حول الحملات الإعلامية المستمرة ضد الحشد الشعبي، وحول مستقبل الحشد في مرحلة ما بعد داعش ودوره في الساحات الثقافية والإجتماعية كان لمراسلنا في العراق حوار مع مسؤول فرقة الإمام علي ومسؤول مكتب الحشد الشعبي في النجف وقائد عمليات شرق الأنبار الشيخ كريم الخاقاني:
الوقت: منذ ظهور الحشد الشعبي في العراق تعمل وسائل إعلام عربية وعالمية على تشويه سمعة الحشد بنظر الرأي العام العربي والعراقي خصوصاً، ومؤخراً يحاولون تطويق وإحتواء دور الحشد في مرحلة ما بعد داعش بنظريات كحل الحشد وضمّه للجيش والمؤسسات العسكرية الأخرى، ما هو رأي الحشد في مثل هكذا حملات؟ وكيف ترون مستقبل الحشد؟
الخاقاني: “بسم الله الرحمان الرحيم، أولاً أود أن أبيّن قضية مهمة جداً، وهي أن الحشد الشعبي هو حشد جماهيري، فاليوم يتواجد أبناء الحشد كل منطقة، وهو ليس قوّة درّبت وجهّزت منذ سنين بل ولدت مع ولادة فتوى المرجعية، وهذا يعكس طبيعة كون الحشد قوة ردع شعبية جاهزة في أي وقت لرد أي مخاطر محتملة، لذا أي كلام عن حل الحشد هو كلام عن حل الشعب نفسه وهذا غير ممكن طبعاً.”
وتابع: “الحشد ولد جرّاء ضغوط ومخاطر محدقة بالوطن مثل داعش، وطبعاً كإستجابة لفتوى المرجعية التي لن تتخلى عن الحشد ومصرّة على بقائه وترى فيه جيشاً رديفاً يضمن أمان وإستقرار العراق.
وألفت إلى أنه في العراق اليوم معظم القوات العسكرية لم تكن موجودة إنما أوجدتها الظروف والضغوطات، فبعد دخول الإستعمار الأمريكي للعراق الجيش نفسه حُلّ آنذاك، ولذلك أسس بعدها الجيش وهو مؤسسة عراقية عريقة، وكذلك وُجد بعدها الشرطة الإتحادية والتي لم تكن موجودة سابقاً ومن ثم أُسس جهاز مكافحة الإرهاب، وكذلك الآن الحشد الشعبي الذي أُقرّ وجوده بالقانون.”
واستنتج قائلاً: “ولذلك كل هذه الآقاويل والإرهاصات من هنا وهناك لا نؤمن بها، ونقول لهم أن الحشد الشعبي هو حشدٌ جماهيري يدافع عن العراق ومستمر في ذلك، واليوم بعد إقرار قانون الحشد بدأنا نخطو خطوة مهمة تهدف إلى ضمان حقوق المجاهدين وضمان حقوق هذه الثورة التي انطلقت. وللأصوات التي تدعو إلى ضم الحشد نقول لا يمكن أن تضم مؤسسة داخل مؤسسة، فهل يمكن ضم الشرطة الإتحادية مع الجيش العراقي، هذا غير مبرر فلكلٍ منهم دور وكيان مستقل، نعم الكل يعمل تحت سقف القانون وضمن توجيهات الحكومة العراقية والدولة، وهذه مؤسسات قائمة بذاتها أوجدتها الظروف لحاجة البلد لها ولضرورة وجودها وإستمرارها. فالشرطة الإتحادية باتت ضرورة للبلد ولها مهمّات مهمّة، وكذلك جهاز مكافحة الإرهاب بات ضرورة واستمراره ضرورة كذلك لتكامل عمل هذه الأجهزة فيما بينها، والحشد كذلك كما هذه المؤسسات.”
وأردف: “لذا فإن بعض هذه الأصوات التي تطالب بحل الحشد تخاف على مشروعها الضخم الذي تعمل له منذ سنين مضت، فداعش والكل يعلم ذلك، ليس وليد الساعة بل هو مشروع مخطط ومجهز وهو واجهة لدول كبرى ومدعوم بمليارات الدولارات والأسلحة وغيرها. لذا وجود الحشد الذي يضمن أمن واستقرار العراق لا يتناسب وخططهم الإستعمارية التخريبية للبلد فيحاربونه بكل السبل.”
الوقت: للأسف اليوم بعض من يطالبون بحل الحشد أو ضمّه أو من يهاجمونه هم من أبناء الطائفة الشيعية نفسها، ما أسباب ذلك برأيكم؟
الخاقاني: “ما تتفضلون به لا يتعدى كونه وجهات نظر، ونحن نقبل بوجهات النظر بصورة عامة، ولكن الواقع اليوم أن الحشد ولد بفتوى المرجعية الشيعية التي قالت في خطب الجمعة أن الحشد اليوم بات الجيش الرديف وبأنه باقٍ، لأن الوضع الأمني وقوى الأمن تحتاج وجود الحشد ليدعمها ويسندها.”
