وان ضعفنا نحن الأمة الإسلامية وتخلفنا وضلالاتنا واضطراباتنا في القضايا الأخلاقية والحياتية ناجم عن البعد عن القرآن”4.

________________________________________
4- خطاب لسماحة السيد القائد خلال استقباله قراء وحفظة وأساتذة القرآن بتاريخ 2/8/2011

المحور العاشر: هندسة وأسلمة وعصرنة التعليم الجامعي والحــوزوي

لسماحة الإمام القائد في هذا المحور رؤية كاملة في هذا المجال، ويندر أن نستمع لخطاب لسماحته لا يكرر فيه أهمية الجامعات والتقدم العلمي والتقني في مواجهة الحرب الناعمة لجبهة الاستكبار، بل وصل الأمر بأن أعتبر التقدم العلمي والتقني أحد أركان الأمن على المدى البعيد، وقد اقتطفنا بعض التوجيهات من خطاب ألقاه خلال استقباله لحشد من مدراء وأساتذة الجامعات، قال سماحته “على المجلس الأعلى للثورة الثقافية إعداد الخارطة التنفيذية للهندسة الثقافية في البلاد وينبغي التسريع فيها، وعلى الحكومة إعادة تعريف الصلة القائمة بين الجامعات والمراكز الصناعية. ويجب على الجامعات رصد اعتمادات لمراكز البحث والاهتمام بالباحثين والمبدعين ماديا ومعنويا. ويجب إيجاد التوازن في توزيع الاختصاصات حسب حاجات قطاعات البلاد الدقيقة. وينبغي على الدوام إعادة النظر في المناهج الجامعية بما يحقق أعلى درجات التقدم والنهوض العلمي والتقني”1.

وفي مجال أسلمة العلوم الإنسانية والإجتماعية قال سماحته “إن الكثير من العلوم الإنسانية مبني على أسس فلسفية ومباني فكرية نابعة من
________________________________________
1- خطاب لسماحة القائد لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009

النزعات المادية التي تنبذ التعاليم الإلهية والإسلامية ولذلك فان تعليمها سيؤدي إلى إنكار التعاليم الإليهة والإسلامية والتشكيك في المبادئ الدينية والعقائدية، وينبغي لمراكز صنع القرار بما فيها الحكومة ومجلس الشورى الإسلامي والمجلس الأعلى للثورة الثقافية التركيز على هذه المسألة”2.

وهذه القضية مركزية في موضوع الحرب الناعمة، لأن العدو من خلال ترويج نظرياته وطروحاته وتغليفها بطابع العلوم الإنسانية والإجتماعية وإعطائها الصفة الإنسانية والعلمية المحايدة فكريا ينفذ إلى عقول الشباب والطلاب ويجتذبهم بعيدا عن الفكر الإسلامي. فعندما تكون قواعد ومباني التفكير ومناهج ومصادر التفكير غير إسلامية تكون النتيجية المنطقية أن يتخرج لدينا جيل كامل لا يعرف من الإسلام إلا الرسم والإسم، من دون أن يعني هذا الإنغلاق على مصادر المعرفة الأجنبية، فهذه دعوى لا يقولها أي عاقل في هذا العصر، ولكن المطلوب هو الإجتهاد في العلوم الإنسانية وعدم التقليد3 كما عبر سماحة القائد، والمطلوب هو التدقيق والتنقيح والتأصيل في أسس ومباني هذه العلوم والمعارف الوافدة ونقدها على ضوء المعايير والموازين الفلسفية والفكرية الإسلامية، وهذا ما أشار إليه سماحة السيد القائد الخامنئي عندما دعا إلى تأسيس كراسي الفكر والبحث الحر في
________________________________________
2- خطاب لسماحة القائد لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
3- خطاب لسماحته خلال لقاء مجموعة من الجامعيين بتاريخ 10/8/2011

أجواء ناضجة وأطر سليمة، لأن العدو يستغل الثغرات في مناهج التعليم من أجل تمرير المناهج والأفكار الغربية. وبنيغي أيضا اجتذاب الشباب والطلاب نحو الجامعات الوطنية والمحلية والإسلامية. وينبغي الإلتفات إلى الطلاب العائدين والمتخرجين من الجامعات الغربية بما يضمن إعادة توجيههم إسلاميا.

وفي مقلب آخر دعا سماحة القائد إلى تفعيل عمل الحوزات ووسائل جذبها للشباب والطلبة واستكمال مشاريع إصلاحها وفق خطين: خط إصلاح مناهج وطرق وأساليب التدريس والتعليم، وخط تطوير المحتوى من خلال تعديل المواد والمقررات الدراسية والجمع بين الأصالة والمعاصرة وإضافة علوم جديدة4.

ولا داعي للتأكيد على مقدار تعويل أميركا والغرب على كسب جيل الشباب وطلاب الجامعات في ايران، فجوزيف ناي منظر الحرب الناعمة كرر كلمة “الشباب والفتيان في إيران” عدة مرات في كتابه “القوة الناعمة” وخصص ابوابا عدة للحديث عن تأثير أسلوب التبادل الجامعي والعلمي والثقافي على تفكيك قيم الخصم وخص فئة الطلاب والشباب الوافدين الى أميركا للدراسة، فهؤلاء لهم دور كبير في إحداث التغيير المنشود في بنى
________________________________________
4- مشاريع التجديد والاصلاح في الحوزة العلمية. خطاب الامام الخامنئي نموذجا. إعداد نجف علي ميرزائي. اصدار مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي ص. 9.

