قال وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر ان تركيا غير جاهزة بعد لتقبُّل الخسارة في حلبمضيفا بأن العلاقة التاريخية بين سوريا وروسيا أسست لنوع من الشراكة الحقيقية بين البلدين اليوم.
وافادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ان حيدر اكد في مقابلة مع موقع “آر تي” أن جهود المصالحة التي باشرتها الدولة السورية في حلب عقب حصار الجيش للأحياء الشرقية مباشرةً، اصطدمت فوراً بالرفض والتصعيد من قبل المجموعات المسلحة، التي استُنفرت هيئاتها الشرعية وأجمعت على رفض المصالحة، فأغلقت من جهتها المعابر الأربعة التي أعلن عن افتتاحها ونشرت القناصين لاستهداف كل من يفكر بالعبور إلى الجانب الآخر، وقتلت نتيجة ذلك أربعة مواطنين.
وتحدث الوزير عن استعدادات الدولة للمصالحة في حلب؛ حيث أمضى هناك ثلاثة أيام للترتيب للأمر، فيقول: “كدولة استعددنا لاستقبال هذا الإنجاز العسكري الكبير بصدر وقلب مفتوحين، بهدف استعادة المواطنين السوريين العالقين فيها، فالدولة بحسب حيدر لا تعمل بعقلية ثأرية، وإنما يهمها عودة مواطنيها وتحديداً حاملي السلاح إلى جادة الصواب.
ويدلل الوزير على هذا الكلام بمرسوم العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد ضمن رؤية شاملة لاستيعاب نتائج الانتصار في حلب، وهو المرسوم الأشمل حتى الآن للعفو عن المسلحين، وكذلك بالإعلان الروسي–السوري المشترك عن إطلاق العملية الإنسانية في المدينة.
وزير المصالحة أقر بأن التصعيد العسكري الذي أعقب الانتصار في حلب الشرقية قطع الطريق على جهود المصالحة، فالدول الداعمة للمسلحين أوعزت لهم بالرفض والتصعيد، وخاصةً تركيا التي يبدو بأنها غير جاهزة بعد للتراجع عن مشروعها في الشمال ولتقبُّل الخسارة.
ويرى حيدر أنه وبعكس كل التحليلات والآراء التي تقول بوجود اختلاف في الرؤية بين الأمريكيين والأتراك، فإن البلدين لا يزالان ينسقان فيما يخص معركة حلب، ويصران على التصعيد ودعم المجموعات المسلحة بما فيها “النصرة” لحصد أكبر نتائج يمكن الإفادة منها في تحقيق عملية سياسية تحقق شروطهما في سوريا،وما يجري اليوم يثبت ذلك، فالإمدادات من الجانب التركي لم تنقطع، بينما تحاول واشنطن تحميل مسؤولية ما يجري للدولة والجيش السوري.
الوزارة وحميميم: إرباك فتنسيق عالي المستوى
واضاف حيدر أن مركز حميميم أنشئ في الأساس بهدف مراقبة الهدنة، التي تم التوصل إليها في الـ 27 من فبراير/شباط من العام الحالي، ولمتابعة مدى التزام الأطراف بها، ومراقبة الخروق التي تحدث هنا وهناك؛ مضيفاً أن عمل المركز تطور لاحقاً لتصبح إحدى مهماته التواصل مع المجموعات المسلحة والبيئات الحاضنة والمجتمع المحلي، لتوقيع وثيقة التزام بالهدنة وعدم الاعتداء على الدولة، ممثلةً بمؤسساتها وجيشها والمدنيين السوريين، الذين طالما كانوا هدفاً لهذه المجموعات المسلحة.
