– شروط الجهاد:
الجهاد كغيره من العبادات في الإسلام الّتي تخضع لجملةٍ من الظروف والشروط الموضوعيّة الّتي يجب مُراعاتها لتحقيق النتيجة المطلوبة من أدائها، وقد أوضحها الإمام عليّ عليه السلام وبيّنها من خلال كلماته في نهج البلاغة، وبَيَّن متى يلجأ المسلمون إلى الجهاد والدفاع ومن هذه الشروط:
أ – أنْ يكون الجهاد لأجل هداية الناس، ودفع الأذى عن المسلمين وبلادهم، يقول عليه السلام: “فوالله ما دفعت الحرب يوماً إلّا وأنا أطمع أنْ تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشو إلى ضوئي، وذلك أحبُّ إليّ من أنْ أقتلها على ضلالها وإنْ كانت تبوء بإثمها”21.
ب – التوكّل والاعتماد على الله: قال عليه السلام: “فإنّا لم نكن نُقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنّما كنّا نُقاتل بالنصر والمعونة”22.
________________________________________
19- نهج البلاغة، الحكمة 31.
20- م. ن، الحكمة 375.
21- م. ن، ج 1، ص 104.
22- م. ن، الكتاب 146.
ج – أنْ لا يكون هناك مجال لمعاهدة بين المسلمين وأعدائهم: يقول عليه السلام في عهده إلى مالك الأشتر: “ولا تدفعنَّ صُلحاً دعاك إليه عدوّك، لله فيه رضىً، فإنّ في الصُلح دَعَةً لجنودك، وراحةً في همومك، وأمناً لبلادك، ولكن الحَذَرَ من عدوِّك بعد صلحه..”23.
د – أن يكون تحت قيادة الإمام العادل: يقول عليه السلام: “يا كميل لا غزو إلّا مع إمامٍ عادل ولا نفل إلّا من إمامٍ فاضل..”24.
خصائص وصفات القائد
القائد هو أحد أهمّ الأركان الأساس في الحرب، والمدير والمدبِّر لخطط الحرب وقيادة الجند، وعلى هذا لا بُدَّ أنْ يتمتّع بصفات عالية، ذكر الإمام عليه السلام بعضها في نهجه ومنها:
أ – الإيمان بالله: فعندما ولّى الإمام عليه السلام مالك الأشتر على مصر، عهد إليه وإلى أهل مصر بقوله: “من عَبدِ الله عليّ أمير المؤمنين عليه السلام إلى القوم… أمّّا بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيّام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرّوع”25.
ففي قوله عليه السلام: “عبداً من عباد الله” يُشير عليه السلام إلى أنّ الإيمان بالله هو أولى صفات القائد.
ب – الحكمة والحذر: والقائد هو الّذي لا يُسرع عندما يلزم الإبطاء فيتهوّر، ولا يُبطئ عندما يلزم الإسراع فيتخلّف. وفي كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه: “أمّرت عليكما وعلى من في حيّزكما مالك بن الحارث
________________________________________
23- نهج البلاغة، الرسالة 53.
24- وسائل الشيعة، ج 27، ص 30.
25- نهج البلاغة، الرسالة 38.
الأشتر.. فإنّه ممّن لا يُخاف وهنه ولا سقطته ولا بطؤه عمّا الإسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطيء عنه أمثل”26.
ج – المحبّة والرأفة بالجُند: في كتابه للأشتر يقول عليه السلام: “ليكن آثر رؤوس جندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جِدَته بما يسعهم ويسع مَنْ وراءهم من خلوف أهليهم.. فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك..”27
د – الأصالة والسابقة الحسنة، وكذلك الكفاءة والشجاعة، والأخلاق: في كتابه للأشتر يوصيه: “… ثُمّ ألصِق بذوي الأحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة، ثُمَّ أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة، فإنّهم جُماع من الكرم وشُعَب من العُرف…”28.
هـ – تفقّد المجاهدين: فعلى القائد أنْ يتفقّد أحوال الجُند ويُعاملهم معاملة الوالد لولده فيشملهم بعطفه وحنانه، وهذا ما ورد أيضاً في رسالته للأشتر: “ثُمّ تفقُّد من أمورهم ما يتفقّد الوالدان من ولدهما ولا يتفاقمنَّ في نفسك شيء قوّيتهم به، ولا تُحقّرنّ لطفاً تعاهدتهم به وإنْ قلّ… ولا تدع تفقُّد لطيف أمورهم اتكالاً على جسيمها”29
و – أنْ يكون نصوحاً حليماً طاهراً: يقول عليه السلام في رسالته للأشتر: “فولِّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيباً، وأفضلهم حلماً، ممّن يُبطئ عن الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء، وينبو على الأقوياء”30.