وتابع: “رغم تقديرنا لجهود باقي القوى الأمنية والعسكرية، الواقع يقول بأنهم بحاجة لمساندة الحشد ووقوفه بجانبهم لدعمهم وتكميل دورهم. فالحشد اليوم يمثل كما لو كان جيشاً زائداً وجيشاً ناقصاً، فهو بجانب أنه يعمل في الميدان العسكري إلا أنه فاعل أيضاً على الحالة العقائدية والمعنوية للأمة العراقية وهذا يجعله مساهماً كجيش زائد، أما على الصعيد التنظيمي فالحشد لا يهتم بنظام الرتب وشكليات حلق اللحى وغيرها من أمور وجدت للجيوش النظامية، وهذا يجل دوره مكمّلاً ولا يمكن الإستغناء عنه.”
الوقت: لاحظنا أن الحشد بدا فاعلاً ومؤثراً بشكل كبير في الميدان العسكري والأمني، فهل سيدخل مستقبلاً في ميدان الحرب الناعمة والساحة الإجتماعية والثقافية؟
الخاقاني: “الحشد أصبح اليوم مؤسسة ضخمة ولديه العديد من الأقسام، فلديه الجانب العسكري ولديه الجانب العقائدي المعنوي، لذلك اليوم لا ننظر إلى الحشد على أنه محصور في القوات التي تقاتل في الميدان فقط. لا، الحشد بات مدعوماً وفاعلاً في مختلف المؤسسات ومن مختلف فئات المجتمع من أطباء ومهندسين وعمال، الشعب العراقي اليوم بمعظم أطيافه يشكل الحشد الشعبي.”
وأوضح: “لذا الحشد خلق حالة من التكاتف والتكافل الإجتماعي، فلديه المقاتل على الساتر ولديه من يقف خلفه ويسنده في المؤسسات المجتمعية والثقافية وغيرها. وعملنا اليوم لم يعد مقتصراً على العسكر بل هناك أمور مهمة أخرى تطور كالتعبئة والتهيئة وتربية المقاتل والمحيط على ثقافة الحشد المقاومة المستعدة دوماً للذود عن العراق. وهذا طبعاً يدل بشكل أو بآخر على كون الحشد مؤسسة منظمة ومستقلة في تشكيلاتها وعملها.”
الوقت: كونكم أحد قيادات الحشد الشعبي في العراق، برأيكم ما الخطر المحدق الأقرب على العراق مستقبلاً على الأصعدة كافة؟
الخاقاني: “نحن نعتقد وبدون شك أو ريب أن أمريكا وإسرائيل والسعودية، لن يهدأ لهم بال ولن يستقروا يوماً عندما يروا العراق قوياً ومدعوم من قوّة كالحشد الشعبي، وخصوصاً كقوّة شيعية بدأت تتنامى ولم تعد تقتصر على العراق بل كانت موجودة في السابق في لبنان وأرّقت الصهاينة هناك، وها هي اليوم القوى المشابهة تخرج في العراق واليمن وسوريا، هذه القوى التي انتشرت في كل مكان وباتت متمكّنة وأقوى من أي وقت مضى لا يمكن تجاهلها وتهميش الخطر الذي تشكله على إسرائيل.”
وتابع: “لذا نعتقد أن المستقبل يحمل لنا مواجهات عدة، أهمها تجنيد أفكار مسمومة تحاول النيل من الحالة المعنوية والعقائدية التي فُعّلت في العراق، وكيف أن شخصاً يجلس في داره يمكنه أن يُخرج ملايين المقاتلين إلى الجبهات بجملة واحدة. والخطر الذي يشكله ذلك عليهم من إرتباط الناس بالمرجعية. لذا إذا ما شاهدتهم أفكاراً مشوّهة في مجتمعنا تحاول تخريب علاقة الناس بفكرة تقليد المراجع وتشوّه صورة وفكرة الإنتظار والإمام الحجة في أذهان هذا المجتمع الإسلامي الذي لا ينحصر بالعراق بل بالعالم الإسلامي ككل، ليس علينا أن نستغرب فهذا كله مدروس ومنظم من قبل قوى خارجية وداخلية كإسرائيل والسعودية وأمريكا وغيرهم.
وهم سبق أن حاولوا تشويه صورة الإسلام من خلال القاعدة ومن بعدها داعش، وجيّشوا إلكترونياً وإعلامياً للنيل من إرتباط الناس بالمرجعية والإسلام ككل، ونحن متنبّهون لذلك وسنواجههم في كل الساحات ولن يستطيعوا القيام بأي خرق إن شاء الله.”