ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام – في حلقات اسبوعية
16 ديسمبر,2016
شخصيات أسلامية
1,134 زيارة
ثم نادى : ” هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ، هل من موحد يخاف الله فينا ،
هل من مغيث يرجو الله بإغاثتنا ، هل من معين يرجو ما عند الله بإعانتنا ” ؟ ! فارتفعت
أصوات النساء بالعويل ، فمضى إلى مخيمه ليسكت النساء وأخذ طفلا له من يد
أخته زينب فرماه حرملة أو عقبة بسهم فوقع في نحره كما سيأتي ذكره في ترجمته ،
فتلقى الدم بكفيه ورمى به نحو السماء ، وقال : ” هون علي ما نزل بي أنه بعين الله ” .
ثم جرد سيفه فيهم فجعل ينقف الهام ويوطئ الأجسام ، ورماه رجل من بني دارم
بسهم فأثبته في حنكه الشريف ، فانتزعه وبسط يديه ( 2 ) تحت حنكه فلما امتلئتا دما
رمى به نحو السماء وقال : ” اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك ” ( 3 ) . ثم
عاد إلى مخيمه فطلب ثوبا يلبسه تحت ثيابه فأتي بتبان ، فقال : ” لا ، هذا لباس من
ضربت عليه الذلة ” ، فجيئ له ببرد يماني يلمع فيه البصر ففزره ولبسه تحت ثيابه ، ثم
شد عليهم شدة ليث مغضب وجراحاته تشخب دما فتطايروا من بين يديه ، وحال
من تيامن أو تياسر بينه وبين حرمه .
فصاح : ” ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم
يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى
أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون ” فناداه شمر : ما تقول يا بن فاطمة ؟ قال : ” أقول :
إني أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم وجهالكم من
التعرض لحرمي ما دمت حيا ” ، فقال له شمر : لك ذلك يا بن فاطمة ، فجعل يحمل
ويحملون وهو مع ذلك يطلب شربة ماء ، فلم يجد حتى أثخنته جراحاته ، فوقف
ليستريح فرمي بحجر فوقع في جبهته فسالت الدماء على وجهه فرفع ثوبه ليمسح
الدم عن وجهه ، فرمي بسهم فوقع في قلبه ، فأخرجه من وراء ظهره فانبعث الدم
كالميزاب ، فوقف بمكانه لا يستطيع أن يحمل ، فصاح شمر بن ذي الجوشن ( لعنه
الله )
ما تنتظرون بالرجل ؟ فطعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته ، فوقع من
ظهر فرسه إلى الأرض على خده الأيمن وهو يقول : ” بسم الله وبالله وعلى ملة
رسول الله ” ، ثم قام فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى ، وضربه آخر على
عاتقه فخر على وجهه وجعل ينوء برقبته ويكبو ، فطعنه سنان في ترقوته ، ثم انتزع
السنان فطعنه في بواني صدره ، ورماه سنان أيضا بسهم فوقع في نحره ، فجلس
قاعدا ونزع السهم وقرن كفيه جميعا حتى امتلئتا من دمائه فخضب بهما رأسه
ولحيته وهو يقول : ” هكذا ألقى الله مخضبا بدمي مغصوبا علي حقي ” .
وجاء مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين وقبض على كريمته وضربه بسيفه
على رأسه ، وبدر خولي بن يزيد الأصبحي ليحز رأسه فأرعد ، فجاء سنان فضربه
على ثغره الشريف ، وجاء شمر فاحتز رأسه ، ثم سلبوا جسده الكريم ، وحزت
رؤوس أصحابه ، ووطئت أجسادهم بعوادي الخيول ، وانتهبت الخيام ، وأسر من
فيها ، وذهبوا بالرؤوس والسبايا إلى الكوفة ، ومنها إلى الشام ، ومنها إلى المدينة وطن
جدهم عليه وعليهم السلام .
فاجعة إن أردت أكتبها * مجملة ذكرة لمدكر
جرت دموعي فحال حائلها * ما بين لحظ الجفون والزبر
وقال قلبي بقيا علي فلا * والله ما قد طبعت من حجر
بكت لها الأرض والسماء وما * بينهما في مدامع حمر
واهتز عرش الجليل واضطربت * فرائص الكاتبين للقدر
انصار الحسين 2016-12-16