الرئيسية / الاسلام والحياة / السنن الإلهية في بناء المجتمع

السنن الإلهية في بناء المجتمع

طلبٌ أغلى من العمر
(وَإِنْ أَفْنَيْتَ عُمُرَكَ فِي طَلَبِهِمْ)…
أيُّها العزيز! اطلب مؤاخاة الأتقياء وإنْ أفنيت عمرك في طلبهم، فإنّ عمر الإنسان هو رأس ماله الَّذِي لا يعادله شيء، ويحرص على البقاء في الدنيا عمراً طويلاً لو استطاع لذلك سبيلاً، وينفق لأجل ذلك كلّ غالٍ ونفيس.

وهذا الحديث يشير بصراحةٍ إِلَى أَنَّ البحث عن الأتقياء ومؤاخاتهم يستحقّ أنْ يَصْرِف المرءُ عليه تمامَ رأس ماله، وأغلى ما عنده، وهو العمر.

إِنَّها تجارةٌ رابحة أرشدهم إليها ربّهم، إنّه الربح الوفير، والخير العميم.

والسبب في هذا الجود بالعمر ما ورد في هذا الحديث: “فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُخْلِ عَلَى َوجْهِ الأَرْضِ أَفْضَلَ مِنْهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّينَ” .
كما ورد فيه تعليلٌ آخر: “وَمَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى العَبْدِ بِمِثْلِ مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنَ التَّوْفِيقِ بِصُحْبَتِهِم” .

وباختصار, إِنَّ الأتقياء:
1- زبدة أَهل الأرض بعد النبيين.
2- صحبتهم سببٌ ضروريّ ومهمّ للتوفيق والنعمة الكبرى.

ولأجل هذين السببين، لو صرف عمره في طلبهم ـ لأجل مؤاخاتهم ـ لم يكن خاسراً، بل كان هو الرابح في هذه الصفقة.

تبصرةٌ وذكرى
في هذه الوصية معانٍ أُخر يمكن أن تستفاد بالتأمّل والتدبّر فيها، كالحثّ على السعي لمعرفة تالي المعصوم مصداقاً، ولو كانت النسبة بينه وبين المعصوم لا تقاس علماً ومعرفة وتقى, فإنّ فعلية التوفيق متوقفة على صحبتهم.

والذي يظهر من (الصحبة) معنى أَكبر من مجرّد التعرُّف على اسمه ورسمه، أو قراءة بعض ما ألّف من كتب, لأنّ الصحبة قد أُخذ فيها نوعٌ من التعايش والمخالطة عن قُربٍ وما أشبه ذلك.

ويمكن أن تكون هذه الوصية ناظرة إِلَى بيان لزوم معرفة الإِمام في كلّ زمان, فإنّه مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية. فعندئذ يستحِقُّ من المرء أنْ يقدّم أغلى ما عنده في طلب معرفته ومؤاخاته والاستفادة منه.

 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...