اعتبر وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، انتشار العنف والتطرف بانه يعود الى السياسات المغرضة لبعض الزعماء السياسيين في العالم الذين يدعمون الجماعات المتطرفة لاستخدامها في سبيل تحقيق مآربهم السياسية.
وفي رسالة وجهها ظريف الى الملتقى الدولي التاسع للسياسة الخارجية للامام الخميني (رض) “رفض العنف والتطرف في رؤية الامام الخميني (رض)” المنعقد بمكتب الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الايرانية، قال ظريف: رغم مضي نحو ربع قرن على رحيل الامام (رض)، ما زالت افكاره النيرة والانسانية نبراس الطريق الفرد والمجتمع وان مضي الزمن لم يتمكن التقليل ذرة من وهجه وتاثيره.
واعتبر وزير الخارجية الايراني، اختيار العنوان للمؤتمر اختيارا صائبا ومن منطلق الادراك الصحيح للظروف الراهنة في المنطقة والنظام الدولي واضاف: اننا اليوم بحاجة اكثر من اي وقت مضى لبناء عالم خال من العنف والتطرف وارساء السلام والرجوع الى آراء وافكار المصلحين العظماء من امثال الامام الخميني (رض).
وتابع ظريف، انني ارى بان الافكار والسيرة العملية للامام الراحل (رض) مستندة على هذا الامر وان تناوله يمكنه ايجاد سبل للحيلولة دون الوقوع في ورطة التطرف والتفريط سواء للحكومات او المجتمعات الاسلامية.
واعتبر المشاركة الواسعة والترحيب العالمي من قبل الكثير من المفكرين والسياسيين بالمؤتمر الدولي الاول “عالم ضد العنف والتطرف” الذي عقد في طهران العام الماضي، مؤشرا الى انه ليس المفكرون فقط بل ان الكثير من السياسيين ذوي النظرة الثاقبة في العالم يدركون اليوم خطر ظاهرة العنف والتطرف للعالم وانهم مطلعون على انها تشكل تهديدا لمستقبل البشرية “الا انه وبغية التغلب على هذا الشر العالمي يتوجب اتخاذ خطوات واسعة بمساعدة البعض”.
واعتبر رئيس الجهاز الدبلوماسي الايراني العنف والتطرف في هيكلية النظام الدولي جزأ لا يتجزأ من سياسة القوى الدولية للمضي بمصالحها ومنافعها الى الامام وقال، ان الظروف الراهنة في عالم اليوم تبين هذه الحقيقة وهي ان تفشي ظاهرة العنف والتطرف لا يعود السبب فيه فقط الى الاحتلال الاجنبي والهيكلية الظالمة للنظام الدولي والارضيات الموجودة في المجتمعات لها بل هي ايضا نتيجة للسياسات المغرضة لبعض الزعماء السياسيين الذين يدعمون الافراد والتيارات المتطرفة ويضفون الشرعية على ممارساتها لاستخدامها من ثم لتحقيق مآربهم السياسية ووفروا لها امكانية استخدام اداة العنف واثارة الرعب في مختلف المجتمعات في شرق العالم وغربه خاصة في منطقتنا للقضاء على الامن والسلام والاستقرار فيها.
واشار وزير الخارجية الايراني الى موجة العنف والتطرف المتفشية في العالم واضاف، هنالك في الغرب جماعات يمينية متطرفة معادية للاجانب والمهاجرين ومناهضة للاسلام ومولدة ومصدرة للارهاب وهنالك اجزاء من العالم الاسلامي تحولت الى ساحة لجرائم لامتناهية ومجازر يومية مرتكبة بحق اناس ابرياء، جماعات ارهابية ومروجون للعنف باسم الدين يرتكبون ابشع الجرائم ضد الابرياء وان انضمام الكثيرين بمختلف التوجهات المتطرفة من مختلف الدول قد شكل نواة رهيبة من الجرائم ضد البشرية في المنطقة.
واشار الى ان شعوب سوريا والعراق واليمن والبحرين وفلسطين ولبنان تحترق اليوم بنيران فتنة المتطرفين والتكفيريين وان الدولارات النفطية اضحت اليوم نيرانا توفير اسلحة لا تميز في اختيار الهدف بين النساء والاطفال والمدنيين باكثر الاساليب وحشية.
واكد رئيس الدبلوماسية الايرانية ضرورة العودة الى افكار الامام الخميني (رض) في مثل هذه الظروف والتي تتضمن دروسا قيمة للغاية في رفض العنف والتزام الحكمة لكل فرد ومجتمع واضاف، ان الامام الخميني (رض) هو واحد من ابرز شخصيات تاريخ البشرية تميزا، فبافكاره الالهية السامية وجهوده الصادقة قد غير مسار التاريخ وكان مصدرا لتطورات عظيمة في ايران والعالم.
واضاف ظريف، ان رفع مستوى الوعي لافكار الامام الخميني (رض) وشخصيته العظيمة ضرورة لا بد منها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البشرية حيث يسعى اعداء الاسلام لمواجهة النفوذ المتزايد للافكار الالهية في العالم وتقديم الاسلام على انه مرتبط بالعنف والارهاب.
واوضح وزير الخارجية الايراني بان السياسة الخارجية للامام الخميني (رض) مبنية على المبادئ الاخلاقية وقد برزت هذه الرؤية للسياسة الدولية في مختلف المجالات واهمها بلورة السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية في مؤسسات مثل حفظ السلام والامن الدولي وعدم العدوان وحسن الجوار وتعزيز العلاقة مع الحكومات على اساس التعاون المتبادل واضاف، انه في دبلوماسية الامام تعد الاخلاق المستلهمة من المعتقدات الاسلامية ارضية واساسا للسلوكيات وهذه تشكل البداية لارتباط الجمهورية الاسلامية مع الشعوب الى جانب الحكومات.
وتابع ظريف، هنالك الكثير من الادلة في الساحة العملية بشان تاثير منهج رفض العنف والتطرف في سيرة الامام، منها تاكيده على الحرب العادلة ورعاية حقوق الانسان رغم الاساليب غير الانسانية للطرف الاخر وتجنب ايران للاجراء المتبادل في قضايا مثل حرب المدن والاسلحة الكيمياوية.
واكد ان الامام كان يعتقد بان الاسلام يدعو للسلام والعدالة ونبذ العنف وان اي محاولة لربط الدين بالعنف سواء على المستوى الفردي او الاجتماعي او النظام الدولي محاولة محكومة بالفشل، واضاف، ان رسالة الاسلام والامام الخميني هي نبذ العنف والتاكيد على السلام والتعايش كاساس لترسيخ التسامح في المجتمع البشري وان الحوار والمنطق والاستدلال تعتبر اسلوبا مناسبا لادراك التباينات وتقرب الافكار.
واوضح وزير الخارجية الايراني باننا اليوم في ظروف لا يعتبر فيها العنف والتطرف الهاجس الاساس للنظام الدولي بل ان الهاجس الكبير هو ان العنف والقتل والتطرف من جانب افراد وجماعات اصبح يعتبر امرا عادلا واخلاقيا واضاف، ان بعض الحكومات توظف مصادرها المادية والمعنوية لترويج العنف والتطرف ودعم هذه التيارات ورغم ان هذا الوضع يشكل تهديدا عظيما للمجتمع العالمي ولكن بامكانه ايضا ان يوفر الفرصة ليفتح المجتمع العالمي عينيه على ظروف لم تتم رؤيتها وتعد محركا للتطرف الموجود وان يفكر بسبيل العلاج لها.