الرئيسية / الاسلام والحياة / القدوة الاهمية وتحولات الدور

القدوة الاهمية وتحولات الدور

أهمية القدوة   إذا كانت الأديان السماوية قد أعطت أهمية كبيرة وواضحة للقدوة وبالأخص القدوة الحسنة لما تمثله هذه القدوة على مستوى تقريب الأفراد من الغاية أو الهدف (القرب من الله تعالى)، فان للقدوة أهمية واضحة على مستوى الحركة الاجتماعية والتربوية. لان الوصول إلى مرحلة من مراحل التكامل البشري حيث ينتفي الشر ويسود العدل والوئام وبالتالي بناء مجتمع سليم يقوم على أساس المبادئ والقيم والأفكار التي من شأنها

 

9- الكليني الرازي ، محمد بن يعقوب بن اسحاق ،الكافي ، مطبعة حيدري ، طهران ، الطبعة الخامسة ، 1363هـ ش ،ج5 ،ص9

10- المجلسي ، محمد باقر، بحار الأنوار ، مؤسسة الوفاء ، لبنان ، الطبعة الثانية ، 1983 ،ج2 ، ص265

11- الكاشاني، محمد محسن الفيض ، التفسير الأصفى ، مركز الابحاث والدراسات الاسلامية،مكتب الاعلام الاسلامي ، قم، 1376هـ ش، ج 1 ، ص332

السمو إلى أعلى المستويات ، كل ذلك يقتضي وجود قدوة يتبعها الأفراد وتشكل نموذجا فريداً وهاماً على مستوى المجموع ، وذلك بغض النظر عما إذا كانت القدوة تتمثل في شخص بشري تشكل سلوكياته وأفكاره وممارساته وحركة حياته والقيم التي يتبعها ، قدوة للآخرين؛ أو أن تتجلى القدوة في عقيدة أو فكر أو نموذج أو مثال معين.

 

وتبرز أهمية القدوة في الجوانب التالية:

 

القدوة واحدة من أهم وابرز أساليب التربية. وإذا كان المقصود في الاجتماع البشري الوصول إلى مرحلة إنتاج فرد سليم ومفيد للمجتمع فإن ذلك لن يتحقق من دون العمل على جعل الأفراد سالمين مفيدين فتكون القدوة أهم وسيلة لتحقيق ذلك. ولو عدنا إلى التاريخ البشري وتاريخ الأديان لوجدنا أن القدوة قد لعبت هذا الدور التربوي إذ أنها تفيد في نقل الأفكار والقيم والسلوكيات الصحيحة إلى الآخرين. وقد تشير هذه المسألة إلى عدم جدوائية التلقين الذي يتبعه البعض في العملية التربوية. فقد لا يقتنع ولا يؤمن الفرد إذا وجد أن الملقن لا يؤمن ولا يعتقد ولا يوقن، أما عندما نقدم القدوة كنموذج أساسي للتربية فإن التأثير في النفوس سيكون اقوي لا محالة.

 

وفي هذا الإطار يفيد التذكير بما توجه به الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ﴾ على أساس أن المهتدين من المتقدمين على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يحملون من القيم والسلوكيات والعقائد السوية

 

ما يجعل ما يحملون محل تقدير وأهمية على مستوى الواقع لذلك طلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الاقتداء بهم والسير في نفس الطريق السوي والسليم الذي يعبر عن حقيقة رسالة الله تعالى والتي جوهرها الهداية للمجتمعات البشرية.

 

والقدوة بهذا المعنى وهذه الصورة حالة ضرورية لجميع الأفراد بغض النظر عن الكبير والصغير والمتعلم والأمي، بل هي ضرورية للجميع إذ كما قلنا تقدم نموذجا تربويا تحتاجه البشرية في جميع تفاصيل الحياة.

 

ليس بعيداً عن ما تقدم من البعد التربوي المتقدم، فإن الأشخاص يميلون ويرغبون في أن تكون حياتهم مجبولة بالبطولات والكمالات، ولا يمكن لأي شئ أن يترك آثاره على الشخص كما يتركه العمل. فالبشر تبتعد بطبيعتها عن المجردات والأساطير والأمور التي لا اثر لها على ارض الواقع وتميل نحو الكمالات والبطولات الواقعية لأنها تحاكي الحقيقة التي تعيش بينها.

 

من هنا يمكن الحديث عن القدوة على أساس أنها مدرسة تقدم للأشخاص والأفراد نماذج واقعية عن تلك الكمالات والبطولات وما يريد أن يصل إليه الإنسان فيتقدم الشخص نحو القدوة ويتأثر منها وينهل من مضمونها عله يتمكن بذلك من الوصول إلى ما يصبو إليه.

 

وإذا كانت القدوة تلعب هذا الدور، فإنها ستكون مطلوبة بشكل اكبر عند الأفراد إذا علموا وجود كمالات حقيقية اكبر وارفع واهم من التي اعتادوا عليها في حياتهم المادية. وبعبارة أخرى إذا أدرك الشخص وجود كمال

 

اكبر من الكمال المادي وأدرك حقيقة وجوده في الشخص الفلاني والمكان الفلاني والعقيدة الفلانية… فإنه يسعى نحو ذلك بهدف تحصيل ذلك الكمال والوصول إليه . ومن هنا نقول ان الدين قدم نظاما متكاملاً يهدف قبل أي شئ إلى نقل الإنسان نحو الكمال اللامتناهي، وقدم الدين أيضا النماذج الحقيقية التي يتجلى فيها ذاك النظام. فعمل هؤلاء الأشخاص بكل وجودهم على تكريس حقيقة الدين. فكانوا القدوة وكانت أفكارهم قدوة أيضا لذلك فإن من يتذوق طعم تلك الكمالات لا بد ان يسعى نحوها.

 

وتبرز أهمية القدوة بالإضافة إلى ما تقدم على مستوى إقناع الآخرين بإمكانية الوصول إلى الفضائل. فإذا سلمنا بان الشخص الفلاني يشكل قدوة للآخرين لما يتمتع به من فضائل وأخلاقيات وصفات حسنة، فإن قبول الآخرين لوجود الفضائل وتصديقهم بإمكانية الوصول إليها والتحلي بها موقوف على وجودها في شخص معين. وهذا يعني القبول بواقعية تلك المفاهيم التي يظنها البعض من نسج الخيال أو من مكان بعيد عن الواقع.

 

من جهة أخرى قد لا يترك الكلام أثره على الشخص مهما طلب من الناس التحلي بالفضائل والإقبال عليها ولعل السبب في ذلك يعود إلى صعوبة التصديق بها والاقتناع بجدواها ، إلا ان العمل بها ووجودها في شخص القدوة يدفع الإنسان للرضوخ لها لا بل فهمها والعمل بها . ولعل هذا الأمر من خصائص السلوك البشري الذي لا يُقبل على أي عادة أو فكرة إلا بعد ان يدرك ويفهم أنها حقيقة واضحة وواقعية.

 

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...