الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / قضية المرأة بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي

قضية المرأة بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي

الفصل الأوّل:
المرأة والأسرة في الفكر الغربي

النقاط المحوريّة

• المرأة في الغرب:
• حقيقة المرأة ومكانتها في الثقافة الغربية.
• خيانة الثقافة الغربية للمرأة.
• كيف ظُلمت المرأة في الغرب؟
• نتائج ظلم المرأة في الغرب.

• قضية المرأة في الغرب:
• قضية المرأة ألعوبة بيد المتاجرين.
• أصل المشكلة في قضيّة المرأة.
• أبرز شعارات القضيّة في الغرب.
• خصائص الشعارات الغربيّة.
• دوافع الغرب في طرح القضيّة.
• فشل الغرب في معالجة القضيّة.

المرأة في الغرب

حقيقة المرأة ومكانتها في الثقافة الغربية
يعلم المطّلعون على الآداب الغربية والقصص والأشعار والروايات والمسرحيات الأوروبية، أنَّ الثقافة الأوروبية، منذ القرون الوسطى وما سبقها إلى أواخر القرن الحاليّ، كانت تنظر إلى المرأة على أنّها موجود من الدرجة الثانية، وكلّ ادّعاء يخالف هذه النظرة فهو ادّعاء باطل.

أُنظروا إلى المسرحيات الشهيرة للكاتب الانجليزيّ شكسبير لتروا بأيّة لغة وبأيّ نفس وبأيّة لهجة يتحدّث هو وسائر أدباء أوروبا عن المرأة. الرجل في الآداب الأوروبية هو السيّد والمالك لناصية المرأة. وما برح بعض نماذج تلك الثقافة وآثارها ماثلاً حتّى يومنا هذا، فبعدما تتزوّج المرأة تفقد لقبها وتكتسب لقب زوجها، هذه السنّة موجودة

عند الغربيين. وهذا العمل عند الغربيين يعكس ثقافتهم القديمة القائلة بسيادة الرجل.

(و) عندما تتزوّج المرأة، في ظلّ (تلك) الثقافة الأوروبية، لا تصبح هي وحدها ملكاً للزوج، وإنّما تصبح جميع ممتلكاتها وأموالها وكلّ ما لديها من أبيها ومن عائلتها ملكاً للزوج أيضاً! وهذا ما لا يمكن للغربيّين إنكاره لأنّه كان في صلب ثقافتهم. بل وحتّى روح المرأة كانت تحت تصرّف الزوج! ولهذا السبب يلاحظ في القصص والأشعار الغربية أنّ الزوج كثيراً ما يقتل زوجته لأدنى اختلاف يقع بينهما، ولا يمكن لأحد أن يتوجّه إليه باللوم!

كانت العلاقات بين الرجال والنساء عندهم، حتّى في ذلك العصر، مباحة إلى حد ما، بيد أنّ قرار الزواج واختيار الزوج كانَ بيد الأب. وهذا ما يلاحظ في الكتابات المسرحية التي أشرت إليها والتي تشاهد فيها فتاة تُرغم على الزواج، وامرأة تُقتل على يد زوجها، وأُسرة تعاني فيها المرأة العنت والعناء .

إلى قبل بضع سنوات ـ وليس بعيداً جداً ـ لم تكن النساء في هذه الدول الغربية ذاتها قادرة على الحصول على الوثائق الرسمية لدراستها في المعاهد العليا! في الآونة الأخيرة نشرت إحدى الصحف في بعض البلدان الغربية، ومنها انجلترا ـ ولا أُريد تسمية ذلك البلد،

وتلك المجلة ـ عن امرأة عجوز أنهت عام 1917م، أي قبل حوالي ثمانين سنة ، دراستها العليا في مرحلة الدكتوراه، ولكنّها لم تمنح وثيقتها الدراسية. وبعد السؤال عن سبب عدم منحها الوثيقة، قالت: سبب ذلك أنّ النساء في بريطانيا لم يكن يحقّ لهنّ الحصول على وثيقة دراسية حتّى عام 1947م، وكان يقال إنّ المرأة يجب أن لا تمنح وثيقة دراسية.

وحتّى أوائل هذا القرن. أي حتّى العقدين الثاني والثالث من هذا القرن الميلاديّ ـ لم يكن للنساء في البلدان الغربية حقّ التملك بمعناه الحقيقيّ! أي أنّ المرأة إذا تزوّجت لا يجوز لها التصرّف بثروتها بدون إذن زوجها .

وقد استمرّت الثقافة الغربية تسير على هذه الوتيرة حتّى أواسط القرن الحالي، علماً أنّ حركات تحت عنوان تحرير المرأة قد بدأت نشاطها منذ أواخر القرن الميلاديّ التاسع عشر .

إنّ أساس الثقافة الغربية (كان ولا زال حتّى عصرنا الحاليّ) مبنياً على جعل المرأة بضاعةً لمتعة الرجل . (وقد) عرّف (الغربيّون) الشأن

الاجتماعيّ للمرأة بأنَّها كائنٌ يجب أن يكون مورداً لانتفاع الرجل. لهذا لو أرادت المرأة بحسب الثقافة الغربية أن تبرز في المجتمع وتثبت شخصيتها، عليها حتماً أن تُظهر شيئاً من جاذبيّتها الجنسية. وحتّى في المجالس الرسمية يجب أن يكون نوع لباس المرأة مورد استمتاع الرجل الذي هو الجانب المُنتفِع.

