من قصص العلماء
14 يناير,2022
قصص وعبر
1,039 زيارة
من قصص العلماء
الشيخ المتورع الكامل أبو زيد ربيع بن خثيم
الأسدي الثوري التميمي الكوفي
إن من جملة طرائف أخبار الربيع برواية صاحب “الأحياء” – عامله الله بما يستحقه – أنه كان قد حفر في داره قبراً، فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه واضطجع ومكث فيه ما شاء الله ثم يقول: رب!.. ارجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت، يرددها ثم يرد على نفسه: يا ربيع!.. قد رجعناك فاعمل.
ونقل في كشكول شيخنا البهائي رحمة الله عليه أنه قيل للربيع بن خثيم : ما نراك أبداً؟.. فقال: لست عن نفسي راضياً، فأتفرغ لذم الناس ثم أنشد:
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي في نفسي عن الناس شاغل
الكشكول: 100، ابن أبي الحديد :9/65 وفيه تعيب بدل تغتاب
وفيه أيضاً أن من جملة كلمات الربيع:لو كانت الذنوب تفوح ما جلس أحد إلى أحد. الكشكول: 132، وابن أبي الحديد: 1002
ومنها: أن العجب من قوم يعملون لدار يبعدون منها كل يوم مرحلة، ويتركون العمل لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة، وكان يقول: إن عوفينا من شر ما أعطينا لم يضرنا ما زوى عنا.
قال: ولما رأت أم الربيع ما يلقى هو من البكاء والسهر، قالت له: يا بني!.. لعلك قتلت قتيلاً؟.. قال: نعم يا أماه، قالت: ومن هو حتى يطلب إلى أهله فيعفوا عنك، فوالله لو يعلمون ما أنت فيه لرحموك وعفوا عنك، فقال: يا أماه هي نفسي. حلية: 2/114
هذا وقد كان قليل الكلام جداً، بحيث نقل عن بعض معتبرات الكتب أنه لم يتكلم بشيء من أمور الدنيا منذ عشرين سنة، إلا أنه قال يوماً لبعض تلاميذه: هل لكم مسجد في قريتكم؟.. فقال التلميذ: نعم.. وقال له: أحيّ أبوك أم لا؟..
ثم أنه ندم وخاطب نفسه: يا ربيع!.. قد سوّدت صحيفتك، ثم لم يتكلم بشيء من أمور الدنيا إلى أن قتل مولانا الحسين (ع) فجاءه رجل وقال: يا ربيع!.. قتل ابن رسول الله (ص)، فلم يتكلم ثم جاءه ناعٍ آخر وأخبره بذلك فلم يقل شيئاً، إلى أن ورد عليه ثالث بالخبر، فبكى وقرأ:{قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون}.. ثم لم يتكلم بعد ذلك إلى أن مات. ابن أبي الحديد: 7/93
وفي رواية صاحب الكشاف أنه لما أخبر بقتله (ع) قالوا: الآن يتكلم، فما زاد أن قال: آه!.. وقد فعلوا ثم قرأ الآية، وفي رواية أنه قال: قتل من كان النبي (ص) يجلسه في حجره ويضع فاه على فيه.
وأما كيفية وفاة الرجل ففي بعض المواضع المعتبرة قيل: بينما ربيع بن خثيم جالس على باب داره، إذ جاءه حجر فصك وجهه، فسجد فجعل يمسح الدم عن جبهته ويقول: لقد وعظت يا ربيع!.. فقام ودخل داره ولم يخرج حتى أخرجت جنازته. ابن أبي الحديد: 10/41 مع تغيير يسير.
2022-01-14