تصادف اليوم الحادي و العشرون من شهر آب ، الذكرى الخامسة و الاربعين للمؤامرة الصهيونية الكبرى لاحراق المسجد الاقصى عام ۱۹۶۹ ، التي تتزامن هذه الايام مع الاقتحامات اليهودية المستمرة للمسجد المبارك مقابل التضييق على رواده المسلمين ، في ظل توصيات لجنة تسور التي القت بظلالها السوداء على المسجد وتهدف الى تنفيذ مخطط تقسيم الأقصى ، و إقامة صلوات يهودية فيه .
ففي يوم 8 جمادى الآخرة 1389هـ – 21 اب 1969م أقدم «دنيس مايكل» اليهودي أسترالي الجنسية والذي جاء الى فلسطين المحتلة باسم السياحة، على إشعال النار في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى ، والتي التهمت كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية اللامعة.
وقد أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل اليهودي الاسترالي الجنسية “دينس مايكل روهان” دوياً في العالم وفجرت ثورة غاضبة خاصة في أرجاء العالم الإسلامي، في اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق الذي كان من تداعياته عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب .
و ألقت سلطات الاحتلال الصهيوني القبض على الجاني، وادعت أنه مجنون وتم ترحيله إلى أستراليا، وما زال يعيش فيها حتى الآن وليس عليه أي أثر للجنون أو غيره .
مما تجدر الاشارة اليه ان سلطات الاحتلال الصهيوني كانت قد قطعت المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق، وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس- التي يسيطر عليها الاحتلال – التأخير ؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق .
لقد كانت جريمة إحراق المسجد الأقصى من أبشع الاعتداءات بحق المسجد القدسي الشريف ، كما كانت خطوة يهودية فعلية على طريق بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى وطمس المعالم العربية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة .
وعلى الرغم من أن الدلائل وآثار الحريق كانت تشير إلى تورط مجموعة كاملة في الجريمة ، و أن هناك شركاء آخرين مع اليهودي المذكور ، إلا إن قوات الامن الصهيونية لم تجر تحقيقًا في الحادث، ولم تحمل احدًا مسؤولية ما حدث، وأغلقت ملف القضية بعد أن اكتفت باعتبار الفاعل مجنونًا .
و أهم الأجزاء التي طالها الحريق داخل مبنى المسجد الأقصى المبارك ، هي :
– منبر “صلاح الدين الأيوبي” الذي يعتبر قطعةً نادرةً مصنوعةً من قطع خشبية معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو براغي أو أية مادة لاصقة، وهو المنبر الذي صنعه “نور الدين زنكي”، وحفظه على أمل أن يضعه في المسجد إذا تم تحريّره فلما مات قبل تحريره قام “صلاح الدين الأيوبي” بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد تحرير المسجد من دنس الصليبيين.
– مسجد “عمر” الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية.
– محراب “زكريا” المجاور لمسجد “عمر”.
– مقام الأربعين المجاور لمحراب “زكريا”.
– ثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق.
– عمودان رئيسان مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد.
– القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها.
– المحراب الرخامي الملون.
– الجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها.
– ثمان وأربعون نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجبص لمنع دخول الأشعة المباشر إلى داخل المسجد.
– جميع السجّاد العجمي.
– مطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترا إلى الجهة الشرقية.
– الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.
و اشار تقرير الى الاقتحامات الصهيونية المتواصلة للمسجد الاقصى و التضييق على رواده ، ونقل عن تقرير إحصائي استقرائي اعد من قبل “مؤسسة الأقصى للوقف والتراث” و”مؤسسة عمارة الأقصى والمقدسات” ، إن المسجد الأقصى المبارك يمرّ حاليا بمرحلة جدّ خطيرة تستدعي إنتباهاً شديداً و تحركاً عاجلاً لحماية وإنقاذ المسجد الأقصى .
وأورد التقرير إحصائيات وأرقام تدلل وتشير الى حجم الإعتداءات غير المسبوقة في محورها التي تعرض له المسجد الأقصى ، و اشار بشكل لافت الى أهمية الرباط الباكر والدائم وتنظيم الفعاليات المتواصلة التي تصبّ في محور رفد المسجد الأقصى بأكبر عدد من المصلين للتصدي لمخططات وإجراءات الاحتلال الصهيوني . وهذا مما لا شك فيه يعطي إشارات وله تبعات آنية ومستقبلية ، بأن المسجد الأقصى في خطر داهم ، قد يكون اصعب في قادمات الأيام خاصة في ظل تصاعد استهداف المسجد الأقصى ووضع المخططات والاقتراحات والتصريحات بعناوين مختلفة لتقسيم المسجد الأقصى المبارك .