في المحيط الاجتماعيّ (الغربيّ) تشكّلت الثقافة التي كانت فيها المرأة كطرف يُنتفع به ويُستفاد منه من جانب الطرف المنتفِع (أي الرجل). وللأسف إنّ هذا موجود اليوم في الثقافة الغربية، والآخرون قلّدوه وساروا على هذا الطريق وصار الأمر هكذا في العالم، ولو تحدّث أحد بخلاف ذلك لقاموا عليه. (لقد) أوجدوا بالتدريج عدم توازن ولا تعادل، فهناك طرفٌ مُنتَفِع وطرفٌ يُستغلّ، والبشرية قُسّمت على هذا الأساس، فالمُنتَفِع هو الرجل والمُستغَلّ هو المرأة. وقد حدث هذا بصورة هادئة وتدريجية وبأساليب مختلفة مع دعايات عديدة على مرّ العقود لعلّها تصل إلى 100 سنة أو 150 سنة.

فافترضوا مجتمعاً يدين قضيّة عرض النساء وتبرّجهنّ في الأماكن العامّة، فإنّ الدنيا تقوم عليه ولا تقعد. ولو حصل أمرٌ مقابل هذا، أي أن تُطرح في مجتمعٍ ما، تعرية المرأة فلا يحصل أيّ اعتراض في الدنيا. أمّا عندما يُطرح لباس المرأة وعدم تبرّجها وتزيّنها في المجتمع فإنّ

الأجهزة الإعلامية والدعائية المهيمنة في العالم تقوم وتثير الضجيج. وهذا مؤشّرٌ على أنّ هناك ثقافة وسياسة ومخطّطاً يتمّ العمل عليه منذ سنوات متمادية وأساسه تثبيت هذا الواقع وهذا الشأن وهذا الأمر الخاطئ والمهين للمرأة. وللأسف لقد فعلوا ذلك .

خيانة الثقافة الغربيّة للمرأة
إنّ الغربيين يتحمّلون المسؤولية الجسيمة أمام المرأة، فلقد خانوا المرأة. وإنّ الحضارة الغربية لم تمنح المرأة شيئاً يذكر. وما حقّقته المرأة من تقدّم علميّ وسياسيّ وفكريّ فإنّما بفضل جهودها وسعيها. وهذا يحدث في كلّ مكان. وقد حدث في إيران الإسلام وفي بلدان أخرى.

لقد كان ذلك بفضل المرأة. وإنّ ما أدّى بالغربيين إلى حافة الهاوية وساق الحضارة الغربية إلى شفا الانهيار هو ما فشا في المحيط النسويّ من انحراف وتحلّل وابتذال. لقد جرّوا المرأة إلى الابتذال وأفسدوها حتّى داخل الأسرة. وها هي الصحف الأمريكية والأوربية تطلع علينا دائماً بارتفاع نسبة تعذيب المرأة ومعاملتها بوحشية.

إنّ الثقافة الغربية فيما يتعلّق بالمرأة، وجرّ المرأة إلى الانحلال والابتذال في تلك البلدان، أدّت إلى ضعف الأسرة وزلزلت الكيان العائليّ، ولم يعد يعطي الزوج أو الزوجة كبير أهمّية للخيانة الزوجية. أفليس هذا إثماً؟ أليست هذه خيانة للمرأة؟ ومع مثل هذه الثقافة المنحرفة نجدهم يتبجّحون على كلّ العالم، مع أنّهم مدانون! إنّ الثقافة الغربية تجاه المرأة ينبغي لها أن تقف موقف الدفاع، وعليها أن تدافع عن نفسها، ولا بدّ لها من إعطاء الايضاحات. ولكنّ غلبة وسيطرة الرأسمالية والإعلام الغربيّ المستكبر والتجبّر تقلب الأمور رأساً على عقب، فيتحوّل هؤلاء إلى أصحاب حقوق ومدافعين عن حقوق المرأة كما يقولون ويزعمون! والحال أنّ الأمر ليس كذلك. وبالتأكيد فإنّ بين الغربيين مفكرين وفلاسفة وأشخاصاً صادقين وصالحين، يفكّرون ويتحدّثون بصدق (تجاه المرأة)، وإنّ ما أقوله هو أنّ الاتّجاه الثقافيّ والحضاريّ العامّ في الغرب ليس في صالح المرأة بل ضدّها.

كيف ظلمت المرأة في الغرب؟
تعرّضت المرأة سابقاً إلى الظلم. ولكنّ الظلم العامّ والشامل يختصّ بالفترة الأخيرة، وهو ناجم عن الحضارة الغربيّة، حيث اعتبروا المرأة وسيلة لالتذاذ الرجال، وأطلقوا على ذلك اسم حرّية المرأة!

بينما الحقيقة هي أنّ ذلك هو حرّية للرجال الطائشين من أجل التمتّع بالمرأة .

