الرئيسية / تقاريـــر / من أدار معركة “ملحمة حلب الكبرى” ومن هي القوة الخاصة التي اقتحمت مجمع الكليات؟!!- سمير الفزاع

من أدار معركة “ملحمة حلب الكبرى” ومن هي القوة الخاصة التي اقتحمت مجمع الكليات؟!!- سمير الفزاع

ما هي أهداف حلف الحرب على سورية من معركة حلب؟. من أدار معركة “ملحمة حلب الكبرى”؟. من هي القوة الخاصة التي إقتحمت مجمّع الكليات؟. من أين وكيف وصلوا إلى جبهة المعركة؟… هذه الأسئلة الحساسة والآثار الخطيرة جداً المترتبة على الإجابة عنها، ستكون صلب مقاربتي هذه.

 

* أهدافهم من معركة حلب:

1- في 27/7/2016، أعلن الجيش العربي السوري رسميّاً مهمّة تطويق حلب، وبدء حصار الإرهابيين في أحياء حلب الشرقية، بالتزامن مع فتح عدة ممرات لخروج المدنيين منها، ومعبر للمسلحين الراغبون بتسليم أسلحتهم بعد صدور عفو رئاسي خاص، ومعبر محدد للإرهابيين الذين لن يلقوا السلاح ويريدون الخروج عبر معبر الكاستيلو إلى كفر حمره… خلال أيام خرج ثلاثة ألآف مواطن تقريباً، وعشرات المسلحين سلموا أنفسهم وأسلحتهم للسلطات السورية… كرة الثلج تكبر يوميّا، ما العمل؟.

 

أصبح القيام بعمل ما لوقف الإنهيار الشامل للمسلحين في أحياء حلب الشرقية، والذين وصلوا لمرحلة إطلاق النار على المدنيين والمسلحين لمنعهم من ترك حلب الشرقية ما ينذر بإنقسام وإقتتال وشيك فيها… أكثر من ضروري، فأعلنت معركة “ملحمة حلب الكبرى” في 31/7/2016، وبإرهابيين من خارج حلب عموماً، لوقف هذا الإنهيار.

 

2- تظهر طبيعة الحشد وحجمه والعدد الكبير والمتنوع للفصائل الإرهابية المشاركة فيه، والتغطيّة الإعلامية المكثفة والواسعة، أن قرار غزو حلب لم يكن وليد أيام فصلت بين إتمام الطوق حول حلب وإعلان معركة “فتح حلب”، وإنما عجّل بتنفيذ مخطط غزو مُعد سلفاً…

 

إذ يظهر هذا الحشد بأن هناك قرار دولي وإقليمي مركزي يمسك بقرار هذه الجماعات بقوة، وقادر على تسخيرها لحظة يشاء، وأين يشاء… وهو يكشف بهذه المعركة عن -الخطة ب- كأحد الخيارات “القذرة” لمنع سورية وحلفائها من الإنتصار.

 

3- كانت معركة حلب فرصة إستثنائية لأردوغان لتحقيق جملة من الأهداف، منها: “تعويم” نظامه وإعادة إنتاجه؛ إذ قايض واشنطن مشاركته في معركة “إستعادة التوازن” الأمريكيّة في حلب وسوريّة بإطلاق يده في تركيا لـ”تطهيرها” من خصومه، وفعلاً لم يعد أحد ينتقد سياسات أردوغان لا في واشنطن أو الغرب… و”تحصين” موقعه التفاوضي عند “مواجهة” بوتين وقد عدّلّ بعضاً من “توازن القوى” وأستعاد شيئاً من “هيبته” المهدورة… .

 

4- إستخدمت حملة إعلاميّة ودعائيّة قاسية قوامها الإشاعة لخلق جو عام من الرعب والخوف، يدفع المواطن الحلبي والقوى العسكرية المدافعة عن المدينة إلى حالة من الإنهيار النفسي، وفقدان القدرة على المقاومة وإرادة القتال… لتكرار نموذج الإنهيار أمام “الصدمة والترويع” عند جسر الجمهورية في بغداد، وبوابة العزيزة في طرابلس الليبية، والتي حققت بالإعلام نصف ما حققه الميدان تقريباً… فيتم وصل الكليات بالأحياء الشرقيّة، ومحاصرة أحياء حلب الغربية -مواطنون وقوات عسكريّة…- وخلق ورقة حاسمة لإبتزاز سورية وحلفائها في المفاوضات، والمساهمة في صناعة الرئيس الأمريكي القادم ومنحه الكلمة الفصل في سورية… .

 

5- أحد أهم الدوافع خلف الهجوم على حلب، ودعم أمريكا وأدواتها للجماعات الإرهابية فيها وفي ريف اللاذقية الشمالي: “إشغال” الجيش العربي السوري وحلفائه في معارك حاسمة وخطيرة، ليتسنى لها الإمساك و”ترتيب” الخارطة الميدانية في شمال وشرق سورية عبر حضورها المباشر، ومن خلال الدور التركي وأدوات الغزو الإرهابية والانفصالية في هذا القطاع الواسع… .

