الرئيسية / من / طرائف الحكم / فاطمة ( عليها السلام ) حجة الله الكبرى

فاطمة ( عليها السلام ) حجة الله الكبرى

فعلى أساس هاتين القرينتين نحتمل احتمالا قويا أن أصل يوم العذاب المقصود به هو
يوم القيامة الذي سوف يكون فيه نار جهنم للظالمين أشد عذابا وأكبر تنكيلا .
وربما يرد علينا في ما نحن فيه إشكال وهو إذا كانت ظلامات أهل البيت ( عليهم السلام ) من
السقيفة وإحراق بيت فاطمة وقتل محسن . . الخ هو الأساس وأصل يوم العذاب في
القيامة فماذا تقول في الذين كانوا قبل هذه الظلامات وقبل زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) – أي
الأمم الأخرى – فإنهم ما كانوا يعلمون ذلك فكيف توجه هذه المسألة ؟
نقول : إنه لا ضير في ذلك ولا يقدح فيما نحن فيه ذلك لكون عندنا رواية تقول أنها –
أي الصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام ) – كانت مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من
الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة ( 1 ) ، فإذا كان هكذا حالها
فبالنتيجة تكون الحجة على جميع من خلق الله تعالى وخصوصا أنه ما تكاملت نبوة
نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت
القرون الأولى – أي المتقدمة على هذا الزمان – وعليه لو كان الأنبياء والمؤمنين قبل
بعثة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حاضرين في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكانوا قسمين إما راضين بما فعل
القوم من الظلم بحق فاطمة وبعلها وبنيها وإما لم يكونوا راضين . فإن كانوا راضين
كانت لهم جهنم مقرا ومقاما وإن لم يكونوا راضين بظلمها كانت لهم الجنة دار سرور
ونعيم وعلى هذا الأساس يتضح كيف يكون ظلم أهل البيت وخصوصا الصديقة
الشهيدة فاطمة ( عليها السلام ) الأساس ليوم العذاب هذا من جهة . ومن جهة أخرى نحن نعلم
أن هناك أحاديث وردت على لسان أهل بيت العصمة مفادها إن الله يرضى لرضا
فاطمة ويغضب لغضبها فمن كانت فاطمة راضية عنه رضا عنه الله تبارك وتعالى ولا
شك ولا ريب ولا شك أن رضا الله يرضاه الأنبياء والمؤمنين السابقين على زمن
الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيكونوا عندئذ راضين عمن رضيت عنه فاطمة وغاضبين على من
غضبت عليه لأنها مظهر رضا الله تعالى وغضبه وعليه يكون الأصل ثابت .
إذن ونحن نقف مع هذا البحث ومدى ثبوتيته لا بد لنا من أن نقدم بعض الأمور التي
يتوقف عليها عظم هذه المسألة التي نحن بصددها ، وهذه الأمور هي :
الأمر الأول : مقامات الزهراء ( عليها السلام ) .
الأمر الثاني : ظلامات الزهراء ( عليها السلام ) .
الأمر الأول
مقامات الزهراء ( عليها السلام ) وفيه :
أ – مقامها عند الله تعالى .
ب – مقامها عند الملائكة .
ج – مقامها عند الأنبياء والنبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
د – مقامها عند الأئمة ( عليهم السلام ) .
ه‍ مقامها عند العلماء والمحدثين .
ت – مقامها يوم القيامة .
1 – مقامها ( عليها السلام ) عند الله تعالى
إن من المقامات التي خصت بها فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هو مقام الرضا أي إن الله
يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ، حيث جاءت الكثير من الروايات الشريفة المأثورة
عن الرسول وأهل بيته ( عليهم السلام ) لتؤكد هذه المنقبة العظيمة للصديقة الشهيدة .
وهذا مما يدل على كونها ذو مقام عالي وشريف سامي لها عند الله تعالى ، إذ لا
معنى أن يرضى الله لشخص من دون أن يكون له عند الله منزلة وكرامة عليه ، وهذا
مما يساعد عليه العرف العقلائي إضافة إلى الشواهد القرآنية الكثيرة على هذه المسألة ،
فنحن نجد من خلال الممارسات الحياتية إن الكثير من الأصدقاء مثلا يرضون لرضا
شخص معين بالحق ويقبلون شفاعته وتوسطه أو رضاه عن شخص معين لحل
مشكلة ما ، وكذلك الحال في الغضب ، وعلى هذا الأساس تكون فاطمة كريمة عند الله
تعالى لعلو شأنها ومنزلتها عنده لذلك يرضى لرضاها ويغضب لغضبها .
عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ” يا فاطمة إن الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك ” ( 1 ) .
وكذلك ما ورد عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : ” يا فاطمة أبشري فلك عند الله مقام محمود
تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك فتشفعين ” ( 2 ) .
ويظهر أيضا مقامها عند الباري عز وجل من خلال الحديث الطويل الذي يروى
عن أهل بيت العصمة عن الله تعالى حيث يقول الباري عز وجل :
” يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق
السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار ” ( 3 ) .
فأي منزلة ومقام لها عند الله تعالى بحيث يقسم الله تعالى بعزته وجلاله أن لا
يعذب بالنار شيعة الزهراء ومحبيها ، وهذا الحديث له مقام عالي يثبته حديث آخر
ورد في شفاعة الزهراء ( عليها السلام ) في يوم القيامة وإعطاء الكرامة العظمى لها آنذاك .
ومن المقامات الأخرى لها ( عليها السلام ) هو علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي
خلقها الباري عز وجل وكما ورد في الحديث الذي يقول فيه الباري عز وجل : ” يا
أحمد ! لولاك لم خلقت الأفلاك ، ولولا علي لم خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما ” ( 1 ) .
ولا نريد الوقوف مع هذا الحديث الآن بل نترك بحثه إلى الفصول القادمة من هذا
الكتاب ، وكثيرة هي المناقب والمقامات التي لها عند الله تعالى .
ب – مقامها ( عليها السلام ) عند الملائكة
في حديث طويل . . ” . . . فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر ، الذي قد
أشرقت به السماوات والأرض ؟ فأوحى الله إليها : هذا نور اخترعته من نور جلالي
لأمتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليي وأخو نبيي وأبو حججي على عبادي ،
أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها
ومحبيها إلى يوم القيامة ” ( 2 ) .
وهذا يعني أنها ( عليها السلام ) لها مقام النور الزاهر عند الملائكة فهم يعرفونها في السماء
بالنور الزاهر الذي أزهرت السماوات والأرض بنورها ولأجل ذلك سميت بالزهراء .
ج مقامها ( عليها السلام ) عند الأنبياء والنبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم )
أما عند الأنبياء فهذا ما يدل عليه الحديث المأثور عن أهل بيت العصمة ( عليهم السلام )
الذي يقول : ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة
الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى ، حيث يظهر من هذا الحديث أن لها مقام
سامي عند الأنبياء لأنه ما تكاملت نبوتهم حتى أقروا بمنزلتها ومقامها وفضلها
ومحبتها ، واللطيف هنا إنما الإقرار يكون عند من له الحق على الآخرين ، وعليه يكون
الأنبياء أقروا لله تعالى – لأنه هو صاحب الحق عليهم – بفضلها ومحبتها ، أما عند
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن مقامها رفيع ولو أردنا أن نكتب عن مقامها عند الرسول لاحتجنا إلى
مجلدات في هذا الأمر ولكن على ما يسعنا المقام نقول : إن مقامها يظهر من خلال
أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه حيث تارة يقول فداك أبوك ومرة أخرى يقول لها أم
أبيها ، وأخرى بضعة مني ولحمها لحمي ودمها دمي ولكن الأهم من هذا كله فإنها ( عليها السلام )
يكفي من مقامها ومنزلتها عند الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال في حقها : ” من عرف هذه فقد
عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين
جنبي فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ” ( 1 ) .
وأيضا قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” ومن أنصفك فقد أنصفني ، ومن ظلمك فقد ظلمني ، لأنك مني
وأنا منك ، وأنت بضعة مني وروحي التي بين جنبي ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” إلى الله أشكو
ظالميك من أمتي ” ( 2 ) .
د – مقامها ( عليها السلام ) عند الأئمة ( عليهم السلام )
ورد عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) أنه قال :
” نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة الله علينا ” ( 3 ) وهذا الحديث من
الأحاديث العظيمة الذي أعطى لفاطمة ( عليها السلام ) وعلى لسان حفيدها الحسن
العسكري ( عليه السلام ) أكبر شهادة عظمي بحقها ، وسيأتي مفصلا البحث حول هذا الحديث
الشريف .

شاهد أيضاً

مفاجآت القرن الـ 21: ملحمة فلسطين وأسطورة إيران

ناصر قنديل يبدو القتال الأميركي الإسرائيلي والغربي عموماً لإنكار صعود العملاق الإيراني وإبهار الملحمة الفلسطينيّة ...