التفكير السياسية والتأسيس للمستقبل، لأن هؤلاء “سيعودون الى بلادهم ومعهم الودائع والنوايا الحسنة عن القيم والسلوكيات الأمريكية، والأهم أنهم عندما يصلون الى المراكز الحساسة سيخدمون السياسات الأمريكية بقوة وسيصبحون بمثابة سفراء لأميركا”5.

________________________________________
5- جوزيف ناي. مصدر سابق. ص 11 – 15

المحور الحادي عشر: الجهاد الاقتصادي ركن مهم لمواجهة الحرب الناعمة

ليس من قبيل الصدفة أن يرفع سماحة السيد القائد شعار هذا العام 2011 تحت عنوان “الجهاد الاقتصادي”. فقد أوضح السبب بقوله “جبهة الاستكبار ترمي إلى إركاع الشعب الإيراني المقاوم والنظام الإسلامي عبر الاقتصاد. ويجب التعرف إلى الأهداف والأدوات وسلاح العدو وضرورة التصدي عبر الجهاد الاقتصادي”1.

وكلام سماحة القائد ليس من قبيل الكلام الخطابي السياسي، فالعدو يجهد بكل الوسائل الإعلامية لإثبات فشل المشروع الاقتصادي للنظام الإسلامي بهدف إبعاد الشعب عنه. فقد جاء في الوثيقة التي عرضناها سابقا تحت عنوان “حل القوة الناعمة ضد إيران” التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” وكتبها كل من جيمس غلامسان ومايكل دوران وهما من أركان الإدارة الأمريكية نصائح لتصميم حملة دعائية بهدف إقناع الشعب الايراني “بأن المشاكل الاقتصادية والمعيشية مرتبطة بسياسات النظام الخاطئة في دعم الإرهاب والبرنامج النووي”… كما أوصى مايكل أيزنشتات بضرورة شن حملة مركزة لربط “علل الاقتصاد الإيراني بشعارات الثورة

________________________________________
1- خطاب لسماحة السيد القائد لدى استقباله وفد الفعاليات الاقتصادية والمصرفية والصناعية بتاريخ 18/8/2011

والنظام “.. مع أن هذا في الواقع يعتبر قمة الخداع والظلم، ذلك أن أمريكا نفسها هي من يضرب الحصار ويشدد العقوبات على إيران منذ ثلاثين سنة. وللأسف فهناك من قد يشكك بهذه الحقيقة تحت وطأة الضائقة المعيشية والضغوطات وقد يصدق هذه الحملات الزائفة.

وفي وثيقة دراسة مؤسسة راند للأبحاث الدفاعية التابعة للبنتاغون تحت عنوان “بناء شبكات إسلامية معتدلة” نصائح بكسب ود طبقة الشباب ورجال الأعمال المسلمين عن طريق توفير فرص العمل لهم، وهذا ما يضمن إبعادهم عن الأنظمة والحركات الإسلامية وتحويلهم عنها.

كما أن جوزيف ناي منظر القوة الناعمة ركز كثيرا على قضية الإقتصاد كقوة جذب ناعمة. ففي فصل الموارد ومصادر القوة الناعمة الأمريكية اعتبر أن المؤسسات والشركات التجارية والمهاجرين ورجال الأعمال الأجانب العاملين في السوق الأميركي وقطاع الأعمال والشركات الاقتصادية العابرة للقارات والرموز والعلامات التجارية مثل كوكا كولا وماكدونالدز وغيرها تأتي على رأس الموارد والمصادر التي تعزز القوة الناعمة الأمريكية.

وبناء عليه فتركيز القائد على هذه القضية حيوي ويقع ضمن رؤيته الثاقبة لمواجهة الحرب الناعمة، قال سماحته ” إن إحدى الحيل في الحرب النفسية التي يشنها الأعداء في ظل الظروف الراهنة تتمثل في سلب الأمل من الناس وخاصة الشباب”. ولهذا يجب تحقيق المزيد من الإنجازات واستغلال الطاقات الهائلة وكشفها للناس. ووجه سماحته إلى ضرورة الوصول إلى

التفوق في هذا المجال ” يجب تحقيق آفاق وثيقة التنمية العشرينية وعلينا تقديم نموذج أكثر نجاحا في الاقتصاد للعالم ونيل إيران مراتب متقدمة في هذه المجالات”2.

ويأتي هذا الإهتمام بصورة غير عرضية، فقد رفع سماحته منذ سنوات شعارات مرتبطة بالجهاد الاقتصادي كشعار “التنمية والعدالة” وشعار “ترشيد الاستهلاك” وشدد دائما على أنه يجب العمل وفق قاعدتين جوهريتين: إحدى هاتين القاعدتين تتمثل بزيادة الثروة الوطنية لأن البلدان الإسلامية يجب أن تكون غنية لا فقيرة وعليها أن تستغل ثرواتها في سبيل أهدافها السامية على الصعيد الدولي، أما القاعدة الثانية فهي عدالة التوزيع ومكافحة الحرمان داخل المجتمع الإسلامي، كما وجه نداءات عديدة إلى المفكرين الإقتصاديين المسلمين والملتزمين بالإسلام لإيلاء هاتين القاعدتين ما تستحقان من الإهتمام3.
________________________________________2- خطاب سماحة القائد في لقاء الفعاليات الاقتصادية. مصدر سابق.
3- خطاب لسماحة السيد القائد حول تعديل المادة 44 المتعلقة بملكية الشعب للمؤسسات بتاريخ 19/2/2007

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...