الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )41

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )41

– وعن علي بن مهزيار ( 1 ) قال كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر ( عليه السلام ) أسأله عن
الفرج ، فكتب إلي : إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين ، فتوقعوا الفرج .
– وعن ( 2 ) أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ، قال : دخلت على أبي محمد الحسن
ابن علي ، وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فقال لي مبتدئا : يا أحمد بن إسحاق ، إن
الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله
على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض وبه ينزل الغيث وبه يخرج بركات الأرض ، قال :
فقلت له : يا بن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك ؟ فنهض ( عليه السلام ) مسرعا فدخل البيت ، ثم
خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين ، فقال : يا أحمد بن
إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل ، وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنه سمي
رسول الله وكنيه ( عليه السلام ) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
يا أحمد بن إسحاق ، مثله في هذه الأمة مثل الخضر ومثل ذي القرنين والله ليغيبن غيبة لا
ينجو من الهلكة فيها إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ، ووفقه فيها للدعاء بتعجيل
فرجه ، فقال أحمد بن إسحاق فقلت : يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟
فنطق الغلام ( عليه السلام ) بلسان عربي فصيح فقال : أنا بقية الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه ، فلا
تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق .
قال أحمد بن إسحاق : فخرجت مسرورا فرحا ، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت : يا بن
رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به علي ، فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي
القرنين ؟ قال ( عليه السلام ) : طول الغيبة يا أحمد .
قلت : يا بن رسول الله وإن غيبته لتطول ؟ قال : أي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر
القائلين به ولا يبقى إلا من أخذ الله عز وجل عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده
بروح منه ، يا أحمد بن إسحاق : هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله ،
فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا غدا في عليين .
– وعن ( 1 ) أبي محمد الحسن بن محمد المكتب ، قال : كنت بمدينة السلام في السنة
التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ، فحضرته قبل
وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد
السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا
توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلا بعد إذن الله
عز وجل ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي من شيعتي
من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب
مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قال : فنسخنا هذا التوقيع ، وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود
بنفسه فقيل له : من وصيك من بعد ؟ فقال لله أمر هو بالغه ، ومضى رضي الله عنه فهذا آخر
كلام سمع منه رحمة الله ورضوانه عليه .
أقول : هذه نبذة مما ورد عن الأئمة الأطهار ، في الإخبار بغيبة الإمام الغائب عن الأبصار ،
رويته بإسنادي الآتي في خاتمة الكتاب عن الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام
النعمة ، ومضى فيما مر ، ويأتي فيما بعد ما يناسب هذا المقام .
وينبغي هنا التنبيه على أمور
الأول : في سبب غيبته وهو قسمان :
الأول : ما لم يبين لنا ويتبين بعد ظهوره :
– روى الشيخ الصدوق بإسناده ( 1 ) عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، قال : سمعت
الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يقول : إن لصاحب الأمر غيبة لا بد منها ، يرتاب فيها كل مبطل ،
فقلت : ولم جعلت فداك ؟ قال ( عليه السلام ) : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم .
قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله
تعالى ذكره إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه
الحكمة لما أتاه الخضر ( عليه السلام ) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى ( عليه السلام ) ، إلا
وقت افتراقهما .
يا بن الفضل ، إن هذا الأمر أمر من أمر الله تعالى ، وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله ،
ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف
لنا .
– وفي التوقيع المروي في الاحتجاج ( 2 ) عن الحجة ( عليه السلام ) : وأما علة ما وقع من الغيبة فإن
الله عز وجل يقول : * ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) * إنه لم يكن
أحد من آبائي إلا قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة
لأحد من الطواغيت في عنقي ، الخ .
الثاني : ما بينه الأئمة المعصومون عليهم السلام لنا وهو وجوه :
الأول : خوفه ( عليه السلام ) من القتل ، كما مر في خوفه ( عليه السلام ) فراجع ، وهذا أيضا أحد الأسباب
الموجبة لخروجه بالسيف إذا ظهر ، كما مر في حديث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنه قال : لو لم
يخرج لضربت عنقه ، الخ ، يعني يجب عليه الخروج بالسيف بعد ظهوره ، حفظا لنفسه
الشريفة فإن الظهور أعم من الخروج فربما يكون الإمام ظاهرا ولا يخرج بالسيف ، مثل سائر
الأئمة عليهم السلام ، سوى مولانا الحسين ( عليه السلام ) فإنه لو لم يخرج لقتله الأعداء كما قتلوا آباءه
الطاهرين بغيا وعدوانا ، وكفرا وطغيانا .
الثاني : أن لا يكون من الطواغيت في عنقه بيعة وقد تقدم هذا الوجه في التوقيع وفي
حديث الحسن المجتبى وأبيه صلوات الله وسلامه عليهما .
الثالث : الامتحان للخلق * ( ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) * ، كما ذكر في
حديث الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) وحديث الصادق ( عليه السلام ) الذي مر في خوفه .
– وعن الرضا ( عليه السلام ) قال : والله ما يكون ما تمدون أعينكم إليه حتى تمحصوا وتميزوا
وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر .
– وعن النعماني ( 1 ) بإسناده عن الصادق قال : زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين
فركب هو وابناه الحسن والحسين ، فمر بثقيف ، فقالوا قد جاء علي يرد الماء فقال علي : أما
والله لأقتلن أنا وابناي هذان ، وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا
وليغيبن عنهم تميزا لأهل الضلالة ، حتى يقول الجاهل ما لله في آل محمد من حاجة .

شاهد أيضاً

    إقرأ المزيد .. الإمام الخامنئي: الشعوب المسلمة تتوقع من حكوماتها قطع العلاقات مع ...