الرئيسية / الاسلام والحياة / الحسين عليه السلام سماته وسيرته 14

الحسين عليه السلام سماته وسيرته 14

18 – مع أبيه في المشاهد
كانت حروب الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ومشاهده ، محك أهل
أهل الولاء ، ومجمع أهل الصفاء ، من الصفوة النجباء ، من أصحاب الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم ، والتابعين لهم بإحسان .
فمن أدرك الفتح لحق به ، وكان في ركبه ، يقارع الذين خرجوا على إمام
زمانهم من
الذين نكثوا بيعتهم له في المدينة ، ونابذوه الحرب في البصرة . . . ، تقودهم
أمهم على الجمل .
والذين بغوا عليه في صفين ، يقودهم معاوية إلى الهاوية ، هو وفئته الباغية ،
والذين مرقوا من الدين ، ساحبين ذيول الهوان في النهروان .
إن عليا عليه السلام كان محور الحق في عصره ، يدور معه حيثما دار ، بنص
النبي المختار ، وبقوله : علي مع الحق ، والحق مع علي يدور معه حيثما دار ،
أو : لم يفترقا حتى يردا علي الحوض ( 1 ) .
وصحابة النبي من المهاجرين والأنصار ، يتفانون في الذب عن الإمام
ونصرته ، ويتهافتون بين يديه مضحين بأرواحهم دونه ، بعد أن وجدوا في
شخصه متمثلة كل دلائل النبوة ، ومتحققة عنده كل أخبار الرسالة .
وعمار – الفاروق بين الحق والباطل في الفتنة – يأتمر بأوامره .
والنجمان المتألقان ، السبطان الأكرمان ، سيدا شباب أهل الجنة في ركاب
أبيهما ، ويسيران في ظل رايته .
وكل أولئك يفتخرون أنهم وفقوا للكون مع الإمام الذي يمثل الحق ، كما كان
لأصحاب النبي الفخر بصحبته صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد رووا في تسمية الأمراء يوم الجمل :
[ 212 ] وعلى الميسرة الحسين بن علي .
وذكر المحلي في تعبئة أمير المؤمنين عليه السلام لعسكره في صفين :
على خيل ميمنته الحسن والحسين ، وعلى رجالتها عبد الله بن
جعفر ، ومسلم بن عقيل وعلى الميسرة محمد بن الحنفية ومحمد بن
أبي بكر ، وعلى رجالتها هاشم بن عتبة .
وعلى جناح القلب عبد الله بن العباس وعلى رجالتها
الأشتر ، والأشعث .
وعلى الكمين : عمار بن ياسر ( 1 ) .
19 – في وداع أخيه الحسن عليه السلام
ووقف الحسين ينعى صنوه ، وشقيقه في كل الحياة ، وفي الفضائل ، وفي
المشاكل ، وإن سبقه في الولادة ستة أشهر وعشرة أيام ، فقد سبقه في الشهادة
عشر سنين ،
وفي الكلمة التي ألقاها الحسين على قبر أخيه كثير من المعاني الجامعة ، على
لسان هذا الصنو الموتور بأخيه ، قال عليه السلام :
رحمك الله ، أبا محمد ،
إن كنت لتناصر الحق عند مظانه ، وتؤثر الله عند مداحض
الباطل وفي مواطن التقية بحسن الروية .
وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة ، وتقبض
عنها ( 1 ) يدا طاهرة .
وتردع ما ردة ( 2 ) أعدائك بأيسر المؤونة عليك .
وأنت ابن سلالة النبوة ، ورضيع لبان الحكمة .
وإلى روح وريحان ، وجنة نعيم .
أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه ، ووهب لنا ولكم السلوة
وحسن الأسى عليه ( 3 ) .
حقا ، يعز على أبي عبد الله الحسين ، أن يفقد عضده ، في أحلك الظروف
حيث شوكة بني أمية في تقو ، وأحوال الأمة في ترد ، وقد كان الإمام الحسن عليه
السلام صامدا في مواجهة المعاناة التي تحملها ، فتجرع غصص الصلح مع معاوية ،
ذلك الذي ألجأه إليه وهن الجبهة الداخلية ، وشراسة الأعداء الخارجيين ، وتسلل
الخونة من أمراء جيشه ، وفساد خلق الأمة وانعدام الخلاق إلى حد التكالب على
الدنيا وحب الحياة ، والهروب من الموت .
إن كان الإمام الحسن عليه السلام يواجه هذه المصاعب ، فإنه لم يكن
وحيدا ، بل كان الحسين إلى جانبه يعضده ، لكن الحسين عليه السلام حين ينعى
أخاه سوف يبقى لما سيتحمله من أعباء المسؤوليات ، وحيدا ، بلا عضد .
ولكنه الواجب الإلهي يفرض على الإمام أن يقف أمام كل التحديات التي
تهدد كيان الإسلام ، مهما كانت خطيرة وصعبة ، ولو على حساب وجود شخص
الإمام الذي هو أعز من في الوجود ، وهذا هو الدرس الذي تلقنه من جده الرسول
طفلا ، ومن أبيه شابا ، ومن أخيه كهلا .

شاهد أيضاً

17 شهر رمضان ذكرى معركة بدر – عبد الستار الجابري

وهل كانت بدر كلها الا له فكره ذلك ودخل المسجد، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس ...