النجاة من النار
لما جلس الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بالخلافة ،
وبايعه الناس صعد المنبر وقال : سلوني قبل أن تفقدوني ،
فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا على عكازة ، فلم يزل يتخطّا الناس حتى دنا منه ،
فقال : يا أمير المؤمنين ،
دلّني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار ،
فقال عليه السلام : اسمع يا هذا ، ثم افهم ، ثم استيقن ،
قامت الدنيا بثلاثة :
١- بعالم ناطق مستعمل لعلمه ،
٢- وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله عز وجل ،
٣- وبفقير صابر ،
فإذا كتم العالم علمه ، وبخل الغني ، ولم يصبر الفقير ،
فعندها الويل والثبور ،
وعندها يعرف العارفون لله أنّ الدار قد رجعت إلى بدئها ،
أي إلى الكفر بعد الإيمان ،
أيها السائل ،
فلا تغترّنّ بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة ، وقلوبهم شتّى ،
أيها الناس إنما الناس ثلاثة :
زاهد ، وراغب ، وصابر :
فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ، ولا يحزن على شيء منها فاته ،
وأما الصابر فيتمناها بقلبه ، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ،
وأما الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها
أم من حرام ،
فقال : يا أمير المؤمنين ، فما علامة المؤمن
في ذلك الزمان ؟ ،
فقال عليه السلام :
ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه ،
وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه ، وإن كان حبيبا قريبا ،
فقال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ،
ثم غاب الرجل فلم نره ،
فطلبه الناس فلم يجدوه ،
فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر ثم قال : ما لكم ،
هذا أخي الخضر عليه السلام .
أمالي الصدوق
https://t.me/wilayahin