الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / ابن تيمية في صورته الحقيقية – صائب عبد الحميد

ابن تيمية في صورته الحقيقية – صائب عبد الحميد

2 – ابن تيمية وصفات الله تعالى
يرى ابن تيمية أن جميع ما ورد في الصفات من الآيات
والأحاديث يجب أن تفهم على ظاهرها وما يؤديه اللفظ من
معنى . بلا تأويل . .
وعلى هذا قال : إن الله تعالى في جهة واحدة هي جهة
الفوق ، وهو في السماء مستو على العرش وقد امتلأ به
العرش فما يفضل منه أربعة أصابع ، وإنه ينزل إلى السماء
الدنيا ثم يعود ، وإن له أعضاء وجوارح من أعين وأيدي
وأرجل وغاية ما في الأمر أنها لا تشبه جوارح البشر وسائر
المخلوقات ! !
( الحموية الكبرى : 15 ، التفسير الكبير 2 : 249 – 250
منهاج السنة 1 : 250 ، 260 – 261 )
ويقول : والذين يؤولون المعنى أولئك ما قدروا الله حق
قدره ، وما عرفوه حق معرفته . ( التفسير الكبير 1 : 270 )
والبرهان الذي يقدمه ابن تيمية على عقيدته هذه زعمه
أنها عقيدة السلف من الصحابة والتابعين ، فيقول : قد
طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة ، وما رووه من
الحديث ، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار
والصغار ، أكثر من مئة تفسير ، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن
أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو
أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف .
( تفسير سورة النور لابن تيمية : 178 )
فسرت هذه الكلمة بين مقلديه والمغرمين به سريان
الريح من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر في كتب التفسير
التي نقلت كلام الصحابة في آيات الصفات ، ولو تفسير
واحد من التفاسير التي أثنى عليها ابن تيمية ، كتفسير
الطبري والبغوي وابن عطية .
فهذه التفاسير وغيرها مشحونة بما جاء عن الصحابة
والتابعين في تأويل آيات الصفات بعيدا عن التجسيم الذي
يقول به ابن تيمية والحشوية .
انظر مثلا تفسير آية الكرسي ، فقد نقل الطبري عن ابن
عباس أن كرسيه يعني علمه ، واستشهد لذلك بكلام العرب
في هذا المعنى . وهو الذي نقله البغوي ونقله الشوكاني عن
ابن عطية ونقله القرطبي وغيرهم أيضا .
وانظر تفسير الآيات التي فيها ذكر الوجه فلا تجد في
هذه التفاسير كلمة واحدة تدل على عقيدة ابن تيمية
وتشهد لقوله ، بل كل ما فيها مما هو منقول عن السلف
يشهد على ضده . .
ففي قوله تعالى : * ( كل شئ هالك إلا وجهه ) * . ( القصص : 88 )
قالوا : أي إلا هو .
وكذلك في قوله تعالى : * ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام ) * . ( الرحمن : 27 )
وفي سائر الآيات الأخرى : * ( وما تنفقون إلا ابتغاء وجه
الله ) * . ( البقرة : 272 )
* ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ) * . ( الرعد : 22 )
* ( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) * . ( الروم : 38 )
* ( وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله ) * . ( الروم : 39 )
* ( إنما نطعمكم لوجه الله ) * . ( الدهر : 9 )
* ( إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) * . ( الليل : 20 )
في هذه الآيات جميعا فسروا الوجه بالثواب .

ولم يرد عن أحد ولا كلمة واحدة تفيد المعنى الذي يريده ابن تيمية
من ظاهر اللفظ ، أي أن الوجه هو هذه الجارحة المعروفة من
الجوارح كما للإنسان ! !
أما قوله تعالى : * ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) * فقد أقر
ابن تيمية بأن السلف قد أولوا الوجه هنا ، فقالوا إن المراد به
الجهة ، لكنه جعل هذه الآية ليست من آيات الصفات .
( العقود الدرية : 248 )
هكذا مع الآيات التي فيها ذكر العين والأيدي .
وهكذا نسب إلى الصحابة والسلف ما لم يقولوا به بل
قالوا بعكسه تماما ، تبريرا لمذهبه ! ورغم ذلك فإنه لم
يستطع في كل ما كتب أن يأتي بكلمة واحدة عن واحد من
الصحابة تشهد لقوله ! !

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...