بعد شهر من الصمت، نشرت حكومة نتنياهو لأول مرة يوم الجمعة الماضي خسائر الهجوم الإيراني على مصفاة حيفا. وجاء هذا الكشف بعد ضغوط داخلية وأزمة وقود.
وقع الهجوم الصاروخي الإيراني على مصفاة “بازان” في حيفا بإسرائيل فجر الأحد 15 يونيو 2025.
هذا الهجوم الدقيق والثقيل أدى إلى إغلاق كامل لهذه المصفاة الحيوية وأضرار واسعة النطاق في منشآتها.
على الرغم من شدة الضربة، حاولت الحكومة الإسرائيلية إخفاء حجم الخسائر لمدة شهر، وحتى أثناء الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً والتي استهدفت فيها إيران مصفاة حيفا مرتين، ادعت أن المصفاة تواصل عملها.
لكن الآن ومع تفاقم الأزمة الداخلية، اضطرت حكومة نتنياهو بعد حوالي شهر من الرقابة إلى نشر صور وتفاصيل واسعة عن الأضرار التي حدثت. ووفقاً لتقرير القناة 13 التلفزيونية التابعة للنظام الصهيوني، فإن الحرائق الهائلة في وحدة توليد الكهرباء وخطوط الأنابيب الرئيسية وخزانات النفط، قد أخرجت مصفاة بازان تماماً من الخدمة.
هذه المصفاة التي كانت تكرر يومياً حوالي 197 ألف برميل من النفط الخام، كانت توفر أكثر من نصف احتياجات إسرائيل من البنزين والديزل ووقود الطائرات والغاز المنزلي. بمعنى آخر، الضربة الإيرانية أصابت قلب قطاع الطاقة الإسرائيلي.
الآثار البيئية على مدينة حيفا ونقص الوقود
في الأيام الأولى بعد الهجوم، حذر وزير البيئة الإسرائيلي من الآثار الواسعة لهذا الحادث، لكن جهود الحكومة للتعتيم ومنع إثارة القلق في المجتمع، أدت إلى عدم الإعلان عن حجم الخسائر للجمهور. لكن أصبح من الواضح الآن أن التوقف الكامل لعمل مصفاة بازان يعني شل جزء كبير من إمدادات الوقود المحلية لهذا النظام.
في نفس وقت الهجوم على حيفا، كانت مصفاة أشدود ثاني أكبر مصفاة في إسرائيل خارج الخدمة أيضاً بسبب أعمال صيانة مخطط لها من 15 يونيو إلى 4 يوليو. وقد زاد هذا الأمر من سوء الأوضاع وأجبر الكيان الصهيوني على تعويض احتياجاته من الوقود عبر الواردات والاحتياطيات الطارئة المحدودة. ومع ذلك، فإن وزارة الطاقة الإسرائيلية امتنعت عن استخدام واسع للاحتياطيات الإستراتيجية واعتمدت على خزانات الوقود التابعة لمؤسسات مثل شركة الكهرباء، وهو إجراء يتم بشكل أساسي لإخفاء عمق الأزمة.
ووفقاً لتقارير مصادر عبرية، فإن نقص الوقود في إسرائيل حقيقي وواسع النطاق. حالياً، توفر مصفاة بازان جزءاً صغيراً فقط من المنتجات المطلوبة في السوق، ومصفاة أشدود غير قادرة أيضاً على توفير الديزل بالكامل بسبب المشاكل الفنية. أدى هذا الوضع إلى تقنين الوقود في جميع أنحاء البلاد، ويتم تخصيص الوقود يومياً وتحت سيطرة وزارة الطاقة بكميات أقل من الطلب الفعلي في السوق.
ارتفاع الأسعار وتقنين الوقود
من ناحية أخرى، تم الإبلاغ أيضاً عن زيادات كبيرة في أسعار الوقود في السوق. مع انخفاض الإنتاج المحلي وزيادة الواردات، وارتفعت أسعار البنزين والديزل بشكل كبير، مما وضع ضغوطاً اقتصادية على المواطنين والصناعات الإسرائيلية في ظل تحمل تبعات حرب غزة. تحاول الحكومة إدارة هذه الأزمة لكن العقوبات الدولية والاضطرابات في الواردات خاصة مع تطورات البحر الأحمر، قد أخرت أيضاً عملية إعادة الإعمار وتوفير الوقود.
قدرت شركة بازان الخسائر المباشرة الناجمة عن الهجوم ما بين 150 إلى 200 مليون دولار، وحتى الآن تلقت حوالي 48 مليون دولار كدفعة مقدمة لبدء الإصلاحات. ومع ذلك، فإن العودة الكاملة لمصفاة حيفا إلى العمليات العادية قبل شهر أكتوبر غير ممكنة، ومن المحتمل أن تستغرق عملية الإصلاح وإعادة الإعمار شهوراً.
التأثير الاقتصادي لهذه الخسائر واسع النطاق؛ فالكيان الإسرائيلي الذي كان حتى الآن يغطي معظم احتياجاته من الوقود من المصافي المحلية، أصبح مجبراً الآن على زيادة وارداته من الوقود المعالج مما يضع ضغوطاً مالية واقتصادية كبيرة. كما يشكل نقص الوقود تهديداً خطيراً للقطاعات الحيوية مثل سيارات الإسعاف والنقل المبرد والنقل العام وحتى المعدات العسكرية.
ووفقاً لاعترافات وسائل الإعلام العبرية مثل كالكاليست، أظهرت هذه الهجمات أن الكيان الإسرائيلي شديد الضعف في مواجهة أزمات الطاقة، وأن الجهود الواسعة للرقابة والتعتيم لم تتمكن من إخفاء حقيقة الخسائر الفادحة.
ومن خلال استهدافها الدقيق للمنشآت الحيوية الإسرائيلية، لم تسبب إيران ضربة قوية لاقتصاد وأمن هذا النظام فحسب، بل عجلت أيضاً بشكل كبير من عملية اعتماده على مصادر الوقود الخارجية. هذا في وقت لا تملك فيه إسرائيل حلولاً بديلة فورية وموثوقة لتأمين الطاقة، ويبدو أن الضغوط الاقتصادية والأمنية الناتجة عن هذه الخسائر ستزداد على هذا النظام مع مرور الوقت.