الوقت- يقصد بالدبلوماسية الرقمية، عملية تسخير الإنترنت وتكنولوجيا الإتصال الحديثة فى التواصل مع الآخرين سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وذلك بهدف تعزيز السياسة الخارجية والداخلية لدولة أو كيان ما من خلال المنصّات الرقمية، التي أصبحت تمثل الجهاز العصبي الجديد للعالم.
وتعتبر الدبلوماسية الرقمية إمتداداً للدبلوماسية بمفهومها التقليدي، وهي تستند إلى الإبتكارات وأنواع الإستعمال الناجمة عن تكنولوجيات المعلومات والإتصالات. بيد أن الأدوات الرقمية لا تمثل إلاّ مجرد وسيلة لنقل المعلومات، فهي تساهم في تغيير وجه النشاط الدبلوماسي. وتشمل الدبلوماسية الرقمية مجالات متعددة بينها جمع وإدارة المعلومات عن الدول والجماعات المستهدفة وما يعرف بدبلوماسية التأثير على هذه الأطراف.
الدبلوماسية الرقمية للكيان الإسرائيلي
تبدي الدوائر الأمنية الإسرائيلية قلقاً متزايداً من إحتمال تمكّن جهات خارجية من الكشف عن أسرارها من خلال إختراق حسابات الموظفين والعاملين في الأجهزة الأمنية التابعة لها. وفي وقت سابق حذّرت المؤسسة الأمنية في الكيان الإسرائيلي من محاولات خارجية للحصول على معلومات سريّة وحساسة من خلال الرسائل التي تكتب أو ترسل عبر قنوات الإتصال العلنية، وعلى رأسها برنامج “واتساب”.
وذكر موقع صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبريّة أنه وفق توجيهات المؤسسة الأمنية، يتوجّب على العاملين في وزارة الحرب الاسرائيلية عدم إختيار إسم لمجموعات “واتساب” التي يتواصلون عبرها تدل على طابع العمل والمهام التي يقومون بها، والحرص على إختيار أسماء لا تثير إهتمام الأجهزة الإستخبارية الخارجية أو ما أسمته الأطراف المعادية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس وحدة الرقابة والإدارة في وزارة الحرب الإسرائيلية “شموليك فريد” أوضح أن التوجيهات ملزمة لكل من العاملين في الوزارة من المدنيين والعسكريين، ويجب أن تطبق على كل وسائل التواصل السريع بضمنها “سكايب” و “فيسبوك” و “ماسينجر” وغيرها من الوسائل الإلكترونية. كما يحظر إستخدام مجموعات “واتساب” على العاملين في الوزارة الذين تعد علاقة العمل بينهم ذات طابع سريّ، ويحظر كذلك على الآخرين التعرف على مجرد وجود مثل هذه العلاقة.
وحثّ “فريد” العاملين في وزارة الحرب من مستخدمي “واتساب” على ضرورة الإبلاغ فوراً عن كل موظف في الوزارة لم يتقيد بالتعليمات من أجل الإسراع في معالجة الأمر ومنع تسرب المزيد من المعلومات السريّة.
ويتباهى الكيان الإسرائيلي بأنه يأتي في الترتيب الثامن عالمياً في مجال الدبلوماسية الرقمية، وفقاً لدراسة نشرت في مؤتمر الدبلوماسية الرقمية الذي أطلقته الخارجية الإسرائيلية بمشاركة أطراف مختلفة، في حين يشكك ناشطون بهذه المزاعم لأنها لم تصدر عن جهة محايدة ومعترف بها دولياً.
ويحذّر المختصون دائماً من الدور الخطير الذي يلعبه كيان الإحتلال الإسرائيلي في هذا المجال، خصوصاً بعد أن ُسجل الحقوقيون المئات من الإنتهاكات والجرائم الألكترونية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب ودول المنطقة بشكل عام.
وكان مسؤول “لواء الفضاء الإلكتروني” في جيش الإحتلال الإسرائيلي “داني بيرن” قد حذّر من أن الفضاء الإلكتروني بات ساحة مواجهة عسكرية تزداد أهمية مع مرور الوقت. ونقلت المجلة الناطقة باسم وزارة الحرب الإسرائيلية عن بيرن قوله إن خطورة الفضاء الإلكتروني تكمن في أنه يربط بين المنظومات المحوسبة والمعلومات والبرامج والعمليات البشرية، مما يسمح للذين يجيدون التعامل معه تحقيق تفوق عسكري وميداني.
ولفت بيرن الأنظار إلى أن الأجهزة الإستخبارية باتت توظف ما أسماه “الهوية الرقمية” للأشخاص، والتي تحدد ملامح شخصيته الاجتماعية والنفسية وطابع عمله من خلال أنشطته ومراسلاته السريّة على الإنترنت. وأوضح أنه بالإمكان التأثير على أنماط السلوك لقطاع واسع من الناس من خلال الفضاء الإلكتروني.
ويعد التجسس من الأسس الثابتة في العقل الصهيوني بشكل عام، ويشدد كيان الإحتلال على الأهمية القصوى لأجهزة التجسس في دعم مشروعه التوسعي في المنطقة والعالم من خلال إيجاد فروع لشبكات التجسس التابعة له في عدد من العواصم بينها باريس وروما ولندن وزيورخ وموسكو وغيرها.
وتنقسم أهداف التجسس الإلكتروني الإسرائيلي إلى إستراتيجية وأخرى تكتيكية. فمن الأهداف الإستراتيجية محاولة الإبقاء على التقدم التكنولوجي والعسكري في مختلف المجالات بهدف منع الدول التي تصنفها تل أبيب ضمن الدول المعادية وحتى الدول التي تعدها حليفة لها من إمتلاك قدرات تكنولوجية معلوماتية وعسكرية وأمنية متطورة.
أمّا أهم الأهداف المرحلية أو التكتيكية للتجسس الإلكتروني الإسرائيلي فتشمل إنشاء شركات حواسيب سريّة في عدد من الدول العربية والإسلامية بهدف جمع المعلومات عن هذه الدول، بالإضافة إلى نشر الفيروسات للحصول على معلومات وضرب أنظمة الحاسوب في الدول المستهدفة. وقد وظّف كيان الإحتلال أجهزة تنصت ومراقبة فائقة الحداثة لإلتقاط موجات الهواتف العادية والخليوية في الدول الأخرى، وحلّ الشيفرات الإلكترونية عبر الأقمار الإصطناعيّة وكابلات الإتصالات البريّة والبحريّة.
ويعتمد التجسس الإسرائيلي على أشكال متعددة في مجال الإستخبارات بينها الرصد والتنصت على أجهزة الإتصال السلكية واللاسلكية ووضع كاميرات رقمية كبيرة ودقيقة على قمم الجبال وعلى أبراج خاصة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى إستخدام طائرات بدون طيار لتزويد القيادات الأمنية والإستخبارية بالمعلومات المطلوبة، إلى جانب أجهزة التشويش المتطورة التي تعمل بشكل مستمر لفاعليتها في المساعدة على التجسس والحرب الإلكترونية،
وقبل مدّة إعترفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) بأن نسبة إعتماد الجيش الإسرائيلي على الأقمار الصناعية لأغراض التجسس قد إرتفعت إلى 200% خلال السنوات القليلة الماضية لمراقبة ما يجري في المنطقة.