إنّ الغربيين، وطيلة هذه القرون الثلاثة الأخيرة، قد وضعوا لجميع جرائمهم أسماءً جميلة. فعندما كانوا يقتلون ويستعبدون وينهبون الثروات، وعندما كانوا يفتعلون الحروب المفروضة بين الشعوب وغيرها من الجرائم، كانوا يضعون على كلّ واحدةٍ منها أسماءً برّاقة وخدّاعة، كأسماء الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية وأمثالها. إنّ إطلاق اسم الحرية على التوجّه الموجود في الثقافة الغربية للمرأة، هو اسمٌ كاذب، فهذه ليست حرية. إنّ أساس ثقافة الغرب مبنيّ على جعل المرأة بضاعةً لمتعة الرجل في المجتمع (كما ذكرنا مراراً). فالترغيب والحثّ على التعرّي يعود إلى هذه الجهة. إنّ نظرة الغرب إلى المرأة هي نظرة منحطّة وناقصة ومضلَّلة وخاطئة .

إنّ السياسة الغربية توجِّه أكبر ضربة وإهانة لكرامة المرأة، حتّى هؤلاء النسويون (الفمينيزم) والمتشدّدون – ولديهم مستويات وطبقات مختلفة – يوجّهون ضربة للمرأة من حيث لا يشعرون، فهم

يتصرّفون من باب حسن الظنّ – أي إنّ العاملين في هذا المجال حسب الظاهر لا يفهمون ماذا يفعلون، ويحتمل أن يكون صنّاع السياسات والمخطّطون للبرامج خلف الكواليس على علم كامل بما يفعلون.

كما أنّ هذا الاحتمال قد ورد في بروتوكولات بني صهيون بشكلٍ كامل، حيث إنّ تضييع جنس النساء وجعلهن مظهراً للاستغلال الشهوانيّ للرجال قد ذُكِر في موادّ ذلك الكتاب .

وهنا قد يأتي شخص ويُشكّك في سند واعتبار هذه البروتوكولات، لكن عندما يشاهد الإنسان المؤسّسات الصهيونية والشبكات الإعلانية الصهيونية يُدرك أنّ هذا الأمر يتمّ تنفيذه بشكل عمليّ، فهو وإن لم يصبح واجباً بالنسبة لهم، لكنّهم التزموا بهذا العمل وهم ينفّذونه، يهملون المرأة ويحقّرونها، أي إنّهم قاموا بتثبيت رسوم وأعراف وعادات لا تقبل المخالفة ولا التجرؤ عليها. (فعندهم مثلاً) ينبغي للرجل في أيّ مجلس عامّ (لقاء رسميّ)، أن يرتدي بزّة رسمية، وأن يضع “بابيون” ويقفل ياقة البزّة ويسدل كمّيه حتّى المعصمين، وليس له أن يرتدي بنطلوناً قصيراً ولا قميصاً قصير الأكمام، ولكن على السيدة في ذلك اللقاء الرسميّ نفسه أن تُظهر أقساماً من جسدها بشكل عارٍ، وإذا حضرت بلباس كامل فهذا محلّ إشكال! إن لم تكن متبرّجة ومتزيّنة فهذا محلّ إشكال! لقد أصبح هذا عرفاً، ويفتخرون به أيضاً.

يوجد في الغرب، وخاصّة في أميركا وفي شماليّ أوروبا – البلدان الإسكندنافية – مراكز مهمّة، عملها الأصليّ هو عرض النساء للرجال، ويتمّ الإعلان عن هذا في الصحف والمجلات، ولا أحد يعترض! أصبح هذا عرفاً وعادة. فأيُّ ضربة أشدّ على النساء من هذا؟! أن يتمّ صناعة نموذج للنساء على تلك الشاكلة – لنسائهم هم وللبلدان التي تتبعهم وليس لنسائنا – فهذا من أشدّ الضربات التي يوجّهونها حالياً. إنّ الغرب في مسألة المرأة والأسرة يعيش في ضياع وضلالٍ عميق، لا الأسرة فقط، بل الأمر يتعلّق بشخصية المرأة وهويّة المرأة، والغرب واقع في ضلالٍ عجيب .

نتائج ظلم المرأة في الغرب
في الغرب، نجد أنّ عذابات المرأة طيلة القرنين الأخيرين قد ازدادت ولم تقلّ . (وقد) نتج عن هذه القضية (قضيَّة المرأة) تبعات مؤلمة جداً على صعيد المجتمعات البشرية: كقضية تهاوي بنيان الأسرة، قضية الإحصاءات المبكية المؤسفة المتعلّقة بالمُتاجرة بالنساء (وغيرها):

1- تهاوي بنيان الأسرة:
إنّ أُولى، أو ربّما إحدى أوائل النتائج السلبيّة لهذا الأمر( لظلم المرأة في الغرب)، هي تلاشي العائلة، فقد تهاوى بُنيانها، وعندما يتزلزل بُنيان العائلة في مجتمعٍ ما ويتهاوى، تتأصّل المفاسد .

هذا الفساد والتحلّل، الذي تفشّى في الغرب، بسبب الحرية المفرطة للمرأة على مدى عقود عديدة، بحيث أثار الهلع حتّى لدى المفكّرين الغربيين، وأوجد الرعب والاستياء لدى الحريصين والمُصلحين والعقلاء والخيّرين في البلدان الغربية، إلاّ أنّهم باتوا عاجزين عن الوقوف بوجهه. أولئك كانوا يبتغون تقديم خدمة للمرأة إلاّ أنّهم ألحقوا بها أكبر الضرر، لأنّ إشاعة الفساد والتفسّخ الخُلقيّ والحرية المطلقة في العلاقات بين الرجل والمرأة أدّى إلى زعزعة بناء الأسرة.

