هكذا اتلُ القرآن – 7 آداب لقارئ الكتاب العزيز
20 يناير,2023
القرآن الكريم
291 زيارة
هكذا اتلُ القرآن
7 آداب لقارئ الكتاب العزيز
الامام الخميني قدس سره
المقدمة
إن العلاقة مع الله تبارك وتعالى إنما تبنى على أساس العبودية لله عز اسمه التي تتجلَّى بالعمل الصالح الخالي من الشرك وهي الطريق الموصل إلى لقاء الله عزَّ وجلَّ كما أشار المولى الكريم في سورة الكهف إلى ذلك بقوله تعالى: ﴿…فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ .
والعمل الصالح يشكل رافعةً لعقيدة العامل الى الله ﴿…إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه… ﴾
وبفضل من الله تعالى ولطف منه هدانا إلى حبله الذي انزله من السماء ليشكل صراط العبودية القويم الذي لا ضلال فيه، وكيف يحصل الضلال للسائر عليه الآخذ بمصباح الهدى المضيء ليكون مع الحبل أحد ثقلي الهداية اللذين قال فيهما المصطفى الهادي صلى الله عليه وأله وسلم :
“إني تارك فيكم الثقلان كتاب الله، وعترتي أهل بيتي…” واصفأ كتاب الله تعالى بأنه:
“حبل ممدود من السماء إلى الأرض…”
ومن هنا يتضح أن حقيقة العبودية إنما تتحقق بالتمسك
بكتاب الله عزَّ وجلَّ والعترة الطاهرة عليهم السلام .
وللقرآن الكريم ظاهر وباطن. كما للإنسان ظاهر وباطن، فظاهره يمسّ ظاهر القرآن أي بحواسه الطاهرة. ولهذا المس بمختلف الحواس الخمس آداب مذكورة في محلّه.
ولباطنه آدابٌ إنما تمسّ وتدرك فيما لو تطهّر هذا الباطن وتحقق بالآداب والوظائف المناسبة، يقول الإمام قدس سره:
“فكما أن غير المطهّر الظاهري ممنوع عن ظاهر هذا الكتاب ومسّه في العالم الظاهر تشريعاً وتكليفاً، كذلك ممنوع من معارفه ومواعظه وباطنه وسرّه من كان قلبه متلوثاً بأرجاس التعلّقات الدنيوية”
.
وهذا ما سوف نبحر فيه بهذا المختصر لنغوص في الاشراقات النورية للإمام روح الله الموسوي الخميني مقتبسة من آدابه المعنوية للصلاة، وهي على شكل أبواب وفصول اختصرنا منها ما يفيد القارئ العاشق والطالب الصادق، حاذفين ما يصعب من عباراته الشريفة، من دون التصرّف بصياغة النص في غير العناوين.
وهي:
1- تعظيم القرآن.
2- فهم مقاصد القرآن.
3- رفع الحجب.
4- حضور القلب.
5- التفكر.
6- التطبيق.
7- الاستعاذة.
يسرُّ جمعية المعارف الإسلامية الثقافية في إطار سعيها الدائم لنشر معارف الإسلام المحمدي الأصيل أن تقدم إلى القرّاء الكرام سلسلة جديدة من إصداراتها تحت عنوان هكذا… سائلين العلي القدير أن يوفقنا لمزيد من العطاء في سبيل توفير أفضل الوسائل التعليمية الممكنة للباحثين عن الحق والحقيقة.
جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
اداب تلاوة القران
الأدب الأول: تعظيم القرآن
من أحد الآداب المهمة لقراءة الكتاب الإلهي الذي يشترك فيه العارف والعامّي وتحصل منه النتائج الحسنة ويوجب نورانية القلب والحياة الباطنية هو التعظيم، وهذا المعنى وإن كان بحسب الحقيقة خارجاً عن نطاق البيان وزائداً على طاقة البشر لأنّ فهم عظمة كلّ شيء بفهم حقيقته، وحقيقة القرآن الشريف قبل تنزله إلى المنازل الخلْقية، … لا تحصل … إلا بالمكاشفة التامّة الإلهية لذات النبي الخاتم المباركة صلى الله عليه وآله في محفل انس وقاب قوسين بل في خلوة سرّ مقام أو أدنى، وأيدي آمال العائلة البشرية قاصرة عنها إلا الخلّص من أولياء الله.
ما هي حقيقة التعظيم؟
اعلم أيها العزيز أن عظمة كل كلام وكل كتاب أما بعظمة متكلمه وكاتبه وأما بعظمة المرسل إليه وحامله، وأمّا بعظمة حافظه وحارسه، وأما بعظمة شارحه ومبيّنه، وأما بعظمة
وقت ارساله وكيفية ارساله.
1- أما عظمة متكلمه ومنشئه وصاحبه فهو العظيم المطلق الذي جميع أنواع العظمة المتصورة في الملك والملكوت وجميع أنواع القدرة النازلة في الغيب والشهادة رشحة من تجليات عظمة فعل تلك الذات المقدسة ولا يمكن أن يتجلى الحق تعالى بالعظمة لأحد وإنما يتجلى بها من وراء آلاف الحجب والسرادقات, كما في الحديث:
“إنّ لله تبارك وتعالى سبعين ألف حجاب من نورٍ وظلمة لو كُشِفَت لأحرقت سُبحات وجهه ما دونه”.
2- وأما عظمة رسول الوحي وواسطة الايصال فهو جبرائيل الأمين والروح الأعظم الذي يتصل بذاك الروح الأعظم الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله وسلم بعد خروجه عن الجلباب البشري وتوجيه شطر قلبه إلى حضرة الجبروت . وهو ملك موكل للعلم والحكمة وصاحب الأرزاق المعنوية والأطعمة الروحانية، ويستفاد من كتاب الله والأحاديث الشريفة تعظيم جبرائيل وتقديمه على سائر الملائكة.
3- وأما عظمة المرسل إليه ومتحمّله، فهو القلب التقي النقي الأحمدي الأحدي الجمعي المحمدي الذي تجلى له الحق تعالى بجميع الشؤون الذاتية والصفاتية والاسمائية والافعالية وهو صاحب النبوة الختمية والولاية المطلقة
وهو أكرم البرية وأعظم الخليقة وخلاصة الكون وجوهرة الوجود وعصارة دار التحقق واللّبنة الأخيرة وصاحب البرزخية الكبرى والخلافة العظمى.
4- وأما حافظه وحارسه فهو ذات الحق جلّ جلاله، كما قال في الآية الكريمة المباركة: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾3.
5- وأما شارحه ومبينه فالذوات المطهرة المعصومون من رسول الله إلى حجّة العصر عجّل الله فرجه الذين هم مفاتيح الوجود ومخازن الكبرياء ومعادن الحكمة والوحي وأصول المعارف والعوارف وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.
6- وأمّا وقت نزوله فليلة القدر أعظم الليالي وخير من ألف شهر وأنور الأزمنة، وهي في الحقيقة وقت وصول الوليّ المطلق والرسول الخاتم صلى الله عليه وأله وسلم.
2023-01-20