نقطة الارتكاز اللاهوتية : “القدريّة”
معظم المسيحيين الأصوليين هؤلاء إن لم يكن كلهم يسلّمون بمذهب “القدريّة”، أو كما يسميها البعض أيضاً “التدبيريّة” ، والقدريّة هي محاولة لتفسير تاريخ علاقة الله بالبشر بأحوال وأحقاب مخصوصة. يقول (س.أي.سكوفيلد) من أكابر الناطقين بهذا المذهب: “كل قدر دور من الزمان يُمتحن فيه البشر حسبما أوحاه الله من وحي مخصوص”.
ويجمع منظرو القدرية في معظمهم على سبعة أقدار أو حقبات زمنية تدل على تطور علاقة الله بالبشر، حيث يمتحن الله الجنس البشري في
إطاعة إرادته. القدر السادس من هذه الأقدار هو الحقبة الحالية،أي “دور الكنيسة والنعمة”، وينتهي بعودة المسيح لإقامة مملكته الألفية، وهذا هو الدور السابع.
إن هذا المذهب يرتكز على افتراضين: الافتراض الأول هو الفصل ما بين إسرائيل (أي الشعب اليهودي، شعب الله على الأرض) والكنيسة (أي شعب الله في السماء). أما الافتراض الثاني فهو وجوب تفسير الكتاب المقدس دائماً بطريقة حرفية. وهكذا يؤدي هذا المذهب إلى أقلّه نتيجتين: الأولى: أنّ الأرض هي ملك للشعب اليهودي، والثانية: أن النبوءات المتعلقة برجوع اليهود في الشتات إلى الأرض قد تحققت ثانية في القرنين التاسع عشر والعشرين، من هنا نتبيّن كم أنّ هذا المذهب هو من جهةٍ تحريف للمسيحية، ومن جهة ثانية أيديولوجيا سياسية عنصرية.