الأسرة التي يستطيع الزوج فيها إطفاء لهيب شهوته الجنسية في المجتمع بدون أية قيود، ويُباح للزوجة الاتّصال برجال من شتّى المشارب بلا أية مؤاخذة، لا يكون فيها الزوج زوجاً صالحاً ولا الزوجة كذلك، ومن هنا ينهار صرح الأسرة.

إحدى المعضلات الكبرى التي تعاني منها البلدان الغربية اليوم كثيراً، وأودت بها إلى الوقوع في منحدرات سلبية حادّة، هي مشكلة الأسرة. وهذا ما جعل كلّ من يرفع شعار إصلاح الأسرة شخصاً محبوباً

ويحظى عندهم ـ خاصة بين النساء ـ بمكانة مرموقة. ويُعزى سبب ذلك إلى شدّة ما يكابدونه من عناء جرّاء انهيار العلاقة الأسريّة، ولأنّ الأسرة فقدت هناك، وللأسف، موجبات الأمن والاستقرار لكلا الزوجين وخاصّة المرأة، فتلاشى الكثير من الأسر، وبقيت نساء كثيرات يعشن بمفردهنّ إلى آخر حياتهنّ، ولا يجد أكثر الرجال امرأة يرتضونها وتنال إعجابهم، ويفشل الكثير من حالات الزواج في سنواتها الأولى.

الأسس القوية والجذور العميقة التي تتّصف بها الأسرة في بلداننا قلّما تتوفّر اليوم لدى الأسر في تلك البلدان، ويندر جداً في الغرب وجود الأسرة التي يكون فيها الجدّ والجدّة والأحفاد والأقارب وأبناء العمّ وبنات العمّ وسائر فروع العائلة إلى جانب بعضهم بعضاً ويعرفون بعضهم بعضاً، وليس لدى الزوج والزوجة هناك الإخلاص اللازم أحدهما للآخر .

2- نزعُ حياء المرأة وكرامتها:
لقد قاموا بأمرٍ، جعلوا فيه إحدى أهمّ وظائف المرأة، إن لم نقل الأهمّ على الإطلاق، التبرّج وإبراز جمالها بهدف تلذّذ الرجال، حتّى أصبحت هذه من الخصائص الحتميّة واللّازمة للمرأة. للأسف هذا هو حال عالمنا اليوم. ففي الوقت الذي يحضر الرجال في أكثر المجالس رسميةً – الاجتماعات السياسية وغيرها – بالبنطال الطويل والثياب

المحتشمة، نجد أن لا إشكال في أن تحضر النساء بمزيد من التعرّي وعدم الاحتشام. فهل هذا أمرٌ عاديّ وطبيعيّ؟ هل يتوافق ذلك مع الطبيعة البشريّة؟ أجل لقد فعلوا ذلك. على المرأة أن تعرض نفسها أمام الرجال، لتكون وسيلة لتلذُّذه.

فهل من ظلم أكبر من هذا؟ ويطلقون عليه اسم “الحريّة”، بينما يُطلقون على نقيض هذا التوجّه اسم “الأسر” أو (القيد)! في حين أنّ احتجاب المرأة وحجابها، هو تكريم لها، هو احترام وحُرمة لها. لقد حطّموا هذه الحرمة، ويمعنون في تحطيمها يوماً بعد يوم، مُطلقين على ذلك مُسمّيات عدّة .

3- نموّ ظاهرة المتاجرة بالنساء:
في عالمنا اليوم، وطبق التقرير الصادر عن الأمم المتحدة، وهو تقرير لمركزٍ رسميّ: إنّ من أكثر التجارات نموّاً في العالم، المتاجرة بالنساء وتهريبهنّ . وهناك مجموعة من الدول هي من أكثر الدول سوءًا في هذا المجال، ومن جملتها الكيان الصهيونيّ، حيث يجمعون النساء والبنات تحت عنوان إيجاد العمل والزواج وأمثالها، من الدول الفقيرة، من أمريكا اللاتينية، ومن بعض دول آسيا، ومن بعض الدول الفقيرة في أوروبا، ويأتون بهنّ تحت ظروفٍ قاسية جداً إلى مراكز تهزّ الإنسان

بمجرد تصوّرها وذكر اسمها. وكل ذلك مبنيٌّ على هذه النظرة الخاطئة وهذا اللّاتوازن الظالم الذي يتعلّق بمكانة المرأة في المجتمع .

4- ارتفاع معدّل الأطفال غير الشرعيين:
إنّ الرقم يبلغ أعلى معدّلاته في أمريكا ، (فظاهرة الأطفال غير الشرعيين هي نتيجة) ظاهرة الحياة المشتركة التي تحصل بدون زواج، أي هي في الحقيقة عبارة عن إبادة لمؤسّسة العائلة والبيئة الحميمة والدافئة للأسرة وبركاتها وحرمان الإنسان من هذه البركات، والتي هي جميعاً ناشئة من المشكلة الأولى (أي جهل الغرب لحقيقة المرأة) .

