في المدى القصير فإن لنظام الأسد اليد العليا فيما يخسر داعش الأرض في غرب سوريا والعراق. لكن في المدى الطويل سيرسل سقوط حلب موجات صادمة عبر الشرق الأوسط لعقود. فروسيا وإيران وحزب الله جنوا كل المكافآت من هذا الصراع.
ليس من السهولة أبداً فهم الشرق الأوسط أو العمل فيه. تشمل الحرب الأهلية السورية عشرة صراعات مستقلة بين الجماعات المتمردة التي تقاتل من أجل إحكام سيطرتها. في العام 2012 وقفنا عاجزين أمام هذا الوضع المعقد واحتمال أن تصبح جماعة متمردة أكثر خطورة من النظام، وهو ما حصل بالفعل مع داعش.لقد كنا بطيئين في التحرك ضد ظهور داعش وكان يجدر بنا إقامة مناطق آمنة في سوريا لأن عدم تحركنا بعث برسالة مفادها أننا لن ندفع ثمن حماية المدنيين وفرض السلوك بطريقة إنسانية. في المدى القريب فإن لنظام الأسد اليد العليا فيما يخسر داعش الأرض في غرب سوريا والعراق. لكن في المدى البعيد سيرسل سقوط حلب موجات صادمة عبر الشرق الأوسط لعقود. فروسيا وإيران وحزب الله جنوا كل المكافآت من هذا الصراع.
في تحوّل مذهل على السياسة الأميركية اليوم في الشرق الأوسط أن تتفاوض مع روسيا. سقوط حلب كان فوزاً كبيراً لإيران التي يمكنها أن تفخر بأنها باتت تسيطر على قوس يمتد من بغداد إلى دمشق وبيروت. حزب الله راهن على الأسد وبالرغم من خسائره الكبيرة إلا أن تجربته جنباً إلى جنب مع القوات الإيرانية وهيكلية قيادية روسية حوّلته إلى واحدة من أكثر القوات المسلّحة فعالية في المنطقة.
علاوة على ذلك طبّعت حلب جرائم الحرب مع القصف العشوائي للمدن ونشر الأسلحة الكيميائية. وفي حال قرر حزب الله استئناف صراعه مع إسرائيل لا يوجد أي سبب يدفع للاعتقاد بأن هذه الأساليب لن تتكرر.
سقوط حلب قد لا ينحصر بعودة هذا الثلاثي. فلنأخذ عبرة من التاريخ، حين غزا الاتحاد السوفياتي أفغانستان عام 1989 سلّحت الولايات المتحدة “المجاهدين” وولدت الحرب على طالبان والقاعدة. لكن استغرق الأمر سنوات لكي ينفّذ التهديد في نيويورك عام 2001 وفي لندن عام 2005.قد يكون داعش في تراجع لكن مقاتليه لن يصبحوا سلميين. كيف سيعيد داعش تنظيم نفسه؟ من أي مكان سيقوم بنشاطه؟ سيناء أم الجزائر أم تونس؟ القاعدة استعادت نشاطها في ظل الصراع في سوريا. خلال السنوات العشر أو الخمسة عشر المقبلة كم ألف شخص سيتم تجنيدهم للانتقام لأطفال حلب؟ ومن سيستهدفون؟ موسكو أم واشنطن أم لندن؟
إن الدرس الذي يجب أن يتعلمه القادة في الغرب من حلب هو كيفية إنهاء سياسة التدرج الحذر. في الوقت الذي نقيّم فيه مخاطر التحرك الآن نحتاج إلى إيجاد توازن مع المخاوف من الآثار المدمرة لتقاعسنا في المستقبل. لأن للرسالة التي نرسلها عواقب مرعبة. إن حلفاءنا في إسرائيل والخليج يخشون من الوقت الذي ستصبح فيه واحدة من أخطر القوى في المنطقة أكثر قوة. لقد حان الوقت لبريطانيا أن تقرر، أي قيم ومصالح، مستعدة للقتال من أجلها.
*جايمس سورين: مدير المركز البريطاني الإسرائيلي للأبحاث والاتصالات