(إنّ في ذلك لآيةً لقوم يتفكّرون) كما يمتدح عزّ وجل أولئك الذين يذكرون الله . (.. ويتفكّرون في خلق السموات والأرض) بل هو يذمّ أولئك الذين يعرضون عن التفكّر والتدبّر بقوله: (أفلا يتدبّرون القرآن، أم على قلوب أقفالها)
العدد 001
التفكّر في المجرّدات مفيد /
ما أكثر ما يختلط الأمر على البعض بين موضوع التفكّر، ونسج الخيال؛ فالفكر هو البحث عن العلم واليقين، وعلى أساس (مبادئ معلومة)، للوصول إلى المراد المجهول؛ فما لم ينطلق الفكر من مبدأ صحيح واضح فسيخفف في الوصول إلى النتيجة المتوخّاه، كما سيجر صاحبه ـ إلى حدّ ما ـ للوقوع في نسج الخيال.
ومن التفكّر الذي يبعث على سمّو الإنسان، التفكّر في المجرّدات؛ وإلاّ، فأين ما هو خير من عبادة ستين سنة [4]، وأين ما يدعى بمخّ العبادة [5]؟.
والتفكّر هو المسير من الباطل نحو الحق؛ هو التخلّص من الباطل، والوصول إلى الحقّ نتيجة لهذا التفكّر؛ في حين أنّ الخيال يبلغ بصاحبه إلى ظلمات الجهل والأوهام الباطلة، ويقعد به عن الوصول إلى أي نتيجة.
أوّل التفكّر: التنّبه إلى جهل النفس
أوّل التفكّر والسير في الطريق الصحيح إنّما ينطلق ـ ومنذ البداية ـ بالخروج من الجهل المركّب للنفس؛ أي: اعتراف الإنسان وإحساسه بجهله لأمور كثيرة، وأنّ عليه التصدي لها للخروج من هذا الجهل؛ فيبعث هذا الإحساس لديه تحرّكا يدفعه للتفكّر، وبعد التأمل في النتائج تظهر له موجباتها، ويتضح الطريق أمامه.
وبديهيّ أنّ أدلَّة وبراهين (الميزان) وعلم المنطق والقواعد التي تتصل بهذا الموضوع، هي عوامل مساعدة على الارتقاء بالفكر وتصحيحه، غير أن ما هو أكثر منها أهميّة وبعثاً على الرضا، إنّما هو رعاية الله عزّ وجلّ وعنايته، فالطريق ـ في الحقيقة ـ هو الطريق الذي يرسمه الله جلّ وعلا.
الشهيد السعيد والدم الطافح بالبركة
الشهيد السعيد، السيد عبد الحسين دستغيب، والذي كان بحقّ يداً من الغيب، والذي وُفّق إلى الإحاطة بأبعاد الدين الإسلامي كافّة، ونواحيه المتعدّدة، ترك لنا ـ رحمةُ الله ـ آثاراً منه قيّمة، توجّه المجتمع إلى الله عزّ وجلّ، والتعرّف عليه، وإدراك صفاته.
وفي الذكرى الثانية لاستشهاد هذا الرجل الكبير، وضع هذا الأثر النفيس في الطبع، ليكون بركة أخرى من بركات دمه الزكيّ، الذي سال في سبيل هذا المجتمع،
المتعطّش إلى المعرفة:
تغمّد الله روحه برحمته وبركاته، وأعلى في الخلد مقامه.
السيد محمد هاشم دستغيب