5- تحويل الشذوذ الجنسيّ إلى قيمة:
(إنَّ) التحرّر الجنسيّ والتحلّل الجنسيّ في الغرب لم يؤدِّ إلى خمود فوران قدر الشهوة البشرية التي هي غريزية وطبيعية. وكانوا في السابق يعلنون أنّه إذا كان بين المرأة والرجل علاقة حرّة فإنّ الشهوة الجنسية ستضعف، ومن الناحية العملية اتّضح أنّ القضية على العكس من ذلك، فأينما ازدادت حرية العلاقات بين المرأة والرجل

في المجتمع بحسب الوضعية التي أوجدوها، فإنّ الميول الشهوانية للبشر تتأجّج أكثر. وفي هذا اليوم فإنّ الغربيين لا يخجلون ويعرضون قضية الشذوذ الجنسيّ كقيمة. فالإنسان الكريم يندى جبينه من الخجل، أمّا أولئك فلا يخجلون .

قضيّة المرأة في الغرب

قضية المرأة ألعوبة بيد المتاجرين
إنّ قضية المرأة، كسواها من القضايا الأخرى، باتت ألعوبة في يد النفعيين الذين يتاجرون بالقيم الإنسانية كافّة، في العالم وفي وسائل الاعلام العالمية على مرّ السنين، والذين لا يعرفون قيمة للمرأة ولا للبشرية ولا للكرامة الإنسانية سوى ما يهمّهم من المكاسب المادية ـ وللأسف فإنّهم يلعبون دوراً بارزاً على شتّى الأصعدة في إطار الحضارة الغربية الحديثة ـ فجعلوا من قضية المرأة وسيلة لاستدرار الربح المادّيّ، وراحوا ينشئون حولها الأبحاث، ويبتدعون لها التقاليد، وينشرون عنها الدعايات، فزجّوا بعقل الرجل والمرأة معاً في أنحاء العالم كافّة إلى متاهة مظلمة، ودفعوا بهما سوية إلى مفترق طرق من الضياع والضلال.

أصل المشكلة في قضية المرأة
يرجع أصل مشكلة قضية المرأة في المجتمع إلى أمرين، إلى نقطتين أساسين، فلو تمّ التفكير بهما وقُدّم طرحٌ جديد وتمّ العمل بمثابرة واستمرار، يمكن أن نأمل، مع مرور الزمن، سواءٌ بالمدى المتوسط أم البعيد، أن تُحلّ تلك المسألة التي تُعدّ اليوم أزمة للمرأة في العالم. النقطتان هما:
(النقطة الأولى) عبارة عن النظرة الخاطئة وإساءة فهم موقعية المرأة وشأنها في المجتمع، حيث إنّ هذه النظرة وسوء الفهم بدأت من الغرب، وهي ليست أمراً قديماً ومتجذّراً. أولئك الذين ادّعوا أنّ هذه المسألة موجودة في بروتوكولات حكماء صهيون، يمكن أن نحدس بأنّ ذلك ليس خلاف الواقع. أي إنّنا لو نظرنا لرأينا أنّ هذه الرؤية الخاطئة وهذا الاعوجاج الفكريّ وسوء الفهم، بما يتعلّق بفهم المرأة في المجتمع، لعلّه لا يرجع إلى أكثر من قرنٍ أو قرنٍ ونصف في الغرب حيث تسلّل من الغرب إلى المجتمعات الأخرى ومنها المجتمعات الإسلامية. هذه نقطة.

والنقطة الثانية، أنّ أساس المشكلة هو إساءة فهم قضية الأسرة، وإساءة التصرّف في السلوكيّات داخل الأسرة.

هاتان المشكلتان، بنظرنا، هما ما أوجد أزمة قضية المرأة التي تُعدّ اليوم مشكلة أساساً في العالم .

أبرز شعارات القضية في الغرب
1- الحرية :
الشعار المرفوع في الغرب بالدرجة الأولى هو حرّية المرأة. وكلمة الحرّية هذه لها معنىً فضفاض، قد يقصد به التحرّر من العبودية، وقد يراد به التحرّر من الأخلاق ـ لأنّ الأخلاق أيضاً نوع من القيود والحدود ـ وقد تعني التحرّر من استغلال ربّ العمل الذي يستثمر جهود المرأة بأجور زهيدة، ولربّما يراد بها الانعتاق من القوانين التي تكبّل ارادة المرأة أمام الزوج، كلمة الحرية قد تشمل كلّ هذه المعاني. ناهيك عن أنّ الشعارات المرفوعة التي تطالب بحقوق المرأة تضمّ سلسلة من المطالب التي يتناقض بعضها مع بعضها الآخر، فما معنى هذه الحريّة؟

من المؤسف أنّ أكثر ما يُفهم من (الحريّة) في العالم الغربيّ هو معناها المغلوط والضارّ، أي التحرّر من القيود العائلية، ومن الهيمنة المطلقة للزوج، والتحرّر حتّى من التزامات الزواج وتشكيل الأسرة

وتربية الأولاد في الموارد التي تحصل فيها حالات الشهوة العابرة، ـ وليس هذا معناها السليم.

ولهذا يلاحظ أنّ من جملة ما يثار في العالم الغربيّ مسألة الإجهاض، وهي مسألة خطيرة رغم ما تتّسم به ظاهرياً من بساطة أو عدم أهمية. هذه هي الشعارات والمطالب التي غالباً ما تثار في الغرب.

ولهذا يقال إنّ حركة تحرير المرأة إذا كانت تسير في سياق صحيح وتنادي بمطالب صحيحة وتنتهج أُسلوباً كفاحياً صحيحاً، لا يمكن أن تحمل كلّ هذا المعنى الواسع الذي ينطوي بعضه على أبعاد مضرّة قطعاً، حتّى وإن كانت فيه جوانب مفيدة، وهذا ما يوجب التنقيب عن شعارات أفضل وأقوم وأصحّ وأكثر قدرة على معالجة المشكلة .