الوزير حيدر لفت إلى الخلط الحاصل لدى بعض السوريين بشأن الهدنة التي يراقبها الجانب الروسي، والمصالحة التي تقودها وزارة المصالحة الوطنية؛ مشيراً إلى أن الهدن التي يعلن عنها مركز حميميم يومياً، والتي وصل عدد المناطق أو التجمعات، التي انضوت تحتها منذ سريان الهدنة، إلى أكثر من 370 تجمعاً سكانياً، لا تعني المصالحة بالمعنى الذي تعمل عليه الوزارة، ولكنها مقدمة ضرورية ولازمة لإطلاق مشروع المصالحة؛ لافتاً إلى أن في كل مصالحة هناك هدنة، ولكن ليس في كل هدنة مصالحة.
وامتدح وزير المصالحة المستوى الكبير للتنسيق القائم بين وزارته ومركز حميميم، قائلاً: “الروس دخلوا على هذا الملف لهدف، ثم تطور هذا الهدف لمصلحة الدولة السورية والشعب السوري”؛ معترفاً بأن العلاقة كانت في البداية غير واضحة بينهما (مركز حميميم ووزارة المصالحة) لأنها جديدة. وكان يشوبها بعض الإرباك، فظهر كأنه عدم تنسيق أو تنافس، ولكن تمت معالجة الأمر لاحقاً حتى وصل التنسيق إلى أعلى مستوياته اليوم.
يقول حيدر: “افتتح مركز حميميم مكتباً دائماً له في وزارة المصالحة، وينجز معظم عمله ونشاطاته انطلاقاً من هذا المكتب. كما أن هناك اجتماعات دائمة بين وزير المصالحة ورئيس مركز حميميم، فوضعنا أسساً للتعاون، كما أصبح لدينا ممثل عن الوزارة في كل جهد يقوم به الجانب الروسي”. ولخص مهمة المركز بأنه يقوم بدور الوسيط والراعي في مرحلة الهدنة، لتبقى بقية الإجراءات بيد الدولة السورية ممثلةً بوزارة المصالحة؛ ما يعني أن هناك نوعا من التكامل بين عملنا وعملهم.
ولفت الوزير إلى نجاح الروس في استقطاب المزيد من السوريين لتوقيع الهدنة، مؤكداً أن قسماً ممن حملوا السلاح ضد الدولة والجيش السوري يشعرون بالارتياح للتواصل مع الأصدقاء الروس، حيث يعدّونهم طرفاً محايداً، ويعملون لمصلحة الشعب السوري. ويرى حيدر أن هذا الفهم جيد ويسعدنا، فروسيا تحارب الإرهاب ولا تحارب الشعب السوري.
درعا: مصالحات بالجملة
وفيما يخص المصالحات والإنجازات التي حققتها الوزارة، أكد حيدر أن الحجم الأكبر من المصالحات تم في محافظة درعا، وكذلك أنجزت مصالحات في ريف دمشق الشرقي وريف حماة الشمالي والشرقي وفي ريف حمص.
ويعزو الوزير نجاح المصالحات في درعا إلى انسداد الأفق أمام مجموعة كبيرة من المسلحين نتيجة حضور الجيش بقوة بعد أن كان الأمر يبدو وكأن الدولة غير موجودة فيها، وأن المحافظة أصبحت خارج السيطرة؛ لكن الجيش عاد وحقق إنجازات كبيرة وحضوراً قوياً على الأرض، ما أدى إلى انسداد الأفق أمام المجموعات المسلحة التي خف الدعم عنها من دون أن ينقطع نهائياً.
أما طبيعة التشكيلات المسلحة في الجنوب، فقد افتقرت إلى قوام متجانس تحت قيادة موحدة، وكثيراً ما تحول الاقتتال بينها إلى صراع دموي بهدف السيطرة على الأرض، على عكس الفصائل في الشمال التي نرى اليوم أن 23 منها يقاتل في حلب تحت قيادة موحدة؛ لأن الجهد الدولي المعتدي على سوريا ركز على المناطق الشمالية وتحديداً حلب وإدلب، باعتبار المعركة هناك هي بيضة القبان في الصراع على سوريا.