شرت إحدى الصحف الكويتية تقريرا مرعبا عن سجون “داعش” في سوريا، قالت فيه:
كُتِبتْ لناشطين إعلاميين سوريين حياة جديدة بعد خروجهما من سجون (داعش)، حيث شاهدا فظاعات إعدام سجناء آخرين، وتعرضا للضرب المبرح وأمضيا أياما بفتات من الطعام.
وكان والدا سيف (22 عاما) فقدا أي امل في رؤيته مجددا بعدما خطفه عناصر داعشيون من المكتب الإعلامي حيث يعمل في محافظة إدلب. وتعرض الشاب للضرب من قبل محتجزيه، قبل ان يحكم عليه بالإعدام بسبب نشاطه الإعلامي، وتبلغ والداه ان الحكم قد نفذ فيه. إلا ان الحملة العسكرية التي تشنها كتائب مقاتلة بعضها إسلامية ضد هذا التنظيم الجهادي منذ اكثر من اسبوع، انقذت حياته.
وعندما اجتمع سيف مع عائلته وخطيبته، كسب حياة جديدة. ويقول سيف لوكالة فرانس برس عبر الانترنت «اخبرت داعش والديّ انه تم ذبحي. لم يتمكنا من تصديق اعينهما عندما رأياني مجددا». ولم يعتقد سيف ان خروجه من السجن ممكن، لاسيما بعد الحكم عليه بالإعدام من قبل احد العناصر الاجانب في التنظيم. ويقول «لم احظ بمحاكمة عادلة. القاضي (الجهادي) التونسي دخل الغرفة وأصدر الحكم مباشرة (…) اختار الحكم الاقصى لأن مزاجه اقتضى ذلك.”
وخطف عناصر من داعش سيف في 28 تشرين الثاني، واطلق في السادس من كانون الثاني بعدما شن مقاتلو المعارضة هجوما على السجن التابع لداعش في مدينة الدانا في ادلب. ويحتجز داعش مئات المقاتلين من كتائب مختلفة، اضافة الى ناشطين وصحافيين بينهم اجانب.
ويقول ناجون من سجون داعش، ومنهم سيف، ان الظروف فيها «غير انسانية، وأسوأ من سجون النظام» السوري، والتي احتجز فيها سيف العام 2011. ويضيف هذا الشاب الذي كان طالبا في جامعة حلب حين انضم الى الاحتجاجات المناهضة للنظام في العام 2011 «صدقوني، سجون داعش أكثر رعبا. أقله في سجون الاسد كنت احصل على الغذاء كل ليلة». ويوضح «كنت احصل على نصف ليتر من المياه كل يومين، اضافة الى فتات من الغذاء. لأنهم يكرهون الناشطين الاعلاميين، كنت اتعرض للضرب والسباب واتهم بانني كافر.”
ويقول سيف انه رأى عناصر داعش يعدمون سجناء آخرين، بينهم فتى كردي في الخامسة عشرة من العمر، اتهموه بالاغتصاب والانتماء الى حزب العمال الكردستاني، والذي خاض فرعه السوري (حزب الاتحاد الديمقراطي) معارك ضد «داعش» منذ اشهر. ويوضح ان الفتى «نفى الاتهامات الموجهة اليه، الا انهم ضربوه طوال خمسة ايام، الى ان (اعترف)، حينها اطلقوا النار عليه مباشرة.”
ويشير الى ان داعش تحتجز ايضا ارمنيين حاولا الهرب من سورية بعدما هاجم الداعشيون الكنائس، لاسيما في محافظة الرقة. ويقول «ارونا الارمنيين ورؤوس السجناء الذين اعدموا لارهابنا». ويتابع «كان التعذيب بلا رحمة. كان جبيني ينزف مدة يومين من شدة الضرب، بدون ان اتلقى اي علاج. رأيت رجالا في السبعينات من العمر خطفوا لطلب فدية». ويضيف «كان ثمة العديد من الكرد في سجونهم، وكان اطلاق اي منهم يكلف عائلته مئات الآلاف من الليرات السورية.”