2- المساواة بين الجنسين:
النظرة الغربية للمرأة قائمة أساساً على عدم المساواة. لا تنظروا إلى ظاهر المبادئ التي ينادي بها الغرب، فهي مجرّد شعارات جوفاء ليس فيها أيّ نصيب من الحقيقة. والثقافة الغربية لا يمكن استيعابها عبر إجالة النظر في الشعارات، بل لا بدّ من التنقيب عنها عبر استقراء أعمالهم الأدبية .

ومن البديهيّ أنّ العدالة غير المساواة. لا يلتبس الأمر عليكم، فقد يكون في المساواة ظلم أحياناً. بينما العدالة تعني وضع كلّ شيء في

نصابه، وإعطاء كل شخص حقّه. فقد كان العدل حينذاك عدلاً مطلقاً لا تشوبه شائبة .

القسط هذا هو معناه، نحن لا نقول بوجوب المساواة بين جميع أفراد المجتمع، فالمساواة مستحيلة بسبب اختلاف بني الإنسان في القوى والعزائم والهمم والجهود، بعضهم يبذل جهداً قليلاً وبعضهم الآخر يبذل جهوداً أكبر، وبعضهم لديه مزيد من الإبداع، والكفاءات على العموم متفاوتة، ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ , الناس مختلفون في كفاءاتهم، ولا نزاع في ذلك، وإنّما المهمّ هو أن يعمل الجميع على قدر كفاءتهم، ويسعوا على قدر هممهم، ويكسبوا ويحصّلوا على قدر استعدادهم .

خصائص الشعارات الغربيّة
(تتميَّز الشعارات الغربيَّة بأنَّها):
1- ذات أصول ماديّة خاطئة:
إنّ أفكارهم (أي الغربيين) قائمة على نظريّة معرفة ماديّة وغير إلهيّة، وهذا أمرٌ خاطئ وباطل. إنّ أيّ جهاز علميّ وفكريّ يُبنى على

أساس معرفة ماديّة واعتقاد ماديّ، فإنّ نتيجته خطأ وغلط بالتأكيد. ينبغي أن يتمّ النظر إلى حقائق الخلق وفهمها ومتابعتها من خلال النظرة المعرفيّة الإلهيّة، والاعتقاد بوجود الله وقدرته، والحضور الإلهيّ والربوبيّة الإلهيّة. وعليه، فإنّ أساس وأصل وجذور الأفكار الغربيّة خاطئة كونها ماديّة.

2- غير قابلة لهداية المجتمع الإنسانيّ:
إنّ الغربيّين في قضيّة المرأة أساؤوا الفهم، وأساؤوا العمل، ثمّ طرحوا هذا الفهم الخاطئ، والعمل الخاطئ، المضلّ والمهلِك، الخاصّ بهم كعملة رائجة في العالم. وكلّ من ينطق بكلمة تخالف رأيهم، صاروا يهاجمونه بواسطة أجهزتهم الإعلاميّة الواسعة الانتشار ويعرّضونه لأشنع الحملات والتهويل، من دون أن يفسحوا المجال لأحد كي يتكلّم ويُظهر رأيه. إنّ أفكار الغربيّين وآراءهم في مجال قضيّة المرأة لا يمكنها مطلَقًا أن تكون مصدرًا للسعادة، ولهداية المجتمع الإنسانيّ.

دوافع الغرب في طرح القضية
1- إستغلال المرأة:
أ- في العمل:
في أوروبّا حتّى حينما شرّعوا للمرأة حقّ الملكية، فقد كان الدافع إليها ـ وفقاً للدراسات التي أجراها علماء الاجتماع الأوروبيون أنفسهم ـ

هو حاجة المصانع إلى المزيد من الأيدي العاملة، في وقت كانت فيه التقنية الحديثة والصناعات قد اتّسع مداها وتطوّرت، وكان ذلك الإجراء بمثابة محفّز لاستقطاب هذه الأيدي العاملة التي كانوا يدفعون لها عادة أجوراً أدنى، ولم يشرّع حقّ الملكية هذا إلّا في مطلع القرن العشرين .

الأوروبيين عندما تقدّموا صناعياً (أوائل القرن التاسع عشر) وفتح الرأسماليون الغربيون مصانع كثيرة، كانوا بحاجة إلى عمّال بأجور زهيدة لا يثيرون العناء، ولذا رفعوا ضجّة حرّية المرأة من أجل سحب المرأة من الأسرة إلى المصانع والاستفادة منها باعتبارها عاملاً زهيد الأجر، فيملؤون جيوبهم، ويسقطونها من كرامتها ومنزلتها .

ب- في إخماد الشهوة:
المرأة في النظرة الغربيّة هي وسيلة لإخماد الشهوة، وهو أمرٌ لا يمكن إخفاؤه وإنكاره.

2- إشاعة الفساد في البلدان الاسلاميّة:
طوال هذه السنوات التسع عشرة، من أوّل الثورة وإلى يومنا هذا، دأبوا على نسج الأكاذيب حول رؤية الإسلام والجمهورية الإسلامية بشأن المرأة.