________________________________________
26- نهج البلاغة، ج 3، ص 14.
27- م. ن، ج3، ص 14.
28- م. ن.
29- م. ن.
30- م. ن.
صفات المقاتل
تتلخّص أهمّ الصفات الّتي يجب أنْ يتميّز بها المقاتل المسلم في كلام الإمام عليه السلام بما يلي:
أ – التوكّل على الله: فالمجاهد في سبيل الله يخوض المعركة بمعنويّات مرتفعة، ويبيع نفسه لله، ويتوكّل عليه وحده، ففي كلام له عليه السلام يوم أعطى الراية لابنه محمّدٍ بن الحنفيّة في معركة الجمل يقول: “تزول الجبال ولا تَزُلْ! عضّ على ناجذك31 ، أعِرِ الله جمجمتك، تِد في الأرض قدمك… واعلم أنّ النصر من عند الله”32.
ب – الطاعة للقائد: فهي من عوامل النصر والنجاح، ولذا يوصي عليه السلام الجند بقوله: “أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله.. فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ..”33.
والطاعة هي من حقوق القائد على المقاتل، يقول عليه السلام: “ولي عليكم الطاعة وألّا تنكصوا عن دعوة، ولا تُفرِّطوا في صلاح، وأنْ تخوضوا الغمرات إلى الحقّ”34.
ج – الاندفاع وعدم التقاعس: ففي كتاب له عليه السلام إلى أحد قادة جيشه يقول فيه: “فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك، واستغنِ بمن انقاد معك عمّن تقاعس عنك”35.
د – الإيمان بالهدف: فالمُقاتِل المسلم يجب أنْ تتبلور في ذهنه أهداف
________________________________________
31- أقصى الأضراس.
32- نهج البلاغة، الرسالة 38.
33- م. ن، الرسالة 5.
34- م. ن، الخطبة 34.
35- م. ن، الرسالة 53.
الجهاد، وأن يحدِّد انتماءه وفقاً لخطّ القيادة، يقول عليه السلام: “اليمين والشمال مضلّة، والطريق الوسطى هي الجادّة، عليها باقي الكتب، وآثار النبوّة، ومنها منفذ السنّة وإليها مصير العاقبة”36.
خلاصة الدرس
ـ كان للإمام عليّ عليه السلام دوره الكبير في الجهاد بإجماع الأمّة.
ـ من معالم الفكر الجهاديّ للإمام عليّ عليه السلام:
1 ـ الجهاد وسيلة للقرب من الله تعالى.
2 ـ من أهداف الجهاد نشر التوحيد، ونصرة الحقّ، وصلاح الأمّة.
3 ـ الجهاد قسمان ابتدائيّ: لا بُدَّ فيه من إذن الإمام المعصوم أو نائبه كما هو رأي أكثر الفقهاء.
ودفاعيّ: بالنفس والمال والعرض، ولا يشترط فيه إذن المعصوم أو نائبه.
4ـ من شروط الجهاد:
أ ـ أنْ يكون الجهاد لأجل هداية الناس
ب ـ التوكّل والاعتماد على الله
ج ـ أنْ لا يكون هناك معاهدة بين المسلمين وأعدائهم
د ـ أنْ يكون تحت قيادة الإمام العادل.
ـ من خصائص وصفات القائد الجهاديّ:
أ ـ الإيمان بالله
________________________________________
36- بحار الأنوار، ج، 97، ص 57، ح1.
ب ـ الحكمة والحذر
ج ـ المحبّة والرأفة بالجُند
د ـ الأصالة والسابقة الحسنة
هـ ـ تفقُّد المجاهدين
و ـ أنْ يكون نصوحاً حليماً طاهراً.
ـ من صفات المقاتل:
أ ـ التوكّل على الله
ب ـ الطاعة للقائد
ج ـ الاندفاع وعدم التقاعس
د ـ الإيمان بالهدف.
أســــــئـلـــة
1 – تحدّث عن معالم الفكر الجهاديّ للإمام عليّ عليه السلام؟
2 – أذكر بعضاً من شروط الجهاد؟
3 – ما هي صفات وخصائص القائد الجهاديّ؟
4- أذكر بعضاً من صفات المقاتل.