اما ميلاد الشهابي فناشط اعلامي خطفته داعش من مقر عمله في وكالة «شهبا برس» في مدينة حلب نهاية كانون الاول. ويقول لفرانس برس «قالوا علي ان اتعلم كيف اتحدث عن داعش». وعلى عكس سيف، لم يخضع الشهابي للمحاكمة، بل مضت ايام قبل ان يدرك انه محتجز لدى «داعش». ويقول «بقيت معصوب العينين وفي الحجز الانفرادي مدة 13 يوما. لم اتمكن من رؤية شيء. كنت اسمع بعض الاصوات فقط». واحتجز الشهابي في مستشفى الاطفال في حي قاضي عسكر في ثاني كبرى مدن سورية، والذي كانت تتخذه داعش مقرا رئيسيا لها.
وتمكن مقاتلو المعارضة الاسبوع الماضي من السيطرة على المستشفى وتحرير عشرات المحتجزات، بعد ساعات من قيام داعش باعدام عشرات المحتجزين في المقر، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطين.
ويوضح الشهابي «سمعت الطلقات النارية عندما كان العناصر يعدمون المحتجزين. كان ثمة رصاص كثيف، لدرجة اعتقدت ان ثمة اشتباكات». وكما سيف، يرى الشهابي نفسه محظوظا للنجاة بحياته. ويقول «طلبوا مني فدية قيمتها 200 الف ليرة (نحو 1300 دولار). لم يكن لدي سوى 15 الفا. سألتهم ما اذا كان في امكاني ان اخبر عائلتي بمكان وجودي، لكنهم منعوني من ذلك.”
علق احد القراء على التقرير قائلا:”أكيد أنها مرعبة لان الجماعة أكثر كفرا و نفاقا كما وصفهم القرآن الكريم والله شاهد عليهم وعلى من يدعمونهم كما سينتقم الله منهم ومن يدعمهم ويرحم الله كل الأبرياء الذين سقطوا من أهلنا السوريين واللبنانيين. اللهم احفظ المسلمين وبلاد الاسلام من العصابات أهل الجاهلية الاولى والكفر.”
لكن قارئا آخر يرى الامور بمنظار طائفي خالف التعليق اعلاه وكتب:”شاهدنا ما يحدث داخل سجون النظام العلوي من تعذيب واغتصاب لا تفعلها حتى الحيوانات. كيف يقول انهم اشد من النظام وادعى انهم يشتمونهم ويكفرونهم. هذا قول! لكن بسجون النظام يحدث العجب من كرههم وحقدهم على اهل السنة منذ مئات السنين. انا لا ادافع عن داعش لكن النظام لم يُبق اي جريمة لم يرتكبها.”
غير ان قارئا آخر لا ينظر الى الامور بهذا المنظار الطائفي رد عليه: “يا بو عمر النظام البعثي السوري العلماني لا يفرق بعدائه لا لسني ولا شيعي ولا مسيحي …هو عادل بانزال العقاب بكل هذي الفئات اذا ترتكب خطأ بنظره …لذلك لا تتفلسف وتجيب اشياء طائفيه مالها صحة عن انه يتقصد السنة …وأصلا هم وينهم السنة ما احنا شفنا هالثورة المباركة اللي ركضت للسرقة وللاغتصاب وتركت ثورتها!”
«داعش» يكره الإعلام، ويكره حرية الرأي، وهذا ما يفعله بالإعلاميين. ولدينا في العراق تجارب كثيرة مماثلة، آخرها الهجوم الوحشي الذي شنه “داعش” على إحدى القنوات الفضائية حيث افتخر بأن عناصره قطعوا الرؤوس واسالوا الدماء فيما يهدد صحافيين آخرين كشفوا حقيقته.
ان “داعش” يشن حربا مفتوحة على الإعلام الحر الذي لا يخضع له ولا يسير في ركابه.