بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه على ما فتح لنا من أبواب العلم، بتأسيس العلوم الإسلامية، وخصنا باسم الشيعة الإمامية، حمداً نسبق به من سبق إلى رضاه وحباه بما يتمناه، والصلاة والسلام على خير خلقه، وأفضل بريته، محمد سيد رسله، المؤسس لشريعته والمبعوث بأشرف كتبه، الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، وعلى آله الكرام مفاتيح علوم الإسلام.
أما بعد: فأني لما صنفت كتاب تأسيس الشيعة الكرام لفنون الإسلام، ورتبته على فصول تجمع العلوم التي تقدمت الشيعة في تأسيسها، وعقدت في كل فصل صحائف عديدة، لأول من وضع ذلك العلم، ولأول من صنف فيه، ولأول من اخترع علماً من فروع ذلك العلم وصنف فيه، ولأول من ابتكر معنى اتبع فيه، ولأول من أفرد نوعا من العلم في التصنيف. وأمثال هذه العناوين، وصحيفة في مشاهير ذلك العلم وأئمته المتقدمين ذكرتهم على ترتيب الطبقات، الأقدم فالأقدم، لا على ترتيب الحروف، وذلك أداء لحق أولئك الكرام، الحائزين قصب السبق في هذا المقام، ضرورة فضل المتقدم على المتأخر، والمتبوع على التابع، ولم يسبقني أحد إليه، ولا حام طائر فكره عليه، ولا يسبقن إلى بعض الأذهان إنكاره،
فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه، فجاء كتاباً ضخماً، بسبب تراجم الطبقات، وذكر بعض النادرات، فالتمسني بعض الأفاضل من أهلي أن أختصره ليكون أليق بالمرام الموضوع له الكتاب، وأن أترجمه «كتاب الشيعة وفنون الإسلام» فاستخرت اللّه في إجابته، فساعدت الاستخارة فاختصرته، غير أني لم أرع ترتيب الأصل، بل رتبت الفصول فيه على ترتيب شرف العلم، لا على ترتيب ترتب العلوم.