 

* من أدار المعركة: وضعت خطة غزو حلب قبل إغلاق معبر الكاستيلو بأشهر، وعقب عمليّة رصد وإستطلاع دقيقة وشاملة –فضائية،جويّة،أرضيّة- لكافة محاور حلب، ليقع الإختيار على جبهة الريف الغربي-الجنوبي، حيث الحشد الأكبر للإرهابيين، والمعبر الوحيد لأحياء حلب الآمنة، وخطوط الإمداد المفتوحة نحو محافظة إدلب وريف حماه، والنقطة الأقرب لأحياء حلب الشرقيّة، و”تواضع” القوات المدافعة عن هذه الجبهة… 27/7، وبعد الإطباق على المسلحين في حلب، فجأة، وفي 30/7/2016، وزير خارجية قطر يزور تركيا، وفي 1/8/2016، يصل الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي إلى قاعدة انجرليك في زيارة استمرت لثلاثة أيام!…

 

والهدف الأهم لهذه الزيارات “العلنية” وأخرى السريّة، كان الإشراف على تنفيذ الخطة.

 

إنها المعركة التي تفسر قول الوزير كيري علناً قبل أسابيع: “مناطق نفوذ لنا وأخرى لكم وما بينهما نلعب بشرف!!!”، ولذلك تحدث كيري عن خديعة روسيّة عند إتمام الطوق على الإرهابيين في أحياء حلب الشرقية، وأن هذه الخديعة ستؤدي إلى “إنهيار التفاهمات الأمريكية-الروسية”.

 

* آلية التنفيذ، والمأزق: تتلخص آلية التنفيذ كما يلي: البدء بعملية تمهيد ناري عنيفة وخاطفة بإستخدام كافة الوسائط النارية التي يمتلكها المسلحون –مدافع،هاون،راجمات…

– لإثارة الفوضى والإرتباك في صفوف الجيش، وتدمير نقاطه المتقدمة والحصينة… ثم الإنتقال إلى السيارات والمدرعات المفخخة، لإثارة المزيد من الفوضى والارتباك…

ثم تندفع مجموعات من الانتحاريين لتطهير هذه الثغرات، ويليها الإنغماسيون، وصولاً إلى تدفق الكتلة الإرهابية الرئيسيّة…

إستمر سيناريو الموجات الهجوميّة لأيام لكنه فشل في إحداث خرق حقيقي، فظهرت الحاجة إلى قوة جديدة ومختصة لإنقاذ الخطة قبل أن يتدارك الجيش العربي السوري وحلفائه الموقف، ويزجوا بالمزيد من القوات والأسلحة في ميدان المعارك، فتصبح المهمة مستحيلة؛ بل وتضيف هزيمة جديدة لهزيمتهم في جبهة الملاح-الكاستيلو.

 

* سلاح واشنطن السري: تقول معلومات الرصد والإستطلاع السورية، أن الوحدات التي شاركت في موجة الهجوم صباح الجمعة، وبعد فشلها بالتثبيت في المواقع التي سيطرت عليها، تلقت أوامر من غرفة عمليات يقودها ضباط “أجانب” تشرف بشكل لحظي على مسرح العمليات، بمغادرة ميدان المعركة، مع فريق التغطية الإعلامية، والإنسحاب إلى الخطوط الخلفية. وعند الساعة التاسعة تقريباً، وصلت مجموعات “خاصة” من الشيشان، والإيغور، والتركستان… إلى مجمّع الكليات. ثلاثة ألآف إرهابي، فيهم عشرات الانتحاريين، والبقيّة من الإنغماسيين، ليتدفقوا من غرب الكليات بالتزامن مع إندفاع عشرات الدبابات والمدرعات من شرقها.

 

تلك “القوة الخاصة”، جاءت بها واشنطن مباشرة من صفوف داعش في الميدان العراقي، بعد أن جمّعتهم في قاعدة عسكرية أمريكية على الحدود العراقية-الأردنية، ثم قامت بنقلهم جواً إلى قاعدة “أنجرليك” التركيةّ بعد أن رتب وصولهم ونقلهم رئيس الأركان الأمريكي مع القيادة التركية، السياسية والعسكرية… .

 

كلمة أخيرة:

 

معركة الكليات، كانت معركة واشنطن بالدرجة الأولى، ولم تكن الجاسوسة الأمريكية الجريحة التي تحدثت عنها وكالة “سبوتنك” الروسية، وصحيفة “حرييت” التركيّة إلا شاهد من عدة شواهد تراكمت خلال الأيام الماضية…

هذا الممر بين الكليات وأحياء حلب الشرقية يحمل البصمات الأمريكية، والتي تذكرنا بثغرة “الدفرسوار” لحصار الجيش الثالث المصري إبان حرب 1973…

لكن للأمريكيين ميزة، إنهم يكرهون التاريخ، ولذلك يكررون الخطأ ذاته مرتين وثلاثة…

“الأسد” لا يمكن أن يكون “السادات”، ثبُت هذا في حرب تشرين، وفي حرب لبنان. عندما حوصر ألآف الجنود السوريين في بيروت، جاء وزير الخارجية الأمريكي”شولتز”، ليبتز الراحل الكبير حافظ الأسد ويجبره على الرضوخ للشروط الأمريكية، فقام الراحل حافظ الأسد برفع الهاتف، وأتصل بالعماد مصطفى طلاس، وطلب منه إستصدار وثائق الشهادة لهؤلاء الجنود، وتخصيص بيت وسيارة وهاتف لكل واحد منهم…

فأيقن شولتز أن “الأسد” لا يرضخ ولا يُبتز…

واليوم يتكرر الأمر ذاته، أغلقت ثغرة الدفرسوار بالنار، وسُحب الجيش من مصيدة القتل والحصار…

لتقع واشنطن وأدواتها في المحرقة…

والقادم هو الأعظم.

0

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...