أنتم تتذكّرون فئة المنافقين؛ هؤلاء كانوا يقرأون آية من القرآن وخطبة من نهج البلاغة ثم يدّعون التديّن ويعتبرون أنفسهم أكثر إسلاماً وثوريّة من غيرهم، وهم يزرعون القنابل فيقتلون الصغار والكبار ساعة الإفطار في شهر رمضان، أو يقضون على عائلة بأسرها، أو يقتلون جماعة من الأبرياء في إحدى ساحات المدينة, لا لسبب إلّا لكونهم من أنصار الإمام والثورة.
ومن جملة جرائمهم الأخرى قتلهم شهيد المحراب, وهو رجل ورع ومجاهد في سبيل الله وقد تجاوز الثمانين من عمره، إضافة إلى قتلهم أربعة أو خمسة أشخاص آخرين من شهداء المحراب, الذين كانوا من الشخصيّات العلمائيّة البارزة والفاضلة المؤمنة.
هكذا كان الخوارج وهذه فعالهم؛ قتلوا عبد الله بن الخبّاب وبقروا بطن زوجته وهي حامل وقتلوا جنينها؛ لأنّهما كانا من أشياع عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
اعرفوا الخوارج جيّداً؛ كانوا يتمسّكون بظاهر الدين وببعض الآيات القرآنيّة ويحفظون القرآن وكلّ ما يبرز ظاهرهم الدينيّ، إذ كانوا في
الظاهر يعتقدون ببعض جوانب الدين, إلّا أنّهم كانوا يعارضون جوهره وأساسه، ويتعصّبون كثيراً لهذا الموقف.
يذكرون الله ولكنّهم أداة مُنقادة بيد الشيطان، وعندما يستدعي الموقف يتعاونون مع أمريكا والصهاينة وصدّام أو أيّة جهة أخرى لمحاربة الثورة والإمام والحكومة الإسلامية. هكذا كان الخوارج أيضاً, وحينها تصدّى لهم أمير المؤمنين عليه السلام بكلّ حزم, هذا هو نفس عليّ ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾2 .
لاحظوا كيف تجسّدت هذه الخاصّيّة في أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الشكل الجميل، فقلبه بما أوتي من تلك الرأفة وتلك الرقّة لا يطيق رؤية يتيم في حالة حزينة، بينما نراه يقف تارة أخرى بصرامة إزاء فئة منحرفة تنتهج أسلوباً مقيتاً وملتوياً وتقتل الأبرياء فيقضي عليهم وهم أربعة آلاف في بضع ساعات ” ولا يفلت منهم عشرة” في حين استشهد من أصحابه أقلّ من عشرة، ربما خمسة أو ستّة. هذا هو اتّزان الشخصيّة.