قبل ايام من الان اجرى رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” اتصالا هاتفيا مع الملك السعودي “سلمان بن عبدالعزيز” الذي ادعى خلال الاتصال ان الرياض تدعم بغداد في كافة المجالات داعيا العبادي الى زيارة السعودية.
وقد قيل ان طرفي هذا الاتصال الهاتفي تطرقا الى موضوع كيفية تمتين العلاقات بين البلدين والحرب ضد داعش وكذلك الاوضاع السياسية والامنية في العراق والمنطقة، وقال المتحدث باسم المكتب الاعلامي للعبادي “سعد الحديثي” ان واجهة الارهاب وضمان استقرار المنطقة يتطلبان وجود تعاون مشترك بين الاخوة العرب بشكل اكبر وان الدعوة الموجهة للعبادي لزيارة الرياض جاءت في الوقت المناسب.
وتأتي مواقف حكومة العبادي في وقت كان اكثر مسؤولي الحكومة العراقية السابقة (حكومة نوري المالكي) يتحدثون مرارا وتكرارا عن الدور السلبي للسعودية في العراق ودعم الرياض الواسع للجماعات الارهابية التكفيرية، والان يبدو ان طريقة تفكير العبادي تختلف عن الحكومة السابقة وانه يريد انتهاج سياسة الابواب المفتوحة.
واذا دققنا النظر في مواقف “العبادي” نرى انه يحاول تعزيز العلاقات مع المحيط العربي وخاصة دولتي السعودية والكويت رغم ان هذه السياسة كانت متبعة في زمن “المالكي” و”ابراهيم الجعفري” لكنها لم تؤتي ثمارها ولم يرى العراقيون اي اثر ايجابي لسياسة الانفتاح على دول الجوار اما الان يبدو ان الجيران العرب وتركيا يتجاوبون الان بشكل كبير مع هذه السياسة وبات الطريق مفتوحا لتوجيه الانتقادات الى عهد “المالكي”.
وفيما تقول حكومة “العبادي” انها تريد خفض التوترات والاقتراب من الجيران العرب فإن توجيه دعوة سعودية للعبادي لزيارة الرياض امر ينبغي الوقوف عنده لأن السياسة الانفتاحية للعبادي تمهد لتواجد وحضور اللاعبين العرب وخاصة السعودية على الساحة العراقية وهو تواجد له اضرار اكثر من فوائد ايجابية.
ويعتقد البعض ان سياسة الرياض تجاه بغداد ستمستر كما كانت سابقا لأن التكفيريين يتغذون من الفكر الوهابي الذي اشتد عوده بعد مجيء الملك سلمان الى الحكم وان سياسة الابواب المفتوحة التي ينتهجها “العبادي” لن تغير سياسات الرياض تجاه العراق ولن تؤثر فيها بشكل كبير بل ربما يخفض فقط من التذمر السعودي تجاه بغداد.
ان السياسة الامريكية الازدواجية تجاه العراق وخفض اسعار النفط من قبل السعودية والخسائر التي تحملها العراق والتي تقدر بمليارات الدولارات هي من جملة الامور التي اضرت بالعملية السياسية والامنية في العراق واذا نظرنا الى الاداء السعودي في اليمن نرى ان الرياض لها دور مخرب جدا.
وفي المقابل يعتقد قسم آخر من المحللين ان الملك سلمان سيتجاوب مع سياسة الابواب المفتوحة لحيدر العبادي وسيسعى الى تحسين العلاقات مع العراق خاصة وانه كان منتقدا لبقاء ابواب السفارة السعودية في بغداد مغلقة، كما ان السياسة التي اعلنتها السعودية لمكافحة تنظيم داعش الذي يشكل خطرا على الدولتين يمكن ان تقرب المسافة بين الدولتين لكن ما يجري في اليمن يهدد آمال تحسين العلاقات بين السعودية والعراق.
والسؤال المطروح الان هو هل ان سياسة الانفتاح والمساومة التي ينتهجها “العبادي” ازاء دول المنطقة ومنها السعودية يمكانها ان تغير الدور السعودي المخرب وتحوله الى دور ايجابي؟ وللاجابة نقول ان هذه الخطوات لن تغير اي من السياسات السعودية لأن هذا البلد الذي ينتهج الوهابية لديه مشكلة مع اصل الحكومة الشيعية في العراق ولن يرضى باستمرار التواجد الشيعي في الحكم ولذلك فإن دور ومهام السعودية في العراق لن يتغير في النهاية وان المرونة السعودية المحتملة تجاه العراق لن يكون الا مؤقتا وشكليا.
ان سياسة انفتاح “العبادي” على السعودية لن تغير الحقائق على الارض ولن تؤدي الا الى بعض الليونة الظاهرية وان ما يجري في اليمن خير دليل على استمرار السياسات السعودية كما هي ولذلك نجد “نوري المالكي” محقا حينما يقول”ان السعودية لا زالت تذكي الخلافات في المنطقة ولاتريد التعامل بالسياسة والدراية مع القضايا الراهنة”.