في أرض شرق أوسطية اصبحت الدماء عنواناً ولوناً لتربتها في شرقها وغربها، حيث وطأت هذه الارض اقدام وحوش تربوا على تقطيع اجساد العباد بعد شرب دمائهم متخذين من الدين الاسلامي غطاء لافعالهم التي لا تقرها الشرائع الآلهية والقوانين الوضعية ولا يوجد لها مثيل عبر التاريخ، فهي ولادة جديدة لكنها جاءت بمظهر قديم لتشترط على البشر السير على خطاها أو الموت بمناياها.
داعش هذه الجماعة التي قتلت، واحرقت، وباعت السبايا، لا تعترف بالجغرافيا، كـ” عدم ” اعترافها بالقيم الانسانية فهي تضرب اينما وجدت التربة الخصبة لذلك، والمتمثلة بضعف النظم السياسية أو حداثة تكوينها لتستغل ذلك من اجل تمشية مخططاتها التي رسمت لها من قبل القوى الاستكبارية التي تريد اخضاع المنطقة برمتها لتمرير مخططاتها الدنيئة في السيطرة على مقدرات الشعوب الآمنة..
بالأمس ضربت داعش الى جانب مجموعة من المجاميع المسلحة الاخرى جسد سوريا، وحاولت النيل منه ولا زالت تضرب، لتضع لها موطئ قدم لدولتها المزعومة التي ارادت توسيعها بدءاً من العراق فاسقطت محافظة نينوى وسط ذهول الشارع العراقي الذي لا زال يبحث عن الاجوبة في كيفية تسليمها لحفنة من الارهابيين رغم وجود قطعات امنية كثيرة اختلفت مسمياتها ورغم وجود اسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، يمكن ان تصد زحف الالاف من الاعداء نحوها.
وقبل أيام أرادت داعش ان تثبت للعالم انها قادرة على الوصول الى حيث تريد، وهو امر بديهي اذا ما علمنا ان من يسّيرها ويخطط لها دول تتمتع بالنفوذ في الشرق الاوسط، كـ” أميركا والكيان الصهيوني وحلفاءهما من دول الخليج ” الذين يحاولون بكل ما اوتوا من قوة تدمير المنطقة العربية برمتها، حيث هاجمت داعش الجيش المصري في سيناء
وقتلت ما استطاعات من جنوده رغم معرفة وايمان الجميع ان الجيش المصري يعتبر من اقوى الجيوش العربية التي حافظت على وجودها وتماسكها رغم التغيير الذي اطاح بالرئيس السابق حسني مبارك ومن بعده محمد مرسي، نعم فالمؤسسة العسكرية المصرية ظلت على حالها عكس الجيش العراقي الذي تم حله وتفكيكه مع سقوط النظام الصدامي البائد،
قبل ان يضرب داعش في مصر كانت الكويت وتونس المحطة التي سبقت ما حصل في مصر وتحديدا في جزيرة سيناء، إلا ان الفرق ما بين المحطتين ان الارهاب في سيناء هاجم الآلة العسكرية وراح ضحية ذلك الهجوم العشرات من الجنود المصريين، فيما كان الحال في الكويت هو استهداف المدنيين في جامع الامام الصادق اثناء الصلاة حيث راح ضحية هذا العمل الاجرامي 27 شهيدا وعشرات الجرحى بينهم اطفال وشيوخ، ولم يختلف الحال كثيرا في تونس فقد ضرب الارهاب منتجعا سياحيا راح ضحيته 38 شخصا، يحملون الجنسية البريطانية، وتوقع المراقبون ان تبلغ خسائر تونس في القطاع السياحي خلا الستة اشهر المقبلة سيكون بحدود 6 مليار دولا امريكي.
وبين هذا وذاك عقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمقرها أعمال الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين من أجل بحث الاعتداءات الارهابية التى وقعت فى شمال سيناء، حيث بدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة حدادا على ارواح شهداء سيناء.
وقال السفير طارق عادل مندوب مصر الدائم بالجامعة العربية إنه هذا الاجتماع عقد بناء على طلب مصر بمقر الجامعة العربية. مضيفاً ان مجلس الجامعة أصدر في ختام الاجتماع الطارئ بيان يدين هذه العلميات الإرهابية ويعرب عن المساندة والتضامن الكاملين مع مصر حكومة وشعبا والاجراءات والتدابير، التى تتخذ لمواجهة هذه العمليات الارهابية.
وربما السؤال الذي يجب ان يطرح على المتابعين في شرق الارض وغربها، أين دور الجامعة العربية بشأن ما يدور في العراق وسوريا ؟، هذا البلدان اللذان تحملا ابشع صور الاجرام من جماعة ارهابية تصورت ان العالم ملكها وهي في حقيقتها أوهن من خيوط العنكبوت، هذا ما بدا جلياً حينما سرّعوا عناصر داعش الخطى هاربين من رصاص فصائل المقاومة الاسلامية والمتطوعين والقوات الامنية ناكسي رؤوسهم المملوءة تكفيرا وارهاباً وحقداً.
ربما ان ما حدث في مصر وتونس والكويت بل حتى في باريس قبل أيام سيكون بداية لحرب حقيقية ضد الارهاب، كيف لا وأنه تعدى حدود العراق وسوريا التي ظن العالم اجمع ان الارهاب المتمثل بداعش سيكون محصورا فيها، رغم تأكيدات ساسة البلدين في اكثر من مناسبة ان جماعة داعش الوهابية ستضرب الدول التي ساعدت في انشاءها ودعمها، أي ان ما فعلته هذه الدول المعادية لشعوب المتنطقة سيرتد الارهاب عليها لا محالة ليتذوقوا الدم من الكأس نفسه.
القادم لا يمكن ان يكون اسوء من هذا الحال، إلا أن المهم في الامر ان يتكاتف الجميع للوقوف بوجه هذا السرطان المتمثل بداعش، ولكن قبل الوقوف بوجهه فيجب ان تحاسب الدول التي تقف خلفه وتمده بالمال والسلاح وتساعد على تمدده.