الرئيسية / أخبار وتقارير / روسيا ليست خطرا مطلقا بل عنصر رئيسي في أي توازن عالمي جديد

روسيا ليست خطرا مطلقا بل عنصر رئيسي في أي توازن عالمي جديد

دعا السياسي الامريكي المخضرم هنري كيسنجر إلى صياغة “مفهوم جديد للعلاقات الأمريكية الروسية بما يخدم تسوية القضايا الخلافية” بين البلدين، وفي مقال نشرته له صحيفة “ناشيونال انتيرست” امس الخميس في أعقاب زيارة قام بها إلى روسيا مؤخرا، اعتبر هنري كيسنجر أن العلاقات بين موسكو وواشنطن في الوقت الراهن “تكاد تكون في أسوأ أحوالها منذ انتهاء الحرب الباردة”.

 

وکتب بهذا الصدد، أن “الثقة المتبادلة بین البلدین قد تبددت، فیما حلت المجابهات محل التعاون الثنائی”، مشیرا إلى أن الکثیر من المراقبین فی البلدین یجمعون على أن “حربا باردة جدیدة” قد اندلعت بین الولایات المتحدة وروسیا.

 

وأکد کیسنجر أن الخطر الرئیس حسب رؤیته، “لا یکمن فی العودة إلى المجابهات العسکریة، بقدر، ما یکمن فی ترسیخ صحة النبوءة التی تتحقق بشکل تلقائی” وتنذر بتدهور العلاقات لا محالة بین البلدین.

 

وأضاف:مصالح البلدین الآجلة تتطلب منظومة عالمیة تتحول فیها الهزات الحالیة والتغیرات، لتفرز توازنا جدیدا یکون أکثر تعددیة وذا نطاق عالمی أوسع”.

 

وأعرب کیسنجر عن ثقته التامة بأن التهدیدات تبرز فی المرحلة الراهنة، وبالدرجة الأولى، لا من جراء اشتداد مرکزیة سلطة الدولة، بل من جراء تشتتها، ومن “بروز عدد متنام من المناطق الخارجة عن السیطرة” فی العالم.

 

وتابع: لا یمکن لأی دولة مهما عظمت قوتها أن تتغلب على فراغ السلطة المتزاید، والمواجهة على هذا الصعید تتطلب التنسیق بین الولایات المتحدة وروسیا وغیرهما من الدول الکبرى.

 

وفی التعلیق على الأزمتین السوریة والأوکرانیة، نصح کیسنجر: فی ظل تکون العالم متعدد الأقطاب، أوصى بالنظر إلى روسیا کعنصر رئیسی فی أی توازن عالمی جدید، عوضا عن اعتبارها الخطر الوحید والمطلق الذی یتهدد الولایات المتحدة.

 

وبصدد سبل التسویة فی أوکرانیا وفض أزمتها، دعا کیسنجر إلى ضرورة “دمج أوکرانیا فی إطار هیکلیة الأمن الدولی والأوروبی، بحیث تصبح جسرا یربط بین روسیا والغرب، عوضا عن أن تکون منطلقا لهذا الجانب أو ذاک” ضد الآخر.

 

وفی الشأن السوری کتب: لقد تجلى عجز الجهات المحلیة والإقلیمیة عن إیجاد الحل، فی حین یمکن من خلال تنسیق الجهود الروسیة والأمریکیة أن تُخلق، وبالتنسیق مع الدول الکبرى الأخرى، هیکلیة لصیاغة الحلول السلمیة فی الشرق الأوسط، وربما فی غیر ذلک من مناطق العالم”.

 

هذا، وترأس کیسنجر خلال زیارة قام بها مؤخرا إلى موسکو “مجلس” الحوار الروسی الأمریکی غیر الرسمی، کما التقى الرئیس الروسی فلادیمیر بوتین.

 

وفی التعلیق على زیاراته إلى روسیا، التی تستمر طوال نصف قرن من الزمن، أشار إلى أنها “لا تعود بالنفع علیه فی جمیع المرات”.

 

یشار إلى أن کیسنجر وزیر خارجیة أمریکی أسبق، وسیاسی أمریکی مخضرم، کما عمل مستشارا للرئیس الأمریکی لشؤون الأمن القومی، وهو خبیر دولی ضلیع فی شؤون السیاسة والجیوسیاسة الدولیة.