الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / 01 جدال في شهر العسل – السيد حسين الحيدري

01 جدال في شهر العسل – السيد حسين الحيدري

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يعيش العالم الإسلامي هذه الأيام أصعب حالاته من حيث المحن والبلايا والرزايا، منذ انطلاقته في الصدر الأول للإسلام، وحتى يومنا هذا الذي نحن فيه من القرن الواحد والعشرين، حيث تكالبت عليه قوى الاستكبار العالمي، الأمريكي والصهيوني وعملائهما، لغرض تدميره وتمزيقه وتفتيته ونهب ثرواته،

واستخدمت مراكز التخطيط الشيطاني في البيت الأبيض وتل أبيب، أخطر وأشرس أساليبهم الإجرامية والشيطانية في ذلك، حيث أنتجت جيشاً جراراً من العملاء باسم (داعش)، ليس لهم همّة ولا هدف ولا غاية سوى تدمير بلدان المسلمين، وتمزيق وحدتهم وتبديل أخوّتهم إلى العداء والبغضاء،

وتفريق صفوفهم وتشتيت كلمتهم وتحطيم مراكز قوتهم، وإيقاعهم في دوّامة مِنَ الفتن الطائفية والقومية والمذهبية التي لا تنتهي، وتحويل بلدانهم الآمنة إلى ميدانٍ مِنَ العُنف والقتل والنهب والسلب، وذلك بتكفير بعضهم البعض والحكم عليهم بالخروج مِنَ الدين الإسلامي.

وحينما ينظر العاقل إلى أهمِّ ركيزةٍ اعتمدتْ عليها داعش في هذه المؤامرة الخبيثة لتكفير المسلمين وتمزيقهم وتفريقهم، يجد أنّ الفكر الوهابي الظلامي هو الأداة الأولى والأهم لكلّ هذه الفِرَق الإجرامية، في إباحة دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، حيث حكم الوهابيون بكفر جميع المسلمين واستحلوا قتلهم وإبادتهم.

بينما لو رجعنا إلى تاريخ المسلمين الطويل، بمختلف مذاهبهم وفرقهم قبل وجود الوهابية، لوجدناهم قد عاشوا في بلدانهم مئات السنين متجاورين متآخين متحابِّين متعاونين متزاوجين بينهم، ولم تكن الاختلافات المذهبية أو القومية سبباً للنزاع أو التخاصم أو البغضاء أو القتال بينهم، وذلك لوجود الوصايا القرآنية والنبويّة الكثيرة، التي تأمرُ بالاحترام والإكرام والتقدير لكلِّ مَنْ يشهد الشهادتين، بل تعدّاه إلى الإحسان لغير المسلمين ما داموا لا يحاربون المسلمين، حيث قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) الممتحنة: 8.

لذلك رأى علماءُ المسلمين مِنْ جميع المذاهب، أنّ مِنَ الواجب عليهم أنْ يوضّحوا ويبيّنوا لأتباعهم، خطورة الفكر الوهابي الإجرامي، الذي جاء ليمزِّق كلمة المسلمين ويشتِّت وحدتهم ويفرِّق شملهم ويضعف قوَّتهم، فانطلقوا يشرحون ذلك في كلّ المحافل والمنابر، وأنّ المسلمين جميعاً أمّة واحدة وإخوة في الدين، يحرُم تكفيرُهم أو قتلهم أو استحلال أعراضهم أو سلب أموالهم.

وفي هذه القصة التي بين أيديكم خطوتُ على هذا المنوال، بل سعيتُ إلى توضيح حقيقة عجيبة يغفلُ عنها كثيرٌ مِنَ المسلمين، وهي أنّ التراث الإسلامي لدى جميع المذاهب الإسلامية هو واحدٌ تقريباً، وأنّ الأحاديث النبوية الشريفة التي يرويها السنة والشيعة مثلاً، هي نفسها موجودة عند الفريقين، وسيتعجب القارئ الكريم من هذا القول الذي ندّعيه، ولكن في ثنايا هذه القصة سوف يثبت لديه بالدليل والبرهان صِحّة ما ذهبنا إليه.

ندعو الله العلي القدير أنْ يجعل هذا المجهود القليل، سبباً للوحدة والاُلفة بين المسلمين، وأنْ يخذل أعداء المسلمين الذين يريدون الشرّ بجميع طوائف المسلمين سنة وشيعة، حيث يركزون على الاختلافات بينهم لِيُبعدوهم عن بعضهم البعض، فتضعف قوتهم ويسهل السيطرة عليهم مِنْ قِبَلِ أعدائهم، بينما القرآن الكريم يدعو إلى كلمة سواء حتى بين المسلمين وغيرهم، حين يقول: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) آل عمران: 64.

فإذا كان التوحيد والإيمان بالله سبحانه نقطة مشتركة وسبباً مهماً للدعوة القرآنية للوحدة بين المسلمين وغيرهم، فكيف لا يدعو سبحانه وتعالى للوحدة بين نفس المسلمين، رغم المئات من نقاط الالتقاء والاشتراك بينهم، وهو القائل: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) آل عمران: 103.

حسين الحيدري

19 ذي القعدة 1439 هـ ق    

 

_sub_5506fd91c15f5

 

https://t.me/wilayahinfo

 

https://chat.whatsapp.com/JG7F4QaZ1oBCy3y9yhSxpC

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...