الغربيون يريدون أن يبقى الرجل والمرأة، والفتيان والشيوخ،

يساقون ـ كما كان الحال في العهد البهلويّ ـ نحو مهاوي الرذيلة والتحلّل. ويطمحون إلى اتّباع نفس هذا السياق في ظلّ نظام الحكم الإسلاميّ، ويبغون إشاعة نفس ذلك البلاء الذي حلّ بالدول الغربية وأضحى اليوم مثار قلق للحريصين في تلك البلدان ـ وخاصة أمريكا ـ حول انتشار ظاهرة الفساد والتحلّل بين شبّانها، حتّى لم يعد بالامكان السيطرة عليها أو معالجتها.

الغربيون يريدون تفشّي هذا الفساد في البلدان الإسلامية، وفي بلدنا الإسلاميّ. الذي يحكم نظامه وفقاً لاُسس القرآن. ويمارسون ضغوطهم الاعلامية بأساليب الاستهانة والسخرية والدجل واختلاق الأكاذيب في ادّعاء أنّ النساء يتعرّضن للتعذيب، من أجل إيقاع النظام الإسلامي في حالة من الانفعالية وارغام الشعب والمسؤولين على التراجع أمام هذه الأقاويل. ولكن حاشا وكلّا أن يكون هذا .

3- سلب هويّة المرأة المسلمة:
لقرنٍ من الزمن والثقافة الغربية تسعى مدعومة بالمال والقوّة والسلاح والدبلوماسية من أجل فرض الثقافة الغربية وأسلوب الحياة الغربية على المجتمعات الإسلامية بين النساء. لمئة سنة كان السعي من أجل أن تفقد المرأة المسلمة هوّيتها. فقد استُخدمت جميع العوامل المؤثّرة وعناصر القوّة: المال، والإعلام، والسلاح، والخدع المادية

المختلفة، والغرائز الجنسية الطبيعية للإنسان، كلّ هذه استُخدمت من أجل إبعاد المرأة المسلمة عن هويّتها الإسلامية. واليوم إذا كنتنّ أيّتها السيّدات النخبة الإسلامية تسعين لاسترجاع هذه الهوية للمرأة المسلمة، فإنّكنّ تقدّمن أكبر خدمة للأمّة الإسلامية وللصحوة الإسلامية، والعزّة والكرامة الإسلامية. فصحوة النساء، والشعور بالشخصية والهوية بينهنّ، والوعي والبصيرة في المجتمع النسائيّ سيكون لذلك كلّه تأثيرٌ مضاعفٌ على الصحوة الإسلامية والعزّة الإسلامية .

فشل الغرب في معالجة القضيّة
وقع الغربيّون في مسألة معرفة طبيعة المرأة وكيفية التعامل معها بين موقفين متضادّين من الإفراط والتفريط، والنظرة الغربية للمرأة قائمة أساساً على عدم المساواة. لا تنظروا إلى ظاهر المبادئ التي ينادي بها الغرب فهي مجرّد شعارات جوفاء ليس فيها أيّ نصيب من الحقيقة.

مثل هذا الافراط يُقابل من جهة أُخرى بالتفريط، فحيثما تنبثق نهضة في مثل تلك الأجواء للدفاع عن حقّ النساء فمن الطبيعيّ أن يعتريها مثل هذا التفريط، ولهذا يلاحظ هذا الفساد والتحلّل الذي تفشّي في

الغرب بسبب الحريّة المفرطة للمرأة على مدى عقود عديدة، بحيث أثار الهلع حتّى لدى المفكّرين الغربيّين، وأوجد الرعب والاستياء لدى الحريصين والمُصلحين والعقلاء والخيّرين في البلدان الغربية. إلاّ أنّهم باتوا عاجزين عن الوقوف بوجهه.

لقد كانت نسخة الدواء الغربية نسخة مغلوطة، ولو لم تكن كذلك لما اضطروا هم بعد سبعين أو ثمانين أو مائة سنة إلى القيام بنهضة جديدة تطالب بحقوق المرأة، وهو ما حصل في السنوات الأخيرة.

ما هو السبب الذي دعاهم إلى إيجاد حركات وتجمّعات منذ عشر سنوات أو عشرين سنة للدفاع عن حقوق المرأة؟ لو كانت الحرية الغربية علاجاً شافياً، وكان الدفاع عن حقوق المرأة إجراءً حقيقياً لما كانت هناك أيّة ضرورة تدعو إلى أن تهبّ جماعة منهم بعد مائة سنة لإنشاء الحركات وإثارة الضجيج حول هذا الموضوع. نستنتج من هذا أنّ علاجهم ذاك كان مغلوطاً وكذا علاجهم الحاليّ، ولا ينطوي إلاّ على التعاسة والشقاء لكلا الجنسين، وللمرأة على وجه الخصوص .

(ويمكن القول بأنّ) حركة الدفاع عن المرأة في الغرب كانت حركة مضطربة وبعيدة عن المنطق وقائمة على الجهل، ومجرّدة من القيم الإلهية والاستناد إلى الفطرة الطبيعية لكلّ من الجنسين. فلحقت أضرارها، في نهاية الأمر، بالجميع، رجالاً ونساءً، وأكثر ما لحق ضررها بالنساء .

من مشاكل الغرب اليوم، في هذا العصر، تلك القوانين البلهاء والخبيثة التي يُقرّونها في الأمور الجنسيّة. فهي تَسيرُ بهم نحو الهاوية، ولا يمكن وقف هذا الانحطاط. إنّهم في معرض السقوط، وسواء شاءت المدنيّة الغربيّة أم لم تشأ، لم تعد قادرة على منع هذا السقوط، فقد تعطّلت المكابح، والطريق زلق ومنحدر بشدّة. لقد ارتكبوا معصية بتعطيلهم المكابح، ووضعوا أنفسهم على حافّة الهاوية، لذا فقد حُكم عليهم بالهزيمة.

إنَّ زوال الحضارات كظهورها أمر تدريجيّ، وليس بالأمر الدفعيّ والفوريّ. وهذا الزوال التدريجيّ آخذ بالحدوث. ولا أخال أنّ هذا الحدث سيكون بعيداً عن أنظار هذا الجيل أو الجيل الذي سيليه، بل سيرون ما يحصل .

أنا لستُ من هواة اقتطاع المطالب من الصحف، ولكن أمس الأوّل، رأيتُ مطلبًا في صحيفة، وكان بالغ الأهميّة، فأحضرته كي أقرأه هنا. فقد صدر كتاب للرئيس الأميركي السابق “جيمي كارتر” بعنوان: “طلبٌ بالتحرّك”، تعرّض فيه لموضوع انتهاك حقوق البشر والاعتداءات الوحشيّة ضدّ النساء. يقول جيمي كارتر في هذا الكتاب: “في كلّ عامّ، يتمّ شراء مئة ألف فتاة تمامًا كالإماء والرقيق! في أميركا يستطيع صاحب “بيتٍ للدعارة” أن يشتري فتاة – تكون عادة من أميركا اللّاتينيّة وإفريقيا – بمبلغ ألف دولار”!، كذلك يشير الكاتب إلى

الاعتداءات الجنسيّة التي تحصل في أجواء الجامعات والكليّات، حيث يتمّ إثبات حالة واحدة فقط من كلّ خمس وعشرين حالة اعتداء. كذلك يذكر “كارتر” أنّه: “في الجيش الأميركيّ تتمّ محاكمة واحد في المئة فقط من المعتدين جنسيًّا.

تدمع عين الإنسان عند قراءة هذه الوقائع، أنتنّ تشاهدن في الصحف الكثير من هذه المعلومات، وأنا كذلك، ولكنّي لا أستند إليها، ولكن حسنٌ، إنّها وقائع وحقائق و”جيمي كارتر” بالنهاية هو شخصيّة معروفة وهذا كتابه. ما هذا الوضع الرائج في العالم؟ ما هذا التكريم للمرأة؟ يَكتبُ روائيّ غربيّ مشهور رواية كي يدلّ على أنّ الدعارة هي عملٌ شريف! وقد تمّ ترجمة روايته هذه إلى اللّغة الفارسيّة. ويشير فيها، بالطبع، كيف أنّ سماسرة الجنس يأتون من أميركا اللّاتينيّة، ويغرون الفتيات بالوعد والوعيد، ويأخذونهنّ ويبيعوهنّ إلى هذه النوادي، هذه الرواية عن أوروبا وليست عن أميركا. ويتمّ في هذا الكتاب إظهار الدعارة على أنّها مهنة شريفة. هذه هي ثقافة الغرب بالنسبة إلى المرأة. وهذا هو الاحترام الذي يكنّونه للمرأة هناك .

لقد قرأت كتابات وصحفاً ومؤلّفات لمفكّرين غربيّين، بدأوا يشعرون تدريجيّاً بالخوف والاندهاش من هذه الأوضاع، الحقّ معهم، لكنّهم تأخّروا في إدراك ذلك. لقد أثاروا مسألة الشهوة والتي ترتكز على موضوع المرأة، لكن نشاهد اليوم حدوث الأسوأ من ذلك، وهو

موضوع “السُّحاق” و”المثليّة”، والزواج وتشكيل عائلة من زوجين مثليّين، وما شاكل. أمور يبدو التحدّث عنها سهلاً، لكنّها حُفَر عظيمة، سحيقة وخطرة، حُفرت في طريق الحضارة وفي طريق من يُدير تلك الحضارة ويُسيّرُها. منزلق عجيب، سوف يقضي عليهم. إنّهم في منتصف الطريق، منتصف المُنحدر، وبرأيي لم يعودوا قادرين على وقف الانزلاق، فقد تخطّت المشكلة مرحلة المعالجة.

لقد قرأت في صحف الدول الأجنبيّة منذ سنوات عدّة، قبل نحو سبع أو عشر سنوات، أنّ الأمريكيّين يبحثون عن كتب المؤلّف الفلانيّ مثلاً، أو ذلك الروائيّ أو القصصيّ الذي تتمحور كتاباته حول العائلة بغية تحويلها إلى فيلم سينمائيّ وما شابه. حسناً، لقد قاموا بشيء ما، وما زالوا يحاولون، بيد أنّ مساعيهم لا تساوي أكثر من جدولٍ مائيّ صغير، مقابل سيل عظيم صنعوه بأنفسهم، فابتلوا به، ولسوف يبلوهم أكثر فأكثر .

0

المرأة والأسرة

في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

شاهد أيضاً

انكسار معنوي وهزيمة في أعماق الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني – فتحي الذاري

القوات المسلحة في الجمهورية اليمنية توجه صفعة جديدة في وجه محور الشر الثلاثي أمريكاوبريطانيا والاحتلال ...